وحدة حال ..ربما

إبراهيم محمود

ما أن تفتح الفراشة عينيها
حتى تبسط جناحيها بالغي الرقة والرهافة
حتى يتثاءب الجناحان في الحمّام الضوئي
حتى يتنفس جناحاها حرارةً  تؤمّن لها طيراناً سعيداً
فتبث شوقها المجنح إلى الوردة المجاورة
يهتز الهواء شغفاً بهذا الثنائي
ويتكفل الضوء بجعل اللقاء أكثر إشراقاً
حينها .. حينها فقط تعرّس القصيدة
قطرة الماء الخارجة من النبع
قطرة الماء التي تتعزز بأضلاعها السائلة
وترى بكامل جسدها الزلال 
تنسكب في النهر بمزيد من الحماس
يزداد النهر اطمئناناً على غده في جريانه
قطرة الماء تستحم بالضوء المذاب في أصل النهر
هناك يتملك البحر طرب بهذا الدفق 
ويغمض عينيه تاركاً للنجوم التألق في بساطه الاسفنجي
وفي تلك اللحظة النشوانة تنصبُ القصيدة سماءها
الصغير الذي ترسم ابتسامته دوائر  سعادة 
الصغير الذي يتكلمه جسمه قبل لسانه المؤجَّل إلى إشعار آخر
يشتعل صدر أمه حناناً 
ويتحفز الحليب لهفة مدشّناً لعمره الآتي
ثدي الأم برزخ حياة مدهش بين صدر ويد بالغة النعومة
تلقّمه أمه ثديها دفع رسوم حياة أكثر إيفاء بالتفاني
غد يلوح في أفق الثنائي البشري مأهولاً بروعة صادحة
في المسافة اللحمة المتحدة تطلق القصيدة إحدى وعشرين نجمة لهذه الأمومة الوارفة
يد العاشق التي تتاخم نبرة قلب واله ٍ منذ غد بعيد
ظله الماضي يسرج صهوة خياله بالمزيد من المنشود
قلب العاشق دوامة نهرية تبقي يده عالقة في حلزونيتها الساخنة
عيناه تتكآن على حلم إنقاذ لروح تصرخ في صمت
وردة تحل في يد العاشق وهي ترتعش مع رعشتها
أي وجه سكب زلزالاً في ثنيات خلاياه ليأخذه جذب فريد اسمه
القصيدة تذرف دموعاً لامرئية على عاشق أسير حمّى طارئة
على غصنها حيث يتمسح به ضوء صباح ناعس
ثمة وردة لم تغمض عينيها في امتداد ليلة تضاعف سوادها
أوقفت دفق أريجها إلى الخارج مخافة لسعة تصيبها في الصميم
ثمة روح في الوردة لا تخفي توترها في واقعة نباتية كهذه
في انتظار شم يصلها بخافق معنَّى مجهول النسَب  
رائحةٌ سليلة الوردة  عرّابة وصال بين آتيين من مجهول ما
هناك فراغ يغذي المكان بمزيد من الترقب المؤلم 
تنسج القصيدة بيتاً مرئياً تاركة بابه مفتوحاَ على مصراعيه

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أ. فازع دراوشة| فلسطين

المبيّض أو كما يلفظ باللهجة القروية الفلسطينية، ” المبيّظ”. والمبيض هذا كريم الذكر لا علاقة له قدّس الله سره بالبيض.

لم أره عمري، ولكن كنت في أوائل الابتدائية (الصف الاول والثاني) وكان يطرق سمعي هذا المسمى، علمت أنه حرفي ( صنايعي) يجوب القرى أو يكون له حانوت يمارس فيه حرفته. يجوب القرى، وربما…

مسلم عبدالله علي

بعد كل مناقشة في نادي المدى للقراءة في أربيل، اعتدنا أن نجلس مع الأصدقاء ونكمل الحديث، نفتح موضوعاً ونقفز إلى آخر، حتى يسرقنا الوقت من دون أن نشعر.

أحياناً يكون ما نتعلمه من هذه الأحاديث والتجارب الحياتية أكثر قيمة من مناقشة الكتب نفسها، لأن الكلام حين يخرج من واقع ملموس وتجربة…

أحمد جويل

طفل تاه في قلبي
يبحث عن أرجوحة
صنعت له أمه
هزازة من أكياس الخيش القديمة……
ومصاصة حليب فارغة
مدهونة بالأبيض
لتسكت جوعه بكذبة بيضاء
……………
شبل بعمر الورد
يخرج كل يوم …..
حاملا كتبه المدرسية
في كيس من النايلون
كان يجمع فيه سكاكرالعيد
ويحمل بيده الأخرى
علب الكبريت…..
يبيعها في الطريق
ليشتري قلم الرصاص
وربطة خبز لأمه الأرملة
………
شاب في مقتبل العمر
بدر جميل….
يترك المدارس ..
بحثا…

مكرمة العيسى

أنا من تلك القرية الصغيرة التي بالكاد تُرى كنقطة على خريطة. تلك النقطة، أحملها معي أينما ذهبت، أطويها في قلبي، وأتأمل تفاصيلها بحب عميق.

أومريك، النقطة في الخريطة، والكبيرة بأهلها وأصلها وعشيرتها. بناها الحاجي سليماني حسن العيسى، أحد أبرز وجهاء العشيرة، ويسكنها اليوم أحفاده وأبناء عمومته من آل أحمد العيسى.

ومن الشخصيات البارزة في مملكة أومريك،…