السلطان صلاح الدين بين نكران الجهلاء وعرفان العقلاء

سيف الدين الامدي

ما من زيارة أقوم بها إلى دمشق إلا وأعرج في أولها إلى الجامع الأموي مبتدأُ بزيارة بطل الإسلام القائد صلاح الدين الأيوبي الذي عجزت الكلمات والكتب عن الإحاطة باليسير من أعماله وإنجازاته للإسلام 0
صلاح الدين ذلك القائد الأسطورة الذي اختارته العناية الإلهية ليكون حجر عثرة في طريق الهجوم الرعاعي على شرقنا الذي أعيته الأطماع وأنهكته الحروب
في مقالتي هذه لست بصدد ذكر محاسن السلطان صلاح الدين بقدر ما أود التنبيه إلى حالة النكران والهجران لتاريخ هذا البطل من أبناء قومه

 

حدث في إحدى زياراتي إلى ضريحه الشريف وبعد الخروج من مرقده استوقفني شابان تنبئك ملامحهما أنهما كورديان وقد عرفاني كذلك كوني اصطحبت صديقا معي للزيارة هذه ويبدو أنهما سمعا حديثنا باللغة الكوردية وأنا امتدح السلطان واسرد مآثره
بادر احديهما مستأذنا بسؤال كثيرا ما ردده أبناء جلدتنا
أراك متأثراً بصلاح الدين وقد أطلت المكوث عنده وأظن أنك من المعجبين بتاريخه فهل لي أن أسألك
ماذا فعل صلاح الدين للكورد هل أقام لنا دولة كوردية هل قدم شيئأ لنا ككورد أم قدم كل جهده للآخرين وأنقذ بلادهم من سقوط وشيك
نظرت إليه وقد بدا عليه علامات النصر وكأنه اكتشف أو كاد أعجوبة أو وجد سرا عجزت البشرية عن الإتيان بها
أجبته : و بماذا أساء صلاح الدين للكورد وما وجه الحق في التهجم عليه من سؤالك هل اخذ بلادنا وأعطاها للآخرين أم أنه غربنا عن محيطنا أم أخرجنا من بلادنا
أمسكت من يده ووقفنا أمام المقام حيث يرقد السلطان
أخي الكوردي مهما كانت الأفكار حقيقتها أ م وهمها مهما كانت الدعوات صالحها أم فاسدها ادعوك أنت وأمثالك من الشباب المتنور أن نجعل من السلطان صلاح الدين صلة وصل تربطنا بمحيطنا
خير من أن تجعلوا منه – بجهالة – قصة رجل قائد فذ أضاعه قومه وتلقاه الآخرون بالعرفان والشكر
لنجعل من شعلة صلاح الدين الوقادة نورا تضيء الدرب
تأملت في عينيه وقد بدت عليها علامات الحيرة ويده التي كنت أضمها بأصابعي انسلت خلسة وأسبلت ثم تسابقت خطواته مصطحبا صاحبه معه وغاب بين الجموع
وقفت بعدها أمام مرقد السلطان وقد خنقتني عبرة البكاء أسفا عليه وخجلا منه

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

حسن عبادي| حيفا

رافقت زوجتي سميرة إلى طبريّا للمشاركة بمؤتمر أدارته وترأسته تناول مواضيع تختصّ بالمسالك البوليّة، مؤتمر استمرّ ثلاثة أيّام وتمّ بنجاح باهر، ورافقني في مشواري كتاب “سِرُّ الجملةِ الاسميّة” للكاتب فراس حج محمد (في تأمّل تجربة الكتابة، تقنيّة الكتابةِ بالجملة الاسميّة، 222 صفحة، الصادر عن الرقميّة للنشر والتوزيع الإلكتروني، القدس، فلسطين. صدر له 35…

غريب ملا زلال

لا يتخلى الفنان الكردي قرني جميل عن هويته وخلفياتها، فهو يتعمد إظهارهما في كل أعماله التشكيلية، لكنه ينقل لنا نظرته إلى العالم وإلى كل ركن فيه، بداية من رحلة هجرته التي أثرت فيه فكريا وفنيا وصولا إلى الآخر بصفته إنسانا مثله قد تغلبه مساوئه وتجعله عنصرا مدمرا للطبيعة والكائنات والحياة، فشعار لوحاته أن…

تنكزار ماريني

 

فن الكلام هو فن الخطابة والتعبير المقنع، وهي عنصر أساسي في علوم الاتصال والتربية السياسية. تاريخياً، تعود أصول البلاغة إلى اليونان القديمة، مع نظراء بارزين مثل أرسطو، أفلاطون، وسقراط، وتم تطويرها في العصر الروماني بواسطة شيشرون وكوينتيليان. في العالم الحديث، تظل البلاغة ذات صلة في السياسة، والإعلان، والقانون، والتواصل اليومي.

أسس فن الخطاب. يستند فن…

علي شيخو برازي

گنج يوسف باشا الدوگريني الملّي ” كنج يوسف باشا “ والي الشام ١٨٠٧ ١٨١٠. وقد سميت دمشق في العهد العثماني بلواء ” شام شريف ” , وكانت تتألف من : 7 أقضية و1 ناحية و 59 مزرعة و 357 قرية في أواخر القرن التاسع عشر. أما ولاية الشام فقد كانت تضم السناجق (…