البنتُ بين الحلال والحرام

نارين عمر
البهجة الممزوجة بكثير من جرعاتِ الفخر والاعتزاز تجتاحُ نفوس الأهل وأفئدتهم وخاصة الوالدين منهم حين يصرّح لهم ابنهم الذكر عن حبّه الأوّل, تيقناً منهم بامتلاكه ناصية الشّبابِ بل الرّجولة الحقة بكلّ عنفوانها وصرامتها ويستمرّ هذا الاجتياحُ قوّة وشراسة كلما لوّن هذا الابن مسامعهم ورؤاهم بمغامراته البهلوانية العاطفية, وتعدّدِ محبوباته, ومراوغته الفذة في اصطياد الفريسةِ المسكينة, التي لا حول ولا قوّة لها إلا البكاء على أصداء الذكريات ومهارته الفائقة في العزفِ على أوتار مشاعرهنّ وضمائرهنّ, حتى وإن بلغَ بهم الأمر إلى ارتكابِ جريمةٍ بحقّ إحساس هذه الفتاةُ أو تلك, فإنّ بعض الأهل يسارعون إلى مناصرةِ ابنهم, وتلقين أهل الضّحية دروساً في أصول التّربيةِ الصّحيحة.
ولكن كيفَ يكونُ موقفُ الأهل من الابنة/الأنثى/ التي تحاولُ أن توحي ولمجرّد الإيحاء بتراقص قلبها البريء غبطة ونشوة كلما جالَ طيفُ فلانٍ من الشّبّان في
سماءِ مخيّلتها الرّقيقة العذبة كعذوبةِ غايتها ومرادها؟؟!!
وهنا أخصّ بالسّؤال مَنْ نشكّلُ الطّبقة المتعلمة, والتي من المفترض أن تكون الواعية بمكنوناتِ النفس وفوضى الحسّ, وأقول:
كيف نتعامل مع بناتنا؟؟ بل كيف يجب أن نتعامل, وخاصة المراهقات منهنّ؟؟
هل نستطيعُ حقاً اختراقَ شغبِ السّياج المتربّصة بخصر قوقعةِ المفاهيم والأفكارِ التي أبدعنا في ابتكارها كي نخفي في سردابها كلّ أطياف ضعفنا و خلايا إحباطنا؟!
علينا أنْ نقرّ ونعترفَ على الملأ بأنّنا مازلنا نتعاملُ بحذرٍ ومراوغةٍ حيالَ هذه المسألة وما زلنا نتوهّم أنّ الابنة تشكلُ مصدرَ قلق وخوفٍ لدينا, وأنّ همّها وغمّها
يكبران معها. ولكن وحرصاً على المصداقية يجب أن أنوّه إلى هبوبِ رياح التّغيير والتّطوّر التي عصفت بالعالم كله قد نفذت إلى فكر وحسّ بعضٍ منّا فأنتجَ أسراً ديمقراطية تستطيعُ فيها الابنة أن تصرّحَ بحبّها وببعض المشاكل التي تعانيها, ولكن هذه النسبة تظلّ ضئيلة إذا ما قورنت بالتطورات التي تغزو العالم.
أظنّ أنّ معالجة هذا الموضوع وكما الموضوعاتُ الأخرى المتعلقة بطرق التعامل مع الأولاد, يجب أن تُعالجَ بموضوعيةٍ وجدّية, وأن ينطلقَ كلّ منّا من بيته وأسرته
ويتعاملَ مع ابنته على أساسٍ من المصارحةِ والوضوح, لأنهما يجنبان الفتاة الوقوع في الأخطاء أيّاً كانت نمطية هذه الأخطاء, لأنّها تدرك أنّ أهلها منحوها ثقة كبيرة
ولا بدّ أن تكون مستحقة لهذه الثقة, فتبدأ رحلة الصّراع والتحدّي مع نفسها أوّلاً ومعَ الحياةِ ثانياً . وخلالَ هذه الفترة تنمو ثقتها بنفسها, وتتكوّنُ شخصيتها المستقلة
النّاضجة لتكون في المستقبل الأمّ الناجحة القادرة على تأسيس أسرةٍ قائمةٍ على دعائم السّعادةِ الحقة وصفاء النفس والخاطر.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

 

ا. د. قاسم المندلاوي

 

عامودا:

مدينة الفن والحب والجمال، تابعة لمحافظة الحسكة، وتبعد عنها 80 كم. تقع في شمال شرق اقليم كوردستان الغربي، وعلى الحدود مع تركيا وقرب مدينة قامشلو. معظم سكانها من الكورد مع اقليات عربية ومسيحية. يمر فيها نهر باسم “نهر الخنزير”.

اسست المدينة على يد مهاجرين سريان هربوا من تركيا في اعقاب مذابح…

يسر موقع ولاتى مه أن يقدم إلى قرائه الأعزاء هذا العمل التوثيقي القيم بعنوان (رجال لم ينصفهم التاريخ)، الذي ساهم الكاتب : إسماعيل عمر لعلي (سمكو) وكتاب آخرين في تأليفه.
رفوف كتب
وسيقوم موقع ولاتى مه بالتنسيق مع الكاتب إسماعيل عمر لعلي (سمكو). بنشر الحلقات التي ساهم الكاتب (سمكو) بكتابتها من هذا العمل، تقديرا لجهوده في توثيق مسيرة مناضلين كورد أفذاذ لم ينالوا ما يستحقونه من إنصاف وتقدير في…

حاورها: إدريس سالم

 

في زمن الانهيارات الكبرى والتحولات الجذرية، لم يعد ممكناً التعامل مع القضايا المصيرية بمنطق الإنكار أو الاستخفاف؛ فالمشهد السياسي السوري، بكل تعقيداته وتناقضاته، بات يفرض على الفاعلين الكورد مسؤولية مضاعفة في إعادة تعريف أدوارهم، وترتيب أولوياتهم، وبناء مشروع وطني يتجاوز الاصطفافات الضيقة والانقسامات القاتلة، فالسكوت لم يعد ترفاً، ولا الشعارات تُقنع جمهوراً أنهكته…

فراس حج محمد| فلسطين

مقدمة:

أعددتُ هذه المادّة بتقنية الذكاء الاصطناعي (Gemini) ليعيد قراءة الكتاب، هذا الكتاب الشامل لكل النواحي اللغوية التي أفكّر فيها، ولأرى أفكار الكتاب كما تعبّر عنه الخوارزميات الحاسوبية، وكيف تقرأ تلك الأفكار بشكل مستقل، حيث لا عاطفة تربطها بالمؤلف ولا باللغة العربية، فهي أداة تحليل ونقد محايدة، وباردة نسبياً.

إن ما دفعني لهذه الخطوة…