رواية القطة تابسا لعبد الباقي يوسف، قمّة عالية من المتعة.. تمنيتُ لو أن صفحاتها لا تنتهي

نجيب كيالي
مع انتهائي من الصفحة الأخيرة من رواية: القطة تابسا الموجهة للأطفال لمؤلفها الصديق: الأستاذ عبد الباقي يوسف كنتُ فوقَ قمةٍ عالية من المتعة، وتمنيتُ لو أن صفحاتِها لا تنتهي.
الرواية ثريَّة بجوانب تربوية وإنسانية كثيرة، من أهمها: العلاقة مع الأبوين، ومع الحيوان اللطيف. هذان الجانبان نحن بحاجة لدعمهما في حياة الأطفال، فالأسرة، وما أحلى أجواءَها هناك- مع الأسف- مَنْ يسعى بكل قوة وإصرار لإزاحتها، مع أنها الركن الأساس في وجود الإنسان واستقراره، والرواية تفتح أمامَ الأطفال جوَّ أسرةٍ دافئة، حياتها مبنيةٌ على التفاهم، وعدم القسر، والحيوان في مجتمعنا العربي اعتاد أطفالنا على إيذائه، وكأنهم بذلك يمارسون نوعاً من المرح.
شيء عظيم آخر فيها: الاهتمامُ بالكتب والقراءة بدلَ الغرق في الأنترنيت.

سأتوقف عند تواصل باسم مع القطة تابسا وعلاقتِهِ بها، كان ذلك مدهشاً وعميقاً للذروة، لقد تمَّ بناءُ العلاقة بينهما برهافةٍ وشغفٍ كبير، واهتمامه بها حين مرضت، ثم افتقادها له حين سافر لقضاء أيام العيد في بيت عمه أمران شائقان ومؤثران للغاية. هذه القطة كأنها أستاذةُ حنان يمكن أن تُلقِّنَ البشرَ الجامدينَ عاطفياً الفاقدينَ لبشريتهم هذه الأيام ما ينفعهم، وما يعيد لقلوبهم طراوتَها.
ومع ما سبق وَسَّعَ الكاتب أفقَ النظرة للحيوان، فالقطة تابسا لم تكن لطيفةً وحنونةً فقط، وإنما كانت تستشعر الخطرَ، وتحدس به، فتموء، من ذلك أنها نبَّهتْ خالة باسم إلى الخطر المحيط بالجنين الموجود ببطنها، ونبَّهت جارةً في الحي إلى أنها نائمة فوق طفلها وثديها في فمه وهو يكاد يختنق. يبدو ذلك بين الحقيقة والفانتازيا، لكنَّ  علماءَ نفس الحيوان يقولون بأن بعض أنواعه لديها حدس، وقدراتٌ أكبر من قدرات البشر.
جاءت هذه الرواية لتبني المشاعر وترمم القلوب المتصدعة، وتضيف نوراً للعقول، وإنْ كانت في الظاهر تتحدث عن قطة.
صدرت الرواية حديثاً عن دار اسكرايب للنشر والتوزيع في القاهرة 2024، وقعت في 111 صفحة.
هامش
يُذكَر أن للكاتب عبد الباقي يوسف في هذا المجال كِتاب: (عالم الكِتابة القصصية للطفل) صدر سنة 2010 عَن سلاسل كُتب المجلّة العربية التي تصدر عن وزارة الثقافة والإعلام في المملكة العربية السعودية. ورواية (إمام الحكمة لقمان الحكيم) صدرت عن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في الكويت سنة 2010 وفازت روايته (خلف الجِدار) بجائزة مجلة دبي الثقافية الثانية، وحصلت روايته (الآخرون أيضاً) على جائزة منظّمة كُتّاب بلا حدود في العراق سنة 2012، وحصلت قصّته (خورشيدة) على جائزة نادي حائل الأدبي في المملكة العربية السعودية سنة 2004، وحصلت روايته (منارة النبوّة) على منحة البدر سنة 2023 برعاية ولي عهد الفجيرة.
شارك في مؤتمر مركز توثيق وبحوث أدب الطفل حول (أدب الطفل والجمهورية الجديدة) المُنعقد في القاهرة برعاية وزارة الثقافة المصرية في 21، 22 نوفمبر 2023 ببحث بعنوان: (مشكلات الإنتاج في أدب الطفل المحلّي والمُنافسة العالميّة). 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبد الستار نورعلي

أصدر الأديب والباحث د. مؤيد عبد الستار المقيم في السويد قصة (تسفير) تحت مسمى ((قصة))، وقد نشرت أول مرة ضمن مجموعة قصصية تحمل هذا العنوان عن دار فيشون ميديا/السويد/ضمن منشورات المركز الثقافي العراقي في السويد التابع لوزارة الثقافة العراقية عام 2014 بـحوالي 50 صفحة، وأعاد طبعها منفردة في كتاب خاص من منشورات دار…

فدوى كيلاني

ليس صحيحًا أن مدينتنا هي الأجمل على وجه الأرض، ولا أن شوارعها هي الأوسع وأهلها هم الألطف والأنبل. الحقيقة أن كل منا يشعر بوطنه وكأنه الأعظم والأجمل لأنه يحمل بداخله ذكريات لا يمكن محوها. كل واحد منا يرى وطنه من خلال عدسة مشاعره، كما يرى ابن السهول الخضراء قريته كأنها قطعة من الجنة، وكما…

إبراهيم سمو

فتحت عيوني على وجه شفوق، على عواطف دافئة مدرارة، ومدارك مستوعبة رحيبة مدارية.

كل شيء في هذي ال “جميلة”؛ طيبةُ قلبها، بهاء حديثها، حبها لمن حولها، ترفعها عن الدخول في مهاترات باهتة، وسائر قيامها وقعودها في العمل والقول والسلوك، كان جميلا لا يقود سوى الى مآثر إنسانية حميدة.

جميلتنا جميلة؛ اعني جموكي، غابت قبيل أسابيع بهدوء،…

عن دار النخبة العربية للطباعة والتوزيع والنشر في القاهرة بمصر صدرت حديثا “وردة لخصلة الحُب” المجموعة الشعرية الحادية عشرة للشاعر السوري كمال جمال بك، متوجة بلوحة غلاف من الفنان خليل عبد القادر المقيم في ألمانيا.

وعلى 111 توزعت 46 قصيدة متنوعة التشكيلات الفنية والجمالية، ومتعددة المعاني والدلالات، بخيط الحب الذي انسحب من عنوان المجموعة مرورا بعتبة…