حسابات احترازية

إبراهيم محمود
أقصيتُك ِ عن حياتي في غفلة مارقة
لأعرف كم هي نسبة حياتك في تكويني
لم أجد في تكويني أثراً يُذكر دونك
تنفستُ كامل حياتي في خفقة معنى
لأعرف أي نسبة موت منك تسكنني
لم أجد في تكويني لك  أثراً يستحق الذكر
أغمضت عيني لبعض الوقت 
لأعرف أي يقظة لك في بؤبؤي عيني
جاءتني رؤى صعدت بي عالياً
صحوت ذات مرة بكامل جسدي
سائلاً أي سبات يصلني بك
لم يكن هناك من أثر للنوم يغذيني بك
رفعت هامة رأسي عالياً بشعور مفارق
لأعرف أي جاذبية منك تمنعني من الاستقامة
كان سمت استقامتك يظلّل خيالاتي هنا وهناك
سحبت يدي قليلاً بفعل فضوليّ
لأقدّر المسافة بين راحتي ومباهجك السرّية
لم أعثر على أثر للمسافة وأنت متجذرة في تكويني النفسي
جذَّرت رجْلي لبعض الوقت
لأقيس مساحة الأرض التي تشركني بك
رأيت لا نهاية للأرض التي ترفعني بك واسعاً
عشتُ عطشاً ولو ساعة
لأكتشف سر هذا الرواء في جسدي
كان ماء إكسيرك الدافق يغمر عمري بكامله
عشت بعض توتر في لحظة ما
لأعرف أي هدوء منك ينظّم دورتي الدموية
أبصرتك سَكَينة  كاملة العلامة موقَّعة باسمك
سألت الورد ذات مرة بشعور غامض
لأعرف أي شوك يغزوني منك
فلم أجد في عجينة الورد سوى عبيرها المشع
أوقفتُ الماء في رفة شك
علّي أعرف أي تعكير يقلقني منك
استشعرت زلال الماء يريني كريستاله بارع العمق
سألت الطريق وأنا أسلّمه خطوتي الأولى
عن حجر عثرة فيه يحمل ظلاً منك 
فانبسط الطريق إلى نهاياته القصوى سالكاً بمتعة
انسحبت إلى داخل بيتي الصغير
لأعرف أي هيئة تعرّف بي باسمك
فوجئت والعالم داخلي بكامله يتهجاك
سألت مقاييس الكم في الطول والسعة والوزن
لأعرف ما يخصني منها في قيامي وقعودي حسابياً
امتلأت بهندسة حضورك وأعياني الجواب
سألت الله عنك وعني
لأعرف أي حدود مقامة بيني وبينك
أبانت يد الله انعتاقي بك فهتفت سبحانك
حلَّقت في الحياة وملئي وجود بالكامل

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبدالعزيز قاسم

(كان من المقرر ان اقدم هذه المداخلة عن “اللغة الشعرية في القصيدة الكردية المعاصرة ـ ڕۆژاڤا” في مهرجان فولفسبورغ للشعر الكردي اليوم السبت ٢٥ اكتوبر، ولكن بسبب انشغالي بواجب اجتماعي قدمت بطاقة اعتذار إلى لجنة إعداد المهرجان).

وهذه هي نص المداخلة:

من خلال قراءتي لنتاجات العديد من الشعراء الكرد (الكرمانجية) المعاصرين من مناطق مختلفة “بادينان،…

إبراهيم محمود

 

تلويح خطي

كيف لرجل عاش بين عامي” 1916-2006 ” وفي مجتمع مضطرب في أوضاعه السياسية والاجتماعية، أن يكون شاهداً، أو في موقع الشاهد على أحداثه، ولو في حقبة منه، إنما بعد مضي عقود زمنية ثلاثة عليه، دون تجاهل المخاطر التي تتهدده وتتوعده؟ وتحديداً إذا كان في موقع اجتماعي مرصود بأكثر من معنى طبعً، كونه سياسياً…

د. محمود عباس

حين يمرض الضوء، تبقى الذاكرة سنده.

قبل فترةٍ ليست بعيدة، استوقفني غياب الأخت الكاتبة نسرين تيلو عن المشهد الثقافي، وانقطاع حضورها عن صفحات التواصل الاجتماعي، تلك التي كانت تملؤها بنصوصها القصصية المشرقة، وبأسلوبها المرهف الذي حمل إلينا عبر العقود نبض المجتمع الكوردي بخصوصيته، والمجتمع السوري بعموميته. كانت قصصها مرآةً للناس العاديين، تنبض بالصدق والعاطفة،…

خالد حسو

 

ثمة روايات تُكتب لتُروى.

وثمة روايات تُكتب لتُفجّر العالم من الداخل.

ورواية «الأوسلاندر» لخالد إبراهيم ليست رواية، بل صرخة وجودٍ في منفى يتنكّر لسكّانه، وثيقة ألمٍ لجيلٍ طُرد من المعنى، وتشريحٌ لجسد الغربة حين يتحول إلى قَدَرٍ لا شفاء منه.

كلّ جملةٍ في هذا العمل تخرج من لحمٍ يحترق، ومن وعيٍ لم يعد يحتمل الصمت.

فهو لا…