كبار السن وذكريات الفرص الضائعة في حياتهم

خالد بهلوي 
عندما يكون الانسان في مقتبل العمر كله حيوية ونشاط يمارس حياته بكل سرور دون ان يهتم بصحته عند قيامه بأعمال مجهدة او حمل مواد ثقيلة او يكون عمله شاق ومنهك مع ذلك يعمل بكل طاقته دون ان يفكر بان هذه الطاقة والقدرة والنشاط له عمر وفترة زمنية ثم يبدا بالتراجع والضعف امام عامل الزمن قد  يستهلك كاي مادة. تفرضها عليه  ظروف العمل وضرورة كسب  لقمة العيش وابسط مستلزمات الحياة.
  كان يعتقد ان الشيخوخة بعيده عنه ولا يتصور انه سيأتي يوما يكبر بالسن ويشيخ ويفقد هالنشاط والحيوية. قطار العمر يمر سريعا دون ان يشعر الانسان سواء كان فقيرا او غنيا اميرا او مأمورا  .
كلما كبر الانسان يتغير نظرته ومفهومه لما يجري حواليه من اعمال ومبتكرات وأفكار وممارسات ومواقف.
عندما يستعيد ذكريات الماضي يستعرضه كشريط سينمائي يعثر على أخطاء وسلبيات ارتكبها فيندم عليها ؛  ويتذكر أمور كثير إيجابية لم ينفذها فيندم عليها أيضا . بكل الاحوال الندم لم يعد يفيد الفائدة ان ينقل هذه التجارب والخبرات لأولاده او أولاد أصدقائه ليتداركوا الامر قبل ان يفوتهم قطار العمر ويندموا أيضا مثله عندها لا ينفع الندم .
عندما يتجاوز عمر السبعين يكتشف الكثير أولها يلتفت الى الخلف ولا يقتنع ان عمره مضى واصبح في قائمة الشيخوخة؛ لكنه يتأكد من شعوره واحساسه عندما  لا يجد اباه وامه الذين كانوا يقدمون له  الحلوى واللباس الجديد في العيد ويمسكون بيده عندما يذهب الى المدرسة  ويقدمون له العابه المفضل . وهو بدوره قدم لأولاده وانتهى او قارب الانتهاء قدرته على تقديم الخدمات لأولاده فينتظر ان يقوم أولاده بواجبهم نحوه ويهتموا ويعتنوا فيه بقية أيام عمره.
لكنه لم يجد نفسه وحيدا بالعمر فيتذكر زملائه بالعمل او بالحي منهم من لازال بنشاطه وحيويته ومنهم غادر الحياة والبعض دخل دار العجزة و يحتاج الى مساعده في حياته اليومية .
 الأكيد اصبحوا كبار السن ومسنين ومتقاعدين مثله، يتحركون ببطء، ويسمعون بصعوبة  ، ويعانون من امراض مزمنة  الضغط (والبروستات للرجال) والسكري .. بعضهم حالته أفضل وبعضهم أسوء. كان يقرا كتابا الان يقرا صفحة فيغفوا وهو جالس على الكرسي ولا يستطيع القراءة الا بمساعدة النظارة الطبية
  سينسى الأسماء والاحداث وقد ينسى الكثير من الأصدقاء رغم انه عاش معهم اوقاتا سعيدة لسنوات طويله بأمان ورفاهية . ويتدخل بمفردات اسرته.
 سينام على الاريكة او الكرسي عندما يتفرج على التلفزيون وينزعج عندما يفتح خزانه ملابسه ويجد اكثرها لازال مرتبا ومكويا بشكل جيد
  وحتى تبقى تعيش بقية عمرك بصحة وعافية: لا تنسى ولا تهمل  المشي لمسافات حسب قدرتك –  ابتعد عن مشروبات الكولا -العصائر المعلبة  – الإفراط في تناول الكحول – مارس الرياضة –  ابتعد عن التدخين والاركيله –  السباحة اذا امكن :
عش حياتك كما يحلو لك لان الزمن لا يتوقف ولا يرجع للوراء والعمر قصير؛ فاغتنمه ما استطعت برفاهية وسعادة ولو كنت تعيش على حافة الفقر والجوع  ؛ وليكن نظرتك وقناعتك للكوخ الذي تعيش فيه ارقى واريح من قصور السلطان .
 وليكن فطور الزيت والزعتر أفضل من عسل وقشطه الاخرين. لأنك تنام مرتاح البال والضمير اكثر ممن جمع ماله بطرق ملتوية او غير شرعية سيؤنبه ضميره بهذا العمر عندما يخلد الى النوم والراحة , ويعرف حق اليقين ان كل هذا الرصيد والأموال لم تعد تفيده اذا أصيب بمرض الزهايمر مثلا: تذكر ان “الصحة ” اغلى من الذهب.
المسن يبحث عن راحه قد يجدها في العزلة والهدوء وتجنب الصراخ حتى لو كان من احفاده المدللين .  ويفضل الكثير منهم العيش بدور العجزة حيث يلتقون مع مسنين بأعمارهم يتفاهمون بسرعة .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صبري رسول

 

توطئة للفسحات:

يهندس خالد حسين أشكال الحب في قصيدة: واحدة، في مجموعته رشقة سماء تنادم قلب العابر الصادرة عن دار نوس هاوس بداية 2025. المجموعة عبارة عن أربع فسحات، وهي الفهرسة الهندسية الخاصّة التي تميّزت بها، أربعة أقسام، كلّ فسحة مؤلفة من أربع فسحات صغرى معنونة، وتحت كل عنوان تندرج عدة مقاطع شعرية مرقمة وفق…

أصدرت منشورات رامينا في لندن رواية “ليالي فرانشكتاين” للروائيّ والفنّان الكرديّ العراقيّ عمر سيّد بترجمة عربية أنجزها المترجم ياسين حسين.

يطلّ عمر سيّد “ليالي فرانكشتاين”، حاملاً معها شحنة سردية نادرة تمزج بين الميثولوجيا السياسية والواقع الجحيمي، بين الحكاية الشعبية والتقنيات المعاصرة، ليقدّم نصاً مكثّفاً عن الجرح الكردي، وعن الوطن بوصفه جثةً تنتظر التمثال المناسب كي تُدفن…

عبد الجابر حبيب

 

يا لغرابةِ الجهات،

في زمنٍ لا يعرفُ السكون،

وعلى حافةِ قدري

ما زالَ ظلّي يرقصُ على أطرافِ أصابعي،

والدروبُ تتشابكُ في ذاكرتي المثقوبة،

ولا أحدَ لمحَ نهايتَها تميلُ إلى قبري،

ولا حتى أنا.

 

على الحافة،

أُمسكُ بزهرٍ لا يذبل،

يتركُ عبيرَه عالقاً في مساماتِ أيّامي،

كأنّه يتسرّبُ من جلدي

ثم يذوبُ فيّ.

 

الجدرانُ تتهامسُ عنّي،

تعدُّ أنفاسي المتعثّرة،

وتتركُ خدوشاً على جلديَ المتهالك،

كأنّ الزمنَ

لا يريدُ أن…

إبراهيم محمود

 

 

1-في التقصّي وجهيّاً

 

هي ذي أمَّة الوجوه

غابة: كل وجه يتصيد سواه

 

هي ذي أمة الوجوه

سماء كل وجه يزاحم غيره

 

هي ذي أمَّة الوجوه

تاريخ مزكَّى بوجه

 

ليس الوجه التقليدي وجهاً

إنه الوجه المصادَر من نوعه

 

كم ردَّدنا: الإنسان هو وجهه

كم صُدِمنا بما رددناه

 

كم قلنا يا لهذا الوجه الحلو

كم أُذِقْنا مرارته

 

قل لي: بأي وجه أنت

أقل لك من أنت؟

 

ما نراه وجهاً

ترجمان استخفافنا بالمرئي

 

أن…