صبري رسول يبحث عن الغبار في براري مجموعته الجديدة

   عمر كوجري

 عن دار بعل الدمشقية،أصدر القاص والصحفي الكردي السوري صبري رسول مجموعة قصصية جديدة بعنوان « غبار البراري» بعد مجموعتين قصصيتين الأولى” القطا ترقص النهر الجميل” بالاشتراك مع عمر كوجري، والثانية ” وغاب وجهها” عام 2004 

المجموعة القصصية الجديدة مكوّنة من 112 صفحة من القطع المتوسط، وبطباعة أنيقة، ويبدو أن الكاتب احتفل بجمالية الشكل متضافراً مع جمالية المضمون لإضفاء حالة من الجمال الذي رغب القاص أن يكتنف مجموعته القصصية الثالثة.
يتكئ القاص رسول على خبرة حياتية، وثقافة أكاديمية عالية تمكنه، وتمده بالعطاء ومواصلته متجاوزاً الحرائق التي أدمت فؤاده، وأحرقت أصابع يديه الحانتين على كل كلمة أو سطر يسطره قلمه.
  من الملاحظ أن القاص رسول، رغم نشاطه وحضوره لا يستعجل النشر بل يتأنى ويصبر” ولكل امرئ من اسمه نصيب”، ويتوقف، ويحذف، ويضيف كثيراً قبل أن يفكر بالنشر من جديد، لذا فالتباين الزمني في نشر المجاميع القصصية واضح، وهدف القاص من وراء مقصده اختمار التجربة الكتابية، والقلق على المنجز الكتابي حتى تتوضح الرؤى، والرؤيا – الحلم الذي ينشده كل مشتغل في حقل الكتابة.
 
في المجموعة الراهنة خمس عشرة قصة قصيرة، وثمة في نهاية المجموعة أقصوصات قصيرة جداً تحت عنوان رئيسي « أنفاس مخنوقة» إضافة إلى تفرعات عنوانية لكل قصة قصيرة« جداً»
يقول صبري رسول في إحدى هذه القصص القصيرة جداً:
اليوم الأول: طمر البذرة في التراب.
اليوم الثاني: سكب روحه مع الماء على الوردة الطالعة.
اليوم الثالث: تأمل الوردة المبتسمة فوق الغصن.
اليوم الرابع: لم يجد الوردة، فدمع قلبه.
مجموعة” غبار البراري” مدعوة بأن تقول أكثر مما قالته المجموعتان السابقتان، وإلا ستكون الملكة الإبداعية على محك المساءلة.
 ومن الطبيعي أن قبلات  استقبال المجموعة الجديدة، أو سهام النقد ستكون حادة في هذه المجموعة الثالثة، ويفترض أن الكاتب طوّر من أدواته الإجرائية والتقنية بعد مكوث في أرض السرد القصصي أكثر من عشرين عاماً، وهذه لعمري فترة كافية لاختمار ونضج الرغيف الإبداعي.
الكتاب جدير بالقراءة، ومجلب للمتعة الروحية، وهذه دعوة لقراءة صبري رسول قاصاً من جديد، بعدما عرفناه فارساً في الكتابة النقدية الرصينة  ومتابعاً للشأن الثقافي والسياسي العام في البلد.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أصدرت منشورات رامينا في لندن حديثاً المجموعة القصصية “تبغ الفجر” الشاعر السوري الكردي علي جازو، في كتاب يضم اثنتين وعشرين قصة قصيرة تتنوع بين النصوص اليومية المكثفة والمقاطع التأملية ذات الطابع الشعري والفلسفي.

تتّسم قصص المجموعة بأسلوب سرديّ دقيق، يبتعد عن الزخرفة اللغوية ويميل إلى الكتابة من الداخل. الشخصيات تتحدّث من دواخلها لا من مواقفها، وتُركّز…

خوشناف سليمان ديبو

 

يُعد الأديب والفيلسوف الروسي فيودور دوستويفسكي من أبرز وأعظم الروائيين في تاريخ الأدب العالمي. فقد أدرِجت معظم أعماله ضمن قوائم أفضل وأهم الإبداعات الأدبية وأكثرها عبقرية. وتكمن أعظم ميزات أدبه في قدرته الفذة على سبر أغوار النفس البشرية، وتحليل خفاياها ودوافعها العميقة. قراءة رواياته ليست مجرد متعة سردية، بل رحلة فكرية وروحية تُلهم…

غريب ملا زلال

شيخو مارس البورتريه وأتقن نقله، بل كاد يؤرخ به كسيرة ذاتية لأصحابه. لكن روح الفنان التي كانت تنبض فيه وتوقظه على امتداد الطريق، أيقظته أنه سيكون ضحية إذا اكتفى بذلك، ولن يكون أكثر من رسام جيد. هذه الروح دفعته للتمرد على نفسه، فأسرع إلى عبوات ألوانه ليفرغها على قماشه…

فواز عبدي

 

كانت شمس نوروز تنثر ضوءها على ربوع قرية “علي فرو”، تنبض الأرض بحياةٍ جديدة، ويغمر الناسَ فرحٌ وحنين لا يشبهان سواهما.

كنا مجموعة من الأصدقاء نتمشى بين الخُضرة التي تغسل الهضاب، نضحك، نغني، ونحتفل كما يليق بعيدٍ انتظرناه طويلاً… عيدٍ يعلن الربيع ويوقظ في ذاكرتنا مطرقة “كاوى” التي حطّمت الظلم، ورسمت لنا شمساً لا تغيب.

مررنا…