التحدّي المُقْلِق.. (دُوار الحرّيّة) لـ (مالك داغستاني)

هيثم حسين

“إن القلق كالدوار لأنّ القلق هو حرّيّة يكتشف فيها الإنسان عمق الهوّة الشاسعة أمامه فيعتريه شيء من الدوار، تماماً كما يصاب الإنسان بالإغماء إذا نظر إلى هوّة سحيقة فيسقط فيها بعد أن يفقد توازنه، كذلك يقع الإنسان بالخطيئة بسبب دُوار الحرّيّة، لكنّ الإنسان عندما يأثم لا يتخلّص من القلق بل يتضاعف لأنّ الخطيئة لا تتوقّف بل تتكرّر باستمرار ويزداد القلق مع تكرارها.. “. هذا بحسب فاضل سوداني في مقاله شيزوفرينيا الذات في فلسفة سورن كيركغارد عند  الحديث عن تجربة هذا الفيلسوف الدنمركيّ (1813-1855)..

وهنا يكون دُوار الحرّيّة، القلق المرافق للحرّيّة أو السابق عليها ولها، القلق المرافق للشعور القلِق المقلق، أو السابق له أو عليه.. والدُوار، يحيلنا إلى الشعور المرافق للمرتفع الشاهق أو الهوّة المغمية، المسبّب للاختلال عند المرء، كأن يكون إنسانٌ غير متوازن على حافّة بئر عميقة يتأرجح بين السقوط في البئر، لتكون نهايته، وبين السقوط على ظهره أرضاً، حيث يكون الوحل والحجر والشوك، ويكون في السقوط أذىً لا يقلّ عن السقوط في البئر.. أي لا حرّيّة مرافقة لهذا الدوار الذي يعتري المرء الواقف على الحوافّ المؤدّية – لا شكّ – إلى أحد الأذيين، إمّا إلى التنافي في قعر البئر الموبوء بصانعيه، أو الانتكاس بالسقوط خلفاً، لتكون الأرض المستوية بؤرة ملائمة لتنبت فيها القلاقل، ويكون في السقوط كلّ الدفع نحو معاني وسلوكات الساقطين، من قبل هؤلاء الحاجرين على القلقين حرّيّاتهم، والحارمين مسجونيهم من ذلك الالتذاذ بالدوار المنعش أملاً في الحرّيّة المقفوصة، والمقصوفة العمر، على أيدي برابرة العصر أنّى كانوا، وفي أيّ جحرٍ اختبؤوا، لكنّ عريهم يفضحهم، والزمان يدور عليهم وبهم ليصبحوا مسجونين في ذات السجون التي سجنوا فيها الأحرار، عندها لن ينتابهم أيّ دوار لأيّ حرّيّة، لأنّ الدوار سيجافيهم، والحرّيّة حينها ستنتقم لذاتها، بأن يكملوا حياتهم فاقدي الأمل، وفاقدي الشعور بالقلق الموجب، وإن صدف وقلقوا سيكون قلقهم يأساً وكابوساً منغّصاً وموتاً بطيئاً، وبادرة جنون، وبارقة ذلّ دائم كان وسيبقى خاتماً ونقشاً يعرفون به.. محقّقين بذلك مقولة إنّ الخطيئة ستبقى متداوَلة، إذ سيختلف المعيار، وستختلف النظرة، وذلك بحسب المخطِّئين من جهة، ومن جهة أخرى بحسب الخطّائين في عرف من يجرّمونهم، إذ أنّ إثم الخطّائين غير التوّابين غير مغتفَرٍ عند المخطّئين المستتابين، والاستتابة لا تحقّق مبتغاها، لأنّ التوبة النصوح هنا تقتل التائب، فشرع شارع الخطايا، لا شرع له ولا شرف.
علاج السجّان هو السجن، وعلاج الطليق في السجن هو الحرّيّة، لأنّه لم يفقدها يوماً، أو لم يفقد الدُوار الذي يسبق الشعور بها، أو يهيّئ لها أرضيّة لتكون لائقة بمعناها وقيمتها، الحرّيّة..
اقتراباً من “دوار الحرّيّة” للكاتب مالك داغستاني، الصادرة عن دار البلد في 2002م، والمنتهية كتابتها منذ 1994م كما هو مدوَّن في الصفحة الأخيرة من الكتاب، والتي تقع في أربع وتسعين صفحة من القطع الوسط. الرواية: اللعبة، كما هي مسمّاة من قبل الكاتب على الغلاف وموضوعة كذلك بين علامتي تنصيص متبوعة بنقطتين تُنبئان بأنّ للعبة بقيّةً، وبأنّ هذا ليس إلاّ تلاعباً لغويّاً باللغة وعليها، أو هو تهيئة نفسيّة للقارئ بأنّه على وشك الدخول في عوالم اللعبة (الرواية كما وُصفت في الصفحات الداخليّة)، وقد تكون نفسها لعبة روائيّة، حيث اللعبة تستحمل الكثير من الهزل واللامبالاة والترفيه، وبالمقابل تستحمل الكثير من الجدّ والمبالاة والمسؤوليّة، وأحياناً تكون اللعبة للتخفيف من الضغوطات التي يتعرّض لها المرء خلال مراحل جدّه المختلفة، فهذه اللعبة تتبع تلك المراحل، وتبني لمرحلة قادمة تبتغي لها الاختلاف.
لا أعتقد أنّ تسمية وصفية كهذه، من قبل الكاتب، هي لتضليل القارئ، بقدر ما هي لتحفيز هذا القارئ للبحث عن السبب الذي حرّض الكاتب وأوجب عليه هذا التوصيف: اللعبة..
كما لا أعتقد أنّه للتهرّب من المسؤوليّة التي تستوجبها، من الوقوف أمام الأعور قائلاً له بأنّه أعور في عينه، وجهاً لوجه، دون التملّص من أيّ تقيّد أو تقييد قد يفرض، ليبقى كما يكون أيّ كاتب حرّ، كثير التعرّض لانتيابات دُوار الحرّيّة التي هي فرط حرّيّة، لأنّ الكتابة، كما يقول الكاتب، هي كالحبّ تماماً فعلٌ مبرَّر بذاته، إنّه أوّلاً وقبل كلّ شيء فعل حرّيّة، ولا يحتاج إلى التبرير من خارجه. ص84-85
ويفترض أن يكون الالتزام بسيادة الفكر الحرّ والقلم المقدام، ليكون حينذاك الحرف دليل الحرف، والكلمة هي التي تنتقي موضعها، دون التقولب في قوالب مفروضة أو علب جاهزة ملبَّسة مشوّهة، والالتزام في اللعبة هذه يكون بقواعد اللعبة التي لا قواعد لها، لأنّها تخلق قواعدها وأدواتها وفق تصوّرها، ووفق ملاءمتها لها، كما أنّ اللعبة تضفي الطابع المتناقض مع نفسه، لا لعلّة فيه، إذ تحتوي المعنى ونقيضه، بل لعلل يتبجّح بها حمّالو هذه اللعبة ما لا تطيقها.. ويكون اختياره للعبة وكتابته، تأكيداً مضاعفاً منه، بأنّه عندما يقول عنها لعبة، ويصفها بذلك، فإنّها ليست لعبة، أي أنّها قد تكون عكس مسمّاها، لتكون ذروة الجدّ، لينقل القلق الذي يعانيه والذي يُشعره بدوار الحرّيّة إلى قرّائه، مقلقهم بذلك ومشعراً إيّاهم بأنّ اللعبة الكتابيّة تنطوي على شعور مضاعف، يسبقه دوار بالأسف الأسيف على الحرّيّة المستلَبة المعنى، وليشعروا بدُوار الحقد على مستلبي الحرّيّة معناها، بإغماضة عين وإغفاءة روح، وبالتالي تصبح الحرّيّة المولود الكسيح للاستبداد والطغيان..
أن تقول عن كتابه: رواية، بالمعنى المتعارَف عليه عند الحديث عن الرواية، ستتردّد قليلاً، حيث لم ترسم الشخصيّات الروائيّة رسماً دقيقاً، جاءت ضبابيّة، هلاميّة، غير واضحة المعالم والتوجّهات، تتأرجح بين المتخيَّل، المؤذي منه والمؤمَّل. إنّما ستقول مع الكاتب بأنّه قد لعب لعبته الكتابيّة، ولم يتقيّد بالدارج، بطله الروائيّ هو لغته في أكثر من مكان، ومكانه الروائيّ هو اللغة التي يسكنها ويعيد توليفها حسب موجة هذيان بطله الروائيّ أو مواساته أو مناجاته أو مناداته، والمهذيّ معه أو المواسي أو المناجَى أو المنادَى، يكون مختلفاً متمايزاً، ويعتمد في أغلب الأحيان المنادَى النكرة المقصودة، ولا يلصق بمناداه ياء المتكلّم أو أيّ ضمائر أخرى تنسبه إلى أحد ما، وذلك ليبقي له حرّيّة الانتساب والتسمية..
بدايةً، يطلب من القارئ ناهياً جازماً على لسان الشيرازيّ المُستَشهَد به: “لا تحتقر الإصغاء إلى توسّلات القلب”، كما ينبّه في أسفل صفحة البداية نفسها، بأنّه ليس ملاكاً ولا شيطاناً ولا فاجراً، ولا…، وهنا يترك التسمية ليكون القارئ هو المسمّي ومالئ الفراغ، غير اللاعن، والغافر له مبالغته في الفجور باللغة في سنواته البالغة الفجور. وذلك عندما يستدرك مُعزياً ذلك إلى فجور السنوات وانظلامه بها، بقدر براءته منها.
الزمن مضبّب، منمحىً، والوقت متلاشٍ، ليكون صالحاً لكلّ زمان يتواجد فيه الطغيان والاستبداد، ولن يلغى أيّ منهما عن الوجود، إذن الزمن متجدّد متواجد دوماً في كلّ آن، وإن كان في أمكنة مختلفة، ولكنّ السجن يبقى السجن أينما كان، يبقى القبر الضيّق، ويبقى الموت معه الواسع المترامي البعيد المنال.. أمّا الزمن النفسيّ فهو مقتربٌ مبتعدٌ بين اللحظة التي تعرّش فيها الحبيبة على الذاكرة، وبين القبل والبعد والآن.. إنّه زمن سجين يفقد فيه معناه، فالمتواليات كلّها سواء، لا تغيّر فيها، هو من يخلق زمنه وظرفه النفسيّ.
في السجن- في الرواية – يتجمّل كلّ شيء خارجيّ ويجمّل، أمّا الأمور السلبيّة فتُنتسى، يتذكّر السجين الأشياء الجميلة فقط ليستطيع التعايش مع القبر، حتّى بعض الأمور التي كانت مزعجة، فإنّها تبرَّر تبريرات تقنع صاحبها الذي يختلق لها ما سيقتنع به.
تغدو الحبيبة صنو الجنّة، أو مرآها الجنّة، فهي الأميرة المشغولة بالياسمين والكلمات، حتّى المرايا المعدومة الروح والذاكرة ستخالف كلّ سجاياها عندما تمرّ على عناصرها صورة هذه الأميرة. ص23، هنا، وفي أكثر من مكان، يحيي الكاتب الجماد، يبثّ فيه روحاً، ليشاركه التمتّع بالجمال المنقرض في شخص أميرته المؤلّهة، هذه التي يكون المجد كلّه لعينيها اللتين تكتفيان بمجدهما ولا تتطلّبان أيّ شيء آخر. ص50 .
ونجد عند مالك داغستاني، على عكس من كتبوا عن السجن، يبدي كتابته بأنّ بطله غير حاقدٍ كغيره على سجّانيه، الكلمات البذيئة أو المسبّات التي يتشفّى بها السجين عند الحديث عن سجّانه، لا تتكرّر في الرواية، وهو بذلك يحاول أن يحارب القبح بالجمال، ليظهر الضدّ قبح الضدّ، ليظهر قباحة القبح عند الحديث عنه بلغة تتسامى وتترفّع عن الردّ، فقباحة السجن يظهرها الأدب بأدبٍ.
نرى البطل، بقدر فترة سجنه التي تبلغ سبع سنوات عجاف لا تبدو بأنّها متبوعة بسبع خيّرة، يعيش العجف، ويثور عليه في الوقت نفسه، فهو في مجتمعه الذكوريّ الصرف، في أرضه المجدبة بالأنثى، يشعّل ذاكرته التي تستعر بنساء مثوّرات لشعوره ولكتابته ولذاكرته، محرّضاتٍ هذه الذاكرة على ابتداع وخلق الافتراضات والتخيّلات التي تسعده في سجنه، ص41، ثمّ ليتمادى الافتراض إلى وصف المفترضة بأنّها ستكون –لابدّ-عازفة غيتار عشرينيّة، سمراء ذات شعر أسود، وتبدو عيناها الواسعتان والسوداوان امتداداً طبيعيّاً لتلك الظلمة التي تنسدل باستهتار على كتفيها…ص43.
ووصفه الحرمانيّ للمرأة، وهو في حالته المقيّدة لجسمه، المطلقة مخياله، وصف إيروتيكيّ، يتناوب عليه النَوح والبَوح، كأن يقول:
“لكنّني عندما سأعرف هذا الجسد الفذّ وأدرك قداسته فإن فلسفتي عن النهدين سوف تنهار أمام سحر كلّ خليّة فيه”……ص78.
أو كقوله عندما يموسق جسد معشوقته أدواتيّاً:
“كان جسدك كورالاً من الغناء الساحر والمهيب، أوركسترا تصدح بمقطوعة خرافيّة، هارب الشعر وناي العينين الذاهبتين إلى المطلق، ماندولين النهدين وبيانو السرّة وفيولين الزغب النديّ، كلارينيت الساق….” ص78.  
تتّجه اللعبة نحو الخطورة عندما يتشظّى الحرمان ويبلغ أوجه عندما ستهطل السماء أزهاراً على غير عادتها، لينتج اللامألوفُ اللامألوفَ، استجابة لرغبته، ويكون تقبيله حسب المتاح بالكلمة القصيدة التي تليق بروعة الإعجاز فيه :
“كان قدس الجسد يدعوني لتقبيله من كعبه حتّى فضّة الجبين…”، ص82. ويكثر مثل هذا الكلام في مقاطع أخرى كثيرة متناثرة طيّ الكتاب.
كأنّي بالكاتب، في تقسيمه لفقرات من كتابته تقسيماً مقدَّساً، يحاكي تقسيم الكتب المقدَّسة، ليكون له ولحبيبته كتابهما المقدَّس، وذلك تحديداً في الصفحتين 43 -84 والتي يسجع فيها الكاتب، ويطابق، ويقابل، ويستعير تصريحاً وتكنية، مستخدماً معظم أدوات البيان والبديع، ومستزيداً منها..
كما يلحظ القارئ بأنّ الكاتب، أحياناً، يحاول أن يقول كلّ شيء في صفحة واحدة، وبأنّه لشدّة انضغاطه ينقل إحساسه إلى غيره، فيثقل الصفحة بالكثير من الأسماء المستحضرة، منها الذي لم يشكّل حضورها أيّ مضايقة، ومنها ما ضايق حضورها على غيرها، كأن يستشهد في صفحة واحدة ببضعة أسماء؛ آلهة، رسل، عظماء، كتّاب، شخصيّات مؤسطرة. ص31. حيث يشعر القارئ في هذه الصفحة بأنّ الكاتب يستعرض معلوماته عن الرموز والآلهة والميثولوجيا. هنا يكون التداخل كبيراً، رغم سلاسة وتهذيب اللغة وتطوّعها له.
في بلاد السجون، وفي السجون، تكون هدايا العيد مختلفة عن غيرها من الأمكنة الأخرى، يتلقّى هنا البطل في سجنه ببهجة تغمره الكثير من الهدايا، وهي عبارة عن نثريّات مختلفة منها:
“هدير سيّارة عسكريّة، عواء كلب بعيد، صرخة الحارس في محرسه يعلن عن وجوده بصوت همجيٍّ، أحدهم يستيقظ من كابوسه بأنين جارح” ص60. فإن كانت الهدايا عادة لإسعاد المهدَى إليهم، فإنّ هداياه تؤذيه أكثر ممّا يفترض بها أن تسعد، “فهي ملفوفة بمزايا المكان وملوّنة برماديّته..”..
ولا أدري هنا لماذا ليست بسوداويّته، وهل يترك الكاتب هنا مأملاً لتبييض الرماديّة والقضاء على العتمة المفروضة..؟!!  
ويلاحَظ بأنّ الكاتب يعتمد التسكين في نهايات بعض الجمل، وكأنّه يسكّن القارئ ليسلم، منطلقاً من القاعدة النحويّة: سكّن تسلم، أو كأنّه يحاول أن يفرض على القارئ القراءة الشعريّة لنصٍّ نثريّ روائيّ، ولو أنّه مقدَّم على أساس لعبة، ويرد ذلك في أكثر من مكان.
كذلك نجد تنثير بعض الجمل تنثيراً يليق بالمجموعة الشعريّة، بأن يخلّل بين الكلمة والأخرى نقاطاً متتالية، وبخاصّة في النهاية التي تحرص على إبداء انقطاع نفس البطل من التأمّل، بأن يسير أوّلاً، وفي المرّة الثانية: أن يسير مبتعداً، وفي المرّة الأخيرة، والجملة الأخيرة: أن يسير مبتعداً نحو ذاك الصقيع، وهذه المسيرات هي مؤكَّدة باللون الأسود، تأكيداً على القرار القاضي بالسير والسير مبتعداً نحو المجاهيل.. وذلك في المقطع الأخير من الكتاب.   
إنّ رواية “دُوار الحرّيّة”، تحدٍّ مُقلِق بالكتابة، وهي إذ تضجّ وتعجّ بالعبث واللامعقول والعاطفة والقلق اليوميّ وتعابير الرغبة الإيروتيكيّة، فإنّها تفعل فعلها المزدوج في نفسيّة القارئ بأن تنقل إليه عدوى الحلم والكابوس معاً، ترقّق فيه شاعريّته، تزيد من حقده، تهديه الأسى جرعاتٍ، تمنحه الشعر فيوضاً..
والكاتب في روايته يطبّق مقولة سارتر عن الإنسان بأنّه: “هو ما ليس هو، وليس هو ما هو”، فيكون سجينه طليقاً في حالة السجن، وليس سجيناً مركّبَ السجن في حالته هذه.
ففي بلادٍ سجونٍ كبيرةٍ، يغدو السجن وحده هو الفضاء غير المنتهي الذي يربض على تخومه الدُوار الذي لا تتبعه أيّة حرّيّة، الدوار وحده، في شرق المتوسّط، والآن هنا، حسب عبد الرحمن منيف، يتبعه الدوار المتكرّر، ولا أمل قريباً، رغم أنّ السجن هو المكان الذي لا يصلح إلاّ ممْرضاً للأحلام، إلاّ بتغيير اتجاهات الرياح، كي لا تحلّ السموم محلّ السموم، و كي لا يكون الغيم مغالطاً، ولئلاّ يكون مصلَّى من أجل زيارة المطر، وهو بدوره ودُواره، مستنكف عن كلّ زيارة..  

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم محمود

أول القول ومضة

بدءاً من هذا اليوم، من هذه اللحظة، بتاريخ ” 23 تشرين الثاني 2024 ” سيكون هناك تاريخ آخر بحدثه، والحدث هو ما يضفي على زمانه ومكانه طابعاً، اعتباراً، ولوناً من التحويل في المبنى والمعنى القيَميين والجماليين، العلميين والمعرفيين، حدث هو عبارة عن حركة تغيير في اتجاه التفكير، في رؤية المعيش اليوم والمنظور…

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…