المثقف الكردي وإشكالية مناهله الثقافية (2)

دلكش مرعي

 جواباً لأسئلة  وردنا من أحد الأصدقاء نقول لهذا الصديق … عندما نقول بأن لكل تراث فكري له مثقفوه فهذا لا يعني البتة بأننا نقلل من شأن واحترام وأهمية ما أنتجه هذا الفيلسوف أو هذا المفكر أو ذاك الكاتب فالتراث بشكل عام والتراث الفلسفي بشكل خاص يظلان على الدوام من بين أهم المصادر والمراجع التي يستقي منه الباحث أو الكاتب أو المثقف أفكاره وثقافته العامة منه… بالإضافة إلى ذلك فإن التراث يوفر الكثير من الجهد والوقت للبحث عن جذور فكرة ما والتحقق من ماهيتها ومصدرها والنتائج التي تمخضت عنها تاريخياً ويبقى التراث المعين الأول للجميع …
 أما الذين يسيئون إلى الكاتب ويتهمونه بالسطحية والنصب واللصوصية والسطو وأنه ينهل ثقافته من مجاري عكرة فأعتقد بأن نوعية الكلام الذي يصدر من أي مخلوق كان إن كان  كاتباً أو إنسان بسيطاً فإن الكلام يشير دائماً إلى سكيولوجية الإنسان ذاته وتربيته ومفاهيمه السلوكية فصفة الغرور والتأله وعدم الاعتراف بالمختلف واحترام إنسانية الإنسان من المؤسف أن نقول بأن هذه القيم  هي نتاج تراثنا التي أنتج هذا السلوك النرجسي تاريخياً في هذه المنطقة ….. أما الكاتب الواثق من أفكاره فأعتقد بأنه لا يهتم بزوبعة الغبار التي يثيرها الآخرون حوله أو إنه سيتأثر ببعض الفقاعات التي تزول بنسمة هواء بسيطة  خاصة إذا توصل الكاتب إلى ما يطرحه من أفكار توصل إليها عبر وقت وجهد مضني ويدعم فكرته بإثباتات تاريخية موثقة تأكد صحة الأفكار التي يطرحها  …  ومن حق أي ناقد أو مهتم أن يقيّم أو ينقد أي عمل فكري أو أدبي أو حتى مقال سياسي شرط أن يأتي الانتقاد عبر لباقة وأدب يليق بالناقد ذاته بعيداً عن الإسائة  والكلمات الرخيصة التي تسيء وتجرح المشاعر  ومن حق الناقد أن يدحض أي فكرة كان ولكن بالإثباتات والبراهين المادية الملموسة الصحيحة فبعض الفلاسفة ومنهم إفلاطون وأرسطو قد أخطئا حينما صنفا الذكاء البشري جغرافياً عندما أدعا بأن الشعوب التي تقطن في وسط القارة هم أكثر ذكاء من الشعوب التي تقطن في شمال القارة وجنوبها وكذلك الفيلسوف الكبير والمميز // هيغل // أدعى بأن الشعوب الأوربية هي الأكثر ذكاء من بين الشعوب وفي مقدمتهم الشعب الألماني لكن العلم الحديث اثبت بالبرهان العلمي القاطع خطأ هذه النظرية وأثبت بأن البشر جميعاًً هم ينحديرون  من فصيلة وأرومة واحدة ولهم نفس حجم الدماغ ووزنه وعدد الخلايا الدماغية ولا فرق بمن لهم بشرة بيضاء أو سوداء في هذا الإطار فهل هذا الخطأ يقلل من عظمة هؤلاء الفلاسفة وما قدموه للبشرية من أبداع فكري … وهل //غرامشي و فوكوياما أكثر علماً ومقدرة من هؤلاء العظماء حتى يكونا معصومين عن الخطأ ؟

وكما هو معروف فأن الفكر الفلسفي بدأ من // طاليس // فهل ظهور العديد من الفلاسفة بعد هذا الفيلسوف من الذين انطلقوا من نهجه الفكري وانشئوا العديد من المذاهب الفلسفية هل يمكن اعتبار هؤلاء الفلاسفة بأنهم نصابين ولصوص قد سطو على فلسفة // طاليس // وعلى نهجه في التفكير وهل هذا الأمر يقلل من عظمة ومكانة // طاليس // كأول شخص أسس الفكر الفلسفي ؟ وأخيراً هل خرج هذا الكاتب أو ذاك من رحم أمه كاتبا وبالفطرة أم أنه تناول مئات الكتب حتى أستطاع أن ينشئ لنفسه خلفية فكرية ينطلق منها… وهل كل الخلفيات الفكرية تبنى على نظم وأنساق معرفية يخدم البشرية ….  وعلى سبيل المثال هل الدكتور // البوطي // بإنتاجه الغزير من التراث الديني هل خدم الشعب السوري أو الشعب الكردي أم داس بقدمه على نسبه ووضع نفسه وعلمه في خدمة الاستبداد والدكتاتورية ؟  

يتبع …  

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم محمود

أول القول ومضة

بدءاً من هذا اليوم، من هذه اللحظة، بتاريخ ” 23 تشرين الثاني 2024 ” سيكون هناك تاريخ آخر بحدثه، والحدث هو ما يضفي على زمانه ومكانه طابعاً، اعتباراً، ولوناً من التحويل في المبنى والمعنى القيَميين والجماليين، العلميين والمعرفيين، حدث هو عبارة عن حركة تغيير في اتجاه التفكير، في رؤية المعيش اليوم والمنظور…

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…