طرحة الحرية والتضحية على منصة الإعدام.. الشهيدة ليلى قاسم

أمل حسن
ليلى قاسم الشهيدة الكردية و أيقونة المناضلات ، نقفُ أمام بطولتها بخشوع وكلمات لن تصل أبداً إلى غاية البوح و التعبير عن ملحمة الوفاء للوطن و القضية التي تجسدتْ في شهادة ليلى قاسم ، و التي قدمتْ كل ما تملكُ من أجل حرية و كرامة شعبها ، كيف لا و هي وليدة خانقين الكردستانية ، و قد ترعرت في بيتٍ يملؤهُ الانتماء لوطنِها كردستان .
تجسدتْ قصة ليلى قاسم في مقاومتها الشرسة ضدَّ أنظمة الاستبداد و البعث الديكتاتوري ، حيثُ ناضلتْ بفكرها و تنظيمها في صفوف الحزب الديمقراطي الذي اكسبَها البسالة ، و ساعدها في تكوين شخصيتها الثورية المنفتحة و الباعثة على المساواة ، و جعل منها القدوة التي تسير نحوَها كل مناضلة .
تحلتْ ليلى قاسم بنضالها المستمر و بسالة المقاتلات و إخلاص اللبوات ، و ذلك بفكرها المناضل و وعيها لحقوقها القومية و الوطنية ، كما أنها كانت و ما زالتْ تعتبرُ رمزاً للمرأة القوية التي تدافع عن قيم الحرية والعدالة ، و بفضل تضحياتها و تضحيات الكثير من رفاقها ، فقد نجحتْ في القيام بقفزات نوعية و ملاحم سطرت في تاريخ المرأة الكردية .
للقد كان استشهاد وأعدام الشهيدة  ليلى قاسم بمثابة صدمة كبيرة للشعب الكردي ولكل من يؤمن بقضية الإنسانية وحقوق الإنسان. لكن رغم ذلك تبقى ذكراها حية في قلوب وعقول الأحياء، وفي مسيرة النضال والتضحية من أجل العدالة والحرية، فهي إرث لا يمكن نسيانه
و كانت ليلى عروس الوطن شخصية ملهمة و قدوة للشباب الطامح في تحقيق التغيير والعطاء من أجل قضاياهم العادلة ، إن تضحيتها و تضحيات شهداء الحرية الآخرين تذكِّرنا دائماً بأهمية النضال من أجل الحق والكرامة ، و بأن الحرية التي نتمتع بها اليوم هي ثمرة تضحيات كبيرة قدمتْ من أجلها .
حيثُ تحولَتْ خصلات شعرها وفستانها الجميل إلى نبراس و مشعل لحرائر الكرد ، و باتت القبلة و البوصلة الأولى لجميع المقاومات الكرديات ، والتاريخ القريب شاهد على ذلكَ .
استطاعتْ أن تحولَ المشنقة إلى شجرة للحياة ، و أثبتتْ للجميع بأن الكرد توَّاقون للحياة و عشاق لها ، و ليسوا ممن يعشقون النار و البارود ، ولكنهم ينتهجون مبدأ المقاومة وصولاً إلى حياة أجمل .
منذ لحظة استشهادها وحتى الآن، دروب المقاومة تفوح منها رائحة الياسمين ورائحة الورد، ما زالتْ خصلات شعرها رمزاً للكبرياء و الشموخ الكردي ، إنها التي جعلتْ من جسدها جسراً للنساء اللواتي يرغبنَ في بلوغ حياة حرة كريمة .
ما زالَ و سيبقى التاريخ الكردي حافلاً بأسماء لبواتٍ تحولنَ إلى رموز لكل النساء الشامخات و الباقيات في وجدان كل مناصر للعدل والحقيقة
و في النهاية ، إن الشهيدة الكردية ليلى قاسم تظلُّ رمزاً للصمود والتضحية، وتجسيداً للقيم الإنسانية التي تتجاوزُ الحدود والثقافات ، إنها شخصية أثرتْ في العديد من النفوس و ستظلُّ حاضرة في ذاكرتنا كمصباح يضيءُ الطريق نحوَ التغيير و التحرر من الظلم .
تحية لروح الشهيدة ليلى قاسم التي احتضنت الأرض والسماء بالزي الكردي تكريماً لاستشهادها وحبها للوطن

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

دريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…