المصريين أجدع ناس

حسين جلبي

نسيت اليوم موبايلي في التاكسي بالغردقة، اكتشفت ذلك بعدما جلسنا في المطعم وطلبنا وجبة حمام محشي، كنا تحدثنا طويلاً قبل السفر عن أننا سنأكلها، وهو أمر كان سيحدث لأول مرة في حياتنا.
المهم، أُصبت بالصدمة بعدما اكتشفت موضوع ضياع الموبايل، وأبلغت صاحب المطعم، فاستخرج رقم السيارة من كاميرا مراقبة قريبة، ولكنه فشل في التواصل مع السائق، مثلما فشلت محاولاتنا في الاتصال بالموبايل، لأنني أضع الموبايل عادة بوضعية “الرج”.
لم نذق وجبة الحمام محشي ولم نلمسها، وتركنا المطعم بعد أن أبلغنا صاحبه بأنه رتب لنا موعداً مع مدير مباحث المرور بعد ساعتين، وأضاف بأن احتمال ضياع الموبايل قائم، ولو بنسبة قليلة، إذا كان السائق قد نقل ركاباً آخرين. أما نحن فاستمرينا في الاتصال برقمي من المكان ومن ألمانيا، لكن دون جدوى.
عدنا إلى الأوتيل، طمأنتنا إدراته اللطيفة واستمرت في محاولات التواصل مع السائق، إلى أن اتصل رودي مع والدته أخيراً، بعد وقت عصيب، وأبلغها بأن أحدهم رد على الاتصال، ولكنه لم يفهم منه شيئاً، لأنه لا يتحدث سوى العربية، اتصلنا بدورنا فرد السائق الأمين، وأخبرنا بأنه وجد الموبايل تحت المقعد الخلفي للسيارة، ثم أحضره إلى الأوتيل.
بعد مكافأة بسيطة، لا تعادل شيئاً مقابل ثمن الموبايل الباهظ وما عليه من بيانات ووثائق، كان للسائق طلب بسيط جداً، ألا وهو الزواج من ألمانية، لأنه بيحترم الألمان جداً حسب قوله، فإذا حدا حواليه وحدة، لا يبخل علينا بيها رجاءً.
أنا عاجز عن شكر مصر والمصريين والله، بجد، أجدع ناس.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

كاوا عبد الرحمن درويش

 

شهرٌ كاملٌ مرَّ اليوم على اجرائي عملية استئصال المرارة، شهرٌ مرَّ على مفارقة جسدي لقطعةٍ صغيرةٍ في حجمها، جبارةٍ عظيمةٍ في عملها.

عشت قبل توديعها صراعاً مريراً مع الألم الذي اعتدت على زياراته الثقيلة كضيفٍ غير مرغوبٍ فيه، لا يطرق أبواب مضيفه إلا بعد انتصاف الليل على مدار سنواتٍ عديدةٍ بلا رحمة ولاهوادة.

كنت…

أصدر الكاتب والشاعر والمترجم الكردي السوري عبدالرحمن عفيف مجموعة قصصية جديدة بعنوان “جمال العالم الموجود”، عن دار نشر “سامح” في السويد 2025، بتصميم غلاف من إبداع الفنان الكردي لقمان أحمد. المجموعة، التي تضم أكثر من ٣٠ قصة قصيرة، تأخذ القارئ في رحلة عبر تفاصيل الحياة اليومية في بلدة عامودا السورية ومحيطها، حيث تلتقي الشخصيات العادية…

عبدالوهاب پيراني

 

(عتيقة انت

كأنك رصيف في مدينة مهجورة

تركه المطر ليجف وحده

وترك لك خطوات الراحلين مثل آثار نوم

حين كتبتك

نزف القلم عطرا

وغصت الورقة بأسمائك القديمة

كان الزمان واقفا

يراجع ذاكرته

 

اعترف

لم اعد احتاجك

لكنني اشتاقك كما يشتاق الباب صوت الطرق

وكما تشتاق المرايا

ملامح من رحلوا

تظنينني نسيت

لكنني ما زلت اخبئك

في درج السرير

بين تذكرة قديمة)

 

في عالم تغلفه أنسجة الغربة والشتات، يخاطبنا لوركا پيراني بنص…

عبدالوهاب پيراني

 

تعد نضال سواس إحدى الوجوه السورية الفنية المبدعة التي رسمت بجرأة ملامح الألم والأمل في آن واحد، المعتزة بجذورها، حيث ولدت وعاشت ورسمت وكتبت، وازدادت قلقاً في ظل معاناة الوطن من الحرب والدمار، التي تركت بصمات لا تمحى ،وارهقت ذاكراتها البصرية واللونية، وحملتها الظروف إلى دروب الاغتراب، حيث فرض الواقع البارد للصقيع الاجتماعي…