ماء … ماء

إبراهيم محمود

 
( هو ليس مــــائي ليس ماءك ماؤنا جمْعا
  هـو ليس ماءك ليس مائي إرثنا الأوعى )
ماء يسكنك ويسكنني
ماء يُسمّي جمعنا المجهول
واصلاً ما بين عدْم وموجود 
هوذا سطري المائي في قرطاسنا الأبدي
وأنا أسلسل جغرافية التكوين فينا:
ماء لشَعرك
رطوبة محبّبة في عُلاك
ماء لجبهتك
وأنت تيمّم شطر السموّ فيك
ماء لعينيك
وأنت تنسّب بذرتك إلى بهاء النور
ماء لوجهك
اعتدالاً ينغّم حواسك بالجملة
ماء لرقبتك
وأنت ناظرٌ ذروة في السماء
ماء لصدرك
إيقاظ شاعري لخلاياك
ماء لوسطك
مكاشفة لبرزخك الجسدي
ماء لصرّتك ضمناً
صلة قرباك بما كنتَه
ماء لمؤخرتك
ضمان ديناميكية تثري مهارة كلّيتك
ماء لفخذيك
تسبر به أدناك وأعلاك
ماء لرجليك
متعة تواضع مع المتنقل بك   
***
ولأسمّي ما ليس منشوراً:
ماءٌ لك لتنعش به  أفقك
ماء لي باسمك لأبهج رؤياي
ماء للطائر ليلطّف هواء السماء
ماء للحيوان ليكون مقيماً معزَّزاً بيني وبينك
ماء للنبات ليكون مدَداً منمّياً فينا ما نشتهيه
ماء للحجر ليسندنا كي نحسن معانقة أرواحنا آمنين
***
وأكرّر في مسلك خيال آخر : 
ماء لك لتبلّ ريق صحوك
لتحتضنك الحياة في حلْمك
ماء لك لتروي ظمأك الفكري
ليحتضنك الوجود قدْر الموجود جوّاك
ماء لك لتنمّي روحك ما أمكنتك جذوة دمك
ليحتضنك الكون
***
ماء لك ، إذاً:
 ثمة شجرة في انتظارك
لتكون لك صداقة مظللة مع النبات
ماء لك، إذاً:
 ثمة حيوان يركّز على ماء يديك بكامل جسمه
لتكون إقامتك في الحياة مشرَعة
ماء لك، إذاً:
 ثمة تربة تنظر إليك على أمل معجَّل
لتكون دليلك إلى ما تجهله في أعماقها
ماء لك، إذاً:
ثمة صخرة لا تغضّ الطرف عنك
لتترطب وتحفظه لك وقت الشدة
***
ماء لقلبك 
إذ يترنم حبك على وتر رغبتك الخاصة
ماء لروحك
إذ تتنفس إرادتك بِرئة طموحك الوثاب
ماء لعمرك
إذ تنتظرك حياتك لارتقاء صبوتها
ماء للغتك
إذ تتحفز أرضك لسماع انصهارك فيها
***
ماء لخطوك
والطريق يستجيب رياناً لمداك الملهم
ماء للهْوك
والطرب يوقْع على خفّة دمك في الشهيق والزفير
ماء لشجوك
والحنين إلى آت سالف يطهّر  استقامتك المرتقبة
ماء لنحوك
والوضوح يفلتر وجودك المترامي الأطراف
***
ماء لحرّيتك
حيث تعرش أشجارك في صفاء امتلائك النفسي
ماء لانفتاحك
حيث تطل شرفة بصيرتك على الجهات كافة
ماء لصراحتك
لاكتساب يقين الكائن فيك
ماء لسرّك
لتعلَم نفسك بأمر نفسها
ماء لتماسكك
إيعازاً لنيْل المتحرّك
ماء لطموحك
إشهاراً بمصادقة اللامتناهي
ماء لبصمتك
ليسمّيك ظلك بعد رحيلك الأبدي
 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

Ebdilkerîm Resul

 

ديرك لها بصمات لامعة في سجلها الأدبي والوطني وشخصية اليوم هو المربي الفاضل الأستاذ القدير عدنان بشير الرسول تولد ديرك 1961 نشأ وترعرع في كنف أسرة عريقة

درس الابتدائية بمدرستي خولة بنت الازور ومدرسة المأمون الريفية بديرك

والاعدادية والثانوية بثانوية يوسف العظمة وحصل على الثانوية الأدبية ١٩٨٠

ودخل كلية الحقوق بدمشق وتركها وهو بالسنة الثالثة

تعين معلما وكيلا…

خالد حسو

الذي ينهض فينا مع كل خيبة، ويصفعنا مع كل تكرارٍ للماضي:
هل نحن مؤمنون حقًا بالتغيير والتطوير؟
أم أننا نكتفي بترديد شعاراته في العلن، ثم نغلق عليه الأبواب في دواخلنا؟

التغيير ليس رفاهية فكرية، ولا نزهة في ممرّات القوة،
ولا يُقاس بسلطة الحاكم ولا بعدد الواقفين في الصف.
هو في جوهره موقف،
صرخة أولى تُقال قبل أن تتجسّد،
وثقة جريئة في…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

يُعْتَبَر الشاعرُ السوري نِزار قَبَّاني ( 1923 دِمَشْق _ 1998 لندن ) أَحَدَ أبرز وأشهر الشُّعَراء العرب في القرن العشرين ، وَهُوَ أكثرُ شُعراء العربية إنتاجًا وشُهرةً ومَبِيعًا وجَمَاهيرية ، بسبب أُسلوبه السَّهْل المُمْتَنِع ، وشَفَافيةِ شِعْرِه ، وغِنائيته ، وبساطته ، وسُهولة الوُصول إلى الجُمهور ، مِمَّا جَعَلَه…

ماهين شيخاني

 

في قلب الجزيرة السورية، وعلى تخوم الخابور والحدود، نشأت بلدة الدرباسية في ثلاثينيات القرن الماضي لتكون أكثر من مجرد نقطة على الخريطة. فقد تحوّلت خلال العقود التالية إلى ملتقى اجتماعي نابض بالحياة، بفضل ما عُرف بـ”المضافات” – تلك المؤسسات الشعبية التي جمعت بين الضيافة، والحوار، والمكانة الاجتماعية.

المضافة: أكثر من مجلس ضيافة

في التقاليد الكوردية، لم…