غزّة أم غرنيكا؟[*]

هند زيتوني| سوريا

أودُّ أن أحرقَ هذا العدم
وأرمي جثتّه في بئر اللاجدوى
هذا العالم كشّر عن سوأته 
بعض الأرواح ما زالت ترتجف في بطن الموت
الفراغ الذي يتركه الضوء يبحثُ عن بصيصٍ في بحر العتمة
يقول عابر جحيم: على فمٍ الذئاب كانت ترتسم المجزرة
وفي عيونهم تلمّعُ مفاتيح الجحيم
وأنا أنظر إلى لوحة غرنيكا
أجمعُ نثار المدن اللزجة
وألصق الجماجم المهشمة
أخيط الأجساد بإبرة الصبر
أصرخُ :
كيف أهجيّ هذا الدم؟
أين سأكتب الأسماء وقد مزقوا صفحات الغيم؟
ربما يمرّ ملاكٌ
فأشرح له طعم الجحيم الذي نعيش فيه!
غرنيكا!
من يقود ما تبقى من الكائنات إلى سماءٍ بيضاء
كيف أهشُّ على هذا الغياب؟
والوحوش تمنعُ كل أسباب الحضور؟
ربما يعود الأموات ليكملوا رقصتهم
على مسرح الهيولى
يقتلني الصمت الذي ينهش وجه الحقيقة
يقتلني الصمت…  وتتفتّت زهرة الحياة
أكاد أفقد ثقتي في الأشياء
كأننا نقشنا تفاصيل الكارثة على الرمال
كأنّ أوجاعنا ستخرج من ثقوب الجدران
صلينا خلف المسيح وموسى
وذو الكفل وكريشنا
وهناك من يصلّي
خلف شيفا وبوذا ولاوتسه
ما زلنا نصلي خلف السحاب وخلف الشمس ومع العصافير
لكن ما زلنا نقدس زومبي، نلعق الدماء
ونرقص معه فوق الجثث!
=======
[*] غرنيكا : لوحة جدارية للفنان بابلو بيكاسو، استوحاها من قصف قرية غرنيكا الواقعة في إقليم الباسك 1939/ 1931

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

 

محمد إدريس *

 

في ذلك المشهد الإماراتي الباذخ، حيث تلتقي الأصالة بالحداثة، يبرز اسم إبراهيم جمعة كأنه موجة قادمة من عمق البحر، أو وترٌ قديم ما زال يلمع في ذاكرة الأغنية الخليجية. ليس مجرد ملحن أو باحث في التراث، بل حالة فنية تفيض حضورًا، وتمنح الفن المحلي روحه المتجددة؛ جذورٌ تمتد في التراب، وأغصانٌ…

 

شيرين الحسن

كانت الأيام تتسرب كحبات الرمل من بين أصابع الزمن، ولكن لحظة الغروب كانت بالنسبة لهما نقطة ثبات، مرسى ترسو فيه كل الأفكار المتعبة. لم يكن لقاؤهما مجرد موعد عادي، بل كان طقسًا مقدسًا يُقام كل مساء على شرفة مقهى صغير يطل على الأفق.

في كل مرة، كانا يجدان مقعديهما المعتادين، مقعدين يحملان آثار…

 

 

صبحي دقوري

 

حكاية

 

كان “دارا” يمشي في شوارع المدينة الأوروبية كما يمشي غريبٌ يعرف أنه ليس غريباً تماماً. العالم لا يخيفه، لكنه لا يعترف به أيضاً. كان يشعر أنه ككلمة كورديّة ضائعة في كتاب لا يعرف لغتها. ومع ذلك، كان يمشي بثقة، كما لو أن خطواته تحمل وطأة أسلافه الذين عبروا الجبال بلا خرائط.

 

في تلك الليلة، حين…

عِصْمَت شَاهِين الدُّوسْكِي

 

دُرَّةُ البَحْرِ وَالنُّورِ وَالقَمَر

دُرَّةٌ فِيكِ الشَّوْقُ اعْتَمَر

كَيفَ أُدَارِي نَظَرَاتِي

وَأَنْتِ كُلُّ الجِهَاتِ وَالنَّظَر

***

أَنْتَظِرُ أَنْ تَكْتُبِي وَتَكْتُبِي

أَشْعُرُ بَيْنَنَا نَبْضَ قَلْب

بِحَارٌ وَمَسَافَاتٌ وَأَقْدَارٌ

وَحُلْمٌ بَيْنَ أَطْيَافِهِ صَخَب

***

دَعِينِي أَتَغَزَّلْ وَأَتَغَزَّل

فِي عَيْنَيْكِ سِحْرُ الأَمَل

مَهْمَا كَانَ النَّوَى بَعِيدًا

أُحِسُّ أَنَّكِ مَلِكَةٌ لَا تَتَرَجَّل

***

دُرَرٌ فِي بَحْرِي كَثِيرَةٌ

لَكِنَّكِ أَجْمَلُ الدُّرَرِ الغَزِيرَةِ

أَقِفُ أَمَامَ الشَّاطِئِ

لَعَلَّ مَقَامَكِ يَتَجَلَّى كَأَمِيرَةٍ

***

أَنْتِ مَلِكَةُ البَحْرِ وَالجَمَالِ

لَا يَصْعُبُ الهَوَى وَالدلالُ

لَوْ خَيَّرُوكِ…