آشاوا*…

إبراهيم محمود
آشاوا
مجرد اسم إنما تدفُّق أسماء يتلقاها المصطافون
تستحم أرواحهم في أخضره المتصاعد إلى أعلى الأعالي
وقد انزاح زمانهم جانباً
أعني بها: حلول لزمان سعيد
زمان آشاوا قائم بذاته
تعبُره أزمنة وهو كما لو أنه مولود للتو
ينحّي اللغة جانباً
مستبقياً القليل من الكلام
تاركاً لمواهب آشاوا أن تمزج المرئي باللامرئي
والمصطافون الداخلون في زمانها تنعشهم سعادة غير مسبوقة
هبَة آشاوا عينها
تأخذك آشاوا من يديك لتمنحك جناحين تحلقان بهما
تأخذك آشاوا من سمعك وبصرك لتمنحك ما كان يفتقده سمعك وبصرك نشوةً
تأخذك آشاوا من نفسك لتمنح روحك امتلاء بالزمان والمكان
تأخذك آشاوا من لسانك لتمنح ذاكرتك عذوبة تمتد بك إلى الآتي
تأخذك آشاوا حيث لا تعود أنت أنت
يصعد الماء بصفائه
يا لدموع الماء السعيد بمثل هذا التوافد
كم  هو الماء نزيل اعتداد معتبَر بنفسه
يترقرق الماء كثيراً كثيراً
 تلك هي ضحكته التي تهتز لها خاصرتاه الجبليتان
شاداً إليه خيالاً من جنسه
ينغمس كالبط البرّي في الماء
ويمضي على هدى أعطيات الماء التي تبلّغ عنها الخضرة في الحال
ليغزل الماء المتدفق  قصيدته أكثر طراوة
يغتسل الماء في سحر آشاوا الذي يسكب الغيب في عيون الآتين إلى آشاوا
جبلان، توأم المصير السامي نفسه
يحلقان به عالياً رغم حلزونية واديه
يتناظران ممتدين كما لو أنهما مشدودان إلى أفق غير مرئي
جبلان يحفّزان الخيال على التروّي
لا بد أن تأتي القصيدة قممية أكثر
كيف لا تكون قصيدة آشاوا بميزة البكاء سعادةً؟
لتحط في جنباتها نجوم أدمنت معاقرة خضرتها الندية
آشاوا حيث السماء تستحيل طفلاً يعبث بمائها
من يودِعون الماء أجسامهم يتنفسون مشاركة السماء لهم
لا تريد السماء للنهار أن يحزم حقيبته
ليلاً تترقب تثاؤب الصباح
لتهبط قافزة بأزرقها المؤكسج في حضنها
خلائق توحدهم آشاوا
الوجوه تتقافز ظلالاً مرحة في بهاء المرتسم باسمها
مياه آشاوا تغتسل في الضوء المتهادي بلهفة
الضوء يرفع نخب هواء يتهدهد بين يدي آشاوا السخيتين حباً
آشاوا لا تكف عن سكب حللها في عينيّ قصيدة لها صداها
آشاوا جسد فتي رغم عراقته والسماء تاج وجبلاها عقدان يهبانها زهواً
آشاوا ساكنة في مكانها وهي تحرك أمكنة بعيدة لتأتيها شغفاً
يستحيل حصر عشاق آشاوا الذين يدخلوها بضحك ويخرجون ببكاء
الزمن صفر في آشاوا حيث العمر يُدرك على وقع ساعة ثابتة عليها
الأعمار واحدة جرّاء هذا الانغماس في بحبوحة محرَّرة باسم آشاوا
أن تلتقي آشاوا لأول مرة، ستعيش حمّى حنين إليها لمرات ومرات
طالما أن هناك الشعور بمتعة الأبدية توفّره آشاوا
م: آشاوا، مصيف سياحي في ناحية سرسنك، غاية في الجمال الطبيعي ماءً وخضرة  ووادياً وجبلاً، ويتبع مدينة دهوك.
وما كتبتُه جاء على إثر رحلة عائلية وأهلية إليه ، الاثنين، 29-7/ 2024

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…