عندما رنَّ الهاتف

ماهين شيخاني
التقط الرقم المكتوب على قصاصة ورق بلهفةٍ لا تصدق،وأخذ يتأمل الرقم .
– يا الله …لو كان صحيحاً، سأتحدث معهُ مطولاً . بالتأكيد سيكون حديثهُ شيقاً لايمُل, إنهُ فنانٌ مثقف، ليس كغيرهِ من الذينَ يحملونَ بزقاً أو طنبورة ويرتدون سترةً مُلونة ويضعون في أعناقهم  ربطة عنق (كرافيتة) .
لا …لا ابداً انهُ فنانٌ بمعنى الكلمة، كلهم يشهدون لهُ بذلك، حتى سعيد يوسف الأمير، انتبه للحديث يجب أن يكون لبقاً موزوناً يمرُ من العقل قبل النطق والخروج من الفم، يا الله … كيف سأبدأ ..؟ !
– كان يحدث ذاتهُ – بعد التحية والسلام …هه… أ قول…أنا… أعوذ بالله من كلمة أنا. لا… لا تصلح هذه البداية،… ولا أستطيع التكلم ضمن قوالب جاهزة ومبرمجة سأفرغ مافي جوفي من كلام وسأثلج صدري وليقل عليَّ انهُ لا يعرف الإتيكيت – وتمتم – إذا كان الرقم خطأً، ماذا سأفعل ؟ !.
التفت إلى أخته وقال: هل أنتِ متأكدة من الرقم …؟.. لا تحرجينني يا أختاه .
– أخذتها من صديقتي وأكدت لي بأنها هاتفته .
طوى القصاصة ووضعها في جيبه ولكنهُ لم يعد يحتمل الجلوس ، فنزل إلى بيته في الطابق الأرضي.
* * *
كانت النجوم ساطعة و متلألئة منتشرة في السماء، والقمر مستدير كقطعة نقود مرسوم عليها وجهِ إنسان، وكأنهُ يقول : إنني أراقبُ تحركاتكم أيها البشر !. وبالرغم من مراقبة القمر للأرض إلا أنها كان تبدو جميلة للغاية، ترتاحُ لها العيون وتدخل الأمل في القلوب.
كانت الساعة تشير الى الثانية عشرة وبضع ثوان و الرقم المطلوب أثنا عشر أيضاً, رقم طويل يجب حفظه في الذاكرة ولابد من الانتباه والحذر, فأي لمسة خاطئة ستجعله ضمن قائمة المزعجين و هذا ما لا يريده .
اجمع قِواه اخيراً و بسمل ، تنفس الصعداء ، نظر في القصاصة والعيون صار يتأرجح كالبندول بينها وبين أرقام الهاتف وإصبعه تتحرك كضارب آلة كاتبة .
– صفر …صفر …أربع …ألخ.
– يا سلام… التقط الرقم بسرعة، يبدو أنني محظوظ الليلة …
– ترن …ترن …تناهت الى مسامعه :يس …ذيس…إز … نمبر؟ This is the number كاد لا يصدق حينه … وبلهفة المشتاق قال:
– ألو … ألو…
– من فضلك باستطاعتك التحدث بعد 20 دقيقة لو سمعت؟
– ألو… الو…
– من فضلك بعد 20 دقيقة وشكراً … أغلق الخط تجمد في مكانه، تلبدت في روحه سحابة صفراء كئيبة، كان الصوت معروفاً…إنه هو … صوتهُ… بلا شك … نبرتهُ …
– أستطيع أن أميز صوته من بين أصوات العالم اجمع ولكن لماذا بعد عشرين دقيقة. أترى كان الرد من آلة التسجيل أو ما يسمونها السكرتيرة أم كان هو بالذات …
الرقم صحيح مائة بالمائة وهذا بيته !!.. وبشكل هستيري طلب رقم أهله في الطابق العلوي .
– ألو … يا جماعة, أحلف لكم باني تكلمتُ معهُ وردَّ علي وقال بعد عشرين دقيقة .
تعالت الضحكات من الطرف الثاني من الخط، وقالوا : سنأتي إليك حالاً…، لحظات وسمع وقع أقدامهم وهم ينزلون من الدرج، ألتمَّ الأهل.
كان الهاتف على الطرابيزة كشيء مقدس بينهم، ينظرون الى بعضهم بعضاً تارةً والى الساعة تارةً اخرى وبدأ القلق يسيطرعليهم، الثواني أصبحت دقائق والدقائق أصبحت ساعات …
مازحهم قائلاً : لو كنتم الآن في الفراش… لكان أفضل لكم من الانتظار ؟ . ما فائدة وجودكم هنا حتى هذه الساعة المتأخرة، سأتكلم معهُ وستسمعون صوتي فقط لأن جهازي بلا أنتر فون.
ردَّت إحداهن : لا عليك سنجلب الجِهاز من فوق [أشرت نحو الطابق العلوي ] . ونسمع صوتهُ.
-[قال في قرارة نفسه] ولكن ماذا سأقول لهُ . وبِماذا أفاتحه … وعن أي شيء سأتحدث ؟ . في السياسة لا يمكن وقد لا يحبذ ذلك، سأحرجه حتماً و سأحرج نفسي سيعتبرني ضيفاً ثقيلاً على مسامعه, سأقول له: نحن جميعاً – نحبك – صغيراً و كبيراً.
– هذا عادي جداً بالنسبة له،لأنه فنان كبير، مثله يتلقون مكالمات مماثلة ليلاً نهاراً و هذه العبارات أصبحت روتينية لديه .
كلهم ينظر إليه، مبتسمون حيناً منفعلون حيناً آخر ، جالسين في وضعيات مختلفة ، منهم مستلق على الأرض ومنهم على الكراسي باستثنائه فقط يتأرجح جيئةً و ذهاباً كأرجوحة غير مستقرة …أخيراً مرّت عشرون دقيقة كانت على أحر من الجمر ،أخذ الكرسي من أحدهم و جلس ليرتاح ويتكلم بأعصاب هادئة… … هيأ نفسه …استعد لرفع السماعة وبإصبعه بدأ الضرب على الأرقام الطويلة.
– ترن…ترن…و تووووت. ثم انفصل.
– لم يرفع أحد السماعة (قال في سره )
العيون جميعاً في اتجاه واحد ، و الكل آذان صاغية ، ينتظرون بلهفة واشتياق و لكن في الطرف الثاني لا جواب …مرة…اثنان…ثلاثة…
حاول عدة مرات و لكن دون فائدة .لا جواب .
تغير ملامح الجميع ، سمع صرير أسنان أحدهم و بدأ اليأس يفترس وجوههم.
– لا عليكم سأحاول مرة أخرى .
– صفر…صفر…أربع …الخ. ….و لكن دون ردّ أيضاً.
نظر الى الساعة كان عقربها الكبير مطبقاً تماماً على الرقم ستة أي إنهم انتظروا حوالي نصف ساعة عوضاً عن عشرين دقيقة.
– بصوت حزين و مقهور – قال أخوه: سأذهب …غلبني النعاس ، من منكم سيأتي معي ؟.
– اذهبوا الى فراشكم ،و تصبحون على خير .
بعد لحظات سمع صوت إغلاق الباب لدى مغادرة الجميع .أما هو فجلس على الكرسي ثانية . و استأنف عمله كضارب آلة كاتبه على الأرقام الطويلة …رنة…اثنتان … – هالو …هو سبيكينغ ؟ .
– الو…أبو جوان يتكلم .
– أهلاً و سهلاً، اعتقد أنت الذي طلبتني منذ قليل و طلبت منك التأجيل لمدة عشرين دقيقة، أليس كذلك ؟ .
– نعم …نعم أنا الذي كنت …
– أخي الكريم أتمنى أن لا تؤاخذني على التأخير, كون الاتصالات معي كثيرة ويحتم عليً أن أبقى مع المعجبين .
– إذا لم نتحدث معك فمع من سنتحدث ،أنت فناننا القدير ؟!.
– أشكرك ، نعم يا أخ تفضل بالحديث ؟
– صدقاً لا أعرف كيف أبدأ و كيف أعبر لك عن مشاعري و أحاسيسي و عن إعجابي و احترامي لشخصك الكريم ،نحن جميعاً في هذه البلدة الصغيرة نحبك ، نعشقك و نعشق صوتك الصداح . أنت بلبلنا …لساننا…قلبنا ..؟.
كان صوته عالياً، و نبراته تمتزج بالحزن و الفرح ، فسمعوه في الطابق العلوي فقفز أخوه الصغير من الحائط فرحاً و فتح الباب الموصد لأخته . ودخلا الصالون منشرحين كأنهما أنجزا عملاً كبيراً ، يتهامسان .
– أصحيح هو ؟ لا نصدق …أتتكلم معه بالذات ؟ .
– بعد أن وضع السماعة – ابتسم و قال : صدقوني الحديث كان معه ،بالمناسبة سألني عن أحوالنا جميعاً و تمنى لنا الخير والسلام .
– و ماذا بعد ؟
– تصوروا فقد سأل عن الشتاء و المطر و الموسم ، يا لذكائه الخارق و كأنه يعرف معاناتنا مع المطر وشحه .ثم استأنف يقول : لقد سألني عن حبي للموسيقى، و على أية آلة أعزف ؟.
– وماذا قلت له ؟
– لقد أخبرته عن حقيقة حبي للموسيقى و الشعر فقلت :أموت في الموسيقى ولكنني مع الأسف لا أجيد العزف ،إلا أنني أعوض عن ذلك من خلال الشعر وخاصة الغنائي منه.
فقال لي : حسناً …عظيم جداً،ها أنا وأنت تجمعنا موهبة مشركة .
– غيره ؟…
– قال لي ،هل غنى أحد المطربين أشعارك. فقلت :
– نعم …هناك أربعة مطربين غنوا أشعاري وأستطيع ان اذكر لك أسماءهم (هنا قاطعني قائلاً ):
– أخي الكريم ،احضر الآن كاسيتاً جديداً لهذا العام . وسيكون جاهزاً خلال هذين الشهرين
– إذاً سنسمع جديدك في فترة قريبة .
– قال :هل لديك عنواني ؟
– للأسف لا يوجد سوى رقمك .
– اذا أكتب ، و أملى عليّ العنوان : PO box وقال أأمل أن ترسل أشعارك سريعاً لكي ترى النور قريباً؟.
– أشكرك …أشكرك جزيل الشكر ، بصراحة لم احلم يوماً بهذه الفرصة ، أنها أجمل وأغلى فرصة …ان قلبي الآن يرقص من الغبطة والسرور، تصوروا أخوكم أبو الجوج أشعاره ستغنيها أحلى حنجرة في العالم …أنه لشرف عظيم ؟ .
* * *
بالرغم من تأخر الوقت فقد زال السهاد عن عينه ، تمدد في الفراش وهو يحلم بالمجد والشهرة وفكر في كيفية المراسلة ….
– العنوان لدي والأشعار جاهزة . فما المشكلة ؟ .
– ألا تعلم ما المشكلة ؟!
– لا…
– هل تتغابى ؟ أنت تعلم جيداً ما هي المشكلة ؟ .ليكن في علمك إذا راسلت من هنا ، ستكون مصير الرسالة حتماً سلة المهملات ،إن لم يضف في المصنف المسجل باسمك في دوائر ال……يا شاطر؟.
– ماذا تقصد ؟!.
– إما أنك لا تفهم أو أنك فعلاً تتغابى ،الذي أعنيه مفهوم وواضح .
– ولكنها فرصة ثمينة ، قد لا تتاح لي مرة ثانية .
– إيه ..أنت حر ؟! وأعذر من أنذر ..
– هناك حل آخر ؟
– تفضل هات ما عندك .
– لم لا أرسلها من مكان اخر ….أليست فكرة ممتازة ؟
– فكرة …يا لها من فكرة ،أتحسبهم أغبياء؟! ….
– يا الهي أصبحت أتحدث مع نفسي ،انفصام في شخصيتي يا ساتر..
– كانت هذه المحاورة بينه وبين ذاته الى أن استسلم للرقاد.
* * *
في الصباح الباكر و على غير عادته ، استيقظ أبو جوان منشرح الصدر ،مغتبطاً ،وكأنه ملك الدنيا ، لملم أوراقه و دفاتره القديمة ،رتب أشعاره المختارة و بخط مقروء وضعها في رسالة و أرسلها مع شخص سيسافر إلى محافظة أخرى و يرسلها من بريد تلك المحافظة .
– بعد فترة – ذاع الخبر وانتشر كالنار في الهشيم ، أشعاره سيغنيها المطرب الكبير في فترة قريبة جداّ .
لمع نجمه و اشتهر كشاعر غنائي ، توافد إليه الفنانون و الصحفيون وصادقه الشعراء ودعوه الى الأمسيات والمهرجانات، واستقبله الناس بكل حفاوة وترحيب ،يسألونه عن أشعاره ودواوينه وجديده متى سيطبع .؟.ويتباهى بثقة غير معهودة حيث يرد :
– إنشاء الله ستسمعون …نعم وسيكون قريباً جداً .
بعد مدة زمنية لابأس بها، سمع من أصحاب الستيريو هات بان الفنان الكبير قد أنجز شريطه وسيتم توزيعه بعد عدة أيام فقط .
وتم توزيع الشريط ( الكاسيت ) فعلاً. وما أن سمع بوصول الشريط ، تحركت خلية النمل في جسده ولم يعد يتمالك ذاته وفضوله ، فبادر إلى أقرب محل يطلب الكاسيت الجديد.
أخرج النقود ليحاسب …إلا أن صاحب المحل رفض رفضاً قاطعاً وأقسم بالجلالة بأنه لن يأخذ قرشا واحدًا و أردف قائلاً :
– مستحيل يا أستاذ ، فتشريفك لمحلنا هو فخر كبير لنا ، ثم نحن لم نوفيك و لو بعضاً من حقك وحق باقي الشعراء من أمثالكم ، يجب ان نكرمك ونكرم كل عظيم مثلك ،انكم تضحون الكثير ، تبقى الشهرة للمطربين وأنتم وراء الكواليس ،الشاعر في بلدان العالم له حصة على إبداعه بل ويأخذ أجراً ممتازاً ، ألا تستحق على الأقل هذا – الكاسيت – المتواضع.
– شكره على مجاملته الرقيقة واتجه نحو الدار مسرعاً ، واجتمع الأهل حوله لسماع أشعاره الملحنة و المغناة بحنجرة أعظم فنان .
لمس مفتاح التشغيل بحنو وضغط ….الأغنية الأولى ….لا ليست هذه …..ثم ليس من المعقول ان يضعها في المقدمة ، (خليك واقعي أبو الجوج ،هناك شعراء كبار ألا تعلم أنه يغني لجكرخوين ،تيريز ، فقه طيران ) …قد تكون التي تليها …هذه أيضاً ليست هي …
مرت الثالثة ….الرابعة…انتهى الوجه الأول….
– الوجه الثاني …وصل الى الأغنية الاخيرة …مرت كسابقاتها ، تغيرت ملامحه واكفهر.
وأصبح كبالون تسرب منه الهواء ، صغر شيئاً فشيئاً ، وأحس بدوران الأشخاص والجدران من حوله و تمتم:
– لماذا…؟ لماذا طلب الأشعار مني ولم يغنها…هه؟!. هل مشاعر الناس عنده لعبة ، دنا من الهاتف ، رفع السماعة – انتبه إليه أخوه – سأله :
– سأتكلم مع الأفندي ، لم النفاق ؟ لم الكذب ؟.كان بإمكانه ان يقول الصراحة ، لماذا ورطني و جعلني أضحوكة بين الناس .
– إذاً أخبره ليلاً …أنه لا يستحق أن تهدر قرشا واحداً لأجله ،سيكلفك ثمن المخابرة الآن أكثر.
– لايهم ، لأخسر خمسون ألفاً ، يكفي أن أشفي غليلي الآن و في هذه اللحظة ؟ أنه عديم الإحساس و الأخلاق ؟!.
وضع فهرس الهواتف أمام ناظريه ،وهو يرنو الى الرقم الطويل، وبدأت سبابته بالعمل، تفصد جبينه عرقاً، أوصاله ترتعد، عروقه كادت تخرج من رأسه ، لم يعد قادراً السيطرة على جسده الملهب ،الضغط مرتفع حيناً و هابط حيناً اخر ،فقد التوازن والحكمة ،سمع ردّ الهاتف ….ترن….ترن …
– آه …التقط الرقم …يا لحظك العاثر…سأشفي غليلي منك .
– هالو …يس…ذيس أذ نمبر
– قاطعه بحده – هذا انت أيها الفنان …كم انت بارع ،حدثوني عن دهائك فلم اصدق ،إلى أن وقع الفأس بالرأس .
– صوتك ليس بغريب عني ؟ اعتقد بأنني سمعتك قبل الآن ؟ أنت من تلك البلدة الصغيرة للأسف لم اعد أتذكر اسمك؟ أو اسم بلدتك ؟.
– طبعاً ستنسى أسمي ،وهل يهمك أسماء وأحاسيس الناس….
– عفواً ،ماذا تفضلت ؟!..
– أظنك سمعت ما قلت …
– يا أخ اسمعني جيداً ما زلت في أنتظار أشعارك ،ولكنك لم ترسل شيئاً إلى الآن …..
– نعم ، عليّ أنا…أفهم يا فنان ،المرء لا يلدغ من جحره مرتين ، و أنا لا أسمح لنفسي بأن الدغ من جحري مرتين ، اعتقد مرة واحدة تكفي ، إياك ثم إياك …
– صدقاً يا أخ أشعارك لم تصلني بعد ،وأنا في انتظارها.
– هل تبغي جنوني يا رجل ،لا تخرجني عن طوري ؟.أقول لك بعثتها …بعثتها منذ شهرين و أكثر …..أرسلتها….- وقبل أن يضع السماعة – كان الصوت من الطرف الثاني ينادي : ….هالو ….هالو ……
– انتهت –

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ابراهيم البليهي

لأهمية الحس الفكاهي فإنه لم يكن غريبا أن يشترك ثلاثة من أشهر العقول في أمريكا في دراسته. أما الثلاثة فهم الفيلسوف الشهير دانيال دينيت وماثيو هيرلي ورينالد آدمز وقد صدر العمل في كتاب يحمل عنوان (في جوف النكتة) وبعنوان فرعي يقول(الفكاهة تعكس هندسة العقل) وقد صدر الكتاب عن أشهر مؤسسة علمية في أمريكا والكتاب…

عبدالرزاق عبدالرحمن

مسنة نال منها الكبر…مسكينة علمتها الزمان العبر..

بشوق وألم حملت سماعة الهاتف ترد:بني أأنت بخير؟ فداك روحي ياعمري

-أمي …اشتقت إليك…اشتقت لبيتنا وبلدي …لخبز التنور والزيتون…

ألو أمي …أمي …

لم تستطع الرد….أحست بحرارة في عينيها…رفعت رأسها حتى لا ينزل دمعها،فقد وعدت ابنها في عيد ميلاده الأخير أن لا تبكي ،وتراءى أمام عينيها سحابة بيضاء أعادتها ست سنوات…

فراس حج محمد| فلسطين

في قراءتي لكتاب صبحي حديدي “مستقرّ محمود درويش- الملحمة الغنائية وإلحاح التاريخ” ثمة ما يشدّ القارئ إلى لغة الكتاب النقدية المنحازة بالكلية إلى منجز ومستقرّ الراحل، الموصف في تلك اللغة بأنه “الشاعر النبيّ” و”الفنان الكبير” “بحسه الإنساني الاشتمالي”، و”الشاعر المعلم الماهر الكبير” “بعد أن استكمل الكثير من أسباب شعرية كونية رفيعة”. و”المنتمي…

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…