إبراهيم محمود
-1-
للنساء اللواتي كنَّ
للنساء اللواتي يكوننَّ
للنساء اللواتي سيكوننَّ
للنساء اللواتي كنّ في الأمس البعيد البعيد يعشن ماصيهن
للنساء اللواتي يعشن الآن حاضرهن
للنساء اللواتي يعدْن أنفسهن لآت قريب أو أبعد منه حيث يكون مستقبلهن
للنساء اللواتي في مجموعهن أو في جمعهن:
يدّخرن الغابات جماعات لا وحداناً في شعورهن
يحررن قمماً من أعال ٍ وانتعاش الضوء في امتداد جباههن
يفلترن السموات السابحات صفاء بالجملة في عيونهن
يمنحن الفضاءات السعيدة بالاسم رحابة في بهاء وجوههن
يطربن المدى وما وراء المدى في شموخ أنوفهن
يحررن الورود صحبة أريجهن المرذرذ في أنفاسهن
يسعدن الكريستان في البريق البهيج في انبثاق أعناقهن
يرسمن مسار الشمس مغرباً ومشرقاً في استواء أيديهن
يخلدن المروج ذات المغازي في تماوج صدورهن
يمررن العواصف ذهاباً وإياباً تحت آباطهن
يعلّمن الحياة كيف تحلق في الأبدية على بطونهن
يصدّنّ البحر بأمواجه وهي تداني ظهورهن
يحوّلن الحياة إلى معنى بما تخصب بهن طبيعتهن في أرحامهن
يجعلن الحياة نفسها لمن يعرفهن هبَة لمن يرتقي إلى مستوى فرادتهن
يرسمن برزخاً بالديمومة في سُررهن بين باطنهن وخارجهن
يميّزن وجوداً بطعم القشعريرة على منحدرات أردافهن
يفيّزن طريق الجنة والجحيم برواسي أفخاذهن
يختبرن ألغاز المنعطفات طبيعةً في ليونة ركابهن
يقابلن بين الليل والنهار في امتشاق سيقانهن
يغيّرن في صورة الأرض براعةً بدبيب أقدامهن
يبلبلن الكون حتى سابع سماواته بنِون نسوتهن
-2-
لأمض إذاً إلى العلْم الذي يحفظ عن ظهر قلب حقيقة أمرهن:
عندما تدلي الجغرافية بكامل قيافتها بالمفجوع في تاريخهن
عندما يدلي الصخر الأصم بالمكتوم والمقهور في نسيج دمائهن
عندما تدلي الجهات بكرب المسكوب جراحات ٍ في سجل يومياتهن
عندما تدلي السماء بهوْل المسطور زيفاً في المزعوم أصلهن
عندما تدلي الأرض بوهم الحق في المستباح بما يخص حقيقتهن
عندما تدلي اللغة عينها بالمشبوه والمشرَّع في استمراء المروَّج عنهن
-3-
ولِي حيث لي أن أدفع بالذي حرَّرت باسمه في اقتفاء أثرهن:
حين يخصب الورد جمعاً غفيراً دون استثناء في رنين أناملهن
حين ينبض صمت الحجر صاعداً بمكانه على موسيقى خطاهن
حين يبتهج كائن البرّية، أعني وحشيَّه لمرأى السر في روحهن
حين يطلق رمل الصحراء العنان لنفسه سكَينةً في يقين يقينهن
حين يستحيل الشوك مسالماً على سماع الحرف الأول من اسمهن
حين تدرك اللغة بكامل المأثور شهادة بلاغتها في غيابهن وحضورهن
حين يستهدي البحر إلى نفسه نوماً وصحواً في منافذ مساماتهن
حين ينام الماء حالماً صبابة بالينابيع التي تتهادى في ظلالهن
حين تستشعر النار أجمل قصائدها المستحمة في صمت صداهن
حين يتصالح الهواء مع نفسه طالما يشده شغف في أنفاسهن
حين يستمر التراب ربيب أخضره المرئي في امتداد أنوثتهن
-4-
وعليّ أن أسمّي ما هو مسمى يصل المعلوم والمجهول بهن:
يستدرجن مدار الجدي وسرطانه إليهن باستشعار نباهتهن
يفقدن الطريق سواء امتداده بتجاذب ظلالهن
يسكرن الخمر المعتق بالمنسوب إلى شفافية أرواحهن
يضفين على الحاضر الغائب عمقَ معان ٍ بمخاض ولاداتهن
يجعلن الرجال رجالاً بنفحات من ظلالهن
يغذّين الوجود وجوداً بديمومة أنوثتهن
يعدّلن خفافاً في مقام الموت بمناقب نوعهن
يفلترن السماء والأرض على مقام السوبر حياة في جيناتهن
يودِعْن الصوت عذوبةَ ومتعة بفضيلة تتوقف على إيقاع أصواتهن
يشاركن الورد في خفة أريجه بميزة حياتية في أنفاسهن
يسمحن للخليقة في أن تكون جديرة بالتقدير على خلفية من وجودهن
-5-
لكل ما ذكرت، وما أقل أقل المشار به إلى خصالهن
لكل ما لم أذكر بعد، وما أكثر أكثر الممكن تأكيده في إهاب روعتهن
أسمّي اللغة التي أحرّر بها صوتي وصمتي أينما كن وحللن
وأمد بخريطة خيالي تأكيداً على أن لا معنى للوجود من دونهن
وأمضي على حقيقة أن الحياة تستطاب، لحظة الاعتراف بفضلهن
وأن الرجال لن يعرفوا استقراراً يسمّيهم إلا بقبول شراكتهن
وأن ” همْ ” منزوع المعنى طالما أنه يتعالى على ” هنَ “
بايجاز شديد: أنا لم أقل شيئاً إنما بعض شيء مما ينعطف عليهن!!!