الحلم الموؤد..؟!

صلاح جمعة
Salahe90@gmail.com

تتساقط اوراق الخريف وآن الأوان للطيور بآن ترحل إلى بلاد الدفء حيث المعيشة , هكذا كان حال بلدتي الساطعة على مرتفع , في بلدتي الشوارع  خالية من البشر أما الأحياء فتضج بالناس والفقر يدق الأبواب بين حين وآخر………& أبا محمد كان قد هيأ نفسه ونفض ما في جيبه من النقود ربما يمده اليوم بطعامه وشرابه وغدا الرزق على الله. عدّ عدته وربط محزميه.سيذهب إلى الفرن الذي يقع في طرف البلدة ليجلب الخبز.
كان محمد ابنه الصغير الذي يبلغ الثامنة من عمره مستلقيا على ظهره , وتفكيره مختزلا بأن الثلاث ربطا ت تساوي خمسا وأربعون ليرة , وأباه يحمل خمسون ليرة , إذا سيكون هناك خمس ليرات زائدة.البائع لن يرد له الباقي, إذا سأذهب معه لأخذ الباقي وأكل بها البوظة التي وعدني بها أبي منذ عشرة أيام.  و عند العودة سأخبر الأولاد بأنني اليوم تناولت البوظة التي في كل يوم كانوا يتكلمون عن أكلها وعن لذتها وأنا ألحس بلساني حول شفاهي. أصبح الاثنان في الطريق وكان كل منهما يفكر بهمه ويحسب حسابه, الابن. يقول ويتوعد بأنه كيف سيلتهم البوظة وكيف يحافظ على الليرات لكي لا تضيع منه, الأب كان حسابه مختلف فهو يفكر بشراء القداحة التي انفجرت في جيبه من شدة الحر  عندما كان يحفر جور إحدى المباني وصلا المقصد. وقف الأب بجانب الفرن مختبأ” بنفسه لكي لا يراه الموظف الذي له في ذمته بعضا من الديون. قطع محمد الشارع حذرا من السيارات المارة , أتى بالخبز في يده واليد الأخرى يلفها بشدة على ليراته انه سيأكل البوظة اليوم , في طريق العودة وفي الشارع الأخر على رصيف عريض  هناك عدة سيارات وخلف السيارات تظهر وبفخامة بارزة فيلا لأحدى أغنياء البلدة يدعى  أبو كا سر. الذي كان محتارا في أمره أي سيارة سيركب. سيارة الشبح: أنها أصبحت قديمة مرت على صنعها سنتان . اوالشيفر:الذي تعطل فيها المكيف إنها سيغير من لون بشرته.أو الخليجية: مع أنها في سنة صنعها إلا أنه يوجد مشكلة فأن ابنه عندما كان يتدرب على السواقة في وسط الحارة الشعبية فقد تحطمت بعض الاضوية لأنه صدم  ببعض الأرصفة. وأبا كاسر يفكر كم من الفائدة سيدر عليه المعمل من الأرباح  .ويفكر كيف سيقطع عشرة بالمائة من أجر العمال لأنهم لم يحققوا أرباح كبيرة في الشهر الماضي , في نفس اللحظة التي كان أبو كاسر في غيبوبة التفكير بمصالحه وإشغاله ,كانت سيارة قادمة سوداء اللون تسير مثل البرق أنها سيارة أبو جمال, فجأة رأى أبو جمال السيد أبو كاسر واقف إمام فيلته والسيجارة التي في فمه يطلق مناجاتها لأنه يعسرها ولا يتركها قبل أن تصل إلى الفلتر. يحمل بين أصابعه المسبحة التي تناجي السيجارة لإنقاذها وفك أسرها من بين اصابعه يريد أبو جمال إن يراه ليتذكر أبنه الذي دخل السجن بتهمة الإدمان….. لان أبا كاسر له علاقة جيدة مع القاضي الذي سيبث في الحكم عليه لأنه كان متفقا معه بأن يأخذ له هدية متواضعة بسيطة..فقط مقابل توقيع لإخلاء سبيل ولد أمه المدلل. ليعود من جديد إلى أطراف الحي ويمارس حياته من جديد وبينما كان يمد أبو جمال يده ورأسه مستديرا له متجاهلا الطريق والمارة لكي يراه ويسلم عليه سلام حار ليتذكر. ولكن أبو كاسر كان مشغولا بأمور أخرى فلم يرى أبا جمال وفي نفس اللحظة قطع محمد الشارع مسرورا وهو يلف أصابعه الليرات ومعاهدا نفسه ان لا يتركه أنه سيأكل البوظة بينما كان أبو جمال مشغولا بسلامه فكان له بالمرصاد وصدمت السيارة بالمسكين وطرحه أرضا ولم يقف و تابع سيره رمى الأب بنفسه على محمد وصرخ الأب يا ناس يا عالم إسعاف لقد قتل الولد وركض إلى أبو كاسر قال لمن هذه السيارة المسرعة قال ولله لا أعلم ولم أراه ربما يكون غريبا عن البلدة ,أتت سيارة أخرى وتم إسعاف محمد إلى المشفى القريب في وسط البلدة وقام الأطباء بالكشف عليه وتقدير حالته ,تبين انه مصاب ببعض الرضوض والكدمات وقد دخل في غيبوبة مؤقتة…….بعد بضع ساعات قليلة أفاق من سباته ,وفتح عيناه البريئتين وهو يسعل قليلا. قائلا أين نحن يا أبي هل اشترينا البوظة ,ضحك الأب وقال حمدا” لله على سلامتك يا بني.تم محمد تحت المراقبة مدة يومان وهو لا يزال يحتفظ بنقوده في قعر يديه وفي طريق العودة إلى البيت نسى محمد البوظة
فقال له أباه ألن تأكل البوظة…ضحك محمد عميقا وقال نسيت البوظة ولكن لن أنسى أبدا الخمس ليرات فإنها في
جيبي وسأتركها  ذكرى لدي لأتذكر.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ألمانيا- إيسن – في حدث أدبي يثري المكتبة الكردية، صدرت حديثاً رواية “Piştî Çi? (بعد.. ماذا؟)” للكاتب الكردي عباس عباس، أحد أصحاب الأقلام في مجال الأدب الكردي منذ السبعينيات. الرواية صدرت في قامشلي وهي مكتوبة باللغة الكردية الأم، تقع في 200 صفحة من القطع المتوسط، وبطباعة أنيقة وغلاف جميل وسميك، وقدّم لها الناقد برزو محمود بمقدمة…

إبراهيم محمود

أول القول ومضة

بدءاً من هذا اليوم، من هذه اللحظة، بتاريخ ” 23 تشرين الثاني 2024 ” سيكون هناك تاريخ آخر بحدثه، والحدث هو ما يضفي على زمانه ومكانه طابعاً، اعتباراً، ولوناً من التحويل في المبنى والمعنى القيَميين والجماليين، العلميين والمعرفيين، حدث هو عبارة عن حركة تغيير في اتجاه التفكير، في رؤية المعيش اليوم والمنظور…

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…