صلاح برواري : وداعاً

 ابراهيم اليوسف

لم يدم سروري في صباح الجمعة الحزين هذا، وأنا أستلم إيميلاً من البريد الالكتروني للصديق الكاتب صلاح برواري ، حيث بادرت إلى فتحه، قبل أي إيميل آخر قادم، بلهفة كبيرة، لأن فترة طويلة مرة من دون أن أستلم أية رسالة منه،  وما حدث فقط أن رسالة جاءتني من الصديق دلاور ميقري المقيم في السويد، و الذي يزور  المغرب حالياً يسألني من هناك عن حالة صلاح، بعد أن أعيته سبل الاتصال به، فحولت ما وصلني منه إلى الصديق المشترك عمر كوجري ليجمع بينهما، وكان الكوجري-سفير كتابنا  الشامي حالياً- قد  نقل إلي منذ أسابيع خبراً بأنه كان قد التقى شخصاً في أحد شوارع دمشق يناديه مازحاً وعلى عادته : كوجرو، ولما دنا منه أصيب بالصدمة حينما علم أنه أبو آلان، لما وجده عليه من حال،ازداد فيه نحولاً على نحول، بعد أن غيره مرض السرطان الذي استئصلت بسببه معدته كاملة، منذ أأشهر فقط، فكتب إلي بأن ما بقي من صلاح  مجرد روحه ، وشبح سريع يكاد لا يدل عليه، لأنه لم يعد يتناول إلا بعض العصير عن طريق أنيبيب رفيع…!، وهو ما طير في روحي خفافيش الفزع على  حياة هذا الصديق الأكثر وفاء…!
أجل
 ألمي كان جد شديد وأنا أقرأ ما قاله آلان لي: لقد رحل والدي في هذا الصباح 
أي يوم هذا اليوم الحزين؟، اليوم  الذي نستذكر فيه ولو في قلوبنا اسماعيل عمر في أربعينه، أيعقل أن يكون أبو شيار مضى منذ أربعين يوماً؟
إنه الشهر نفسه الذي مضى فيه والدي منذ ثمانية أعوام……. وأنا لا أزال منكباً على دموع أجمعها في ديوان عنه أعنونه ب” أستعيد أبي” 
الشهر نفسه الذي رحل فيه المناضلان كمال أحمد وشيخموس يوسف
الشهر نفسه الذي تفاجأت فيه برحيل أحد أقر بائي واسمه نذير منذ أيام، فحسب، لأكون قد فجعت خلال  بضعة أشهر من هذا العام، بثلاثة  يحملون هذا الاسم من عائلتي،  من دون أن أكون حاضراً في وداعهم، وإن كان من بينهم من أبعدته الجغرافيا وأسرار الحدود عنا، لأستدل عليه تحت موشور العاطفة -فحسب- معدداً المرات القليلة التي  التقيته خلالها.. بأسف….. 
ما أصعب أن يتلقى المرء في غربته نبأ رحيل أهله وأصدقائه المخلصين، وليس له إلا أن يتلظى في محراب الحزن، مستذكراً أطياف هؤلاء…. هل صاروا مجرد أطياف يا الله؟؟؟؟؟ 
صلاح برواري سيظل اسمك في قلوب كل من عرفك من أحبتك وأصدقائك وقرائك، واعذرنا لكم قصرنا معك، وهو ما نفهمه الآن وأنت تصر على أن تكون بيننا، لنصر-بأدوارنا- على أن نفر حتى من ذواتنا، وياللعجب العجاب

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي

بحضور جمهور غفير من الأخوات والإخوة الكتّاب والشعراء والسياسيين والمثقفين المهتمين بالأدب والشعر، أقام الاتحاد العام للكتّاب والصحفيين الكُرد في سوريا واتحاد كردستان سوريا، بتاريخ 20 كانون الأول 2025، في مدينة إيسين الألمانية، ندوةً بمناسبة الذكرى الخمسين لرحيل الأديب الشاعر سيدايي ملا أحمد نامي.

أدار الجلسة الأخ علوان شفان، ثم ألقى كلمة الاتحاد الأخ/ …

فراس حج محمد| فلسطين

لست أدري كم سيلزمني لأعبر شطّها الممتدّ إيغالاً إلى الصحراءْ
من سيمسك بي لأرى طريقي؟
من سيسقيني قطرة ماء في حرّ ذاك الصيف؟
من سيوصلني إلى شجرة الحور والطلع والنخلة السامقةْ؟
من سيطعمني رطباً على سغب طويلْ؟
من سيقرأ في ذاك الخراب ملامحي؟
من سيمحو آخر حرف من حروفي الأربعةْ؟
أو سيمحو أوّل حرفها لتصير مثل الزوبعة؟
من سيفتح آخر…

حاوره: طه خلو

 

يدخل آلان كيكاني الرواية من منطقة التماس الحاد بين المعرفة والألم، حيث تتحوّل التجربة الإنسانية، كما عاينها طبيباً وكاتباً، إلى سؤال مفتوح على النفس والمجتمع. من هذا الحدّ الفاصل بين ما يُختبر في الممارسة الطبية وما يترسّب في الذاكرة، تتشكّل كتابته بوصفها مسار تأمل طويل في هشاشة الإنسان، وفي التصدّعات التي تتركها الصدمة،…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

لَيْسَ الاستبدادُ حادثةً عابرةً في تاريخِ البَشَرِ ، بَلْ بُنْيَة مُعَقَّدَة تَتكرَّر بأقنعةٍ مُختلفة ، وَتُغَيِّر لُغَتَهَا دُونَ أنْ تُغيِّر جَوْهَرَها . إنَّه مَرَضُ السُّلطةِ حِينَ تنفصلُ عَن الإنسانِ ، وَحِينَ يَتحوَّل الحُكْمُ مِنْ وَظيفةٍ لِخِدمةِ المُجتمعِ إلى آلَةٍ لإخضاعه .

بَيْنَ عبد الرَّحمن الكواكبي (…