عندما يكون الإنسان طفلاً لا يملك المال والقوة
وعندما يصبح شاباً يملك القوة ولا يملك المال
وعندما يغدوا طاعناً في السن يفقد القوة ويملك المال
(عن مثل إنكليزي )
ليس بوسع الإنسان أن يجمع عناصر السعادة مجتمعة خلال مراحل حياته وهو يسعى لتحقيقها ولكنها لا تباع ولا تشترى فلو استطاع الإنسان أن يشتريها
لاشتراها الكثير من الأثرياء وأصحاب الجاه وخزنوها في مخازنهم
وترى الكثير من الفقراء والمساكين أكثر سعادة لأنهم مقتنعون بما لديهم فهذا الحكيم اليوناني ديوجين كان قد اتخذ من حاوية للقمامة بيتاً له يقضي جل أوقاته فيها يتأمل العالم من حوله…
فهو قد وجد سعادته في هذا المكان وإن بدا لك وضيعاً وغريباً
والسعادة لا تتحقق عبر وصفة جاهزة لأنها طبيعة تخلق مع الإنسان وطبيعة الإنسان تدفعه للبحث عن كل ما هو جديد فالإنسان يخطط
دائماً لرسم معالم مستقبله و يجدد طموحاته ويضع أهدافاً مختلفة في كل مرحلة من مراحل عمره من أجل الوصول إلى السعادة المطلقة
ولكن هل هناك سعادة مطلقة ؟
هناك فئة من الناس ترى سعادتها في عملها ومدى نجاح هذا العمل لأنه يحمل انعكاسا إيجابياً على كل جوانب حياته فشعوره بالاستقلال المالي يمنحه السعادة فيحس بأنها هي السعادة المطلقة
ومنهم من يراها في المال ومدى سعيه لكسبه لأنه يظن بأن الجاه والثروة تجلبان له الجمال والصحة وبالتالي السعادة المطلقة ،
ومنهم من يراها في العائلة المستقرة والزوجة الودودة المتفهمة والمضحية وشريكة العمر في الضراء والسراء والأبناء الأصحاء فهو يرى فيهم ثروته وسعادته الحقيقية …
ومنهم من يرى سعادته في أنه خال من الأمراض والعلل يتمتع بصحة جيدة وبفكر وذهن خاليين من المشاكل والأوهام …
ومن الناس من يرى سعادته في شعوره الداخلي بالرضا والصفاء النفسي وأنه لائق اجتماعيا ويتمتع بسمعة جيدة ومكانة اجتماعية مرموقة
وهناك من يراها في مدى ما يحققه من نجاحات ترافق خطواته وتكللها بالنجاح …
وآخرون يحاولون أن يجدوا بدائل عن سعادة لم تكتمل من خلال الاقتناع بأنه يجب أن يحيا الإنسان الحياة بكل حالاتها وبكل نجاحاتها وإخفاقاتها ودائماً يبحث عن الأفضل…
وهناك من يرى سعادته في قتل ا لأبرياء وتشريدهم والتمثيل بهم وإبادتهم والأمثلة ماثلة أمام أعيننا وحاضرة في أذهاننا ……
وهناك من يراها في عشق حبيبته التي يحبها حتى غدا ناسكاً متعبداً وأمثلة ذلك كثيرة في
تاريخنا القديم والحديث
كل يراها بحسب رؤيته ووجهة نظره للحياة وكل يسير في درب واتجاه بحثاً عن السعادة المنشودة وهو في مشوار بحثه عنها يصطدم بعراقيل وصعوبات كثيرة يفتش عنها جاهداً مع أنه يعلم تماما بأن السعادة نسبية ولكنه يعلل نفسه بأن الحياة تستحق العيش بحلوها ومرها
والإنسان دائماً وأبداً وفي آخر المطاف يصل إلى قناعة بأنه لا سعادة مطلقة و لا يمكن بلوغها في كل مناحي الحياة فلا بد أن تظهر عقبات تسهم في تغيير نسبتها
وكلما تطور وعي الإنسان أصبح أكثر تعمقاً وتفكيراً في هذه الحياة وكلما زادت متطلبات الحياة العصرية سعى الإنسان إلى تحقيق ولو جزء منها ثم يتمنى أن يحصل عليها كلها وهو يظل يسعى ويسعى لذا تراه لا يحس بسعادة كاملة طالما كان البحث عن كل ما هو جديد ويتماشى مع حياته العصرية وقد تتحقق لمفكر أو باحث أو شاعر سعادة قصوى عند إبداع نص جديد أو مقولة جديدة أو إصدار كتاب جديد ولكن هل نستطيع ان نحكم بأنه أكثر سعادة من فلاح بسيط يجلس تحت ظل شجرة وقت القيلولة بعد عناء يوم قضاه في العمل تراه يحس بسعادة غامرة وهو يرى نتائج عمله
فمفهوم السعادة يختلف من شخص لآخر كما أسلفت فلنبحث معا عن السعادة ولنحققها لأنفسنا وللآخرين
فكلما زادت إنسانية الإنسان زاد سعادة وحبوراً وتعامل مع الناس بإنسانية ونشر الخير والسلام وبالتالي أسعدَ ما حوله ومَن يحيطون به
وكلما قلت إنسانيته ومفهومه الإنساني أزداد غطرسة وعنجهية وأصبح أنانياً قد يصبح أكثر سعادة لكنه يدمر مَن حوله ويسعى إلى تعاستهم وشقائهم
وهذا هو الفرق بين مجتمعنا والمجتمعات الأخرى التي تسعى جاهدة لإسعاد أبنائها ورفاهيتهم
فأينما كنت
ومَن كنت
ومهما كانت مكانتك تستطيع أن تنشر السعادة
أسعِد الآخرين ومَن حولك بالقول الصالح والعمل الصالح والنية الصالحة
فبالرغم من أن السعادة آنية ولا تدوم دوماً كذا لا نستطيع أن نصل إلى السعادة المطلقة
إذا لا توجد سعادة مطلقة لأن لكل فترة في حياة الإنسان توجهات مغايرة
و هذا الشعور لا يكتمل طالما كانت الآمال والطموحات لا تنتهي وبالتالي لا سعادة مطلقة