التجنّي و الإفتئات على مسيرة جالية الكرد في الإمارات

بقلم :علي حسن

كم كان حرياً بالسيد خورشيد شوزي و هو يكتب و يؤرخ  للجالية الكردية في دولة الإمارات العربية المتحدة و يذّكر بمفاصلها المهمة كم كان حرياً به أن يتسم بالموضوعية و يتوخى المصداقية في سرد الوقائع و الاحداث ، إنصافاً للحقيقة و لكل من بذل جهداً في تشييد هذه الجالية التي أكتسبت بمثابرة جموع أبناءها  سمعة طيبة بين الجاليات الكردية في المهجر .

فليُّ عنق الحقيقة لا يخدم مصلحة الجالية البتة لا الآن ولا مستقبلاً و لا التقزيم لمرحلة من المراحل و الحط من قيمتها ومكانتها و إن بشكل موارب في مقابل النفخ بلا سبب و التضخيم بدون مبرر في أهمية مرحلة أخرى ، فذاكرة أبناء الجالية ليست مثقوبة و تتذكر التفاصيل لا بل أدق أدق التفاصيل و في كل محطة من محطات التواجد الكردي في دولة الإمارات العربية المتحدة .
فكيف لنا أن ننسى أو نتناسى أو نهمل الصيحات الدائمة التي كان يطلقها الشيخ الجليل عبد الرزاق جنكو الداعية لتأطير النشاط الكردي في الدولة و محاولاته و مساعيه الحثيثة و مجهوداته في لم شمل الكرد فيها و قد كان السباق في طرحه هذا .
و كيف لنا أن نمرّ مرور الكرام على مبادرة مجموعة الشباب (وليد توفيق . صلاح وتي . صالح ابو بروسك . ابراهيم اليزيدي . علي شلال .  وليد حاج عبد القادر .عامر عثمان)  لتكوين اللجنة التحضيرية و عقد المؤتمر التأسيسي للجالية وذلك بعد أسابيع لا بل أشهرمن النقاشات و إستمزاج أراء غالبية الكرد المقيمين و التي تمخضت عن ولادة أول جالية كردية في الإمارات و بحضور القنصل العراقي الكردي في الإمارات آنذاك الأستاذ عصمت عكيد و الأستاذ عماد مزوري ممثل حكومة إقليم كوردستان .
كما إنه لمن الجفاء أن يتجاهل السيد شوزي أدوار من كانوا جنوداً مجهولين لتوحيد الجالية و عملوا طويلا على تقريب وجهات النظر و أستطاعوا بصبرهم و إصرارهم على تحقيق رغبة أبناء الجالية في وحدتها بالرغم من كل العقبات و الصعاب التي إعترضتهم  .
وبالعودة على ما بدء به السيد شوزي ، فالحاجة للجالية كإطار عمل كردي آنذاك باتت ملحة و أزدادت الحاجة لها علاوة على كل الموجبات البديهية التي تستدعي تكوين أي جالية  من تمثيل الوجود الكردي و التواصل و رعاية أبناءها قدر المستاطع و ………..الخ  إلا أن الأهم من كل هذا وذاك أن سعي البعض ممن هم بعيدين كل البعد عن العمل الوطني و محاولتهم إختطاف التمثيل الكردي و العبث في هذا المضمار  إنْ كان في المناسبات الوطنية أو غيرها و تجيّرها للمصالح الشخصية البحتة دون الإهتمام بالبعد القومي فعلى سبيل المثال باتت حفلات الكرد و رهناً بيد ثلّة مزاجية و مناسباتهم بمثابة مطيّة لتمرير أجندتهم و تلميع صورتهم و حاشيتهم ، فتمثيل الكرد غدا واجهة يستتر خلفها من يريد إخفاء ما يخجل منه و مجرد جواز سفر لصفقات متأملة أو موعودة و ما خفي كان أدهى و أعظم ، وهكذا كانت تغزو أبصارنا الصور المنشورة و التي تُظهر من لا يبرح المسرح ولا الفنانين أو حلقة الدبكة أو حتى إعتلاء عنق أحد أتباعه من شدة الحماسة !
و بقيام الجالية سُدّتْ كل الطرق و المنافذ أمام من كانوا يودّون إدعاء تمثيل الكرد زيفاً ، فالتجؤا بعدها لتشكيل بدائل عساها تسعفهم وكان مصيرها الفشل ولم يبق لهم إلا شق وحدة الجالية وهذا ما حصل وهوما يوصّفهُ السيد شوزي و يشخّصه بمبادرة مجموعة من الخيرين على الدعوة لإنتخاب هيئة الجالية بحجة تزايد عدد الكرد أو غيرها من المبررات الواهية فلماذا لا تسمى الأشياء بأسماءها ؟ ولماذا هذا التذاكي المفضوح ؟ عموماً يطول الحديث في هذا المجال الذي لا نود الخوض فيه والعودة  لتلك الصفحات التي تحمل الكثير الكثير من المسكوت عنه و لا نريد نكء جراح اندملت و فترة يبدو أنه يستمتع بسرد ما يطيب له منها كما أستغرب جداً التطرق لها الآن .
و أما تحفظ السيد شوزي على العملية الإنتخابية و التي أدت إلى توحيد الجالية و التي تمت تحت إشراف اللجنة التي قادت حوارات توحيد الجالية فهي غير مفهومة و مبهمة و إن حاول أن يتوارى خلف يافطات برّاقة من قبيل (تمثيل المرأة ) أو (البعد الكردستاني) اللهم إلا لأن النتائج لم ترقْ له و لم يكن ممثلاً في الهيئة الإدارية .
و الأنكى من كل هذا ما يسم به السيد شوزي في خاتمة سرده لمسيرته المظفرة لرفاقه بالهيئة الإدارية  الحالية للجالية و يصفهم بأن غالبيتهم و(أشدد على غالبيتهم) يفتقدون للخبرة في إدارتها و في هذا العجب العجاب ، ألم يتم تزكيتهم من قبل أبناء الجالية و مؤتمرها ؟ وهل يشكك السيد شوزي بأهلية من حضر المؤتمر و زكّى أعضاء الهيئة ؟ و ما هي التشكيلة التي يرضى عنها السيد شوزي ؟ وهل لا زال شوزي يحنّ للأيام الخوالي ؟ أسئلة ملحة تنتظر الإجابة منه و بكل صراحة .

 إن أي تقييم لمرحلة زمنية تتطلب من صاحبها التجرد و الإحساس العالي بالمسؤولية و الحيادية كيما تسمى شهادة معتبرة يمكن الركون لها و أما وجهات النظر المسبقة التي يمكن إستخدامها كقوالب لسكب المكان و الزمان فيها فلا تعطي إلا هياكل مسخ لا روح فيها لمجافاتها  للواقع و تبقى معطوبة و كاسدة إلى أن يرث الله الأرض و ما عليها .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

سيماف خالد محمد

أغلب الناس يخافون مرور الأيام، يخشون أن تتساقط أعمارهم من بين أصابعهم كالرمل، فيخفون سنواتهم أو يصغّرون أنفسهم حين يُسألون عن أعمارهم.

أما أنا فأترك الأيام تركض بي كما تشاء، تمضي وتتركني على حافة العمر وإن سألني أحد عن عمري أخبره بالحقيقة، وربما أزيد على نفسي عاماً أو عامين كأنني أفتح نافذة…

ابراهيم البليهي

منذ أكثر من قرنين؛ جرى ويجري تجهيلٌ للأجيال في العالم الإسلامي؛ فيتكرر القول بأننا نحن العرب والمسلمين؛ قد تخلَّفنا وتراجعنا عن عَظَمَةِ أسلافنا وهذا القول خادع، ومضلل، وغير حقيقي، ولا موضوعي، ويتنافى مع حقائق التاريخ، ويتجاهل التغيرات النوعية التي طرأت على الحضارة الإنسانية فقد تغيرت مكَوِّنات، ومقومات، وعناصر الحضارة؛ فالحضارة في العصر الحديث؛ قد غيَّرت…

سلمان إبراهيم الخليل
تبدلت ملامحي على دروب الرحيل
ثمة أنفاس تلهث خلف الذكريات
تركض خلف أسفار حزني المستدام
الأرصفة وحدها من تشعر بأنات جسدي
وهو يئن من لهيب المسافات

المطر الأسود ينهش في جغرافيا الروح
وهي تعزف للريح تراتيل الغربة
وأنا ألملم شظايا أحلامي بخرقة هشة
لأتوه في دهاليز المجهول

أمد نظري في الأفق البعيد
أمد يدي لمرابع الطفولة
انتظر لهفة أمي وأبي
لكن ما من أحد يصافح
لقد…

سيماف خالد محمد
كنتُ جالسةً مساءً أستمع إلى الأغاني وأقلب صفحات كتاب، حين ظهر إشعار صغير على شاشة هاتفي، كانت رسالة من فتاة لا أعرفها مجرد متابعة لصفحتي منذ سنوات.
كتبت لي دون مقدمات:
أنا أتابعك دائماً وأرى أنك تكتبين عن القصص الاجتماعية، هل يمكنك أن تكتبي قصتي؟ أريد أن يكتب أحد عن وجع طفولتي، ربما إذا قرأتها…