لا وقت للحب..

محمد إدريس

عندما كنت اذهب إلى بيروت لتقديم امتحاناتي في جامعة بيروت العربية في منتصف السبيعينات – وكنت آنذاك في العشرينات من عمري  – ، كنت أنزل في فندق “تريومف” القريب من شارع الحمرا ء .
  وكان ينزل  معي  في ذلك الوقت، الكثير من الطلبة والطالبات الذين كانوا يأتون من كل البلاد العربية  ، من دول الخليج ، ومن مصر، ومن سوريا، ومن الأردن وفلسطين  .
كنا نلتقي في مطعم الفندق في الصباح عند الفطور، وفي المساء عند العشاء، وكثيرا ما تم التعارف فيما بيننا ، سواء على مستوى الطلاب أو على مستوى الطلبة والطالبات، وكثيرا ما ما تبودلت نظرات الإعجاب والحب الصامتة عبر قاعة الطعام الفسيحة .
الحقيقة  كان الكل مشغولاً بالإمتحانات ولا وقت للحب إطلاقا  ، إلا أنك  لا تستطيع أن تكبت المشاعر والعواطف الجياشة، خصوصاً في تلك السن المفعمة بالطاقة والشباب .
حيث شهد الفندق الكثير من قصص الحب الجميلة التي نشات بين الشباب والصبايا من مختلف الدول ، ومن مختلف الجنسيات، كانت أعنف قصة حب شهدناها بين شاب سوري وبنت مصرية ، حيث كانا حديث الفندق ، ففي كل ليلة كانا يسهران معأ حتى ساعات الفجر الأولى ، وحين أزف موعد سفرهما ،  انهمرت دموعهما كالسيول ، ولم يبق أحد في الفندق إلا وشاركهما تلك الدموع .
أما أنا فلم انجُ من هذه التجربة ، فقد أُعجبت بفتاة فلسطينية ، كانت تدرس معي في نفس الكلية ، وفي نفس السنة ، وكثيراً ما تشاركنا المواصلات معاً من وإلى الجامعة ، وكثيراً ما تبادلنا الأحاديث والتعليقات على أسئلة الإمتحانات وأجوبتها ، حتى حصل بيننا شىء من الإعجاب ، وشىء من الاستلطاف.
في أحد الأيام، وكنا قد انتهينا من الإمتحانات دعوتها إلى مشوار في شارع الحمراء ، كي نتسكع معا ، ونتسوق معا ، ونضيع في الزحام .
وافقت بسرعة ، وذهبنا إلى ذلك الشارع المشهور ، حيث جلسنا في أحد المقاهي المعروفة ، نتبادل الأحاديث ،  ونتمتع بشرب القهوة التركية الرائعة .
جاء أحد الصبية ممن يبيعون اطواق الياسمين فاشتريت لها واحداً، والبستها إياه، وامسكت بيدها ورحنا نتمشى في شارع الحمراء ذهاباً واياباً، تمامأ كما يفعل العشاق ، وكما يفعل المغرمون .   
فصل من مذكراتي .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

 

 

صبحي دقوري

 

حكاية

 

كان “دارا” يمشي في شوارع المدينة الأوروبية كما يمشي غريبٌ يعرف أنه ليس غريباً تماماً. العالم لا يخيفه، لكنه لا يعترف به أيضاً. كان يشعر أنه ككلمة كورديّة ضائعة في كتاب لا يعرف لغتها. ومع ذلك، كان يمشي بثقة، كما لو أن خطواته تحمل وطأة أسلافه الذين عبروا الجبال بلا خرائط.

 

في تلك الليلة، حين…

عِصْمَت شَاهِين الدُّوسْكِي

 

دُرَّةُ البَحْرِ وَالنُّورِ وَالقَمَر

دُرَّةٌ فِيكِ الشَّوْقُ اعْتَمَر

كَيفَ أُدَارِي نَظَرَاتِي

وَأَنْتِ كُلُّ الجِهَاتِ وَالنَّظَر

***

أَنْتَظِرُ أَنْ تَكْتُبِي وَتَكْتُبِي

أَشْعُرُ بَيْنَنَا نَبْضَ قَلْب

بِحَارٌ وَمَسَافَاتٌ وَأَقْدَارٌ

وَحُلْمٌ بَيْنَ أَطْيَافِهِ صَخَب

***

دَعِينِي أَتَغَزَّلْ وَأَتَغَزَّل

فِي عَيْنَيْكِ سِحْرُ الأَمَل

مَهْمَا كَانَ النَّوَى بَعِيدًا

أُحِسُّ أَنَّكِ مَلِكَةٌ لَا تَتَرَجَّل

***

دُرَرٌ فِي بَحْرِي كَثِيرَةٌ

لَكِنَّكِ أَجْمَلُ الدُّرَرِ الغَزِيرَةِ

أَقِفُ أَمَامَ الشَّاطِئِ

لَعَلَّ مَقَامَكِ يَتَجَلَّى كَأَمِيرَةٍ

***

أَنْتِ مَلِكَةُ البَحْرِ وَالجَمَالِ

لَا يَصْعُبُ الهَوَى وَالدلالُ

لَوْ خَيَّرُوكِ…

فواز عبدي

حين وقعت بين يديّ المجموعة الشعرية “مؤامرة الحبر، جنازات قصائد مذبوحة”[1] للشاعر فرهاد دريعي، وأردت الكتابة عنها، استوقفني العنوان طويلاً، بدا لي كمصيدة، كمتاهة يصعب الخروج منها فترددت في الدخول، لكن مع الاستمرار في القراءة وجدت نفسي مشدوداً إلى القصيدة الأولى بما تحمله من غنى وتعدد في المستويات، فهي تكاد تكثف فلسفة…

فراس حج محمد| فلسطين

لا أقول صدفة، فأنا لا أحبّ موضوع الصدف، ولا أومن فيه، لكنّ شيئاً ما قادني إلى هذا الكتاب، وأنا أتصفّح أحد أعداد جريدة أخبار الأدب المصريّة (عدد الأحد، 26/10/2025)، ثمّة نصّ منشور على الصفحة الأخيرة لـ “نجوان درويش”، بعنوان “بطاقة هُوِيّة”، لوهلةٍ التبس عليّ الأمر فبطاقة هُوِيّة اسم قصيدة لمحمود درويش، وهي…