محمد جميل سيدا (1)

سيامند إبراهيم*
في صباح دمشقي جميل قرع باب منزلنا قرعاً شديداً, ففزعنا لهذا القرع, وقال والدي لا تخافوا, قم أفتح الباب لعمك محمد جميل سيدا, فقلت له: وما أدراك أنه هو؟ فقال أنا أعرف قرع   الضعيفي السمع, وحضرنا له الفطور وبعد استراحة يوم كامل في ضيافتنا, شد الرحال إلى الجزيرة السورية, ليكمل مسيرته النضالية الرائعة, محمد جميل سيدا لا يُختزل مسيرته المشرقة بحلوها ومرها في مقالة أو أكثر
محمد جميل سيدا سليل عائلة لها تاريخ نضالي طويل في حركة التحرر الوطنية الكردستانية, فوالده جميل سيدا كان واحداً من المناضلين المعروفين والذي ساهم بقوة في معارك ثورة الشيخ سعيد سنة 1925 م- وفر إلى سوريا مع جملة المناضلين الذين فروا إلى العراق وسوريا, وبعد أن مكث في دمشق لسنين طويلة علّم ولده محمد في مدارس دمشق الفرنسية, وكان المرحوم الأستاذ جلادت بدرخان أستاذه في مادة اللغة الفرنسية, ثم قرر ثانية المشاركة مع أخو الشيخ سعيد الشيخ عبد الرحيم في دخول     كردستان تركيا, وبعد معارك مشرفة حوصروا من قبل القوات التركية في إحدى القرى, وقام الجيش التركي بحرقهم أحياء في حقول القمح التموزي, لكن سيرته النضالية العطرة أصبحت سطور كتبت بمداد من ماء الحياة ونظمت عدد من الأغاني على بطولته الكفاحية في ثورة الشيخ سعيد الذي لم يعرف الخوف في حياته. ذاك الأسد الكردي خلف شبل سكن عرينه القامشلاوي وبدأ مسيرة النضال على خطا والده, فرسم خريطة كردستان وسجن ونفي إلى مدينة السويداء لأكثر من سنتين, وكان والدي وأخوه الملا عبد القدوس يزورونه في السجن,
وبعد خروجه تنفس الصعداء وبدأ بجمع عشرات الكلمات الكردية من الكتب الكردية وكان يدور في القرى يلتقط الكلمات الكردية الضائعة من أفواه القرويين الأكراد ومن القواميس الكردية حيث أصدر (قاموس الحياة) وألّف ألفباء كردية لتعليم اللغة الكردية, وجمع مجموعة من أشعار جده (سيدايي لجي) وأشعار نظمت بحق جده.
وزائر القامشلي وهو يلج مملكة محمد جميل سيدا على ضفة نهر (جغجغ) يدهش كل الاندهاش وهو يرى على جدران غرفته الخاصة صور عشرات القادة العظام (الشيخ سعيد, البارزاني الخالد, الشيخ سيد رضا, الرئيس قاضي محمد, جلادت بدرخان, د كاميران بدرخان, جكرخوين, نورالدين ظاظا و آخرين, تلتصق بالحائط في تناسق جميل ومرتب, وتلتصق في مملكة قلبه الصغير المولع بتاريخ هؤلاء الذين سطروا بدمائهم أروع البطولات,

يتبع

· رئيس تحرير مجلة آسو الثقافية الكردية السورية
·  عضو نقابة الصحافيين في كردستان العراق.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

غريب ملا زلال

شيخو مارس البورتريه وأتقن نقله، بل كاد يؤرخ به كسيرة ذاتية لأصحابه. لكن روح الفنان التي كانت تنبض فيه وتوقظه على امتداد الطريق، أيقظته أنه سيكون ضحية إذا اكتفى بذلك، ولن يكون أكثر من رسام جيد. هذه الروح دفعته للتمرد على نفسه، فأسرع إلى عبوات ألوانه ليفرغها على قماشه…

فواز عبدي

 

كانت شمس نوروز تنثر ضوءها على ربوع قرية “علي فرو”، تنبض الأرض بحياةٍ جديدة، ويغمر الناسَ فرحٌ وحنين لا يشبهان سواهما.

كنا مجموعة من الأصدقاء نتمشى بين الخُضرة التي تغسل الهضاب، نضحك، نغني، ونحتفل كما يليق بعيدٍ انتظرناه طويلاً… عيدٍ يعلن الربيع ويوقظ في ذاكرتنا مطرقة “كاوى” التي حطّمت الظلم، ورسمت لنا شمساً لا تغيب.

مررنا…

 

نارين عمر

 

” التّاريخ يعيد نفسه” مقولة لم تُطلق من عبث أو من فراغ، إنّما هي ملخّص ما يحمله البشر من مفاهيم وأفكار عبر الأزمان والعهود، ويطبّقونها بأساليب وطرق متباينة وإن كانت كلّها تلتقي في نقطة ارتكاز واحدة، فها نحن نعيش القرن الحالي الذي يفتخر البشر فيه بوصولهم إلى القمر ومحاولة معانقة نجوم وكواكب أخرى…

محمد إدريس*

 

في زمنٍ كانت فيه البنادق نادرة، والحناجر مشروخة بالغربة، وُلد غسان كنفاني ليمنح القضية الفلسطينية صوتًا لا يخبو، وقلمًا لا يُكسر. لم يكن مجرد كاتبٍ بارع، بل كان حاملَ راية، ومهندسَ وعي، ومفجّر أسئلةٍ ما زالت تتردد حتى اليوم:

“لماذا لم يدقّوا جدران الخزان؟”

المنفى الأول: من عكا إلى بيروت

وُلد غسان كنفاني في مدينة عكا عام…