محمد قاسم ” ابن الجزيرة “
m.qibnjezire@hotmail.com
مما سبق يمكننا أن نستنج بأن الحياة معقّدة لجهة غزارة العناصر، وغموض- أو خفاء- بعضها، وربما قصور إمكانياتنا الفكرية لاستيعابها كلاً…
m.qibnjezire@hotmail.com
مما سبق يمكننا أن نستنج بأن الحياة معقّدة لجهة غزارة العناصر، وغموض- أو خفاء- بعضها، وربما قصور إمكانياتنا الفكرية لاستيعابها كلاً…
وكلما تقدم العلم ونظرياته، ونتائج تطبيقاته –تكنولوجيا- فإن الحاجة الى التخصص يزداد لكي نفهم-كبشر – بعض ما هو ضروري لنا؛ فهما لأسرار تكشف النهج الى معالجات مختلفة لمشكلاتنا، شريطة أن لا يصل التخصص بنا الى حد “الإنسان ذي البعد الواحد” كما أشرنا، فنخسر –أو نفقد- مرونة تحاول الجمع بين عموميات أساسية لفهم الحياة، وجزئيات ضمن منظومتها وفي سياقها- لا بد منها في ممارسة الحياة اليومية المعاشة على كل صعيد.
وهنا قد نتساءل: كيف نحيا؟
وكيف ينبغي أن نمارس الحياة أو نعيشها؟
ما هي أولويات الحياة بالنسبة للإنسان؟
القائمة تطول…لكننا نأخذ منها ما نراه أساسيا –كمقومات- تحفظ قيمتنا البشرية أولا، ومن ثم النهج الذي يفترض أن نسير فيه ثانيا، والغاية التي يفترض أن نسعى إليها ثالثا… لنشعر بـ “راحة ضمير” في لحظات إغماض العينين حين الموت.
كثيرون يقولون، وسيقولون : الموت طبيعي، ولا يؤلم الشاةَ سلخُها بعد الموت.
أو غير ذلك من مقولات يرددها الناس، وأحيانا بأسلوب آلي لا يعكس إدراك مضمونها بكفاية….لكن الذي يتفكر بعمق، ربما يقبل أن ربط الحياة مع الموت وما بعده، قد يكون أفضل معنى يغني الحياة –الإنسانية طبعا- فلا معنى ذي قيمة للحياة إذا اعتبرناها مجرد نهج عبثي، أو مجرد حياة عبثية؛ قوامها ما نحقق فيها من ملذات بلا ضوابط…وهذه إحدى الاتجاهات الفلسفية لفهم الحياة، خاصة في الثقافة الغربية. فالشرق يبقى دوما أكثر روحانية؛ في ثقافته النظرية –على الأقل-.
لا أود أن يُفهم بأنني انتهج نهجا صوفيا –على الرغم من إعجابي الشديد بالكثير من مفاهيمه،لسبب بسيط هو:إن الفكر-والسلوك- المعلن عن الصوفية هو التعمق في فهم الحقيقة واعتناقها، والله هو الحقيقة الأكبر في نظرهم، ثم البحث عن ما يوصل إليه…
وسواء انجحوا ام أخفقوا؛ فإن المعلَن من الفكرة، والنظرية، والنهج… موضع احترام لمن يحب الحقيقة والبحث عنها … لذا هنالك من صنّف بعض المسعى الصوفي تحت مسمى الفلسفة، وان كان أغلب المتصوفة يعترضون على جمعهم مع الفلاسفة.
فهم يعتبرون نهجهم مجاهدات إيمانية ، والإلهام أهم مصادر معرفتهم – على الأقل هذا ما يقوله “حجة الإسلام” أبو حامد الغزالي” . صاحب مؤلفات عدة منها “إحياء علوم الدين” .
أود أن أكون ممن يصنفون باحثين فحسب –وليس بالمعنى الأكاديمي، وان كنت اطمح إليه…وإنما فقط باني إنسان كذاك الألماني أجاب على سؤال بقول ما معناه: كنت أسوح باحثا عن ذاتي أربعين عاما حتى وجدتها- أو عرفتها- والآن أعيشها كما فهمتها.
ويبدو أن البحث يبدأ دائما من هذه النقطة “معرفة الذات”.
وكان سقراط ،الفيلسوف اليوناني المعروف، قد أعلنها حكمة تتردد في كل مناسبة تستوجبها ” اعرف نفسك بنفسك”. ويقال انه استوحاها من شعار مكتوب على باب معبد دلف في أثينا…
إذا- وكنتيجة أولية لما سبق- فالأولوية الأولى هي: البحث عن الذات، ومعرفتها في كل مكوناتها الأساسية : العقل..النفس..الغرائز..الميول..الرغبات..العواطف..الإرادة..المؤثرات الاجتماعية .. نتائج الخبرة.. القناعات والمعتقدات…الخ.
وعندما نعرف ذواتنا والبيئة التي تحيط بنا؛ فسنبدأ البحث عن الكيفية التي ينبغي أن نعيشها، وهذه ربما تكون الأولوية الثانية، فالتكيف هنا لعله أهم خاصة يفترض بنا أن نعيه، ونسعى لإغنائه بما يجعله مرنا يخدم زيادة مستواه ورقي نتائجه وانعكاساته.
ومن ثم معرفة الغايات والأهداف، ونسعى لتحقيقها، ومشروعيتها وفقا لمعايير نتعرف عليها في سياق البحث عن الذات، خاصة في صلتها الاجتماعية-ومنها الأخلاقية (بمعناها العام –الايجابي والسلبي معا، كما تعتمد الفلسفة نهج تعريفها ودراستها). و ولعل هذه هي الأولوية الثالثة فيما أرى…
أما الأولوية الأخرى – الرابعة– فقد تكون في تحسين كل ما يتعلق بحيوية، ونشاط، وأداء الإنسان …ربما يكون هذا هو المنحى الجمالي في حياة الإنسان العملية…
ولا يمكن –طبعا- الفصل بين الأولويات، وإنما هي محاولة فهم لها، في نوع من التجزيء الذي يساعد على حسن الفهم، ومن ثم حسن التفاعل أداء لها. نذكر هنا بالمدرسة الجشطلتية الألمانية التي ترى عملية الإدراك، كلا يتفرع، ثم يعود كلا باستمرار …
لهذا أشرنا الى الطبيعة المعقّدة للحياة، مما يفرض جهدا، وبصيرة، وخبرة، ومصداقية أيضا، في محاولة فهم مفيد فعلا، والغوص في أعماق المعاني التي تكون بعيدة أحيانا، وخافية أحيانا –وغامضة أحيانا،ومختلطة أحيانا… وتدع التباسا في الذهن، قد ينعكس سلبا على الفهم والتطبيق معا…
ومن هنا نذكِّر بأن أولئك الذين يتصدّون لمواقع المسؤولية؛ علميا؛ وثقافيا، واجتماعيا، وسياسيا …الخ. ودون أن يكونوا جادّين في مسعاهم ، وبمواصفات مُؤهِّلة؛ سينحصرون –تلقائيا طال الزمن بهم أو قصر– في زوايا غير محمودة، وغير محبذة؛ لا لهم ، ولا للحياة البشرية؛ في أي مكان أو زمان أو تجل أو مظهر…لأنها تكون مشوّهة ، وغير ملائمة للسياق الطبيعي للأمر.
وهذا يكون أكثر سوءا في الأنشطة الحيوية اجتماعيا؛ بمعناها الأعم –ومنها السياسة والاقتصاد والدين…الخ.
يبدو أن هوى قد طغى في العقود الأخيرة –بمسعى من جهات أيديولوجية استطاعت أن تتسلل الى أن الحكم – وهي هوى الانخراط في السياسة ، ودون مؤهلات حقيقية لممارسة المسؤولية فيها بدوافع خاصة جدا…وهذا يوافق مصلحة الأنظمة الأيديولوجية ، فهي تسعى لتسييس ناقص للمجتمع كله؛ وفقا لأيديولوجية ذات طبيعة ذاتية، تسخّر لمصالحها من كل جانب… عبر الهيمنة على كل منابع الثقافة، كالتعليم مثلا في مراحله المختلفة، لتصنيع الناس وفقا لهواهم-إذا جاز التعبير- وفي اتجاه خدمة وجودهم، وبقائهم، واستمرارهم في الحكم، والذي يبدؤون بالاستهتار فيه كلما اطمأنوا الى أنهم ملكوا كل شيء، ومنهم الناس.
وليحققوا ذلك، فالمراكز لأتباعهم، بعد تصنيعهم وفقا لما يرغبون، والفعاليات المختلفة لهم. ويستجيب لهذا معظم الذين لهم ثقافة حياتية تعاني من القيم الناضجة وذات البعد الإنساني الأعمق والإيجابي…
ودعما لهذا الواقع، فإنهم يزرعون الخوف منهجيا في نفوس الجميع؛ عبر تضخيم أجهزة استخبارية يصبح لها اليد الطولي في كل شيء…
قد يمكن تبرير هذا للحكام، فهم يخدمون- في الحصيلة- مصالحهم الشخصية ضمن هيكلية ما، قد تسمى، قومية أو وطنية ، أو دينية…وهم في الحصيلة الجزء المتحكم فيها والمستفيد منها.
لكن كيف يمكن تبرير مثل هذا السلوك المأجور: المستسلم –أو المتكئ- أو المنقاد- في صورة ما، لأولئك الذين يزعمون النضال من اجل حقوق شعوبهم “المشروعة” فيتحولون –ومهما كانت الأسباب والتبريرات- إلى أدوات ضد هذه الحقوق بشكل فاقع، عندما يرتهنون –مهما كانت التوصيفات- لمن يعرَفونهم أعداء-ومستغلون لشعوبهم تاريخيا- ولا يخفى لا ميولهم، ولا عدوانيتهم، ولا مخاطر ناتجة من هذا الاستسلام المشين،تحت بنود ليست مقنعة ..
العدو هو عدو وان اختلف شكل تجليه، وكل ذي مصلحة له مصالحه، وان التعامل على أساس المصلحة لا ينبغي أن يفقد المبادئ والقيم الجامعة لمجتمع ما؛ أهميتها، أيا كان، وفي أي موقع كان.
الحقوق والمطالب المشروعة فرديا أو جماعيا سياسيا أو ثقافيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا… لا تصبح ذات مشروعية ما لم تستند الى قيم ومبادئ تعطيها شرعيتها، وديمومتها وفقا لهذه المبادئ والمشروعية المستمدة منها، أوالمستندة إليها.
إذا كنت كفرد أو كجماعة قومية وطنية أو دينية…. سأعاني من سوء سلوك يفقدني قوام الحقوق الإنسانية وجوهرها،مهما كانت المبررات والذرائع، فما الذي سيختلف عندئذ إذا كان هذا الحاكم المستبد- والمتجاوز عموما- هو من قوميتي، أو وطني، أو ديني…؟!
في الآونة الأخيرة، وقبل انهيار النظام العراقي سمعنا الكثيرين ممن يتحسرون على أيام الاستعمار، وهذا ما نسمعه اليوم من الكثيرين في مختلف البلدان التي تتحكم أنظمتها في شعوبها.
فالحياة، أولا كوجود، ثم رتوشها ثانيا… وليس العكس، كما يحاول بعض الذين لم يكلفوا أنفسهم فهم الحياة، لأنهم في مواقع ينسون من خلالها أن طبيعة الحياة البشرية هي واحدة في عموميتها، وليست المواقع سوى رتوش فيها، لا جواهر. وهذا ما نراه في حكام كانوا في القمة، ولكنهم تهاووا بين أيدي ضحاياهم، ولا تزال صورة القذافي -مثلا- أمام أعيننا –على الرغم من عدم الموافقة على الأسلوب – وهو دامي الوجه، يضرب من أبسط الناس حياة، وربما كان أصغرهم قيمة اجتماعية ذات يوم – على الأقل في نظر القذافي نفسه-.
وذهب كل ما كان يهوبر به مع الريح….!!!
وكيف ينبغي أن نمارس الحياة أو نعيشها؟
ما هي أولويات الحياة بالنسبة للإنسان؟
القائمة تطول…لكننا نأخذ منها ما نراه أساسيا –كمقومات- تحفظ قيمتنا البشرية أولا، ومن ثم النهج الذي يفترض أن نسير فيه ثانيا، والغاية التي يفترض أن نسعى إليها ثالثا… لنشعر بـ “راحة ضمير” في لحظات إغماض العينين حين الموت.
كثيرون يقولون، وسيقولون : الموت طبيعي، ولا يؤلم الشاةَ سلخُها بعد الموت.
أو غير ذلك من مقولات يرددها الناس، وأحيانا بأسلوب آلي لا يعكس إدراك مضمونها بكفاية….لكن الذي يتفكر بعمق، ربما يقبل أن ربط الحياة مع الموت وما بعده، قد يكون أفضل معنى يغني الحياة –الإنسانية طبعا- فلا معنى ذي قيمة للحياة إذا اعتبرناها مجرد نهج عبثي، أو مجرد حياة عبثية؛ قوامها ما نحقق فيها من ملذات بلا ضوابط…وهذه إحدى الاتجاهات الفلسفية لفهم الحياة، خاصة في الثقافة الغربية. فالشرق يبقى دوما أكثر روحانية؛ في ثقافته النظرية –على الأقل-.
لا أود أن يُفهم بأنني انتهج نهجا صوفيا –على الرغم من إعجابي الشديد بالكثير من مفاهيمه،لسبب بسيط هو:إن الفكر-والسلوك- المعلن عن الصوفية هو التعمق في فهم الحقيقة واعتناقها، والله هو الحقيقة الأكبر في نظرهم، ثم البحث عن ما يوصل إليه…
وسواء انجحوا ام أخفقوا؛ فإن المعلَن من الفكرة، والنظرية، والنهج… موضع احترام لمن يحب الحقيقة والبحث عنها … لذا هنالك من صنّف بعض المسعى الصوفي تحت مسمى الفلسفة، وان كان أغلب المتصوفة يعترضون على جمعهم مع الفلاسفة.
فهم يعتبرون نهجهم مجاهدات إيمانية ، والإلهام أهم مصادر معرفتهم – على الأقل هذا ما يقوله “حجة الإسلام” أبو حامد الغزالي” . صاحب مؤلفات عدة منها “إحياء علوم الدين” .
أود أن أكون ممن يصنفون باحثين فحسب –وليس بالمعنى الأكاديمي، وان كنت اطمح إليه…وإنما فقط باني إنسان كذاك الألماني أجاب على سؤال بقول ما معناه: كنت أسوح باحثا عن ذاتي أربعين عاما حتى وجدتها- أو عرفتها- والآن أعيشها كما فهمتها.
ويبدو أن البحث يبدأ دائما من هذه النقطة “معرفة الذات”.
وكان سقراط ،الفيلسوف اليوناني المعروف، قد أعلنها حكمة تتردد في كل مناسبة تستوجبها ” اعرف نفسك بنفسك”. ويقال انه استوحاها من شعار مكتوب على باب معبد دلف في أثينا…
إذا- وكنتيجة أولية لما سبق- فالأولوية الأولى هي: البحث عن الذات، ومعرفتها في كل مكوناتها الأساسية : العقل..النفس..الغرائز..الميول..الرغبات..العواطف..الإرادة..المؤثرات الاجتماعية .. نتائج الخبرة.. القناعات والمعتقدات…الخ.
وعندما نعرف ذواتنا والبيئة التي تحيط بنا؛ فسنبدأ البحث عن الكيفية التي ينبغي أن نعيشها، وهذه ربما تكون الأولوية الثانية، فالتكيف هنا لعله أهم خاصة يفترض بنا أن نعيه، ونسعى لإغنائه بما يجعله مرنا يخدم زيادة مستواه ورقي نتائجه وانعكاساته.
ومن ثم معرفة الغايات والأهداف، ونسعى لتحقيقها، ومشروعيتها وفقا لمعايير نتعرف عليها في سياق البحث عن الذات، خاصة في صلتها الاجتماعية-ومنها الأخلاقية (بمعناها العام –الايجابي والسلبي معا، كما تعتمد الفلسفة نهج تعريفها ودراستها). و ولعل هذه هي الأولوية الثالثة فيما أرى…
أما الأولوية الأخرى – الرابعة– فقد تكون في تحسين كل ما يتعلق بحيوية، ونشاط، وأداء الإنسان …ربما يكون هذا هو المنحى الجمالي في حياة الإنسان العملية…
ولا يمكن –طبعا- الفصل بين الأولويات، وإنما هي محاولة فهم لها، في نوع من التجزيء الذي يساعد على حسن الفهم، ومن ثم حسن التفاعل أداء لها. نذكر هنا بالمدرسة الجشطلتية الألمانية التي ترى عملية الإدراك، كلا يتفرع، ثم يعود كلا باستمرار …
لهذا أشرنا الى الطبيعة المعقّدة للحياة، مما يفرض جهدا، وبصيرة، وخبرة، ومصداقية أيضا، في محاولة فهم مفيد فعلا، والغوص في أعماق المعاني التي تكون بعيدة أحيانا، وخافية أحيانا –وغامضة أحيانا،ومختلطة أحيانا… وتدع التباسا في الذهن، قد ينعكس سلبا على الفهم والتطبيق معا…
ومن هنا نذكِّر بأن أولئك الذين يتصدّون لمواقع المسؤولية؛ علميا؛ وثقافيا، واجتماعيا، وسياسيا …الخ. ودون أن يكونوا جادّين في مسعاهم ، وبمواصفات مُؤهِّلة؛ سينحصرون –تلقائيا طال الزمن بهم أو قصر– في زوايا غير محمودة، وغير محبذة؛ لا لهم ، ولا للحياة البشرية؛ في أي مكان أو زمان أو تجل أو مظهر…لأنها تكون مشوّهة ، وغير ملائمة للسياق الطبيعي للأمر.
وهذا يكون أكثر سوءا في الأنشطة الحيوية اجتماعيا؛ بمعناها الأعم –ومنها السياسة والاقتصاد والدين…الخ.
يبدو أن هوى قد طغى في العقود الأخيرة –بمسعى من جهات أيديولوجية استطاعت أن تتسلل الى أن الحكم – وهي هوى الانخراط في السياسة ، ودون مؤهلات حقيقية لممارسة المسؤولية فيها بدوافع خاصة جدا…وهذا يوافق مصلحة الأنظمة الأيديولوجية ، فهي تسعى لتسييس ناقص للمجتمع كله؛ وفقا لأيديولوجية ذات طبيعة ذاتية، تسخّر لمصالحها من كل جانب… عبر الهيمنة على كل منابع الثقافة، كالتعليم مثلا في مراحله المختلفة، لتصنيع الناس وفقا لهواهم-إذا جاز التعبير- وفي اتجاه خدمة وجودهم، وبقائهم، واستمرارهم في الحكم، والذي يبدؤون بالاستهتار فيه كلما اطمأنوا الى أنهم ملكوا كل شيء، ومنهم الناس.
وليحققوا ذلك، فالمراكز لأتباعهم، بعد تصنيعهم وفقا لما يرغبون، والفعاليات المختلفة لهم. ويستجيب لهذا معظم الذين لهم ثقافة حياتية تعاني من القيم الناضجة وذات البعد الإنساني الأعمق والإيجابي…
ودعما لهذا الواقع، فإنهم يزرعون الخوف منهجيا في نفوس الجميع؛ عبر تضخيم أجهزة استخبارية يصبح لها اليد الطولي في كل شيء…
قد يمكن تبرير هذا للحكام، فهم يخدمون- في الحصيلة- مصالحهم الشخصية ضمن هيكلية ما، قد تسمى، قومية أو وطنية ، أو دينية…وهم في الحصيلة الجزء المتحكم فيها والمستفيد منها.
لكن كيف يمكن تبرير مثل هذا السلوك المأجور: المستسلم –أو المتكئ- أو المنقاد- في صورة ما، لأولئك الذين يزعمون النضال من اجل حقوق شعوبهم “المشروعة” فيتحولون –ومهما كانت الأسباب والتبريرات- إلى أدوات ضد هذه الحقوق بشكل فاقع، عندما يرتهنون –مهما كانت التوصيفات- لمن يعرَفونهم أعداء-ومستغلون لشعوبهم تاريخيا- ولا يخفى لا ميولهم، ولا عدوانيتهم، ولا مخاطر ناتجة من هذا الاستسلام المشين،تحت بنود ليست مقنعة ..
العدو هو عدو وان اختلف شكل تجليه، وكل ذي مصلحة له مصالحه، وان التعامل على أساس المصلحة لا ينبغي أن يفقد المبادئ والقيم الجامعة لمجتمع ما؛ أهميتها، أيا كان، وفي أي موقع كان.
الحقوق والمطالب المشروعة فرديا أو جماعيا سياسيا أو ثقافيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا… لا تصبح ذات مشروعية ما لم تستند الى قيم ومبادئ تعطيها شرعيتها، وديمومتها وفقا لهذه المبادئ والمشروعية المستمدة منها، أوالمستندة إليها.
إذا كنت كفرد أو كجماعة قومية وطنية أو دينية…. سأعاني من سوء سلوك يفقدني قوام الحقوق الإنسانية وجوهرها،مهما كانت المبررات والذرائع، فما الذي سيختلف عندئذ إذا كان هذا الحاكم المستبد- والمتجاوز عموما- هو من قوميتي، أو وطني، أو ديني…؟!
في الآونة الأخيرة، وقبل انهيار النظام العراقي سمعنا الكثيرين ممن يتحسرون على أيام الاستعمار، وهذا ما نسمعه اليوم من الكثيرين في مختلف البلدان التي تتحكم أنظمتها في شعوبها.
فالحياة، أولا كوجود، ثم رتوشها ثانيا… وليس العكس، كما يحاول بعض الذين لم يكلفوا أنفسهم فهم الحياة، لأنهم في مواقع ينسون من خلالها أن طبيعة الحياة البشرية هي واحدة في عموميتها، وليست المواقع سوى رتوش فيها، لا جواهر. وهذا ما نراه في حكام كانوا في القمة، ولكنهم تهاووا بين أيدي ضحاياهم، ولا تزال صورة القذافي -مثلا- أمام أعيننا –على الرغم من عدم الموافقة على الأسلوب – وهو دامي الوجه، يضرب من أبسط الناس حياة، وربما كان أصغرهم قيمة اجتماعية ذات يوم – على الأقل في نظر القذافي نفسه-.
وذهب كل ما كان يهوبر به مع الريح….!!!