دراجة الجنرال.. في رثاء هوار

إبراهيم اليوسف

إلى أهل عامودا الجميلين

أهلي

صدمة أخرى تلقيتها اليوم:
هوارومات…!

هوارو: مااااااات!
شيء لا يصدق!
-هوار
 الذي كان يحمل على ظهره
 خريطة أهله
 الكرد
 وحده يجمع البارزاني
 والطالباني
 وأوج آلان
وقاضي محمد
وقاسملو
على صدره
وياقته
يجمع الأحزاب
 والقبائل
 والأهواء
 وطين البيوتات
كما ينبغي
 أن نكون

كما ينبغي أن تكون
 خريطة هؤلاء
خريطته
أتذكره
تماماً
الآن

في نهاية السبعينيات
ربما……………
أو أوائل الثمانينيات
ربما……………….
أبعد من نياشينه أو أقرب
وهو يحل

ضيفاً على قامشلو
المدينة التي افتتحها جنده الميامين
 من دون أي حصار
من دون أية مجزرة
من دون أية أحقاد…
ليظل في إمبراطوريته تلك
ربما لسنوات
في بيت للأجرة
يقطنه مع أخيه
غرب الحي الغربي
 بيت صغير
أصغر من غرفة
بيت استأجروه من قريب لي

 غائص في الطين والهلع
ها أنا أسترجع مراياي
كان هوارو
آنذاك
مترفاً
برتبه
المربكة
كيفاعته
 رتبه التي لما تنزل عن كتف بزته
المعلقة
قبل أن تذهب إلى حقيبة مهملة

يمرّ ضابط كبير
من قربه
يسقط من رتبه خوفاً
كي يسقط.. دائماً….
وهو
يحييه
ليمضي
إلىأن يكتشف أمره
بعد حين
في تقرير مخبر محلي
 كي يبادل ابتسامته
بأخرى صفراء
هو ذا هوارو
 الصدى المتردد بثقة عالية
البزّة العسكرية
باصات قامشلي عامودا
الحقول وأناسها الأكثر طيبة
ضجيج حاملي السلال في المدينة
وجوه النساء والأطفال والشيوخ

مآذن الجوامع
رذاذ الوداد
الإسفلت المخلوع
كقائد رهن الرحيل
غبار الشمال
 كل يمر ليحييه على عجل
كي يقايضهم ذلك بابتسامة
ابتسامة تعبر جسر  قلبه

هوذا القائد المفدى
هوارو أو نواف
يحمل رائحة عامودا

يحمل رائحة مهاباد
هولير
آمد
أول سفير لها عندنا
أنى حللنا
كي يقدم إقالته
حين  يعلو ضجيج الخصومات
 يعرفه مكتب “الديمقراطي”
لايهاب السيارات المارة
بالكاميرات والآذان
 بالمداهنين والدهماء
 تجار الفرص والانتهازيين
سكارى المدينة في آخر الليل
والطرائف العامودية
وهم يظهرون كالفطور
يسيل لعابهم
في كل مكان
هوذا هوارو
صديقي
الحكيم
يقول كلمته
Birê min

هكذا
لكنه لا يرفض صورة أحد
لايرفض قِبلة أحد
لايرفض كتاب أحد
لايرفض ألوان ألبسة الآخرين
معتكفاً على كاكيه
حين رأى
أنه الوحيد
في كل هذا الشساع
المنهوب
يقرأ صوت النهر كما هو
صوت الجبل كما هو
صوت البازيّ كما هو
زئير الريح في مواعد التقويم
هذا هوارو
القائد الأكبر
في رباطة جأشه
لم يخن نظريته يوماً
لم يبدل لون بزته
لون عينيه
ابتسامته
طريق عامودا قامشلو
يجر ٌّفي مخيلته الأسماء

صور الأهل

 المحال
الشجعان
والحكماء
يسقط من جدران بيته  المتنقل
مصافحات الانتهازيين
والجبناء
 والدكتاتوريات
 وحين نشير
إلى صورة خاطئة
ربما
تسلّلت
على غفلة منه

سرعان ما يرميها
متبرِّماً
كأفعى نحاسية

وهو يتبع رنينها ببصقته

هذا هو  هوار
نفسه
صديقي

 الأنيس
الشهم
النبيل

في رزانة الخطوة العسكرية
حارس شركة للنقل
سرقت  أحد أطرافه
على غفلة من رتب كتفه
ليبدل خطواته
بعجلات دراجة

بثلاثة دواليب
كانت إمبراطوريته الجديدة
إمبراطورية هوارو العظمى
إمبراطوريته المتنقلة
-هوارو مات

هو ما لا أصدقه
حيث عامودا
التي ليس فيها جنرال
تظل في حاجتها إليه

كم نبقى في حاجة إليه
إلى هتافاته
كم نحتاج إليه
كم نحتاج إليك
الآن
قائداً
طالما انتظرناه
قائداً لا يحاكي أحداً
قائداً في راية
في أخضر  مجيد
في أحمر مجيد
في أصفر مجيد
قائداً يدحرج كواكبه
في كل الجهات
قائداً أكبر

 أكبر
أكبر
منذ أن أسقط من قبل
 قبلنا جميعاً
شبح الخوف
وتماثيل

الفصل الأخير

يسبقنا إليها
 بركلات قدميه
بركلات قدم واحدة
بسنوااااات
سنوااااااات
هي ذي كلها
باتت تسقط
تسقط

تسقط
في الجمعة المقبلة

 حيث تكون
 دراجة هوارو

هناك
الدراجة نفسها
ستدخل متحف عامودا
 تئم كل سيارات برجوازييها

دراجة هوارو…… تلك……
ستكون
في مكان التماثيل
التي تسقط
من البلدية
حتى المستديرة
 ……………………………..

أهل عامودا
الطيبين

أهلي
فقدتم مجنونكم الأخير
هل تقبلونني
مجنوناً
في مدينتكم
هذه؟؟؟
………..
 ها أنا أقدم
إليكم
طلب انتسابي
ها أنا أنتظر
أن أتيكم
الآن…………..

18-7-2011

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبد الستار نورعلي

أصدر الأديب والباحث د. مؤيد عبد الستار المقيم في السويد قصة (تسفير) تحت مسمى ((قصة))، وقد نشرت أول مرة ضمن مجموعة قصصية تحمل هذا العنوان عن دار فيشون ميديا/السويد/ضمن منشورات المركز الثقافي العراقي في السويد التابع لوزارة الثقافة العراقية عام 2014 بـحوالي 50 صفحة، وأعاد طبعها منفردة في كتاب خاص من منشورات دار…

فدوى كيلاني

ليس صحيحًا أن مدينتنا هي الأجمل على وجه الأرض، ولا أن شوارعها هي الأوسع وأهلها هم الألطف والأنبل. الحقيقة أن كل منا يشعر بوطنه وكأنه الأعظم والأجمل لأنه يحمل بداخله ذكريات لا يمكن محوها. كل واحد منا يرى وطنه من خلال عدسة مشاعره، كما يرى ابن السهول الخضراء قريته كأنها قطعة من الجنة، وكما…

إبراهيم سمو

فتحت عيوني على وجه شفوق، على عواطف دافئة مدرارة، ومدارك مستوعبة رحيبة مدارية.

كل شيء في هذي ال “جميلة”؛ طيبةُ قلبها، بهاء حديثها، حبها لمن حولها، ترفعها عن الدخول في مهاترات باهتة، وسائر قيامها وقعودها في العمل والقول والسلوك، كان جميلا لا يقود سوى الى مآثر إنسانية حميدة.

جميلتنا جميلة؛ اعني جموكي، غابت قبيل أسابيع بهدوء،…

عن دار النخبة العربية للطباعة والتوزيع والنشر في القاهرة بمصر صدرت حديثا “وردة لخصلة الحُب” المجموعة الشعرية الحادية عشرة للشاعر السوري كمال جمال بك، متوجة بلوحة غلاف من الفنان خليل عبد القادر المقيم في ألمانيا.

وعلى 111 توزعت 46 قصيدة متنوعة التشكيلات الفنية والجمالية، ومتعددة المعاني والدلالات، بخيط الحب الذي انسحب من عنوان المجموعة مرورا بعتبة…