صاحبي . ..؟ لا عليك

داريوس داري
Daryos55@nefel.com

لست عبقريا . موهبتي متواضعة , في كافة الفنون والآداب . لكن ثمة شيئا اعتقد انني أتميز به , هو أنني عاشق الصمت . وسائر في  الصمت !
يا صاحبي : بما أن لم يعد يحلو لك العيش بيننا , وأردت الهجرة إلى بلاد ا لواق الواق مع رغباتك المعقدة الطائشة و الصبيانية . لا يحق لك بأن تملي علينا نصائحك الفارغة وترسلها عبر الشيكات . لا يوجد بنك عقلي لدينا لصرفها هنا…   وأنت خارج السرب ….  
يا صاحبي : سألته في استياء : لماذا فعلت ذلك في صديقك , فأجاب في هدوء
 : هل لا بد لي من البحث عن واحد لا اعرفه كي افعل فيه ذلك …..          

يا صاحبي : لم أكن يوما دكتاتورا ولا طاغية في حياتي مع الآخرين , ولا نرجسيا في الأدب ولا  جزارا مثل هولاكو ……  لم اذبح عصفورا , ولم ارتكب مجازر في حق الإنسانية , مثل الذي خبأ نفسه في جحر الفأران .
 لم احرق أي مدينة مثل نيرون. لم احرق  سوى كمية هائلة
 لا تعد ولا تحصى من علب السجائر
التي أحرقت رئتي بها …..
يا صاحبي : لا تنظر إلي  هكذا فقد سئمت نظراتك الشاردة الساهمة , وسئمت دلالك الأبدي الذي لا ينتهي .. وابتسامتك الصفراء التي لم تعد تريح الآخرين. إليك عني , نرجسيتك ما عادت تطاق , غبائك فاقع وحديثك جاف . دع الكرسي لمن يستحقه . افعل شيئا ليحفظك  التاريخ في صفحاته المشرقة وليس في صفحاته المغبرة ….. 
يا صاحبي :  أريد الإمساك بذلك الخيط غير الواضح الذي يربط وجودي الشخصي بتاريخ وحضارة بلدي, التي عًرفت فيها منذ نشأتي . بلدي تهب من سبات عشرات السنين , بدأت تعي بعذاباتها وحرائقها ومآسيها وشهدائها , بدأت تعرف أن لها حقوق , ويجب أن تدافع عنها بكل ما أ تيت من قوة لتستردها …..
يا صاحبي :لن أكون عابر سبيل في هذه الأرض , لن أكون ظلا , أو مرافقا ,
 أو مصفقا لأحد . يجب أن أكون أنا .. الأول والأخير …..
يا صاحبي : ليس لدي ساعة معينة أو يوم محدد للكتابة , قد انقطع عن الكتابة طوال أشهر وفجأة انغمس باندفاع نحو الكتابة لأيام أو ساعات متتالية دون توقف , ولا تهدأ نفسي ولا تسر حتى استنفذ كل طاقتي , أحيانا اعمل ساعات أو أياما تحت ضغط حادثة مثيرة أو الهام عابر , وبعدها يتمثل لعيني هذا الشيء الذي كتبته أن لا معنى له ولا فائدة منه , فأمزق أوراقي  وارمي  بالجهود الكثيرة اللامجدية التي بذلتها ,
 في سلة المهملات …..
يا صاحبي : بما أن القدر قذفنا على هذه الأرض دون إذن منا  وسنحت لنا الفرصة لنعيش  ، يجب أن نستغل هذه الفرصة ونستثمر ما نملكه من العمر لتنوير طرقات   العقل للجيل القادم .  
 مثل النمل الذي يلملم من هنا وهناك حبات القمح لتخزينه للشتاء…..
يا صاحبي : ألا ترى معي . في التاريخ القديم وفي العصور الغابرة وحتى في يومنا هذا  . لم نقرأ , ولم نسمع بأن هناك امرأة فقدت عقلها أو انتحرت بسبب العشق  .
كل المجانين والعشاق المنتحرين هم من الذكور وأحدهم ( ممو ) والثاني ….. ؟!
يا صاحبي : نحن من النصف الثاني من القرن الماضي  نعيش صراعا بين الأجيال , أو بين الجديد والقديم .. ولكننا تربينا على قيم ومبادئ وتقاليد يعدها بعض الناس الآن قديمة . على الرغم من أن القيم لا تتجزأ في كل الأوقات , لكن إسلوب التعامل مع المفاهيم يمكن أن يتغير . ومن هنا فإننا لا نستطيع استيعاب المفهوم الجديد …..
يا صاحبي : ما أن اقتنعت انه ليس هناك سوى الكذب والخطأ في المظاهر التي يمتدحني بها بعض الزملاء , حتى انصرفت عنهم إلى الطرف الآخر : لأنه عندما نخرج عن العرف الحقيقي لطبيعتنا , أتوقف ، ثم أبدأ من الصمت …..
يا صاحبي : أن النتيجة التي يمكن أن أخلص إليها من كل هذه التأملات هي أنني لم أخلق لكي أعيش في مجتمع ذليل , فيه قلق وانزعاج , واجب , وحق .. وأن طبيعتي تجعلني دائما غير قادر على الخضوع للأفعال أو الحركات الهشة التي يعتبرها الآخرون هادفة وبناءة , ونادراً…… اشعر بالحرية التامة في العمل , بقدر ما أقدم الفائدة الهادفة …..
يا صاحبي : آه , رباه ,  أين لي أن أجد عالما بدون أقنعة, ومكر المشعوذين ودهاء المنافقين ولصوص عز الظهيرة  … وباستمرارية كل هؤلاء .
يا صاحبي : لست ملتزمآ بتصديق ما تسمع لو كان رأي ما , أقرب من الحقيقة يعني التقيد به , لما حفلت الحياة بتغيرات متناقضة , مختلفة , وغريبة كل الغرابة .
نعم يا صاحبي, أن لكل إنسان فلسفة خاصة , وآراء خاصة وتصرفات خاصة , وهو حر بها لكن ليس على حساب الآخرين فحسب ….
يا صاحبي: إذا عجزت الكتب السماوية عن تطهير الناس من أهوائهم وشهواتهم , فالحب يستطيع حيث فشلت الأديان , لأنه قوة داخلية , يستجاب لمثيراتها استجابة فطرية , فتحدث التصرفات كما تحدث في الظواهر الطبيعية . مثل الأعاصير والزوابع و السيول وكسوف الشمس …..
يا صاحبي : إن بوسع المرء أن يتنبأ أحيانا بما سيحدث نتيجة رغبة ما , تصرف , أو حادث ما, غير انه من الصعب التنبؤ بعمق الشعور الذي يمكن أن يربط إنسانا بإنسان….
يا صاحبي : من السهل جدا أن نُكَوِّنَ رأيا عن الحب , ولكل منا رؤية خاصة بالحب,  قد تختلف من شخص لآخر حسب استعداداته ، وميوله وشخصيته .
غير أن هذا لا يكفي . فالإحساسيس الصادقة ليست ترف ولا لعب , أنها تفوق العقيدة نبلا , إنها إيمان , والإيمان حقيقة …..
يا صاحبي : طلب منه صاحبه أن يشتري له  حمارا فقال له : أريد أن يكون الحمار الذي تشتريه لي ليس بالصغير المحتقر , ولا بالكبير المشتهر , إن أشبعته شكر , وإن أجعته صبر , وان خلا الطريق أسرع , وان كثر الزحام ترفق , وان ركبته قام , وان ركبه غيري نام : فقال له صاحبه
 (( اصطبر حتى يمسخ الله رئيس البلدية حمارا , فأشتريه لك )) …..؟

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم محمود

أول القول ومضة

بدءاً من هذا اليوم، من هذه اللحظة، بتاريخ ” 23 تشرين الثاني 2024 ” سيكون هناك تاريخ آخر بحدثه، والحدث هو ما يضفي على زمانه ومكانه طابعاً، اعتباراً، ولوناً من التحويل في المبنى والمعنى القيَميين والجماليين، العلميين والمعرفيين، حدث هو عبارة عن حركة تغيير في اتجاه التفكير، في رؤية المعيش اليوم والمنظور…

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…