زاهد العلواني آل حقي
لي ملاحظة وتوجيه كريم إلى من يسمّون أنفسهم اليوم بـ “رؤساء العشائر”.
وبحكم الدور التاريخي للسادة العلوانيين آل حقي في جزيرة بوهتان منذ عام 1514م وإلى يومنا هذا، والدور الديني والاجتماعي والإصلاحي الذي اضطلعوا به بين العشائر الكردية في جزيرة بوهتان قديماً، وبين العرب والكرد حديثاً، في ظلّ الخلافة العثمانية التي حكمت المنطقة قرونًا، حيث كان نشاط مشايخنا يمتدّ من الموصل جنوباً إلى ولاية بدليس وآن وهكّاريا شمالاً، وحتى ديار بكر غرباً — أودّ أن أوضّح ما يلي:
( مايخص في التسمية)
إلى وجهاء وآغوات العشائر الكردية في سوريا:
إنكم – مع كل التقدير – تقعون في خطأ فادح في التوصيف.
فإن كنتم تتحدثون عن قيادة عشيرة عربية أو ذات طابع قبلي تقليدي، فالتسمية الصحيحة هي: “رئيس العشيرة” أو “شيخ العشيرة” أو “أمير القبيلة”.
أمّا إذا كنتم تتحدثون عن عشائر كردية عريقة تمتد جذورها إلى جزيرة بوهتان، ضمن منطقة النفوذ العثماني – التركي التي استمرّت أكثر من ستة قرون (632+100 سنة) حيث كان النفوذ الإقطاعي واضحاً، فإنّ التسمية الأدق تاريخياً هي: “مير” للذي يمثّل مجموعة عشائر يصل عددها إلى سبعٍ وثلاثين عشيرة،
أمّا إذا كانت عشيرة واحدة، فيقال له “آغا العشيرة”.
إذا قلتم “رئيس”، فاعلموا أن الرئاسة تكليف قد يُعيَّن من خارج العشيرة، وربما يكون عربياً أو تركياً مستكرداً.
أمّا الآغا، فهو من أصل النسب ومن ذات العشيرة، جذوره ضاربة أباً عن جدّ، كابراً عن كابر، وله سلطة اعتبارية متوارثة نابعة من الأصالة والانتماء.
يبدو أن أبناء الأغوات الذين هاجروا إلى أوروبا قد تأثروا بموجات التجديد الغربية، فأهمل بعضهم مفهوم الأصالة والامتداد للجذور، وخلطوا بين الديمقراطية الحديثة التي تُمارسها الحكومات والأحزاب، وبين العادات والتقاليد المتجذّرة التي تمثل سياقًا تاريخيًا متينًا.
فعندما نسرد القصص القديمة في المضافات والمجالس نسمع: حَكَمَ الآغا، قرّر الآغا، أمر الآغا — وهي كلمات كانت تحمل معنى القيادة والهيبة والمسؤولية الاجتماعية.
ومع الأسف، حتى اللغة الكردية الأصيلة التي كانت تُكتب بحروف القرآن العربية لأكثر (1042 سنة) والمخطوطات الكردية موجودة، هجروها لصالح الحروف اللاتينية الكمالية التي وضعها الأرمني هاكوب بارافيان (ديل أجان).
لقد أصبحت هذه الحروف الكمالية المشتركة تُستخدم من قبل الأتراك والكرد على حدّ سواء، مما جعل اللغة الكردية تنصهر تدريجيًا داخل اللغة التركية.
واليوم نرى بألم أن جيلًا جديداً من الكرد في تركيا، وعندما يدعونني لمجالسهم يخاطبون أطفالهم باللغة التركية، وفيما بينهم بالكردية، وعدد الكُرد وعددهم يتراوح بين 25 إلى 30 مليونًا، يفضّلون اللغة التركية في حياتهم اليومية، ولا يتحدثون مع آبائهم إلا بها — ومع الأسف، الانصهار قادم إن لم يُحافظ على اللغة والهوية والجذور من خلال الحروف العربية/الفارسية.
لقد كانت حروف القرآن العربية تمنح اللغة الكردية عمقاً وجدانياً وروحاً حسية في التعبير، أمّا بعد التحوّل إلى الحروف اللاتينية، فقد فقدت كثيرًا من روحها ومشاعرها الأصيلة( كالتركية لاتميز بين المؤنت والمذكر، ولاتوجد اشتقاقات من خلال الحروف العربية/الفارسية.
ختاماً:
تحياتي لكل رؤساء العشائر الذين يؤدّون التكليف خدمةً لأهلهم، وتحياتي لكل الآغوات الذين ورثوا نسبهم وأصالتهم أباً عن جدّ، وظلّوا أوفياء لجذورهم الكردية البوهتانية العريقة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.