مهلاً يـــــا…إنّما النّاسُ الأخلاقُ… إنْ…؟؟!!


  نارين عمر

قديماً كانوا يصفون الشّخص الذي يحسنُ التّعامل مع الحياة والبشر بأنّه متعلّمٌ ودارس لذلك يفهمُ الحياة وطرق التعامل معها والتأقلم مع كلّ الطبائع والأجناس وتجاوز أحلك الظّروف. اليوم وبعد أن كثر عدد المتعلمين والدّارسين ولا يخلو بيتٌ وأسرة من متعلم وحامل شهادة كيف يتعامل هؤلاء مع غيرهم بدءاً من أفراد أسرتهم وأهلهم ومروراً بمعارفهم وأصحابهم وانتهاء بعامة النّاس؟؟كيف يستطيعون تسخير ما درسوه وتعلموه في خدمتهم وخدمةِ تواصلهم مع الآخرين وتكيّفهم معهم؟؟ والسّؤال الأهمّ هو:

هل بالضّرورة في وقتنا الحاضر أن يكون كلّ متعلم وحامل شهادة ( وخاصة مَنْ يتقدّم بهم العمر) واعياً ودبلوماسياً ومدركاً لطرق التعامل والسّلوك مع الآخرين وعلى الأصعدة المختلفة ومن خلال مختلف المجالات التي تتسعُ لنا كبشر وكائنات عاقلة يُفترض بنا أن نسخّرَ مواهبنا الفكرية والوجدانية لصالحنا وليس لما فيه الإساءة للآخرين والحقد عليهم ونصنع منهما ومن الكراهية سيوفاً حادّة نصوّبها باتجاههم وننصب أنفسنا حكّاماً عليهم ولكن بدون إجراء المحاكمة ونطلق عليهم أحكاماً خبيثة على اعتبارهم متهمين ومجرمين من الطراز الأوّل لا يستحقون رحمة أو شفقة ونحن الأتقياء الأخيار الخيّرين بامتياز, والمنزّهين عن كلّ الخصال السّيئة أو الخاطئة.
 أوّلاً: أرى أنّكم تتفقون معي على أنّ مثل هؤلاء قليلون جدّاً بالمقارنة مع الطيّبين الخيّرين الذين ينظرون إلى الحياة بعيون قلوبهم ونفوسهم فيجدونها رائعة, مخضّرة, مزهرة والناس فيها أخيار, أتقياء أمّا هؤلاء القلة من البشر وللأسف الشّديد أيضاً ينظرون إلى الحياة ولكن من منظار الشّر والخداع والذي يشكل مرآة صادقة تعكس نفوسهم المحتاجة إلى معالجة مستديمة وفترة نقاهة مدى الحياة. وللإنصاف ولئلا نقع في ظلمات أخطائهم وآرائهم علينا أن ندرك أنّ عوامل ودوافع نفسية واجتماعية وأسرية ومادية قد تهافتت عليهم وأغرقتهم في سيولها العارمة وبعد أن هدأت السّيول قليلاً وجدوها قد قذفت بهم إلى حوض الكره والبغض والأنانية واحتقار الآخروهؤلاء يفقدون حتى القدرة على التمييز والتمايز وكلّ البشر سواء عندهم.
 وهنا يثور سؤال هام ليطرح نفسه بقوّة: لماذا لا ندع آراءنا الشّخصية جانباً ونحكم على عمل هذا الشّخص أو ذاك أو فعله وممارساته الحياتية بمنتهى الموضوعية والأخلاقية؟؟!!فعندما ننتقدُ أيّ شخص علينا أن نرسل إلى ساحة اللاشعور كلّ ما تختزنه ساحة شعورنا وإدراكنا عنه من معلومات وآراء وملاحظات إيجابية كانت أو سلبية ونحكم عليه وكأنّنا لا نعرفه ولا نعرف عنه شيئاً مسبقاً وثمّ نحكم عليه وعلى ما يصدر عنه من قول وفعل وتصرّفٍ بما يمليه عليه إدراكنا وفهمنا للموضوع بضابطٍ من ضميرنا ووجداننا المفترض بهما أن يكونا يقظين ومهيئين ليستطيعا إصدار حكم منصفٍ وعادل بحقه. والأمر نفسه ينطبقُ على الكتابة والكتاب فإذا قرأنا نصّاً ولم يعجبنا بعضه أو كله فلنقل رأينا فيه بصراحة ولكن ضمن حدود الأدب والأخلاق بعيداً عن الألفاظ البذيئة النتنة التي تعكس غالباً ما تضمره خلايا نفس وعقل كلّ منا من بذور نتنة ومتعفنة أو أن نجعل من عمله هذا/ كتابة كانت أم فعلاً ملموساً/ ساحة لتصفية أحقادنا عليه وعلينا ألا نبرّر تصرّفنا هذا بأنّه نوعٌ من أنواع الحرية التي تسمىّ ب/حرّية الرّأي والتّعبير/ فكم من كتّابٍ نقرأ لهم ولا يعجبنا مضمون ما كتبوه فننهال عليه بسياط الغمز واللمز لا لشيء إنّما لأنّ مضمون النّص لم يستطع ملامسة آرائنا ومعتقداتنا أو هكذا نظنّ ولكن الشّخص الذي كتب ذلك النّص بالتأكيد هو مقتنعٌ بما كتب وعلينا أن نحترم رأيه وحريته في التّعبير عن نفسه ومعتقداته وفي هذا الصّدد نستطيع الاستشهاد بآيةٍ قرآنيةٍ كريمة تقولًَُ” …كلمة طيّبة كشجرة طيّبة أصلها ثابت وفرعها في السّماء” والرّسول الكريم حين قال:/النّظافة من الإيمان/ لم يقصد بكلامه نظافة الجسد فحسب بل قصد نظافة النّفس والقلب واللسان كذلك وعليه الصّلاة والسّلام قال أيضاً / إن لم تستح فاصنع ما شئت/ أيّ أنّ الذي لايخيفه عقاب ربّه ولا يحسب حساباً لقانون الأخلاق والإنسانية فليفعل ما يريد وليقل ما يشاء.
وآخر ما أملك من القول وبصراحة :
 إنّ الحياة فنّ وذوق والفنّ يعتمد على الإنسان الحقّ الذي يستطيع تغليب كفة الخير على الشّر والحبّ على الكره والنّجاح على الفشل والذوق يحتاجُ إلى متذوقٍ سليم الإحساس والشّعور ليميّز أنواع المذاق المختلفة والمتباينة .

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

سيماڤ خالد محمد

هؤلاء أصدقائي كلنا جئنا من جهات مختلفة من سوريا (عفرين، كوباني، قامشلو والحسكة)، نحن أبناء مدن كانت بعيدة عن بعضها، ولكن الغربة قربتنا حتى صار بيننا ما هو أقرب من المدن.

لم يكن يخطر ببالي أننا سنلتقي يوماً ولا أن قلوبنا ستتشابك بهذه الطريقة، لكن الغربة بحنينها القاسي جمعتنا، وجعلت من…

حيدر عمر

 

نماذج من حكايات شعوبٍ آسيوية

1 .حكايات ذات نهايات سعيدة.

 

يمكن اعتبار حكاية “علاءالدين والمصباح السحري” من حكايات “ألف ليلة وليلة”، نموذجاً للحكايات التي تنتهي بنهايات سعيدة إذ نجد علاء الدين يصيب الغنى بمساعدة جنّي عملاق يخرج من مصباح قديم وجده في مغارة.

كان لعلاء الدين عمٌّ جشعٌ، طلب منه دخول المغارة للبحث عمّا…

زوزانا ويسو بوزان

حبّذا لو نتغاضى طرفًا…
نمرُّ هامشيّين على أطراف القرى،
نسيرُ كما يشاء لنا الريح،
نخطفُ فاكهتنا من حقائب الغجر،
ندخلُ خيامهم سرًا،
نغفو على موسيقاهم،
ونحلمُ كما يحلمُ الغرباء.

أغوصُ في التغاضي،
ألهثُ خلف أحاسيس مبعثرة،
ألملمُ شظايا ذكرياتٍ،
أتخاصمُ مع الواقع،
كأنني أفتّشُ في سرابٍ لا ينتهي.

كما أنقبُ عن ذاتي،
في مرآةٍ مكسورة،
ترسمُ ملامحي كما تشتهي،
تغفلُ ما خُطَّ على جبهتي من تجاعيدِ الرحيل،
ولا تُظهرُ…

أحمد عبدالقادر محمود

 

الجبلُ يبقى شامخاً لو عبثت فيه الفئران

صلدٌ لا ينحني و إن غزتْ سفحه الغربان

لا يرتضي بالخنوع و إن رمته النائباتُ أذان

تبقى المهابة فيه لو دنت الجيْفُ والخصيان

يعلو ولا يستجيب لمنْ أتاهم ذلَّة إذعانُ

صخرٌ ولكن ينادي في المدى عزَّة و برهان

لا تنكسرْ عزّتهُ لو مزقوه قسوة و هوان

يصغي لصمت الرياح و في ثناياه الأسى…