ملف أعده: أيهم اليوسف
ما أن يسافر أحدنا، أو ينتقل من مكان إلى آخر، أو حتى أثناء التجوال في مكان عام أو مركز تسوق، حتى نشاهد من يفقد حقيبته أو محفظته أو هاتفه المحمول، وربما نجد أحدهم يسأل متوتراً عن غرض ذي قيمة مادية أو معنوية فقده في موقف محرج، فلا يتردد في الإعلان عما حدث له، أملاً في استعادته، وقد يسترده أو لا يفلح في ذلك، فيظل الأثر النفسي عالقاً في ذاكرته . وإذا كان السفر متعة لا تنغصها أحياناً سوى المفقودات، فسيارات الأجرة هي الأخرى أصبحت أشبه بالخزائن التي ينسى فيها الركاب مقتنيات ثمينة، وهو ما جعل المطارات ومؤسسات المواصلات تخصص إدارات تضم مئات الموظفين مهمتهم إعادة المفقودات إلى أصحابها .
السفر متعة ينغصها فقدان المقتنيات
للسفر دور كبير في تغيير الحالة النفسية للمسافر نحو الأفضل، إلا أنه وفي بعض الحالات قد تفسد تلك الفرحة، عندما يجد المسافر نفسه فقد مقتنيات ثمينة وضعها في حقيبة سفره، إضافة للمواقف المحرجة التي يتعرض لها نتيجة فقدانه لنقوده، أو إحدى الحاجات الضرورية، فيقف مشدوهاً باحثاً عن مخرج من ذلك المأزق، وقد تؤدي هذه المواقف إلى حالات إحباط، ونكسات نفسية بنسب متفاوتة، بحسب وضع كل شخص .
تمام علي، فني ديكور، يقول: تعرضت لحادثة مؤسفة قبل سنتين، فبعد عودتي من رحلة جوية استغرقت عدة ساعات، هبطت بنا الطائرة، وتوجهت لمركز استلام الحقائب، وبعد دقائق من البحث عثرت على حقيبتي، على الفور توجهت إلى منزلي، لأفرغ محتوياتها المملوءة بالهدايا الثمينة لعائلتي والأصدقاء، ومن جملتها تحفة “انتيكا” نادرة، لأتفاجأ بأنها ليست حقيبتي، بل كانت تحتوي على الألبسة المستعملة، والقليل من الهدايا البسيطة، والغريب أن شكل الحقيبة الخارجي كان مطابقاً لشكل حقيبتي تماماً، وخطر في ذهني حينها أن أجد في الحقيبة ما يدلني على صاحبها، وللأسف لم يحصل ذلك، ما جعلني أكره رحلتي فأكثر، وبعدها بيومين توجهت إلى المطار حاملاً تلك الحقيبة لأطلع المسؤولين على مشكلتي، في محاولة لإقناع نفسي عسى أن أجد حقيبتي هناك . سألني الشخص المسؤول عن فقدان الأغراض عن “اللصاقة” التي وضعت على مقبض الحقيبة الموجودة معي، إلا أنها كانت منزوعة، كما اللصاقة المرفقة مع تذكرة السفر والتي ألقيتها فور خروجي من المطار، فقال إنهم في مثل هذه الحالة غير مسؤولين عن فقدانها، لأنها خرجت بشكل نظامي مع أحد المسافرين، ولا يوجد بيده أي دليل يوصلهم إليه .
عدنان يونس، يعمل في شركة تجارية، يقول: تم اختياري لحضور دورة تدريبية في مجال عملي بدولة آسيوية، وبعد وصولي إلى هناك، اكتشفت مصادفة أنني فقدت حافظة نقودي، والمحزن أنني وضعت فيها الأموال التي من شأنها أن تغطي مصاريفي، بالإضافة لمبلغ ادخرته سابقاً، وخصصته لشراء بعض الهدايا لوالدي وإخوتي، حينها شعرت بإحراج شديد، وبحثت عن مخرج للموقف الذي فرض علي . ثم اتصلت بأخي وطلبت منه أن يرسل لي مبلغاً من المال لأتدبر أموري، وأنا أحصي الدقائق والساعات إلى أن تم وصول الحوالة بعد يوم من تاريخ إرسالها، وأصبت على أثرها بنكسة نفسية، جعلتني ألزم غرفتي في الفندق، طوال مدة إقامتي هناك، ومن ثم العودة خاوي اليدين إلى أهلي، وتألمت عندما قدم إلي ابن أخي يقبلني، ويسألني عن الهدية التي وعدته بها . موقف قاس جداً لن أنساه ما حييت .
هجار إبراهيم، موظف في شركة شحن يقول: لدى قدومي إلى الإمارات للمرة الأولى قبل عام تقريباً، حصلت معي مشكلة في أوراقي الثبوتية، فاضطررت إلى الانتظار إلى أن يتم التحقق من الأمر، وبعد إنجاز الإجراءات المطلوبة التي استغرقت مدة ساعة تقريباً، توجهت إلى صالة استلام الحقائب حيث كانت حقيبتي موضوعة في المنصة المقابلة لنقطة تجميع حقائب المسافرين، فحملتها وانصرفت، لأكتشف بعد ذلك أنها ليست حقيبتي، فأرشدني أحد الأقارب للذهاب إلى المطار، والاستفسار عن الحقيبة المفقودة، كذلك تسليمهم الحقيبة الموجودة معي، وبالفعل أنجزت تلك الإجراءات في اليوم التالي، وقدمت بلاغاً بذلك، ثم اتصل بي أحد موظفي المطار وأبلغني بالعثور على حقيبتي، وحصل ذلك بعد مروري بموقف محرج جداً، وهو أني كنت أحمل أمانة لأحد معارفي، والصعقة التي نزلت على رأسي، حينما قال لي إنها ذات قيمة مالية كبيرة، وكان ذلك أيضاً بعد يومين من الانتظار والقلق، بشأن تلك الأمانة، والحمد لله تمت استعادة الحقيبة بكل محتوياتها، وتم تسليم الأمانة إلى صاحبها، حيث تداركت الموقف بابتسامة من صاحبها، ما أعاد إلي الروح مجدداً .
عباس غضيب، يقول إنه كان يعاني مرضاً نادراً، وبعد تدهور وضعه الصحي نصحه صديق له بالسفر إلى الهند لتلقي العلاج، وبالفعل ذهب إلى هناك في رحلة استغرقت عدة أيام، ولكن بعد عودته فوجئ بفقدان حقائبه، حيث لم تكن رحلته مباشرة إلى بلده، فقد اضطر إلى الهبوط في أحد المطارات، وصعود طائرة أخرى، مستأنفاً رحلته، الأمر الذي انعكس سلباً على صحته، حيث فقد على أثره الوصفات الطبية التي وصفها له الأطباء هناك، بالإضافة إلى الأدوية النادرة، كذلك عناوين الأطباء وأرقام هواتفهم، وازداد الأمر سوءاً بعد أن منعه الأطباء من السفر نتيجة لحالته الصحية المحرجة .
نسرين عبدالرحمن، تقول: سافرت في زيارة إلى أخي المقيم في دولة أوروبية، وكنت أحمل معي حاسوبي الشخصي وبعد التنقل في السوق الحرة بالمطار، قبل إقلاع الطائرة، وعودتي إلى قاعة الانتظار فالصعود إلى الطائرة، في تلك اللحظة التي لا يمكن أن أعود مطلقاً بعدها إلى صالة الانتظار، انتبهت إلى أنني فقدته، قبل إقلاع الطائرة بدقائق، لذا كانت رحلتي تعيسة، لانشغالي باستذكار ملفات عملي التي فقدتها على اثر فقدان الحاسوب، كذلك صوري التذكارية وخصوصياتي، وبعد عودتي من رحلتي تلك قضيت فترة شهرين وأنا أستعيد بعض ملفات الشركة التي أعمل فيها، إلا أنني ولغاية الآن أتعرض للعديد من المعوقات في العمل بسبب فقدان تلك الملفات .
وفي حادثة مشابهة، يقول إبراهيم الزعابي، مدرب رياضي سابقاً: كنت في زيارة سياحية لماليزيا في الصيف الماضي، وبعد الانتهاء من الزيارة وفي طريق العودة إلى الوطن، كنت أحمل معي العديد من المقتنيات التذكارية، إلا أنني وللأسف فقدت أغلاها على قلبي، والتي كنت احتفظ بها في حقيبتي اليدوية ومن جملتها (كاميرا رقمية) غالية الثمن، تحوي المئات من الصور التي التقطتها هناك، وللأسف لم أتمكن من استعادتها، حيث إنني فقدتها قبل وصولي إلى نقطة التفتيش لانشغالي باقتناء بعض الهدايا من السوق الحرة والتجوال في أروقة المطار، ولم أنتبه لأمرها إلا بعد تجاوزي نقطة التفتيش تمهيداً لصعود الطائرة .
نصل محمود نصل، المسؤول في قسم المفقودات بمطار دبي، يقول: لدينا إدارة خاصة للقيام بالإجراءات الوقائية للحد من فقدان الحقائب، كذلك الإشراف على تلقي الشكاوى بخصوص فقدان الحقائب، أما عن آلية استرجاع المفقودات، فإنه عادة ما يقوم المسافر الذي يفقد حقيبة أو غرضاً من أغراضه بإعلامنا بذلك، ويعطينا رقم الحقيبة، إذا كانت أودعت في قسم الشحن، وإن كان حملها معه داخل الطائرة، مهما كانت محتوياتها، فإنه عليه أن يبين ذلك، في حين أننا نقوم بأخذ البيانات وعندما يكون الغرض موجوداً يسلم له، وإن لم يكن موجوداً، فإنه يتم انتظار إعادته، إذا كان حدث هناك خطأ ما بأخذها من قبل آخرين، ولدى العثور عليها نقوم بالاتصال بصاحبها لتسليمها إليه . ويضيف: عموماً، حق صاحب الحقيبة لا يضيع إذا كان ذلك قد تم نتيجة خطأ فني من قبل جهة الشحن المعنية .
وعن والإجراءات المتبعة لمشكلة المفقودات في السفر بالطائرة، يقول المحامي محمد عبدالكريم: في حال فقدان الحقائب والأغراض خلال السفر بالطائرة يتم اللجوء إلى القانون الجوي، حيث يتم إبلاغ الجهات المعنية في المطار في حينها، بعد تقديم تذكرة السفر ورقم الحقيبة . ويضيف: في جميع الأحوال، لابد من مراجعة الجهة التي تم السفر عبرها، وتقديم الأوراق اللازمة، ومن الممكن أن يتم الاتفاق مع صاحبها، وتعويضه عما فقده، وإن لم يتم الاتفاق، فإنه من الممكن رفع قضية مدنية، وهناك مشكلة دائمة تواجه أصحاب مثل هذه الدعاوى: هل هناك أغراض ثمينة داخل الحقائب المفقودة؟ وإن كانت هذه الأغراض موجودة، فإنه ينبغي على صاحبها أن يكون قد صرح بوجودها أثناء تسليمها للشحن .
لحظات لهو تساوي الكثير
سيارات الأجرة خزائن مفقودات
سيارات الأجرة خزائن مفقودات
سيارات الأجرة خدمة يحتاج إليها الناس للتنقل بشكل يومي، تخفف على قطاع واسع من البشر مشقة المشي، بالإضافة إلى ميزة توافرها على مدار الساعة، شريطة أن يحذر ركابها نسيان أي غرض ثمين وذي قيمة مادية أو معنوية يحملونه في أيديهم .
غالية أسعد (28 سنة)، تقول إنها كانت متوجهة للتسوق قبل عدة أشهر ففقدت حقيبتها في سيارة أجرة، وتضيف: لم أنتبه لذلك في حينها، ولسوء الحظ، وبالإضافة إلى فقدان بعض مستلزماتي الشخصية كنت أحتفظ بنقودي أيضاً في الحقيبة . اتصلت بوالدي وأعلمته بالأمر، واستغللت قربي من حديقة عامة، وجلست على أحد المقاعد في انتظاره، ليأخذني إلى المنزل بسيارته، وفي طريق العودة، كنت أتصفح وجوه سائقي سيارات الأجرة، لعلني أجد السائق الذي ركبت سيارته . كما كان يراودني شعور بأنني سأستعيد حقيبتي، ولكن مع الأيام، بدأ ذلك الشعور بالزوال تدريجياً، ومنذ تلك الحادثة وأنا أتفقد حقيبتي، وأغراضي الشخصية التي أحملها بيدي لأكثر من مرة، قبل نزولي من سيارة الأجرة، وحتى قبل خروجي من البيت، لدرجة تخوفت فيها من أن يتحول الأمر إلى عقدة تلازمني دائماً، وقمت بالتخفيف تدريجياً من ذلك الشعور للتخلص من الشكوك التي كانت تراودني بسبب ذلك .
حسين شاكر، مدير مبيعات، يقول: فيما كنت انتظر ذكرى عيد زواجي، ولسوء الحظ كانت سيارتي معطلة، وهو الأمر الذي دفع بي إلى أن ألجأ إلى سيارة أجرة . وضعت الهدية التي اخترتها لزوجتي في المقعد الخلفي للسيارة، ولكن الصدمة كانت قوية عندما وصلت المنزل، وزوجتي تنظر إلى يدي الخاويتين، حينها سألت نفسي: أين الهدية؟ فاحترت في الإجابة، فهل يعقل أن أقول لها إنني نسيت الهدية في سيارة الأجرة؟ أم ألجأ إلى الكذب وأقول لها إنني لم أجد هدية مناسبة تليق بهذه المناسبة، فعدت لأصطحبك معي لتنتقي بنفسك الهدية؟ وكان موقفاً محرجاً للغاية، وأنا أتلمس العذر منها بعد أن صارحتها بالحقيقة، وسرعان ما عدت أدراجي إلى المحل ذاته الذي اشتريت منه الهدية، وحملت قطعة مماثلة للأولى وعدت إلى المنزل محتضناً هديتها، تحسباً لأي مكروه يحصل وخوفاً من ضياعها مرة أخرى .
صالح ميرزو، طالب في المرحلة الثانوية، يقول: في الفصل الدراسي الماضي، بينما كنت عائداً من المدرسة إلى البيت، بعد قضاء وقت عصيب في قاعة الامتحان، ولإرهاقي الشديد لم أنتظر حافلة المدرسة، بل استوقفت سيارة أجرة متوجهاً إلى البيت . وبعد وصولي بدقائق معدودة، غصت في نوم عميق إلى المساء، ثم استيقظت مستعيداً نشاطي، لاستذكار مادة اليوم التالي، بحثت في حقيبتي عن نظارتي الطبية فلم أجدها، بحثت في كل الأماكن المتوقع وضعها فيها، إلا أن كل المحاولات باءت بالفشل، ما جعلني أتأكد من أنني نسيتها في سيارة الأجرة، ولاقتناء نظارة جديدة كان لا بد من انتظار عدة ساعات، حينها لم أتمكن من المذاكرة إلا لفترة وجيزة، لعدم تمكني من التغلب على الغشاوة التي أحالت دون قراءة الكلمات بشكل جيد، والدخول إلى قاعة الامتحان في صباح اليوم التالي بنصف الإمكانات التي كنت قد هيأتها لتقديم المادة .
محمد حسن، موظف في شركة تجارية، يقول: بينما كنت في طريقي إلى زيارة أحد الأصدقاء، وفي سيارة الأجرة رن هاتفي وقمت بالرد، وبعد انتهاء المكالمة، والوصول إلى المكان المطلوب، نزلت من السيارة، وبعد قضاء ساعة من الوقت برفقة صديقي في منزله، تفقدت الهاتف فلم أجده . حقيقة انصدمت بذلك، وانشغلت تماماً عن صديقي لدقائق، وأشار إلي أن نذهب إلى المكان الذي نزلت فيه من السيارة، ولكن لم نجد أي أثر للسيارة ولسائقها، وذلك بعد إجراء عدة محاولات فاشلة للاتصال برقم هاتفي المحمول حيث الجواب: (الهاتف مغلق أو خارج نطاق التغطية) . تلك الزيارة كانت آخر ذكرى لي، مع هاتفي المحمول الذي كان يحوي أرقام العمل، والأهل، والأصدقاء، بالإضافة إلى الصور التذكارية، والرسائل، التي كنت أحتفظ بها في ذاكرة الهاتف .
جمال أحمد، موظف، يقول: بشكل دوري أقوم كل صباح بالتوجه إلى موقف حافلات الخدمة الداخلية، للذهاب إلى مكان عملي، كذلك بالنسبة إلى العودة بعد الدوام، وأنا بطبعي دائم الحرص على ألا أنسى أي شيء أحمله بيدي أثناء النزول من الحافلة، إلا أنني قبل سنة ونصف السنة، ولدى عودتي من العمل نزلت من الحافلة من دون أن أتفقد ملف الأوراق الذي وضعته جانباً على المقعد المجاور لي، تذكرت ذلك بعد وصولي إلى مقربة من البيت . في حين كان المصنف يحوي تحاليل طبية مهمة، طلب مني الطبيب الاحتفاظ بها، عند مراجعته، ولدى مراجعة الطبيب، طلب مني ثانية إعادة إجراء تلك التحاليل . من هنا، فليس على المرء الاهتمام بحاجاته ذات القيمة المادية فقط، إنما هناك مستلزمات أخرى، ليست ذات قيمة مادية، بل علينا الحفاظ عليها، لأن قيمتها تكمن في الضرر الذي يلحق بنا نتيجة التقليل من قيمتها وفقدانها .
شركاء في المواقف
سائقو سيارات الأجرة بدورهم يعيشون العديد من القصص الغريبة والطريفة بسبب فقدان الزبائن لمقتنياتهم، لذا يحرص بعضهم على تذكير الركاب بتفقد أغراضهم قبل النزول من السيارة، ويقول رستم جميل، سائق تاكسي في الشارقة: نادراً ما يفقد أحد الركاب أغراضه الشخصية معي، لأنني حريص على تفقد السيارة أثناء نزول الراكب وتنبيهه، وأنبهه في حال إن نسي غرضاً ما، وإذا نسي أحدهم أغراضه، على الفور أقوم بتسليمها لإدارة الشركة، وعن طريقها يتم تسليمها للشخص في حال الاتصال والاستفسار عن الغرض المفقود .
كذلك يقول السائق عباس يوسف: إنه من أولويات العمل في هذه المهنة، الحفاظ على أمانات الركاب التي ينسونها في السيارة، كذلك من واجب السائق تسليمها للشركة التي بدورها تشرف على إعطائها لأصحابها لدى تلقي الشكوى بخصوص فقدان أي الغرض، وبالنسبة إلي شخصياً وجدت كيسين بلاستيكيين كل على حدة، وقمت بتسليمهما للشركة، بعكس ما أسمع عن آخرين تعرضوا للفصل من العمل بسبب خيانتهم للأمانة .
إجراءات استرداد
علي خلفان، موظف بقسم خدمة العملاء في مواصلات الشارقة، بيّن أنه لا يمكن التحدث بلغة الأرقام عن نسبة الركاب الذين يفتقدون أغراضهم، إلا أنه يومياً تقريباً يتم فقدان مثل هذه الأغراض وبنسب متفاوتة . وعادة يتم الاتصال على الخط الساخن، لتسجيل بلاغ بالغرض المفقود ويعمم ذلك على الشركات الأخرى، إن لم يكن يعرف صاحب الغرض أن السيارة التي نقلته تتبع أي شركة، والأسئلة التي تطرح على صاحب البلاغ هو: هل تعرف رقم السيارة؟ أو لونها؟ من أين استقللت السيارة؟ إلى أين توجهت؟ كم كان رقم عداد الأجرة؟ ونقوم بتثبيت رقم الهاتف الجوال لصاحب البلاغ، وبعد العثور على الغرض المفقود يتم الاتصال بصاحبه رسمياً، وأحياناً نكتفي بأخذ هذه البيانات عبر الهاتف .
بالنسبة إلى مفقودات الركاب في سيارات الأجرة، يقول عبدالله طالب محمد، المحامي بدبي، على الشخص الذي فقد أغراضه في سيارة الأجرة أن يقوم بإبلاغ الجهة المشرفة على المواصلات، وعليه إعلام الشرطة خاصة إذا كان بين المفقودات وثائق رسمية مثل البطاقة الرسمية أو البطاقة الصحية وغيرهما وأخذ وثيقة بذلك، لتقديمها إلى الجهات المعنية، لأخذ وثائق بديلة عن المفقودة . وإن لم يتم إعادة المفقودات، فإنه يمكن إقامة دعوى قضائية أمام المحكمة المدنية المختصة في المكان الذي تمت فيه الواقعة .
مواقف وطرائف في أمانات المراكز التجارية
أحياناً ما نجد شخصاً في مكان عام، يسأل متلهفاً عن غرض فقده، ثم يذهب لآخر ليسأله، في موقف محرج لا يتصور الشخص ذاته حقيقة ما يجول حوله لتركيزه على الغرض المفقود، فتبقى قلوبنا متعلقة به . وعندها يتذكر المتابع حادثة مماثلة حصلت معه، فيدرك شعور ذلك الشخص ومدة انزعاجه وقلقه، بل ونسأل أنفسنا: هل سيعثر على غرضه المفقود، أم لا؟
ممدوح عبدالله، فقد في غرفة تغيير الملابس بمركز تسوق هاتفه المحمول، حيث يقول: لم أنتبه لأمر الهاتف إلا بعد الوقوف لبضع دقائق من الانتظار في طابور دفع الحساب، حيث توجهنا بعدها لصديق آخر على موعد مسبق للقاء في أحد المقاهي . ولدى وصولنا للمقهى لم يكن صديقنا قادماً إلى هناك بعد، فخطر لي أن أتصل به واستفسر عن سبب تأخره . تلمست جيب بنطالي لأجد الهاتف قد اختفى فعادت بي الذاكرة إلى غرفة تغيير الملابس في مركز التسوق، وبعد أن قَدِم صديقنا، توجهنا إلى المركز، وبعد الاستفسار عن هاتفي المفقود، لم نتوصل إلى أية خيط يدلنا عليه، حيث كان الجواب: يبدو أن أحد الزبائن أخذه، وبالفعل كان ذلك، إذ إنني قمت بعدة محاولات للاتصال برقمي إلا أنه كان مغلقاً .
وفي حادثة مشابهة تقول (ع .أ) مواطنة: كنت وأفراد أسرتي نقضي يوم عطلة خارج المنزل ونتنقل بين الحدائق والمطاعم وأحد مراكز التسوق، ولدى تسوقي وشقيقتي في أحد الأقسام، فقدت حافظة نقودي الصغيرة التي أحملها بيدي على الدوام، واكتشفت ذلك بعد التقائنا وبقية أفراد الأسرة في نقطة دفع الحساب، وسرعان ما عدت إلى هناك، وبحثت وسألت عن حافظة نقودي إلا أنني لم أتمكن من استعادتها، الأمر الذي انعكس سلباً علينا جميعاً .
في حادثة أخرى، فقدت عبير نصرالدين حافظة نقودها في محل “كافيه نت”، تترد عليه على فترات، ولديها اشتراك عن طريق رقم حساب تدخل عن طريقه للإنترنت، وتقول: وضعت حافظة نقودي على الطاولة، أثناء ذلك جاءني اتصال هاتفي من والدتي واضطررت للخروج مسرعة إلى المنزل، وبعد وصولي تذكرت أنني نسيتها هناك، فطلبت من أخي أن يذهب ويبحث عنها هناك، وبالفعل تم ذلك، ولكن بعد أن نصح صاحب المحل أخي إلى ضرورة تفقد المتعلقات التي نضعها على الطاولة قبل الانصراف من المحل، مضيفاً أنه ولحسن الحظ عثر عليها شخص أمين، ولولا ذلك لكان أمر استردادها مستحيلاً . ولا أخفي أني كنت متوترة جداً للحظة التي اتصل فيها أخي وأخبرني أنه تم العثور على المحفظة .
(م .ع)، يقول كنت وزوجتي في إحدى الحدائق، وذهبت زوجتي إلى دورات المياه، وما أن عادت تحمل في يدها ساعة يد نسائية ذات ماركة فاخرة، وسألتني عن كيفية ردها لصاحبتها، فسألنا أحد الموظفين في المركز، فأخذنا إلى المدير المسؤول، وللمصادفة قدمت صاحبة الساعة بعد لحظات، وتم تسليمها الساعة وشكرتنا كثيراً لذلك، وقالت بأن الساعة هدية من أخيها المغترب .
عبدالقادر عبدالغفور، قال: كنت في زيارة لأصدقائي في منطقة سكن شبابي، وفي طريقي إليهم، حملت لهم بعض الفواكه والعصائر من محل قريب من منزلهم، وبعد قضاء مدة قصيرة تلقيت اتصالاً هاتفياً من شخص ما يسألني عن أحد الأشخاص، وللحقيقة فقد فاجأني ذلك، وقلت له إنني هو، فقال: لقد عثرت على حافظة نقودك، وسرعان ما تنبهت لذلك وكاد يغشى علي، لأنها تحوي ما ادخرته من راتب طيلة ستة أشهر، وبطاقتي والعديد من الأوراق المهمة بالنسبة إليّ، فسألته عن مكان وجودها، فأشار إلى المحل الذي قدمت منه قبل توجهي لأصدقائي، وسرعان ما توجهت إلى هناك فناداني شخص ما حين رآني مرتبكاً، وقال: أنت عبدالقادر، أجبته بنعم، فقال تفضل معي إلى المنزل، وقال إن صديقه قد عثر على حافظة نقودي، وبعد دخول المنزل قدم إلي شخص وسألني عن تفاصيل حافظة نقودي وبعد التأكد سلمني إياها وقد قدمت له جزءاً من المبلغ الذي كنت فقدته فرفض، وأنا أدعو الله أن يوفقه على الدوام كلما تذكرت تلك الحادثة، وأدعو الجميع إلى أن يكتبوا أسماءهم على بطاقة صغيرة في الحافظة، بالإضافة إلى رقم الهاتف حتى إذا فقدت يكون من السهل الوصول إليهم .
رمضان يوسف، صاحب مؤسسة، أكد أنه تعرض لحادثة فقدان حافظة نقوده، حيث كان في مهمة عمل خارج الشركة، وبعد العودة لم يجدها، فبحث عنها في المكتب، وأجرى عدة اتصالات، إلا أنه لم يتمكن من العثور عليها، ويقول: بعد القلق والتوتر الذي أصابني، توصلت لقرار الإبلاغ عن حافظة نقودي فور انتهائي من إنجاز بعض الأعمال داخل المكتب . ولحسن الحظ، اتصلت بي موظفة من إحدى الشركات التي نتعامل معها، وأخبرتني أنها عثرت عليها ملقاة على الأرض في صالة المكتب . استغربت جداً من حديثها، لأنني لم أكن أتوقع أنني فقدتها لدى زيارتهم صباحاً . وما أربكني جداً في تلك الحادثة أنني بالإضافة إلى المبلغ الذي توقعت أنني فقدته، فقد كنت احتفظ ببطاقة قيادة السيارة في المحفظة نفسها، لذا اضطررت إلى أن أستعين بأحد زملاء العمل لإحضارها نيابة عني .
تستقبل أقسام الأمانات في المراكز التجارية يومياً عشرات المفقودات، التي تتنوع بين الأطعمة والألبسة والهواتف المحمولة، وقال مسؤول في أحد هذه المراكز: إذا كان الغرض المعثور عليه طعاماً ولم يتم التأكد من انتهاء صلاحيته، نتخلص منه فوراً، وبعكسه إذا كان مغلفاً وصالحاً للأكل، يتم إرساله إلى الجمعيات الخيرية ودور الأيتام التي تتكفل بتوزيعه، وإذا كان لباساً، نحتفظ به لمدة شهر في قسم الأمانات، وإذا لم يسأل عنه أحد، نقوم بإرساله أيضاً إلى الجمعيات ودور الأيتام، وفي حال العثور على جواز سفر أو بطاقة شخصية أو أية أوراق رسمية، نحتفظ بها لمدة يومين في انتظار قدوم صاحبها، ثم نقوم بتسليمها للجهات المعنية، لتقوم بدورها بالعثور على معلومات عن صاحبها أو قد يكون قد سجل صاحبها مسبقاً بلاغاً بالفقدان، أما إذا كان هاتفاً محمولاً نقوم بانتظار مكالمة من صاحبه، أو نقوم بإجراء اتصال بآخر رقم اتصل إليه صاحب الهاتف، وبحكم التجارب اليومية التي نمر بها فإن النسبة الغالبة لمن يفقدون أغراضهم في مراكز التسوق، من النساء، وغالباً ما يفقدن هواتفهن الجوالة، وأصبحت مسألة العثور على الهواتف المحمولة أمراً اعتيادياً، كذلك عملية استرجاعه .
مروان شيخو، صاحب “كافيه شوب”، يقول: بحكم عملي، أتفقد مكان جلوس الزبائن قبل انصرافهم، فقد يكون قد نسي أحدهم أغراضه الشخصية على الطاولة، كالهاتف المحمول، أو المفاتيح أو أية أوراق مهمة ومتعلقات أخرى . وفي حالات متكررة قمت بتنبيه العديد لعدم نسيانها، وأحياناً ينسى أحدهم غرضاً ما، وأنا غافل عنه بسبب انشغالي بأمور أخرى في حينها، أحتفظ بتلك الأمانة لحين مراجعته، ولا يمكن تسجيل شهر من دون العثور على المفقودات، والحمد لله لم يحصل أن فقد شيء ما داخل المحل ولم يسترد إلى صاحبه .
جريدة الخليج-قسم المنوعات– استراحة الأسبوع
25-2-2011