الصديقان الوفيان … حمو – و – رمو

صلاح جمعة – درباسية

كان الاثنان يجلسان معاً في حجرة شبه مظلمة معبأة بسحابة دخانية. حمو كان يأكل الطعام بنهم وينادي صديقه رمو ” ” بالله عليك أن تشاركني السفرة  وكرر حمو على تناوله الطعام معا وسكت فقال رمو ماذا قلت بعد قليل.. قلت لك مرحبا لا .. لا .. ليس هذا.. قلت لك كيف حالك . لا .. لا اذا لم يبق سوى اكل الطعام معي أحسنت يا صديقي  فانقضى على الطعام ولم يسلم اي رغيف منه وافرغ قعر الصحون كأنها مجلية ..؟
– بالهناء يا رمو  بعد ذلك قدم له حمو كاس من الماء المثلج …

شكرا لقد شربت الماء قبل قدومي إلى هنا .. – – يكمل حمو الطعام الذي سلم من هذا الذئب الذي يصول وهو جائع ,وهو ينادى ابنه .. هات الدواء
– فتح حمو علبة الدواء وهو يستحلف رمو أن يتناول منه حبتان …كما طلب منه بان لا يخذله كمرات سابقة..؟ لك ذلك يا صديقي فامسك بالدواء وتناوله حبة بعد حبة وكان حمو مشغولا في إخراج الشوكة من راحة قدميه فرجت العلبة فلم يسمع صوت خشخاشها , وقال بغضب ماذا فعلت يا مجنون وبعد دقائق امسك رمو ببطنه كبرج الدبابة وهو يصرخ أريد الخروج إلى الحمام . ولكنه كان محاصرا فافرغ ما في أمعائه على موكيت الغرفة ويكاد صوت هديره يخطف إذني حمو من هول هذه الصاعقة السديمية .
– إلحاحك هذا يا حمو قادني الى الانتحار ,ولكن لاباس الصديق في وقت الضيق  ولقد برهنت لك محبتي.. نصف العلبة من اجل الدعوة للغداء اما النصف الاخر فمن اجل الدعوة لشرب الماء .. فانظر ماذا فعل تلك الحبوب اللعينة وهذه الراحة الكريهة التي يختبئ في جوفنا ولا ندري باننا جيفة اذا لم نحسن التصرف بهذا العقل النفيس .. من ثم دخل رمو في غيبوبة غائرة
ففي تلك البرهة حضر رجل داعياً  نغسه بأنه من أذكياء القرية .. سأل بغرابة شديدة ما الذي جرى لرمو … أجاب حمو انه ابتلع علبة الدواء عن بكرة ابيها دفعة واحدة…
الذكي : هذه مشكلة..؟! كان يجب عليه ان يتناول الحبوب قبل أن يبدأ بأكل الطعام والمسكين تناولها بعد الطعام لذلك على المريض أن يقرأ  بإمعان النشرة الموجودة في داخل علبة الدواء ليئلا يتناوله في غير اوقاته و من ثم ليدرك فائدته من مضرته ولكن تركيبة الدواء الذي تناوله رمو ربما كان الصيدلاني الذي يركب الدواء قد اخطئ في نسبة المادة المسموحة لكل كبسولة لاننا في عصر الربح السريع ولا يهمنا حالة المواطن في دفع فاتورة الوصفة الطبية ولو ذرب في شوارع العالم كله .فهذا الامر المحير في هذا الزمن المحير هو من صنع طمعنا , لذا سوف يموت هذا العالم فقيرا

ضحك حمو – وهو في حالة من هستريا – الآن عرفت السبب الرئيسي لوكانت الكرة الارضية جرعة من الحبوب لهلك العالم تحت وطأة هذا الامعاء وشتاءا يمطر ببكتريا هذا الطمع البربري.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ادريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…