زاغروس حاجو في قاموس المقالات العلمية

إبراهيم محمود

زاعروس حاجو Zagrosê Haco” 1-10/ 1949 ” الكاتب الكُردي المعروف والجدير بتسميته خبيراً في لغته الكردية وفي الترجمة عن لغات عدة( السويدية، الإنكليزية، التشيكية، والبلغارية..إلخ)، حسب متابعتي له، الجدير بالتقدير وهو يخلص لما ينشغل به جهة الكردية في همومها اللغوية وقواعدها، وكيفية إثرائها من خلال تفاعلها عبر انفتاحها على اللغات الحية، منذ أكثر من أربعة عقود من الزمن، نوعاً من العشق، عشق ألسنة انطلاقاً من لغته اللغة الأم: الكردية، بصورة رئيسة.
وكتابه هذا: قاموس المقالات العلمية، وبالكردية: Ferhenga gotarên zanistî، عن المركز التربوي التعليمي الكردي” بالسويدية ” kurdiska pedagogiska centrum ،في ستوكهولم ” السويد ” ط1، 2017 ، ويقع في مائتي صفحة ونيّف، ومن القطع الكبير والعريض، رغم أنه” وكما هو مذكور في الداخل ” صادر قبل قرابة سبع سنوات، حفّزتني قراءته، وهو في ثراء لغته وموضوعاته المصورة، في مقالات مترجمة من قبله على مدى سنوات، عن لغات مختلفة” تلك التي ذكرتُها ” على التوقف عنده، وتقديمه ولو في مقال تقديراً لجهة هذا المأهول بثقافة الآخر، إنما من خلال ثقافته الكردية التي يحرص على تعميقها، رغم الفاصل الزمني بين لحظة الكتابة هذه وزمن صدور الكتاب، والذي وصلتني نسخة منه هدية ومن باب الإطلاع عليه، وما أكتبه لا يعدو أن يكون تعبيراً عن تقدير لهذا الإهداء طبعاً.
وقبل أيام كتبت مقالاُ بهذا الصدد حول كتاب شاعرتنا وكاتبتنا الكردية شيلان دوسكي عن كتابها المميز، والقاموسي الطابع: جدول بالأسماء العلمية لأشجار كردستان وورودها ونباتاتها، ونشرته في موقع ” ولاتي مه ” وأرى أن هذين الكتابين شقيقان في المحصّلة علمياً.
ومن المؤكد أن الذي يشتغل عليه زاغروس في مساحة زمانية، يبقى مختلفاً في تنقلاته وتخصصه الجامعي: الأكاديمي بالذات: هندسة الاتصالات Endaziyariya telekomunîkasyon ،في مدينة برنو” تشيكوسلوفاكيا “، في الجامعة التكنيكية
Zankoya teknîkî ،وهو ما شكَّل قاعدة انطلاق لإرادة المعرفة العلمية المضمون لديه، ليصل ما بين حبه للغته الأم: الكردية، وتلك اللغات الحية ” الأوربية ” التي تشكّل مرجعاً مؤكداً لمثل هذه الاستجابة في بنية المقالات التي لفتت نظره، وترجمها ونشرها في صحف ومجلات كردية على مدى عقود من الزمن، لتجد نفسها، في رحابة كتاب، من قبل المركز الكردي آنف الذكر.
ثمة الكثير يمكن قوله في المقالات التي تسلسلت بين دفَّتي كتاب، وهي في وضوحها قراءة مرفقة بالصور والمعززة للقراءة، إنما مع تكثيف ميكانيزما القراءة المطلوبة، حيث تتطلب التفاعل معها قدْراً معتبَراً من الثقافة اللغوية والعلمية، وعلي أن أعترف أني إذ أشير إلى نقطة مهمة كهذه، جهة وعي المقروء،لا أعتبرني محيطاً علمياً بكل الذي تضمنه الكتاب من مقالات، وفي محتوى كل مقال، ناحية المصطلحات الدقيقة، وبنية الجمل العلمية، رغم مراجعتي لقواميس مساعدة.. على كل حال، أعتبرني متعلماً وطالب علم ليس إلا.
أول الكلام اعتراف وإنصاف
يشكر زاغروس مؤسسة المركز الكردي التعليمي التربوي على جمعها لمقالاته ونشرها في كتاب، وهي التي أطلقت هذا الاسم عليها: القاموس، وأبدى إعجابه بذلك، وقال ( لأن المطلب المهم عندي هو وجود المفردات الكردية في الحقل العلمي والتكنيكي بين أيدي القراء. ص 3 )، وتأكيداً على هذا التوجيه يشير إلى اشتغاله بهذا الموضوع، في صحف كردية: ستير، دوكَر، وأوركيش، حيث يشير إلى أنه ترجم الكثير من المقالات إلى الكردية عن اللغات : التشيكية، الانكليزية، والسويدية..، وأنه في البداية كان مهتماً بالموضوعات العلمية التكنيكية ، وكان الأمل والهدف في كيفية إصدار مجلة علمية وتكنيكية، لوجود حاجة إلى مجلة كهذه في اللغة الكردية، ليس في وضع أسس معلومات معرفية بين أيدي القراء، إنما هو في كيفية إيجاد المصطلح العلمي والتكنيكي في اللغة اليومية بصورة طبيعية، وأن وضع مصطلح  دولي لا يلحق ضرراً باللغة، إن وعي المجتمع إجمالاً ذلك، إنما هناك شغف لي” كما يقول” بصورة خاصة بالأقوال الأصلية وأملي، أن تجري حمايتها وتحديثها. ولم تتوافر فرصة لنشر مجلة علمية، سوى أن موقع ” نيتكرد ” الانترنتي نشط في هذا المجال؟؟ والتحدي الأكبر من وجهة نظره هو إيجاد مفردات كردية مصطلحية علمية، رغم وجود قواميس مؤثرة بين يدي، ووجود بعض المفردات  القديمة قيّمة كالذهب، إنما لم تكن معروفة ومعتمدة كمرجع، كما الحال في أسماء أجسام كونية، مثل: exter” كوكب، ” Tîr  ” عطارد “، Gelawêj ” زهرة”، Zemîn ” أرض ” ، Behram ” مريخ “، Keywan ” زحل “
، Bercîs  ” مشتري “، والبقية الأخرى، نقولها بأسمائها الأجنبية، ونسينا الكردية فيها.
ثم يشير إلى أن اللغة الكردية في إطار الثقافة والنضج بلغت مستوى رفيعاً، وأنه لا بد أن اللغة تتنشط في المجالات كافة معاً، وتتقدم بثبات  ” ص 3 “
ذلك دأبه في الشأن الكردي على صعيد اللغة التي تبصّر المعرَّف بحقيقة أمره موقعاً في التاريخ، طالما أنه يحارَب من خلالها، كما يعلمنا التاريخ بذلك، أو أن تنوير اللغة في هذا السياق العلمي واجب ثقافي قومي وإنساني، بما أن المتكلم والكاتب والمتحدث بها حين يكتب بها ويترجم إليها، كما يترجمها إلى اللغات الأخرى يبرز التحدي ومعرفة مستوى الحياة فيها.
ولعل النظر في محتوى الموضوعات” فهرستها ” يجد تنوعاً في هذا المضمار، موضوعات هي مقالات قصيرة لا يمل منها القارىء، ولا بد أن زاغروس راعى فيها جانب التفاعل معها جهة قارئه، لتسهل عليه قراءتها والتكيف معها، ويستمتع بها محتوىً وأداء، فهناك ” 85 ” مقالاً،إن لم أخطىء في العد، متبايناً في الطول والقصر، من صفحة إلى ثلاث أو أربع صفحات، وهي مرتبة ومرقمة بصفحاتها، ويشار هنا إلى ورود خطأ في الترقيم ، حيث المحتويات تقع ما بين صفحتي ” 7-8″، وقاموس المقالات العلمية ” ص 9 ”  وهي تخص التعاريف مثل: الأنثروبولوجيا” علم ثقافة الإنسان “، الاسترومي ” عالم الفلك “، الطب، الفلسفة، البسيكولوجي ” التحليل النفسي.. ليبدأ جدول قاموسي بالمفردات الكردية- الانكليزية ” صص 10-16 ” والموضوع الأول: خمس سنوات على المريخ . صص19-21 ” وليس ” 19-20 “،  والاستثناء الوحيد هو الحديث عن الألفباء الكردية من قبل الكاتب نفسه” صص 29-38 ” وليس ” صص 31-40″، والحوار معه ” صص197-202″ وليس ” صص 199-204 “..ولعل ذلك حصل سهواً.
وحين يتوقف القارىء عند جدول المفردات المعتبرة للكردية ومقابلها الإنكليزية، يجد في ذلك قيمة مسجلة، يمكنه الاستفادة منها في مجالات شتى، مثل: الخلْق، الاقتصادي، الكوكبي، المدنية،المشتري،الأساس،القطب،العضو،الهندسة،المحرك،الدماغ،البحث، السر، التحليل، النسج، والأرض…إلخ. ولا يخفى على القارىء هذا مبلغ الجهد المبذول من قبل الكاتب واللغوي والمترجم زاغروس في خياراته لهذه المفردات التي تنتمي إلى حقول معرفية حياتية عامة وخاصة، والحاجة اليومية الماسة إليها، وفي عالم اليوم، ولتفهّم بنية المقالات جهة مفرداتها ذات الصيغة العلمية بالتأكيد، وفي ذلك نباهة من الكاتب في إجراء كهذا. 
في عالم المقالات
كما نوَّهت، فإن المقالات متنوعة في محتوياتها: العلمية، الجغرافية، التاريخية، الطبية، اللغوية، العْرقية، الثقافية والأسطورية، والدينية …إلخ،كما ورد ذكرها في الجدول الحامل بأسمائها أو عناوينها، بدءاً من الكتابة عن المريخ والذي شغل ولا زال يشغل العالم كثيراً، وما إذا كان يتضمن حياة أم لا ، مروراً بـ: الخلْق من العدم ” صص 28-30 “، يمكن للمريخ أن يصبح فردوساً للبشر ” 44-47 “، كريستوفر كولمبوس ” 57 ” الذي زُعِم أنه فتح العالم القديم، ليصبح العالم الجديد، و: كيف نشأت الحياة على الأرض “59-60″، و: لماذا لا نرى النجوم في النهار” 63 ” ، ودولة الأيوبيين ” 70 “، الطاقة ” 86-87 “، وإيزيديي أسفل الخط  Êzîdîyên bin xetê” 90-92 ” المفهوم السياسي المعتمَد من قبل الكرد، رفضاً للتقسيم السياسي لكردستان، كما هو معروف، وجسم الإنسان ” 137-138 “، والرابوتات تمتلك وجوهاً ” 155-156″، والتنكيك والمعرفة ” 156″،وجهاز الموبايل ” 157″، وتلسكوب هوبيل ” 163″،ورؤيَ الانفجار الكوكبي  الأكثر بعداً ” 165 ” والصور الأكثر جمالاً للعلم “176 “، طبعاً، هذا الموضوع يقع في صفحتي “185-186 “، ولا بد من تدارك مثل هذا التوزيع بدقة في طبعة قادمة، وانتهاء بمقال الأرض ” 187 “، وهذا المقال يقع في ” 195-196″…إلخ، ليأتي نص الحوار مع الكاتب في النهاية، مضيئاً بطاقته الشخصية والعلمية وجهوده في حقل التأليف والترجمة وغيرهما. 
على سبيل، نقرأ في مقال: أربعة عشر واجباً أكثر أهمية على أكتاف المهندسين:
14 Erkên herî giring li ser milên endazyaran
والترجمة عن السويدية، حيث نقرأ ( من جهة الهندسة، أي تحد يواجه الإنسانية؟ هذا السؤال طرحته المجلة الأكاديمية الأمريكية العلمية الهندسية، على الخبراء في عموم العالم، وظهر من خلال أجوبتهم 14 واجباً مهماً على أكتاف مهندسي العالم . 
هناك تحديات كبيرة تواجه الإنسانية، سوى أن المهندسين قادرون على إيجاد حلول لها، وتحرير العالم من كثير من المشاكل، ويُتلمَّس أمل كهذا في الأكاديمية الدولية الهندسية، في أميركا. 
وقد جمِع 14 واجباً في موقع خاص، وفي مقدور الضيوف بالمقابل، أن يدلوا بآرائهم، ووفق رؤيتهم يمكنهم اختيار الواجب الأكثر أهمية..ص 24. 
طبعاً هذه التحديات وكيفية مواجهتها على صعيد الواجبات، تتمثل فيما تعانيه البشرية، على صعيد المياه، والتقنية الرخيصة، ومعرفة إشارات الدماغ، وإدخال منهج هندسي في النشاط العلمي، وإيجاد عالم بلا حروب مدمرة، وإيجاد عالم أخلاقي من أجل الكثير من العلاقات القائمة بين البشر..إلخ ” ص 25 “
في مقاله عن الألفباء الكردية ثمة ما هو لافت فيه يتجلى في كيفية الاهتمام باللغة الكردية، وفي عالم اليوم خصوصاً، حيث نقرأ بداية ما هو علمي( إن الهدف من ألفباء لغة ما، هو أن تبرز كل الأصوات الكامنة في تلك اللغة عن طريقة الكتابة، كما في حال حروف ( الخرائط، الرموز )، وإن تحدثنا بلغة رياضية، فإن الهدف من الألفباء هو التالي:
الصوت= الحرف.. ذلك صحيح بالنسبة إلى ألفباء واقعية، إنما للأسف، ليس من لغة في العالم، ويجري تداولها، لا تطبق هذا التساوي الرياضي، إضافة إلى ذلك، فإن أكثرية الأبجديات قليلاً أو كثيراً، وهي تقارب ذلك، سوى أن ذلك ليس بالأمر السهل..ص 29 .
من هذه المشاكل أو التحديات التي تواجه اللغة الكردية، هذا المثال:
( في مستهل وضْع الألفباء الكردية، فإن تهجئة  الحروف الصامتة لم يجر إظهارها، ولهذا فإن كل واحد كان يتهجاها بمقياسه، ومثال ذلك حرف”B ” كان يُقرأ هكذا: ba,bê,bî,، أو ib. وهذا التباين موجود في تهجئة حروف أخرى كذلك.
واقتراحي، حتى يختفي هذا التباين، حيث تتم تهجئة الحروف الكردية كما هي، ويجري ذلك في الوطن بالمقابل ، في دروس اللغة من قبل التلاميذ، بالصورة التالية
ضبعاً يرسم جدولاً لهذا الغرض هكذا:
ليختتم مقاله هكذا:
لقد كان هدفي في هذا المقال هو أن أضع بعض مسائل اللغة الكردية أمام القراء، وأقول فيها رأيي، طبعاً، إن مسائل ألفباء الكردية أعمق من ذلك، وإحدى تلك المسائل كما تعلمون، تتمثل في أننا نحن الكرد نعتمد ثلاث ألفباءات في الكتابة، وهذا مرض عضال، وتتولد عنها أمراض أخرى، وإلى أن يوجد لها مخرج / حل،لا نستطيع القول بأن هذه الألفباء للكرد جميعاً.ص38″.
ويمكن إيراد مقدمة مقال ” جامعة هارفارد تبحث عن نشأة الحياة “، حيث ترجمها عن الإنكليزية:
( اعتماداً على مشروع بحثي، لتقدم الإجابة، في كيفية ظهور الحياة، انخرطت جامعة هارفارد في نقاشات بعيدة ومطولة حول نظرية التطور ..ص 103 ).
  

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…

ابراهيم البليهي

لأهمية الحس الفكاهي فإنه لم يكن غريبا أن يشترك ثلاثة من أشهر العقول في أمريكا في دراسته. أما الثلاثة فهم الفيلسوف الشهير دانيال دينيت وماثيو هيرلي ورينالد آدمز وقد صدر العمل في كتاب يحمل عنوان (في جوف النكتة) وبعنوان فرعي يقول(الفكاهة تعكس هندسة العقل) وقد صدر الكتاب عن أشهر مؤسسة علمية في أمريكا والكتاب…

عبدالرزاق عبدالرحمن

مسنة نال منها الكبر…مسكينة علمتها الزمان العبر..

بشوق وألم حملت سماعة الهاتف ترد:بني أأنت بخير؟ فداك روحي ياعمري

-أمي …اشتقت إليك…اشتقت لبيتنا وبلدي …لخبز التنور والزيتون…

ألو أمي …أمي …

لم تستطع الرد….أحست بحرارة في عينيها…رفعت رأسها حتى لا ينزل دمعها،فقد وعدت ابنها في عيد ميلاده الأخير أن لا تبكي ،وتراءى أمام عينيها سحابة بيضاء أعادتها ست سنوات…