مرايا صامتة

إبراهيم محمود
عبَرَ نهراً
رأى في نفسه شجرة
عبر بحراً
رأى في نفسه غابة
عبر محيطاً
رأى في نفسه كوناً
***
الطريق الذي قطعه بالأمس
منحه رتبة نجمة
الجبل الذي احتضن ذروته
منحه رتبة نسر
الفضاء الذي حلّق فيه بروحه
منحه رتبة عالَم
***
من لدغة عقرب
طهَّر دمه كثيراً
من عضة ضبع
أعلى من شأن قلبه كثيراً
من طعنة نظير ٍ له
شهد انطفاء روحه
***
يسلّم عليها بيده
يطير بقلبه
يسلّم عليها بقلبه
تخف روحه
يسلّم عليها بروحه
يتحرر من جاذبية الأرض
***
قال للحجر: سلاماً
أهداه نبعاً
قال للسماء: سلاماً
ألبستْه أفقاً
قال للذئب: سلاماً
أودعه طمأنينة
قال لنظيره: سلاماً
أورثه سوء ظن
***
حباً بالقلم
أقام صداقة مع المحبرة
حباً بالسطح
أقام صداقة مع السلَّم
حباً بالنهر
أقام صداقة مع الجسر
حباً بالحياة
أقام صداقة مع روحه
***
إنه يحلّق بخياله
ها هي السماء ترحّب به
إنه يسبُح بفكره
ها هي الأمواج تجنّحه عميقاً
إنه يتجذر بروحه
ها هي الطبيعة تغمره بسرّها
***
أودع وجهَه ابتسامة مشرقة
رقص طفلٌ في روحه
مارس وثباً حياً في مكانه
طرب يافعٌ في روحه
استقام بكامل جسده
أقام راشدٌ في روحه
انحنى على يديه
انبثق شيخ وقور في روحه
***
أراد أن يكون شجرة
توافد إليه الصغار متعربشين بأغصانها
أراد أن يكون نهراً
وهبته الينابيع صداقتها المنعشة
أراد أن يكون سماء
ملأته النجوم بألوانها
أراد أن يكون إنساناً
أقبل إليه بشرٌ يثخنونه جراحاً

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف

إلى أنيس حنا مديواية ذي المئة سنة صاحب أقدم مكتبة في الجزيرة

 

ننتمي إلى ذلك الجيل الذي كانت فيه الكتابة أمضى من السيف، لا بل كانت السيف ذاته. لم تكن ترفاً، ولا وسيلة للتسلية، بل كانت فعلاً وجودياً، حاسماً، مزلزلاً. فما إن يُنشر كتاب، أو بحث، أو مقال مهم لأحد الأسماء، حتى نبادر إلى قراءته، ونتناقش فيه…

أصدرت منشورات رامينا في لندن رواية “مزامير التجانيّ” للجزائريّ محمد فتيلينه الذي يقدّم عملاً سردياً معقّداً وشاسعاً يتوزّع على خمسة أجزاء، تحمل عناوين دالّة: “مرزوق بن حمو، العتمة والنور، الزبد والبحر، الليل والنهار، عودٌ على بدء. “.

في رحلة البحث عن الملاذ وعن طريق الحرية، تتقاطع مصائر العديد من الشخوص الروائية داخل عوالم رواية “مزامير التجاني”،…

الترجمة عن الكردية : إبراهيم محمود

تقديم : البارحة اتحاد الكتاب الكُرد- دهوك، الثلاثاء، 8-4- 2025، والساعة الخامسة، كانت أربعينية الكاتبة والشاعرة الكردية ” ديا جوان ” التي رحلت في ” 26 شباط 2025 ” حيث احتفي بها رسمياً وشعبياً، وبهذه المناسبة وزّع ديوانها: زكاة الحب Zikata evînê، الصادر عن مركز ” خاني “للثقافة والإعلام، دهوك،…

فواز عبدي

 

في نقّارة، قريتي العالقة في زاوية القلب كقصيدة تنتظر إنهاء قافيتها، لم يكن العيد يأتي… بل كان يستيقظ. ينفض الغبار عن روحه، يتسلل من التنّور، من رائحة الطحين والرماد، من ضحكةٍ انبعثت ذات فجرٍ دافئ ولم تعد ، من ذاكرة عمّتي نوره التي كانت كلما نفخت على الجمر اشتعلت معها الذكريات..

تنّورها الطيني الكبير، ذاك…