نص ـ مرثية/ أمي

ولات محمد
أمي..!
كيف تغادرين هكذا دون إذن؟
ألم يكن بيننا موعد؟
ألم أقل لك في آخر مكالمة
إنك سوف تسمعين صوتي كل يوم؟
ألم تضحكي وتضحكي وتضحكي حتى منتصف الحزن؟
ما الذي حصل
حتى قررت فجأة الرحيل؟
ـ  ـ  ـ  ـ  ـ  ـ  ـ  ـ  ـ ـ  ـ ـ  ـ  ـ  ـ
هكذا كعادتكِ
وبهدوء تام
ودون أن تثيري انتباه أحد
سلمتِ رأسك لسكون المخدة
أخذت وضعية الجنين
وأدرتِ ظهرك للحياة
(كما كنتِ تفعلين دائماً)
وغفوتِ
غفوتِ وأنت تعلمين
أنك لن تستيقظي هذه المرة..
اخترتِ أن تغادري بهذه الطريقة
وبكل هذا الهدوء
(كما كانت حياتك دائماً)
كي يشبه غيابُك حضورَك
كي تشبه مماتُك حياتَك
كي تجعلينا لا نشعر بالفرق
كي لا نتألم..
أنت الآن غائبة حاضرة
كما كنت حاضرة غائبة
لأن الحياة في عينيك
كانت أو ماتزال
لا شيء.. لا شيء أبداً
ـ  ـ  ـ  ـ  ـ  ـ  ـ  ـ  ـ ـ  ـ ـ  ـ  ـ
يا حمامةً
غادرتْ عشها في وضح النهار
في غفلة من الجميع
وتركتْ صغارها الكبار
في مهب الذهول
والحزن
أنتِ التي وسع قلبُك العالمَ كله
أما كان لك أن تحمليني معك؟
ألم يكن لي على جناحيك موطئ إصبع
لأسافر معك..
كي أسليك في الطريق؟
لِمَ سافرتِ وحدك؟
لِمَ لمْ تحمليني بفمك
كغصن زيتون
أو كقشةٍ تضعينها في بناء عشك الجديد
كي أقيك برد الشتاء وحر الصيف
كي أسند رأسك عند النوم
وأشهد أَلَقَكِ في الصباح
كي أراك كل يوم.. كل لحظة:
حين تغادرين وحين تعودين
حين تنامين وحين تستيقظين
كي أتأمل أكثر
في ذلك الحزن الذي لا يغادر عينيك
حتى وأنت في أبهى لحظات الفرح..
ـ  ـ  ـ  ـ  ـ  ـ  ـ  ـ  ـ ـ  ـ ـ  ـ  ـ  ـ  ـ
أمي..!
هل مازلتِ مصرة على الرحيل؟
ألا تبقين قليلاً؟
فما زالت هناك أشياء لم تحدث بعد..
ما زالت عندي حكايا لم أروها لك
في المكالمة القادمة
سوف أقول لك أشياء
ستجعلك تضحكين كثيراً كثيراً
كما فعلتِ آخر مرة
أمي..!
أرجوك..
عودي…
عودي ولو للحظة واحدة
لحظة فقط
لحظة ستعادل كل العمر الذي فات
لأنني سأراك بطريقة أخرى
سأنظر إليك
وكأنني أرى أمي لأول مرة..
لحظة ستدعني أرتوي منك
وإلى الأبد..
ماذا قلتِ يا أمي؟
هل ستعودين؟!
أَم آتي أنا إليك؟!!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

د. فاضل محمود

رنّ هاتفي، وعلى الطرف الآخر كانت فتاة. من نبرة صوتها أدركتُ أنها في مقتبل العمر. كانت تتحدث، وأنفاسها تتقطّع بين كلمةٍ وأخرى، وكان ارتباكها واضحًا.

من خلال حديثها الخجول، كان الخوف والتردّد يخترقان كلماتها، وكأن كل كلمة تختنق في حنجرتها، وكلُّ حرفٍ يكاد أن يتحطّم قبل أن يكتمل، لدرجةٍ خُيِّلَ إليَّ أنها…

سندس النجار

على مفارق السنين
التقينا ،
فازهرت المدائن
واستيقظ الخزامى
من غفوته العميقة
في دفق الشرايين ..
حين دخلنا جنائن البيلسان
ولمست اياديه يدي
غنى الحب على الافنان
باركتنا الفراشات
ورقصت العصافير
صادحة على غصون البان ..
غطتنا داليات العنب
فاحرقنا الليل بدفئ الحنين
ومن ندى الوجد
ملأنا جِرار الروح
نبيذا معتقا
ومن البرزخ
كوثرا وبريقا ..
واخيرا ..
افاقتنا مناقير حلم
ينزف دمعا ودما
كشمس الغروب …

خلات عمر

لم تكن البداية استثناءً،,, بل كانت كغيرها من حكايات القرى: رجل متعلّم، خريج شريعة، يكسو مظهره الوقار، ويلقى احترام الناس لأنه “إمام مسجد”. اختار أن يتزوّج فتاة لم تكمل الإعدادية من عمرها الدراسي، طفلة بيضاء شقراء، لا تعرف من الدنيا سوى براءة السنوات الأولى. كانت في عمر الورد حين حملت على كتفيها…

عصمت شاهين دوسكي

* يا تُرى كيف يكون وِصالُ الحبيبةِ، والحُبُّ بالتَّسَوُّلِ ؟
*الحياةِ تَطغى عليها المادّةُ لِتَحُو كُلَّ شيءٍ جميلٍ.
* الأدبُ الكُرديُّ… أدبٌ شاملٌِّ آدابِ العالمِ.

الأدبُ الكُرديُّ… أدبٌ شاملٌ مجدِّ آدابِ العالَمِ… يَتَفَوَّقُ هُنا وَهُناكَ، فَيَغدو ألمانية الشَّمسِ… تُبِعِثُ دِفئَها ونورَها إلى الصُّدورِ… الشِّعرُ خاصَّةً… هذا لا يعني أنه ليس هناك تَفَوُّقٌ في الجاوانبِ الأدبيَّةيَّةُِ الأخرى،…