عرض كتاب عامودا تحترق – الجزء الثاني – وثائقي للكاتب حسن دريعي

  حلا حسن دريعي
               
بداية أعرفكم بنفسي وألف عذر وعذر على هذه الأنا  ..
أنا طالبة في السنة الرابعة – كلية الآداب – أدب إنكليزي- جامعة حلب ..
كل ما حولي و كل شيء يرغمني لأغوص بحب وواجب واقتحاماً بعنوة لسبيل من السبل التي هو من صلب تخصصي في الأدب بالرغم أنه من أدب الغير،ولكنه في نهاية المحصلات هو أدب ،  بأي لغة كان هذا الأدب فهو أدب ، قائلة :
كتاب  ” عامودا تحترق – الجزء الثاني – وثائقي ” منجز منذ الواحد والعشرين من شهر آذار2010..  
فقد قالها مراراً ،أليس جميلاً أن أضع اللمسات الاخيرة في :
 ” عامودتي المحترقة  في عيد أمي الراحلة إلى باريها في العام الأول من التاريخ اليوبيلي لفجيعة الفاجعة في سينما عامودا ” .

أليس جميلا أن أضع اللمسات الأخيرة في:
 عامودتي المحترقة في عيد أمنا الثانية عيد نيروز في اليوبيل الذهبي القريب لاحتراقها ..
وحتى هذه السويعات يئن ويعن هذا الكتاب في كمبيوترين بائسين ، كومبيوتر والدي ، وكومبيوتر الأستاذ هيثم حسين …
 وديسكات لا حصر لها متنقلة من مكان إلى آخر يرفض النور استقباله والترحيب به لأنه منبوذ من هذا النور …ً إقتصادياً.
الكاتب هو أبي … لا …هو أبي العزيز والغالي .. أبي الذي أحبه بجنون  بعد ربي ..
لا أحد يعرف معاناتي أيضاً…
ومعاناتي أنني أيضاً عاصرت على مدى حقبة كاملة من عمري  دموعه المدرارة وهو يخط بيراعه كل كلمة من عامودته المحترقة في جزئيها  الأول ثم في الثاني ..
عرض  وقدم ودقق الجزء الأول منهما الأستاذ هيثم حسين ،
وها أنا ذا أعرض الجزء الثاني ..
لأن حزني وألمي أرغماني على الكتابة عن هذا الكتاب بخطوط عريضة جداً ، وأنا أجد والدي يغرق في ألمه لأنه لا يستطيع أن يجد سبيلاً  ، لتخرج فاجعته إلى النور…
” لأنه لا يجد سبيلاً لهذا النور إقتصادياًً “
أنا متأثرة جداً بعميد من الأعمدة الفقرية للشعر العربي المعاصر الشاعر الكبير ، بل والعملاق الكبير  جداً نزار قباني..
ثم في كتابات أبي الذي أجده يحبو في هذه المدرسة القبانية  ذاتها ولا غضاضة في ذلك ..
الكتاب يقع فيما يتجاوز الخمسمائة  صفحة  بحجم 15 × 22-
تدقيق وتقديم الأستاذ هيثم حسين ….
 ولوحة الغلاف للفنانة التشكيلية سمر دريعي …
وبالجهود المشتركة لأسرة عامودا تحترق كل بقدر إستطاعته وجهده :
-هيثم حسين
– أحمد حاج محمد كرمي – وكامرته وبجهد شاق في جعل مقابر الشهداء تصبح وثيقة هامة …
ونجله الشاب ” محمد شريف ” لجهده المضني في وضع صور الشهداء بعناية المتمكن ” من هذا الجهاز اللعين ” ..
ثم في ملف مقابر الشهداء الذي جاء حقيقة وواقعاً ملفاً هاماً من ملفات هذا الجزء في ” إحتراق عامودا “.. وعلى المقالة اليتيمة لمثقف جزائري حول فاجعة سينما عامودا  …
– علي دريعي – محاوراً في الجزأين ..
الكتاب هو استمرارية للجزء الأول الذي أبى إسدال الستار على عامودا تحترق  في الجزء الأول ،ويتضمن أكثر من اثنين وعشرين فصلاً وملفاً ..
وكل فصل  له خصوصيته ..
الكتاب يبدأ :
1- بإهداء رقيق حبيب  ترك في قلبي وأعماقي حباً وألماً وإيماناً بالمستقبل والذي يقيناً تركني متفائلة به … ويجب أن يكون كذلك ..
إهداء إلى:
         ديمه وطارق
         نشوان ولينا
        حبيبتي حلا
أحلاماً وأماني تكاد أن تتحقق
2-ثم في إنسياب ” تدشيني وإفتتاحي ” عامودي رائع للأبيات الخمسة الرائعة في ” عامودتنا المؤتلقة ”  للشاعر العراقي العملاق الكبير محمد مهدي الجواهري ” في عامودا ذاتها ”  المهداة إى الأخ إسماعيل رمضان ..
3-ثم اللوحة الفوتوغرافية الجميلة جداً لعامودا من الجنوب وإلى الشمال ..
بكاميرا ستوديو الربيع بعامودا
4-ويقدم للكتاب من جديد للجزء الثاني الأستاذ هيثم حسين في وفاء حرائقي لحرائق عامودا المزمنة في إحتراقه واحتراق الكاتب معاً عبر ثكنته العسكرية وسينماه  العامودية ..
تحت لافتة ،عنوان : مرة أخرى ” لابد من عامودا تحترق ” ..
في خمسة صفحات “مجسة نبض” الكتاب من بابه إلى محرابه ، مختتمة :
مرّة أخرى، ينبش «عامودا تحترق» في لظى نيران التاريخ، في محاولة لبثّ النور ردّاً على العتمة الحاجبة..
مرّة أخرى، يكون الكتاب دعوة إلى الإبحار في قلب الأتون، وتحدّي زوابع النيران..
مرّة أخرى، كتابٌ، إيلامٌ، لا مهرب منه..
مرّة أخرى، لا بدّ من «عامودا تحترق»، كي لا تحترق عامودا مرّة أخرى..
5-ثم تطالعنا مقدمة الكاتب نفسه فيما يقارب الخمسين صفحة معنونة :
لماذا الجزء الثاني من عامودا تحترق؟..
 يلج مقدمته بما يلي : كثيراً ما أزمعت، لكنّني تراجعت.. كثيراً ما وعدت، لكنّني نكثت بوعودي.. كثيراً ما قرّرت، لكنّني خذلت قراراتي عن الكتابة في فاجعة سينما عامودا..
 مختتماً هذه المقدمة :
ويشرفنا نحن في أسرة عامودا تحترق أنّنا كنّا أوفياء لفجيعتنا.. أوفياء لشهدائنا.. وأعدنا للفجيعة ذكراها خلال الأعوام المنصرمة  وتفاعل الناس مع ندائنا.. وبذلك كنّا صادقين مع أنفسنا قبل أي اعتبار آخر..
ثانيهما: إصراري على رفض إسدال الستار على أية حقيقة تجاوزتنا، أو ستلاقينا.. وهنا حَسْبُنا أننا بذلك قد وضعنا “مداميك عدة” في صرح عذابات عامودا.. في صرح فجيعة عامودا.. ومداميك الصرح كثيرة، بل كثيرة جداً.. ليكتمل ويصبح تاريخاً..
ولعلّنا بذلك أعلناها بطاقة تعبئة عامّة، ليأتي تجنيدنا بأُكُلِه في يوم ما.. وهذا ما يحتم علينا الوفاء والصبر والتحمّل في المتابعة الحثيثة.. ومع شخوص فجيعتنا نتابع تأريخها إن قيّض لنا ذلك في عمرنا الزمنيّ الآتي.. ونحن مستعدّون..
وأخيراً من يدري لربّما الغد يحمل في طياته كل ما هو غير متوقع في تأريخ وأرشفة فجيعة سينما عامودا..
وإن غداً لناظريه قريب..
 6-حديقة الشهداء :الكاتب له طموحاته وأمانيه، كما هي مطاليبه:في ذات الوقت تجاه هذه الحديقة التي يسميها ” بالمعلم الوحيد في عامودا اليوم ” ويتوجه بها إلى أولي الأمر  قائلاً:
ندائي.. يا أولي الأمر في عامودا.. احفروا أسماء جميع الشهداء على القوس الحجريّ المرمريّ في خلفية النصب التذكاريّ للشهداء..
بذلك تكونون قد ساهمتم بقسطكم الكبير المطلوب منكم في إعادة ذكرى فجيعتنا إلينا..
ستكونون قد ساهمتم بقسطكم الكبير في الوفاء لذكرى فجيعتنا.. ستكونون قد لعبتم دوراً محموداً في تقديم العزاء للأمهات الثكالى، للآباء المفجوعين.. لأولئك الناجين من براثن ذاك الجحيم رفاق الشهداء الذين هم على قيد هذه الحياة..
ستكونون قد قمتم بدوركم في واجبكم تجاه مدينة رائعة اسمها عامودا. سيقول لكم الجميع: شكراً لصنيعكم هذا..
حلمي الثاني أن يكون للشهيد البطل محمد سعيد آغا دقوري نصب تذكاري في الموقع الذي سقط فيه شهيداً تماماً..
وحلمي الثالث أن تجمع قبور الشهداء المبعثرة المهدّدة بالضياع في مقبرة تليق بهم، كما هي قبور الشهداء في العالم كلّه…
أمّا حلمي الأخير فهو أن تتحول فجيعة سينما عامودا يوماً ما إلى فيلمٍ سينمائيّ يتصدّى له وطنيون شرفاء ليدخل ملحمة حزن إلى تاريخ وتراث، وفنّ، وأدب شعبنا خلال تاريخه الحديث..   
7-الذكرى السنوية للفاجعة: يتابع فيها الكاتب رسالته مع جنوده المستنفرين نحو رسالته ومعركته منذ حقبة كاملة من الزمن مدشناً المعركة الأولى في الجزء الأول من كتابه عامودا تحترق عام 2004 ، واليوم في اليوبيل الذهبي للفجيعة في الجزء الثاني..
وهكذا نجد أنه حتى للفجيعة عنده يوبيلاً ذهبياً..
يختتم هذا الفصل من كتابه : كانت الذكرى الثامنة والأربعين للفاجعة حيث اكتست عامودا ليلاً حلّة عصرية من الشموع المتقدة..
عامودا كلها تعيش ذكرى فجيعتنا..
شكراً لكم يا سكان عامودا رنكين، لأنكم أعدتم لنا هذه الليلة ذكرى فجيعتنا بشكل يليق بها، بهذا الكرنفال من الشموع المتّقدة بنفس الآلية في أكياس يوضع فيها رمل تزرع في منتصفها شمعة مشتعلة..
أينما تلفتّ رأيت الشموع فوق أسطح المنازل، على الشرفات، على جانبي الطرقات.. هذا ما أكد أنّ شهداءنا لا يزالون أحياء، شموعاً متّقدة في نفوسنا وقلوبنا.. في ذاكرتنا التي بقيت عصية على النسيان.
كم كانت سعادتي تغمرني وأنا أجد نفسي ذاهب لملاقاة رفاقي، أصدقائي، أندادي الشهداء لألتقي بهم من خلال فوزي اليوم في معركتي التي وهبتها نفسي خلال السنوات التسع المنصرمة، وهاهي تؤتي بأُكُلِها وأنا ألتقي بهم في فسحة الذكرى التي تعيشها عامودا اليوم..
8-9- الصحافة وفاجعة سينما عامودا والعام 1961 : وهنا يضعنا الكاتب أمام وثيقتين هامتين ” مخطوطين رائعين ” صحيفة وكتاب ” تعودان بأعمارهما إلى تسعة وأربعين عاماً خلت، وبناء على طلبه لم أشر إلى أسميهما  ..
10- مع رجالات القانون والعام 1960 :شاركت بذاتي في لقاء منها وصور هذا الحوار كانت عن طريق جهازي الخليوي ، وهذا الفصل يفاجئنا بحواراته مع ثلاثة قضاة إثنان منهما كانا قاضيا تحقيق والثالث رئيس النيابة العامة  في فاجعة سينما عامودا، وأعرف بيقينية العارفة تماماً كم سافر وبحث وخسر مادياً وهو أحوج ما يكون إلى كل فلس أنفقه في سبيل أن يهتدي ،  حتى إهتدى إليهم وحاورهم ..
-مقتطف من أقوال رئيس النيابة العامة في القامشلي” *- جئت إلى مدينة القامشلي في عام 1958 وذلك كرئيس للنيابة العامة فيها.. وكان عمري في ذلك الوقت يقارب الثلاثين عاماً تقريباً..
-أستاذي العزيز أنحني أمام تاريخك القانوني، وخبرتك وتجربتك، المهنية، فكيف بلغ أسماعك ووصل إليك نبأ حريق سينما عامودا ؟..  وماذا فعلت؟..
*- خلال وأثناء قيامي بعملي كرئيس للنيابة العامة في القامشلي  وردني هاتف يتضمّن وقوع حريق في سينما عامودا..”
-مقتطف من أقوال قاضي التحقيق في القامشلي:..
 س- شكراً لك أستاذي الجليل من الأعماق على هذه المداخلة القانونية الرائعة التي استفدت منها تماماً ولكن هل من كلمة أخيرة تود قولها ؟..
*- أقولها لمن ؟..
* تقولها للقراء.. تقولها لآباء الشهداء.. لأمهات الشهداء.. تقولها لسكان عامودا مهد الفجائع على مر تاريخها، تقول لهم جميعاً دون استثناء..
*- نعم للقراء قائلاً: هذا ما بحوزتي من علم ومعرفة حول فاجعة سينما عامودا..
 وللآباء والأمهات في عامودا وبالرغم من كل هذا الزمن أدخل الله إلى قلوبكم الصبر والسلوان ففجيعتكم كانت كبيرة..
أما أهل عامودا فوالله فأنا دائما ما وجدت نفسي إلا واحداً من سكان عامودا، أحببتهم ملء القلب.. وبكل احترام ومحبة وصدق وخشوع.. والله من خلالك أوجه التحية إلى كل سكان عامودا فرداً فرداً.. وأحبهم فرداً فرداً.. وأصافحهم فرداً فرداً..
فسكان عامودا طيبون بكبرياء، صادقون على الدوام، ومخلصون.. ووطنيون على مرّ تاريخهم، ويقدرون الصديق حق قدره، وعند الملمات فهم رجال أشدّاء..
– والله يا أستاذ بمجرد أن تطأ قدماي تراب عامودا سأقول هامساً لكل سكان عامودا. يا سكان عامودا لكم تحيات ومحبة وتقدير الأستاذ القاضي …… 
– لا يا سيدي وببوس عيونهم فرداً فرداً..
كما لابد لنا أن نتوجه بكل الشكر والامتنان لكريمة أستاذنا الزميلة المحامية ………. لسعيها وجهدها المشكور هذا عبر البحث وطباعة قصيدة المرحوم جدها  وإرسالها إلينا  لتكون مساهمة عزيزة في كتابنا الوثائقي هذا عن فاجعة سينما عامودا…..
11- الأمهات الثكالى يروين فجيعتهن :لقاءات وحوارات مع سبعة أمهات مثكولات بفلذات أكبادهن وكأنهن فوجعن اليوم بالرغم من مرور نصف قرن من الزمن ، يدمين  الفؤاد مع كل كلمة تخرج من أفواههن ، أحاديث مؤثرة جداً  ..
نفث الكاتب بيراعه دماء قلوبهن على صفحات هذا الفصل بكل تراجيدية تنال منك تماماً..
12- الأبطال الناجون : هي العودة من جديد إلى الماضي السحيق بالحوار مع ثمانية من الأبطال الذين نجوا من براثن ذاك الأتون إما بأنفسهم أو أنقذوا عن طريق الأبطال المنقذون.
13- الأبطال المنقذون:هو الحوار مع اثنين من هؤلاء الأبطال فتعالوا لنستمع إلى بعض قوليهما .. .
-لم نكن نحسّ بالوقت، ولا أستطيع أن أحدّد كم أنقذت، وكم أنقذ رمضان..  أكثر من15-20 -30 -40  و أكثر.. نعم وأكثر من هذا العدد من الأطفال أنقذناهم..
– كنا نصرخ ونصرخ ننادي لأجل الله تعالوا ساعدونا ولا أحد يرد علينا ، واستشهاد /175 / تلميذاً هو رقم كارثيّ..
14- أخوة الشهداء: وقف الكاتب في هذا الفصل عند ثلاثة من أخوة الشهداء الذين سموهم أهلهم بأسماء أبنائهم الشهداء .وهذا بعض القول في ذلك للكاتب على ألسنتهم :
-أما فيما يتعلق بالاسم فقد كانت الشيخة أنيسة في إحدى قيلولاتها وعندما استيقظت قالت : الولد الذي سيأتيكم يجب أن تسموه حسان..
 هذا طبعاً قبل ولادتي بأربع سنوات.. وقبل حريق سينما عامودا..
 وعندما ولدت بعد كارثة سينما عامودا بأربع سنوات سموني “حساناً “.. أقولها بدقة تامة، لأن والدي كان يحسب الحسابات لمنامات الشيخة أنيسه.. لأنها كلها كانت تتحقق.. ومعنى حلمها أن حساناً سيلتحق بخالقه، هذا تنبّؤ بالفاجعة قبل حدوثها.. لذلك وحفظاً لاسمه فيجب أن يسمى الولد الذي سيأتي بعده، “حسان “.. بعدها فعلاً احترقت سينما عامودا واستشهد فيها حسان وحنيش وعندما ولدت سموني باسم حسان..
كان والدي متألماً لاستشهاد حسان وكان متأملاً ببقاء حنيش، لأنهما كانا الولدين الوحيدين اللذين بقيا على قيد هذه الحياة بعد موت اثني عشر ولداً لهما..
-كسرت هامتها.. قصمت هامتها ببالغ القسوة والجور في ألسنة لهيب ذلك الأتون الكافر..
روت.. وروت.. وروت.. حتى تقرحت أعماقها..
روت لنا آلاف المرات بدموع سيلية جارفة.. مدرارة.. سخية.. كأنها جمرات.. جمرات خارجة من كور حداد..
هكذا كانت حياتها اللاحقة للفاجعة وحتى مماتها..ماتت وأخذت معها حسرة قلبها ولديها الجميلين الرائعين جميل وأحمد إلى لحدهما الأخير..
-الأسر كبيرها وصغيرها اجترت آلام الفجيعة التي ما غادرت يوماً ركناً من أركان بيوتاتها، وبقيت ذكرياتهم بمن فجعوا بهم مخربشاً بأحرفها الأولى على جذوع شجيرات التوت والتين والخوخ والعنب وحتى الرمان، وفي كل ركن من أركان فسحات تلك الدور العامودية.. .وحتى مع أدواتهم الصغيرة والكبيرة في كل منزل.. أما في قلوب الأمهات الثكالى، في قلوب الأمهات المتقيحة آلاماً، جروحها الفاغرة  فاها وهي تصرخ.. وتصرخ.. وتصرخ.. ولا مجيب.. لا عزاء.. فلم تهمد الأم ولا همدت جراحها.. .ولرب قائل يقول : إن هذه الأم وجدت بعض العزاء أو رائحته في أنها رزقت بولد سمته باسم جرحها الأبدي الذي سيرافقها إلى اللحد الأبدي..
س2: ماذا كان وقع اسم الشهيد عليك وأنت في بداية إدراكك له ؟..
ج2: وقع اسم الشهيد !.. آه كم عانيت من هذا الاسم، في البداية لم أكن أعرف هذا الاسم عدا كونه اسم أخي المتوفَّى الذي كلما ذكر هذا الاسم أمام والدتي رأيتها تنهدت واغرورق عيونها  بالدموع، كانوا ينادونني (جانو) ولم أكن أعرف نفسي بغير هذا الاسم ربما لتجنب ذكره أمام الوالدة إلى أن تم تسجيلي في المدرسة وعندما كانوا ينادونني في المدرسة باسم أحمد لم أكن ألتفت إليهم كوني كنت أعتقد أن اسمي الذي من المفترض أن ينادوني به يجب أن يكون (جانو) لكن البعض من رفاقي في الصف والمدرسة وخاصة أحد أبناء أعمامي والذي كان يجلس في نفس المقعد بجانبي كان دائماً ينبهني بأن النداء باسم أحمد موجه لي وهكذا رويداً رويداً إلى أن أدركت، لكن ناشئة الحارة من أبناء الجيران والأعمام ظلوا ينادونني باسم (جانو) وتكملته ببعض الدعابات ربما ليغيظونني أو تحبباً مثال كان بعضهم يقول : جانو جانو باجانو ، إلى أن تدخلت والدتي وأقامت مأدبة على شكل (مولد) لتخبر جميع نساء الحارة بأن عليهن أن يخبرن أولادهن بأن ينادونني باسم أحمد، طبعاً جميع النساء استجبن لطلبها كونهن كن يقدرن معاناتها،عدا عن هذا كله عانيت كثيراً من حملي لهذا الاسم من الدلال الزائد والممنوعات المستباحة لبقية الأطفال الذين كنت أجايلهم .    
16- من شهود الفجيعة : فقد توقف الكاتب أمام ثلاثة شخصيات هامة الأولى سياسية في ذلك الزمن والثانية شخصية إجتماعية والثالثة لها بصماتها في الحدث..
لنأخذ مقتطفة من كلام الأول
. تم تخصيص مبلغ مليون ليرة سورية في ذلك الوقت ليتم توزيعها على أهالي الشهداء بالتساوي، ولكنه لم يتم التوزيع بشكل صحيح، قام بعض الناس بتقديم الشكاوى على عملية التوزيع في مقر مدير ناحية عامودا، فأرسلت الحكومة العقيد فرحان الجرمقاني قائد موقع القامشلي للجيش إلى عامودا للتحقيق في الأمر وإعادة النظر في عملية التوزيع، إلا أن العقيد قد تم اعتقاله بسبب قيامه بتهريب اليهود من القامشلي عن طريق نصيبين إلى تركيا وليتم ترحيلهم إلى فلسطين، وهنا أسدل الستار على موضوع المليون ليرة نهائياً..
وأنا لست موافقاً على موضوعة المؤامرة هذا وكلنا نعرف بأن ابن رئيس المخفر قد استشهد أيضاً في السينما وأنا مع مقولة التسبب لاغير..    
أما مايقوله الثاني : في ذلك الوقت كان الناس كل الناس يقولون بأن عدد الشهداء  (270) شهيداً،  ولكن الحقيقة أن عددهم هو قرابة ( 200  ) شهيداً برعماً غضاً من أمل عامودا، ورغم مطالبة الأكراد بالتحقيق  في حريق السينما إلا أنهم لم يسمحوا بذلك،  نظام يرفض التحقيق في جريمة أليس مداناً فيها، وفي الحدود الدنيا متستراً عليها …
-أما ما قاله الثالث: -أعرف أن العدد مختلف فيه، كثيرون من تم إنقاذهم من قبل بعض الأخيار من مدينة عامودا، وكثيرين من أخرجناهم  من تحت الأنقاض ، وكانوا هم من يسجلون أعدادهم 0الدولة ، الشرطة ، ولكنه كما أتذكره هو محصور بين 170-270 أما بالدقة لا أتذكر..
17-رسائل إعلامية : هما رسالتان
الأولى بعنوان.ً: إلى معالي السيد عبد الحميد السراج ( وزر) وزارة الداخلية والعام1960
الثانية بعنوان  : سعادة سفير جمهورية الجزائر الديمقراطية بدمشق
ثم ينهي الكاتب – عامودا تحترق – الجزء الثاني -وثائقي – بالملفات الضخمة التالية :
1-    ملف أسماء الشهداء  الكامل..
2-    ملف رقم ”  2  ” أيضاً بأسماء الشهداء…
3-    ملف صور الشهداء …
4-    ملف مقابر الشهداء ..
5-    الفهرس..

13/11/201

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…

ابراهيم البليهي

لأهمية الحس الفكاهي فإنه لم يكن غريبا أن يشترك ثلاثة من أشهر العقول في أمريكا في دراسته. أما الثلاثة فهم الفيلسوف الشهير دانيال دينيت وماثيو هيرلي ورينالد آدمز وقد صدر العمل في كتاب يحمل عنوان (في جوف النكتة) وبعنوان فرعي يقول(الفكاهة تعكس هندسة العقل) وقد صدر الكتاب عن أشهر مؤسسة علمية في أمريكا والكتاب…