قراءة نقدية لرواية (كوباني الفاجعة والربع) للأديب جان دوست

محمد شيخو
قبل تقديم القراءة لا بد من توضيح بعض الأمور:
1 – الدراسة النقدية تركز بالدرجة الأولى على الجوانب المهمة والملحة في الرواية، وتتجنّب الكثير من التفاصيل والجزئيات الصغيرة بغاية الابتعاد عن الإطالة.
2 – لا تعتمد الدراسة منهجاً نقدياً محدداً، لكنها تستعين بأدوات وأساليب أكثر من منهج حسب ما تفرضه الرواية وبناؤها وعناصرها، مضافة إليها الانطباعات التي خرجتُ بها من قراءة الرواية.
3 – الدراسة لا تدّعي القول الفصل، ولا تدعي الإحاطة الشاملة بالرواية.
4 – الدراسة محاولة موضوعية جادة لدراسة هذا العمل الإبداعي، وبيان محاسنه ومساوئه وقيمته الفنية.
5 – تبتعد الدراسة – ما أمكن – عن المصطلحات النقدية الجافة، وتستبدل بذلك ما هو واضح جليّ للقرّاء.
القراءة النقدية:
جان دوست واحد من أبناء كوباني، تعلّم في مدارسها يوم كان تلميذاً، وعلّم فيها يوم صار مدرّساً، وصار اليوم لسانها وسفيرها بعد أن هاجر منها – مثل آلاف أبنائها – إلى ألمانيا. لكنْ بقي يسكنها وبقيت تسكنه، ولم تستطع المسافات الشاسعة بينهما أن تنزع كوباني – مسقط رأسه وموطن إبداعه – من قلبه، فأراد أن يردّ جميلها وفضلها وأن يعبّر عن حبه لهذه البقعة الجغرافية التي تسمى كوباني، فكان هذا العمل الروائي الجميل (كوباني الفاجعة والربع).
رواية كوباني رواية واقعية، أبت أن تسقط في جمود التاريخ، كما أبت كوباني أن تسقط أمام الأعداء، استطاع فيها مبدعها – وبإتقان بالغ – أن يسرد الأحداث المحلّيّة والدوليّة، بعد أن أضاف إليها الكثير والجميل من مشاعره المرهفة وخياله الخصبولغته السهلة الممتنعة.
رواية كوباني تحكي قصة كوباني بدءاً بالثورة السورية مروراً بخروج قوات النظام السوري منها، واستلام الحزب الحاكم الآن فيها للإدارة، وتعرضها لغزو داعش، وانتهاءً بليلة الغدر. وجان دوست في روايته (546 صفحة و 61 فصلاً) يسرد ما رافق ذلك من أحداث وقصص وصراعات ومعارك بريشة فنان بارع، يتداخل سرده بالوصف والحوار في لوحات فنية حية تنقل القارئ إلى قلب الأحداث حتى يعتقد أنه يراها.
تسير الرواية في عرضها للحوادث بخطين متوازيين:
الأول: سيرة عائلة الحاج مسلم المهاجر المقيم في حارة سيدا مع زوجاته وأبنائه وبناته.
الثاني: سيرته الشخصية؛ وتتضمن في الغالب ذكرياته في حارة سيدا في كوباني قبل الدمار وبكاءه المرّ على أطلالها بعد الدمار.
والعلاقة بين الخطين علاقة زمنية وسببية في آن واحد؛ فالأول من الماضي (المقدمات والأسباب)، والثاني هو الحاضر (النتائج).
ملخص الرواية:
1 – سيرة عائلة الحاج مسلم المهاجر:
تبدأ الرواية زمنياً ببداية الثورة السورية (2011م)، مكانياً في بيت الحاج مسلم المهاجر أحد مريدي جد الروائي (الشيخ صالح) ابن حمزراف المهاجر، الحاج الذي اعتاد أن يصلي في مسجد سيدا القريب من منزله بعيداً عن حديث الشارع الكوباني الذييدور حول الأحداث في سوريا، وبخلاف ابنيه باران ولوند اللذين يشاركان في المظاهرات المطالبة بإسقاط النظام السوري.
ثم تنتقل الرواية لتسرد لنا قصة حمزراف والد الحاج مسلم (فلاش باك، أو القصة الخلفية) الذي هرب من قارص (تركيا) إلى كوباني أيام الانتداب الفرنسي في سوريا، واستقر فيها.
يسرد الروائي بعد ذلك ويصف طفولة الحاج مسلم بن حمزراف الذي يتزوج بعد أن يكبر من ابنة خاله بصراوي الطامع في ثروته (إيسلم)، ثم قصة زواجه من ثانية وثالثة ورابعة بعد فشل الواحدة تلو الأخرى في الإنجاب.
يعود الروائي بعد القصة الخلفية إلى المظاهرات في كوباني، فيصف قيادة لوند لواحدة يسقط ولات حسي فيها شهيداً على أيدي ملثمين من أنصار السلطة الجديدة، الأمر الذي يدفع بلوند إلى الهجرة إلى إقليم كوردستان تجنباً لحمل السلاح والصدام مع الأبوجية، ليصبح مقاتلاً هناك في صفوف البيشمركة.
ثم تعود القصة الخلفية (فلاش باك)، فيسرد الروائي ويصف ولادة حمه (محمد صالح) ابن الحاج مسلم أكبرأولاده سناً، ثم ولادة مصطفى ثم خديجة ثم متين ثم باران ثم لوند ثم روشن، وهم أولاد الحاج مسلم وبناته، وهم مع أبيهم أبطال الرواية أيضاً.
يسافر حمه برفقة حفارة إلى تونس للعمل، وهناك يرتاد النوادي الليلية التي يلتقي في إحداها بأسومة الفتاة الأمازيغية الجميلة، يقع في حبها، لكنه يفشل في الزواج منها بسبب رفض أهله.
كما يتعرف على شاب اسمه زياد بن تاجي، ويتخذه نديماً له في ليالي الأنس واللهو واللذة. يتدهورعمل حمه بعد انشغاله بالملذات مع أسومة وغيرها، فيصاب بالإفلاس بالتزامن مع اختفاء أسومة وزياد من حياته فجأة.
يعود حمه إلى كوباني بعد إلحاح أبيه عليه، فيتفاجأ بمقتل أخيه مصطفى الذي يخدم في الجيش السوري، ثم يضطر للزواج من أرملة أخيه المقتول (عَيشه)، ويعيش معها في بيت مستقل.
ثم تنتقل الرواية إلى:

قصة خديجة بنت الحاج مسلم:
خديجة في أحد مشافي ألمانيا، مصابة بانهيار عصبي ومرض نفسي، تتلقى العلاج، وتروي للطبيب قصة حبها لـ (آمد) مدرس اللغة الإنكليزية، وذكرياتها الجميلة معه في حلب، ثم فشل الحب بينهما بسبب رفض أهل آمد لفكرة الزواج كونها من عائلة مهاجرة.
تسترجع خديجة للطبيب قصة زواجها من زميلها المدرّس في ثانوية البنات إبرام المنحدرمن قرية تل غزال، وقصة مقتل حبيبها آمد المشارك في الثورة السورية عام 2013م في جامعة حلب بعد تعرضها للقصف من قبل النظام السوري، وقصة هجرتها مع ابنها وزوجها من كوباني إلى أوروبا اللذين غرقا في البحر.
تستمر جلسات العلاج بين خديجة والطبيب النفسي، إلى أن تخرج فجأة من المشفى وتسقط في نهر الراين وتموت منتحرة.

قصة متين بن الحاج مسلم:
يلتحق متين بالكريلا وعمره 15 عاماً، بعد لقاءاته المتكررة مع أعضاء الحزب في كوباني، يرسل لأهله من جبل جودي رسالة صوتية في كاسيت صغير بعد غياب سبع سنوات، يشرح فيها فلسفة الحزب وفكر القائد وضرورة التحاق الشباب بالثورة من أجل تحرير كوردستان.
كما تلتحق البنت الصغرى روشن (15 عاماً) بقوات وحدات حماية الشعب بعد مخالطتها لرفيقات الحزب الحاكم في كوباني رغم رفض والديها لذلك بسبب صغر سنها.
أما باران الابن الآخر للحاج مسلم فإنّ اهتمامه منصب على الموسيقا وحياة اللهو والشرب بعيداً عن السياسة والدين، يقع في حب سوسن التي يرفض أهلها تزويجها منه لأن أصله مهاجر، فيقرر أن يسافر إلى الرقة – حيث تقيم مع أهلها – ويخطفها إلى كوردستان العراق، في وقت تسيطر فيه داعش على المدينة. لكنه في الطريق يتعرض للاعتقال من قبل داعش بتهمة الكفر (كان معه زجاجة فودكا والآلة الموسيقية الباغلمة). ثم تتم محاكمة باران في بلدة عين عيسى وسط مشاهدة الناس بقطع رأسه بالساطور.
تتابع الأحداث بعد ذلك، فتقترب داعش من كوباني وتحاصرها؛ مما يجبر الناس على ترك بيوتهم والاتجاه نحو الحدود للهرب من الموت المتربص.
وفيما يستعد الحاج مسلم مع زوجته خانه وابنهما حمه مع زوجته وأولاده بالتوجه نحو الحدود تتفاجأ العائلة بعودة متين، فيكون لقاء قصير. ثم تتجه العائلة بعد ذلك نحو الحدود، وتلتحق روشن مع متين بجبهات القتال للتصدي لهجوم داعش الوشيك.
على الحدود يتجمع الناس قادمين من كل حدب وصوب، ويعبر مع العابرين الحاج مسلم مع عيشه وحفيديه ليقيموا في مخيم علي كور، بينما يعود حمه برفقة أمه المريضة إلى البيت أملاً في العودة والعبورغداً في الصباح الباكر.
ينقل الروائي أحداث الحرب مع داعش من خلال الرسائلالتي كانت ترسلها روشن إلى حبيبها ميران، روشن التي تتعرض بعد أيام من المقاومة لجرح بالغ، فتقع في أيدي مجموعة من داعش يقودها زياد التونسي (نديم حَمه في تونس)، ليقطع أحد أفرادها رأسها وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة.
أما لوند الملتحق بالبيشمركة في كوردستان العراق فإنه يستشهد في الحرب ضد داعش في سنجار.
يصف الروائي بعد ذلك شخصية زياد التونسي الذي كان طفلاً عندما مات أبوه وتزوجت أمه من ضابط شرطة مدمن على شرب الكحول، ويُظهِر تعرضه للعنف والضرب المبرح من أمه وزوجها ومن مدرسيه في المدرسة.
بعد أن يكبر زياد يصبح مهرباً ويجمع حوله ثروة ورجالاً، ويتعرف على حمه في تونس. 
ثم يلتحق بالثورة التونسية ضد النظام، ويتعرف خلالها على أبي دجانة وأبي سالم اللذين ينجحان في إقناعه بضرورة الجهاد وإقامة الدولة الإسلامية، وينتهي به الأمر مجاهداً في صفوف داعش في سوريا.
بعد أن يدخل زياد كوباني مع مجموعة من رفاقه المجاهدين، تشاء الصدفة أن يدخل حارة سيدا وبيت الحاج مسلم بالتحديد، فتبدأ في نفسه ثورة الشك بعد أن يرى في كوباني وبيوتها ما يدل على إسلامها (مساجد ومصاحف)، هنا يشعر بالندم ويصحو ضميره كما يحدث مع بعض رفاقه المجاهدين، فيحتقر زياد نفسه، ويدرك بعد فوات الأوان أن كوباني التي تحدث حمه له عنها يوم كانا نديمين في تونس هي نفسها عين العرب أو عين الإسلام كما سماها داعش. ينهي زياد حياته منتحراً في المسجد عقاباً لنفسه على جرائمه بحق الأبرياء بطلقة في قلبه.
يعود الروائي إلى جبهات القتال وأحداث الحرب مجدداً، إلى متين بالتحديد، فيشيد ببطولته وشجاعته، لكنه يستشهد هو الآخر في عملية انتحارية لداعش بالقرب من معبر الحدود مع تركيا في حارة الجمارك مع رفيقه حلمي بابوكي ابن حارة سيدا أيضاً.
في الطرف المقابل يفقد الحاج مسلم عقله فيصيبه الجنون من هول الأحداث، ويظهر جنونه حين يحمل الغربال ويقوم بتصفية الهواء الفاسد الملوث بسبب القذائف والصورايخ والانفجارات قبل استنشاقه.
ثم تصل بشرى تحرر كوباني من داعش إلى المخيم بالتزامن مع إنجاب عيشه لبنت في المخيم تسميها هيفي، والحاج مسلم ما زال على جنونه يقوم بتصفية الهواء الفاسد قبل استنشاقه بالغربال.
تعود عيشه مع أولادها الثلاثة مع بعض الناس إلى كوباني بعد تحررها، وتضطر إلى السكن في مطبخ بيتها بعد تعرضه للدمار والانهيار في الحرب، وهي على أمل أن يعود حمه يوماً. 
تتفاجأ بعد مرور بضعة أيام بعودة الحاج مسلم الذي يفضل الإقامة في المسجد على الإقامة في مطبخ عيشه.
وأخيراً تشارف الرواية على النهاية، فتنقل للقارئ أحداث ليلة الغدر في كوباني في شهر حزيران عام 2015م، إذ يسمع الحاج مسلم فجراً أصوات رصاص غزيرة، فيظن – كما يظن الناس – أنها رصاص الفرح بتحرير صرين، ويتجه إلى بيت عيشه، وهناك يُقتل الحاج مسلم مع عيشه وأولادها – باستثناء هيفي – على أيدي مجموعة مسلحة من داعش تقتحم البيت.
2– السيرة الذاتية:
يبدأ الروائي جان دوست سيرته الذاتية بلحظة وصول خبر وفاة أخيه (خَلو) في تركيا في الساعة الخامسة والربع فجراً (الفاجعة والربع) عبر رسالة صوتية عبر الهاتف، فيسافر إلى فوبرتال حيث تقيم ابنتا أخيه الميت، ويصطحبهما إلى مدينة بوخوم حيث يقيم هو، ثم يخبرهما بالخبر الفاجع. يسافر بعد ذلك إلى إسطنبول ويلتقي هناك بأهله، ثم يقوم بالتوجه إلى كوباني، إلى مقبرتها بالتحديدرغبة في زيارة قبر أخيه خلو الذي دُفن هناك، ومن هناك يسير إلى حارة سيدا حارته المدمرة بعد الحرب، فيصف الخراب في كوباني عموماً وفي حارته خصوصاً، الخراب الذي خلفته حرب كوباني مع داعش.
هناك على الأطلال يسترجع الروائي ذكرياته الجميلة يوم كان طفلاً ثم مؤذناً وخطيباً في مسجد سيدا الذي طاله الدمار والخراب أيضاً. ثم يخرج منها إلى شوارع كوباني الأخرى، فيصف الأنقاض والبيوت المتهالكة بفعل القذائف والصواريخ التي أطلقتها المدافع والطائرات إبان الحرب.
يستمر وهو يتجول بين الركام في حارته في استرجاع ذكرياته فيسرد:
قصة التحاقه بالجيش السوري وخدمته العسكرية في بيروت.
حكاية هجرة عائلته سيدا من عامودا إلى كوباني.
قصته مع ابن عمه الشهيد حالم.
قصة ابن عم والده (عفدي)، الذي كان ينشد ويروي الأشعار الكوردية ببراعة وإتقان.
قصة افتتاحه مع عاكف صديقه وأخيه في الرضاعة.
قصة الحاج علي العربي من عشيرة السادة الذي جمعته بجد الروائي علاقة مصاهرة، وأقام لسنوات في كوباني.
تتابع الفصول في الرواية، والروائي مستمر في التجول في حارته المدمرة وفي استرجاع الذكريات، فيسود الرواية شعور عميق بالحزن واليأس، يقف على الأطلال متحسراً على الماضي الجميل يوم كان طفلاً، ويقف على بيت أخته المنهار المدمّر، فيعتز بكرم أخته وكرم زوجها وصبرهما وأياديهما البيضاء في مساعدة المحتاجين من كوباني بالماء يوم كانت كوباني محرومة منه.
ثم يقف على أطلال بيته المنهار المدمر، فيبكي بكاء مراً، ويسترجع ذكرياته فيه.
يعود جان دوست بعد ذلك الوصف الحزين إلى الثمانينيات يوم كان يساعد أخاه خلو في محله في إصلاح الساعات، كما يسترجع ذكرى سفره إلى جنيف (سويسرا)، لإيجاد حل لأزمة سورية الراهنة، ويشير إلى خلافه السياسي مع الحزب الحاكم في كوباني، ويذكر اجتماعه مع دي ميستورا في جنيف، وإخباره له بالوضع الكارثي لكوباني وسكانها أثناء الحرب مع داعش.
أخيراً يصف بيت أخيه المنهار المدمر، ليفاجئ القارئ بما هو غير متوقع في نهاية الرواية، بأن كل ما سبق هو في الحقيقة حلم وخيال بعد أن فقد وعيه لبضع دقائق أثناء زيارته لأهله في إسطنبول.
أبرز الخصائص الفنية في الرواية:
1 – اللغة والأسلوب:
لغة الرواية واضحة في غاية السلاسة والجمال، يعتقد القارئ لأول وهلة أنها سهلة ممكنة، لكنها في الحقيقة صعبة المنال، ولا يدرك هذه الحقيقة إلا من له باع بعالم الإبداع الأدبي.
جان دوست يملك ذخيرة لغوية غنية، ويجيد فن الرسم بالكلمات؛ ينوّع في عرض الأحداث بين السرد والوصف والحوار، فترتسم الأحداث أمام القارئ، وتغدو حية كأنها تحدث الآن.
لوحاته كاملة الأوصاف مرسومة بريشة فنان، فإذا وصف أبدع وإذا استسلم وجدانياً للقلم أجاد، يستنطق الجماد فيغدو له لسان يروي حكايته ويترجم مشاعره. ومن ذلك على سبيل المثالوقوفه على أطلال حارته بعد الحرب والدمار، ووصفه لعمود كهرباء ملقى على الأرض: (الفصل 27):
«ألمحُ عمود كهرباء ممدداً على الأرض… مثل جثة بين الأنقاض… إنه شاهد على قذارة الحرب، شاهد على دمار الحارة، لكنه شاهد صامت يتمدد مثل قتيل في ميدان المعركة، إنه منهار محطم مكسور من قاعدته. كم يشبه كوباني!».
ووصفه لغرفته المدمرة، مسترجعاً ذكرياته فيها يوم كان شاباً: 
«اتخذتُ من هذه الغرفة صومعة للمطالعة أيضاً… الغرفة الصغيرة التي وصفتها أمي بالكهف، الغرفة التي أقف على ركامها الآن، كانت لي بمثابة غار حراء تلقيت فيها وحي اقرأ، فأجبت: نعم أنا قارئ». (ص: 447 – 448).
ووصفه مبنى الأمم المتحدة في جنيف يوم توجه إلى هناك أملاً في إيجاد حل لأزمة سوريا وكوباني:
«هناك (مبنى الأمم المتحدة في جنيف)، رأيتُ مئات الناس من شتى أنحاء الأرض يحملون في حقائبهم الصغيرة هموماً كبيرة لأوطان مثل وطني تعرضت للحروب والمآسي، فجاؤوا يبحثون عن حل ويتعلقون بقشة لم تنقذ أي غريق اسمها جنيف». (ص: 422).
يسير جان دوست في الرواية على نهج الكلاسيكيين غالباً في بناء الصور المحسوسة الواضحة:
«لسعني مثل عقرب» (ص: 28). «تنتصب أشجار كئيبة تبدو كأنها ترتعش برداً» (ص: 30). «قلق أنا، قطرة مطر على زهرة في يوم ريح» (ص: 68). «لم تذق عسيلته إلى قليلاً» (ص: 14 تضمين من حديث نبوي). «آلام كالشموع تحرق وتضيء…» (ص: 152). «لكن كوباني برزت رويداً رويداً مثل زهرة من تحت الثلج» (ص: 294). «بكى كالنساء» (ص: 33).
وقد يجدد ويبتكرالصور:
«التحق (عاكف) بصفوف الكريلا ليشتغل على كيمياء الحرية ثم يضيع في معادلاتها القاتلة» (ص: 195).
«فيما بعد أدركت أن التين الأكثر نضجاً هو ما نقرته العصافير، تماماً مثل القلوب التي طرق الحب أبوابها» (ص: 220).
«ذكريات استفزتها الأنقاض كما يستفز طفل مشاكس الدبابير حين يولج عوداً محترقاً في عشها» (ص: 268).
«لا نيروز بلا نار» (ص: 67). «أسكرتْه الثورة والثورات خمر» (ص: 384).
ونادراً ما يقع في التكرار:
«جديلتها الذهبية» (ص: 18 – 19 – 20، في وصف شعر روشن).
«غابتا زيتون» (في وصف عيني أسومة حبيبة حمه ص: 137 – 138 – 139) (تأثر بالسياب: غابتا نخيل).
2 – الصدمة والتشويق:
مما برع فيه الروائي نجاحه في إثارة شعور الصدمة لدى القارئ؛ صدمة ما حدث من أهوال في كوباني أثناء الحرب مع داعش وبعدها، من ذلك على سبيل المثال لا الحصر دخوله إلى مسجد سيدا بعد الحرب والدمار:
«إنه إبريق وضوء في المسجد الكبير… أرفع الإبريق لأشرب. أجده مليئاً بالدم!» (ص: 64).
ويتوفر عنصرالتشويق في مواضع عديدة من الرواية، حتى إن القارئ يجد نفسه مرتبطاً بها أشد الارتباط لا يستطيع منها فكاكاً، من ذلك مثلاً سرده ووصفه الممزوجين بالحوار فيما سيؤول إليه حال باران من لحظة اعتقاله من قبل داعش إلى لحظة إصدار الحكم عليه وتنفيذه. إذ يلامس القارئ حينذاك سحرالراوي حين يجيد ويبدع.
3 – الحلم:
ويمتد الإبداع إلى الحلم، حين يمزج الروائي بينه وبين الواقع في مفارقة عجيبة، فيتمنى القارئ أن يكون الحلم واقعاً والواقع حلماً. 
في الفصل الستين تحلم عيشه النائمة بعودة حمه المفقود إلى البيت، وتسمع صوته وطرقه للباب، فتستيقظ بفرح، لتنصدم – كما ينصدم القارئ – بمجموعة مسلحة من داعش تطرق الباب ليلة الغدر، ليتحول الحلم الجميل إلى واقع مأساوي، وتتحول عودة الحياة بعودة حمه إلى زيارة للموت.
وفي الفصل الأخير من الرواية ينصدم القارئ بعد أن يعتقد أنه أمام واقع فإذا به خيال، ينصدم حين يكتشف أن زيارة الروائي لكوباني بعد الحرب ووصفه للدمار والخراب فيها وفي حارته بأدق التفاصيل لم تكن في الحقيقة إلا حلماً ومعراجاً قام به الروائي بعد فقدانه للوعي بضع دقائق وسط أهله في إسطنبول. 
ما يُحسب للروائي في هذه الرحلة الخيالية أنه وصف فيها حارته وبيته بدقة متناهية كأنه كان هناك حقيقة، ولئن غاب الصدق الواقعي فيها فقد حضر الصدق الفني في أجمل صوره.
4 – الزمن (الفاجعة والرابع، أي الخامسة والربع):
هذا الزمن في الرواية زمن مهم حاسم، ففي هذا التوقيت بالتحديد وصل إلى الروائي خبر موت أخيه خلو، وفيه انطلق البلم الذي حمل خديجة وزوجها وابنها في رحلة الموت، وفيه عثر الروائي على ساعة أمه بين الركام، وفيه عثر على ساعة حائط بين كومة حجارة في بيت ابن أخته المنهار بعد غزو داعش للمدينة.
تُرى أهي صدفة مفتعلة، أم وقوف للزمن في ذهن الروائي بتأثير الفواجع المتتالية؟
مهما كان فإن القاسم المشترك بين الأحداث التي وقعت في هذا الزمن هو الأسى والفجيعة.
5 – الحبكة:
يجمع الروائي بين الحبكة المحكمة (ترابط الحوادث) وبين الحبكة المفككة، وهو في كلتا الحالتين مجيد، يحسن الوصف والسرد والحوار في عرض الحدث وصعوده وتوتره ثم نزوله وانتهائه.
وكثيراً ما يلجأ إلى القصة الخلفية (فلاش باك)، فيحضر الماضي ليفسر ويوضح ويزيل الالتباس في الحاضر. وهو في ذلك بارع مجيد إذا استثنينا فقط إقحامها في بداية الرواية (هروب حمزراف من تركيا إلى كوباني)؛ إذ عطّلت السرد وقذفت بالقارئ إلى الماضي قبل أن يثبت أقدامه في الحاضر، ممّا أضعف عنصر التشويق في الرواية.
عثرات وأخطاء:
1 – البداية:
وكانت شاحبة باهتة بدأت بمشهد اعتيادي تقليدي (أحداث من منزل الحاج مسلم) يقف على النقيض من البدايات الصادمة الغامضة التي تميز بعض الروايات الشيقة، والتي تثير تساؤلات وتحفّز القارئ على الاستمرار في القراءة والارتباط بالرواية.
2 – طغيان الهم الفردي في رواية من المفروض أن تعكس الهم الجماعي: 
من ذلك خوفه على مدفن عائلته، في وقت تحترق فيه كوباني بأكملها، جاء في الصفحة 135:
«حين دخلت داعش المدينة ووصلت طلائعها إلى حارتنا، توقعت أن يحدث مكروه لمدفن العائلة بسبب القبة الخضراء المبنية على القبور… سيدمرون الضريح ويلحقون الأذى بعظام أمواتنا الواهنة… أرى عظام ساقيك النحيلتين تتطاير في الهواء يا أبي».
3 – التغني والإشادة بأفراد عائلته:
(عفدي ص: 149، أخي الشاعر أبو سلمان ص: 152، عمي مدرس اللغة العربية ص: 147، كرم أخته الكبرى وزوجها: «كان هذا البيت يستقبل الزوار على الدوام. ضيف يأتي وآخر يروح…» (ص: 222)
«يصطفّ الناس أمام بيت أختي: خالتي بدرية من فضلك املئي إبريقي ماء… كانت أختي توزع الماء بصبر وأناة بالغة، لم يكن صبر زوج أختي الحاج نوري بأقل من صبر أختي» (ص: 223).
إنه الارتباط بالعائلة الصغيرة على حساب العائلة الكبيرة (كوباني).
وفي الرواية إسهاب ممل أحياناً ووصف مبالغ فيه في عرض الدمار الذي لحق بحارة سيدا بعد الحرب؛ إذ يصف الروائي على امتداد فصول بيوت الحارة بيتاً بيتاً، وهي في الغالب بيوت عائلته؛ مما يؤكد ما ذهبنا إليه من طغيان الهم الفردي والعشائري في الرواية.
4 – التاريخ: 
يذكر جان دوست في الرواية أن عشائر كوباني المعروفة اليوم (كيتكان، شيخان، عليدنان، بيجان…) وافدة ومهاجرة إلى كوباني أيضاً، وهذه معلومة غير صحيحة تاريخياً تحمل في طياتها خطأً كبيراً يجب التنبه له، كون الرواية وثيقة تاريخية تحفر عميقاً في وجدان القارئ. وقد تأكدتُ منها من خلال تواصلي مع مصادر موثوقة تملك وثائق تاريخية، وذات علم بتاريخ كوباني، فوجود عشائر البرازية في كوباني والمناطق المحيطة بها يسبق وجود الأرمن فيها بزمن طويل.
لقد أراد الروائي بتلك المعلومة أن يساوي بين من سكن كوباني أو سكن قريباً منها وبين من هاجر إليها من أماكن بعيدة، ولسان حاله يقول: لماذا تنظرون – يا أبناء العشائر في كوباني – بعين الاحتقار إلى المهاجرين وأنتم في الأصل مهاجرون ووافدون أيضاً؟
لستُ أنكر طغيان التعصب العشائري عند غالبية أبناء كوباني الذين ينتمون إلى عشائر البرازان المعروفة، كما لا أنكر معاناة المهاجرين من هذه العقلية الضيقة، لكن هذه المعاناة لم تقتصر على المهاجرين فحسب كما أكّد جان دوست، بل إنها تتغلغل بين هذه العشائر نفسها، فقد يُرفض أحدهم ممن ينتمي إلى عشيرة معينة مثلاً من الزواج من فتاة تنتمي إلى عشيرة أخرى. وأنا كأحد أبناء كوباني رأيتُ والتمستُ هذا الداء الاجتماعي، وتعرّضت لمواقف تعصب أعمى ممن ينتمون إلى عشائر ذات دم أزرق حسب تصنيف هؤلاء لأنفسهم.
إن هذا الداء الذي يصنّف الناس إلى طبقات، فيضع بعضهم في أعلى الترتيب وبعضهم الآخر في أسفله قد دفع ضريبته كثير من أبناء العشائر أنفسهم ولم تقتصر الضريبة على المهاجرين فحسب. ولو أن جان دوست تناول هذا الداء المستفحل من هذه الزاوية الشاملة لكان أكثر واقعية وأكثر تعمقاً في تناول هذه الظاهرة السلبية في كوباني.
ولا بدّ من الوقوف على قصة الحاج علي العربي من عشيرة السادة، الذي جمعته بجد الروائي علاقة مصاهرة، ذلك الرجل المتدين المتطرف – كما يصفه الروائي – الذي كان يكره الطبول والمزامير كآلات محرّمة شرعاً، ويكسرها حين يصادفها في الأعراس ويوسع أصحابها ضرباً. يذكر الروائي قصته متحسراً على هجرته من كوباني بسبب تصاعد الشعور القومي المتطرف لسكان كوباني، بخلاف عائلته عائلة سيدا التي اتصفت بالتسامح والإنسانية. لكنه يغضّ الطرف عن أسباب هجرة الأرمن من كوباني، ومن بينها تصاعد الشعور الديني المتطرف لدى الكوبانيين، ذلك التصاعد الذي أشعلته وغذّته عائلة سيدا المعروفة بالتشدّد الديني.
5 – العنوان (كوباني الفاجعة والربع):
من يقرأ الرواية جيداً يجد أن كوباني تمر فيها مرور الكرام، ويكفي برهاناً أن نذكر أن كل أبطاله من حارة سيدا (حارته)، الأمر الذي قدّم صورة مشوهة عن كوباني وسكانها، وأفقد الرواية عنصراً في غاية الأهمية (هوية البيئة)، فكوباني ليست حارة سيدا فقط، بل إن حارة سيدا جزء صغير جداً من كوباني، واستبدال الجزء بالكل هنا أمر غير مقبول وغير واقعي، فلو أن جان دوست نوّع في اختيار أبطاله – وكان أمامه الكثير من الخيارات والشخصيات التي تستحق أن تكون أبطالاً – لكانت الصورة أوضح وأكثر تنوعاً وإقناعاً. 
إن اختيار كوباني عنواناً للرواية لا يتناسب مع محتواها، إذ كان من الأنسب أن يختار عنواناً آخر لروايته من مثل (حارة سيدا) كما فعل نجيب محفوظ في (أولاد حارتنا) أو (زقاق المدق). 
لكن ما الذي دفع بجان دوست إلى اختيار اسم كوباني لرواية ليس فيها لكوباني من نصيب إلا القليل القليل؟
أهي شهرة كوباني والرغبة في تسويق الرواية، أم استغلال لاسم اجتاز الآفاق؟
6 – الشخصيات:
ينصدم القارئ وهو يقرأ الرواية بمصير أبطالها: الموت! فتستبد به رغبة في الصراخ: أرجوك لا تقتل هذا البطل أيضاً!
إن النهاية التراجيدية التي تنتظر الأبطال في الرواية تتشابه مع النهايات المأساوية في الملاحم الإغريقية القديمة، وتغرق القارئ في حالة من اليأس والسوداوية في مرحلة حساسة من تاريخ كوباني، مرحلة تتطلب بإلحاح إشعال شمعة في الظلام.
وربما اعترض قارئ هنا فقال: لكن الموت كان فعلاً مصير أولئك الأبطال في الحقيقة، وبالتالي فهو قدر وواقع، والروائي كان أميناً في نقل الواقع.
يبدو ذلك مقنعاً بعض الشيء، لكن ألم يكن من الأفضل أن ينوع في اختيار شخصياته؟ أعني:
إذا لم يكن الروائي مسؤولاً عن مصير الشخصيات فهو بالتأكيد مسؤول عن اختيارها. 
لقد كان أمامه خيارات عديدة وشخصيات أخرى كانت ستمنح الرواية رؤية أشمل وتلبسها هوية البيئة المفقودة فيها لو أنه لم يقتصرعلى اختيار أبطاله من حارة سيدا فقط.لكنها النظرة السوادوية المغلفة بالتعصب للعائلة وللحارة.
أما شخصية زياد التونسي نديم حمه في تونس، ثم انضمامه إلى داعش التي ارتكبت جرائم يندى لها جبين البشرية في حق الكورد في كوباني، فلم أستطع أن أجد مبرراً لتعاطف الروائي معه؛ ذلك التعاطف الذي برز عندما سرد ووصف طفولته، وأظهره ضحية لطفولة تعرضت للعنف والقسوة، ثم اختار لنهايته موتاً نبيلاً (الانتحار).
أعتقد أن الشخصية تحتاج إلى إعادة صياغة أو إعادة رسم، فالطريقة التي رسم بها الروائي شخصية زياد أثارت تعاطف القارئ أيضاً. فهل يبدو مقبولاً أن نتعاطف مع مجرم داعشي تلطخت يداه بدماء شعبنا؟
باستثناء شخصيات حارة سيدا، فإن الشخصيات الأخرى القليلة التي تنتمي إلى غير حارة سيدا ظهرت سلبية شريرة، فشخصية بصراوي (دلالة الاسم توضح أنه من عشيرة كيتكان) خال الحاج مسلم جشعة تطمع بثروته، وشخصية آمد غير وفية خانت الحب مع خديجة بنت الحاج مسلم، وشخصية حمزة (من شيران) شخصية يسيل لعابها للجنس والنساء!
ما من دلالة لما سبق سوى دلالة وقوع الروائي في فخ محبة بعض الشخصيات، وهذا خطأ كبير في الرواية يعكس حالة الانتقائية المزاجية لدى الروائي.
أما حوار الشخصيات فقد عابه أحياناً عدم تناسبه مع مستوى الشخصية في بعض المواضع؛ من ذلك لغة خديجة وحديثها للطبيب النفسي في ألمانيا، تلك اللغة الأدبية الراقية الغنية بالصور والأخيلة والتعابير الرمزية. ما هي في الحقيقة إلا لغة الروائي نفسه، وهي غير مناسبة للموقف، ويستحيل أن تصدر من إنسان مضطرب ومتوتر ومريض نفسياً كخديجة. والروائي نفسه يذكر ويؤكد ذلك في الصفحة 187: «أما الحبوب المهدئة التي كانت تتناولها فقد جمّدت ذاكرتها».
كذلك رسائل روشن الصغيرة لحبيبها ميران تحتوي لغة أدبية راقية لا تناسب مستوى الشخصية: 
تقول روشن عن شعرها (ص: 337):
«منذ الطفولة تجدله أمي على هيئة سنبلة. أمي مبدعة. أناملها مثل أنامل الإله تحول شعري إلى سنابل قمح».
وعلى مستوى الشخصيات فإن الروائي بدا واضحاً أنه يحقن بعض شخصياته بأفكاره، فيقوّل الشخصيات ما يريد هو أن يقول، من ذلك مثلاً تحامل الشخصيات على الحزب الحاكم في كوباني، إذ جاء على لسان بعضها في وصف أنصاره ومؤيديه إبان المظاهرات:
– ليسوا سوى مجموعة أولاد.
– نعرفهم واحداً واحداً. ليسوا سوى صعاليك.
– شغلتهم فاضية. سيرحلون مع رحيل النظام.
– ليسوا سوى أوساخ. ابتعدوا عنهم.
على لسان لوند عن الأبوجية: 
– هؤلاء شبيحة يا أبي. إنهم أكراد لكنهم شبيحة.
– القشرة كردية أما اللب فهو ذلك الخراء السابق. 
على لسان الشباب المتظاهرين:
– الآبوجية شبيحة، الآبوجية شبيحة
وممّا يثبت ما ذهبنا إليه عدم عرضه لآراء الفئة المؤيدة لهذا الحزب، فكلنا نعلم أن للحزب في كوباني من المؤيدين ما يفوق المعارضين أضعافاً. إذاً فهوعرض أحادي الجانب لا يعكس حقيقة ما جرى في كوباني. وهذا ما أوقع الروائي في مطب الإيديولوجية وأبعده عن الرؤية الشاملة، والإيديولوجية حين تدخل الأدب تخرجه عن مساره وعن أداء وظيفته.
وختاماً فإن هذه الدراسة النقدية لم تقل كل ما في الرواية، وغايتها أن تبحث في الرواية عن مواطن الجمال لتشويق الناس إلى قراءتها، وتقف على مواضع الضعف والخلل فيها، غايتها أن تقول ما للروائي وما عليه، وهي في ذلك لا تسعى للانتقاص من قيمة الرواية الفنية. بل تدرك أن العلاقة بين الأدب والنقد علاقة تكاملية، وكل منهما يحتاج الآخر للتطور، وإذا كان للأديب حق الكتابة والإبداع فللقارئ حق القراءة والنقد.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…

ابراهيم البليهي

لأهمية الحس الفكاهي فإنه لم يكن غريبا أن يشترك ثلاثة من أشهر العقول في أمريكا في دراسته. أما الثلاثة فهم الفيلسوف الشهير دانيال دينيت وماثيو هيرلي ورينالد آدمز وقد صدر العمل في كتاب يحمل عنوان (في جوف النكتة) وبعنوان فرعي يقول(الفكاهة تعكس هندسة العقل) وقد صدر الكتاب عن أشهر مؤسسة علمية في أمريكا والكتاب…