دهام حسن
(هكذا نهق جارسم بك) كتاب صدر حديثا للصديق داريوس داري، و(جارسم بك) تعني البك ذو الحوافر الأربعة، ومقشرا نقولها تعني(الحمار) هذه العبارة دارجة على ألسنة القرويين في منطقتنا، تطلق في سبيل التهكم والسخرية، عند الغمز واللمز على شخص ما، لكن الصديق داريوس مؤلف الكتاب أخذ هذا العنوان سبيلا لاستعراض بعض الحالات النافرة في حياتنا الاجتماعية بأسلوب جذاب كله هزء وسخرية، والحقيقة مثل هذا التناول، وهذا الجهد وبهذي الطريقة، قد يفاجأ به كثيرون، تصدم أمزجتنا، ربما بهذا النوع من التناول، لكن الغوص في تضاعيف الكتاب، والوقوف على الحكايات المنثورة في تضاعيف الكتاب، لربما ترفضها كبرياؤنا، لكن تستطيب لها دواخلنا، فسرعان ما يفتتن القارئ المتمهل بمحتوى الكتاب، ولسوف يستمتع ويضحك مرارا، كما استمتعت أنا وضحكت..
إن هذا الشكل من التناول والمعالجة في الكتاب لنموذج نادر إن لم يكن غريبا عنا، وها هو داريوس داري يغافلنا، ليفاجئنا بهذا النمط من التناول..
وأقول بصراحة وبكل قناعة، أني أعجبت بمضمون الكتاب كبير الإعجاب، وهو ليس بالكتاب السهل كما يتصوره واحدنا، لأننا تعودنا على الأدب الجاد المحافظ في أصوله وأبهته، ولم نتعود كثيرا على الأدب الناقد الساخر بمثل هذه الحلّة، ككتابنا هذا..
فداريوس لا يأخذه الخجل إن تكلم بلسان (جارسم بك = البك الحمار) وكم هو جريء إذا ما بدأ بذم نفسه، ومذمـّته لنفسه هي مذمّة لإخوته من بني البشر، فهو يدعو إلى تقدير الناس في حياتهم وبالتالي تكريمهم في حياتهم، لا تكريمهم بنفاق بعد مماتهم، فما حاجة الإنسان على التقدير والتكريم وهو (بين الأموات).. يتوقف المؤلف عند كثير من المثالب الاجتماعية، لكن كيف.؟ فهو أولا..يشارك الحمير في نقابتهم، فينهق بأعلى صوته مناديا بهذا الشعار الشهير :(يا حمير العالم اتحدوا..) فهو يشارك الحمير معاناتهم، ويخاطب بألسنتهم، ويتقدم برسائل أو دعاوى باسمهم وفق الأصول المتبعة في دنيا عالم البشر، كقوله (تحية حميرية طيبة.. نحن معشر الحمير شعارنا أكل الشعير) لكنه يستدرك أن معاناة الحمير ليس الشعير وحده، فتراه ينهق عاليا بمأثوره (ليس بالشعير وحده يحيا الحيوان) وهنا يغمز إلى الحرية ..
صديقي داريوس متأثر جدا بالبيئة الفقيرة المحيطة به، وهو نفسه ذاق الفقر في بدايات حياته، ولاحظ الفارق الطبقي الموجود، حالة غلـّفتْ نفسه بالتشاؤم، بعد رحلة مضنية من العذاب، هكذا صرنا اليوم نقرأ له، فمشاهدته للمستقبل قاتمة ..وهذه بعض عباراته (نظرات تعيسة من الغد البائس) هذه قراءته للمستقبل في وجوه الفقراء، ويقول في هذا الإطار نفسه، مذكرا الفارق الطبقي بين الناس، فالغني غير آبه بما يحصل للفقير المعدم، يقول (من يسكن الأبراج، لا يفكر بالقابعين في الجحور) وفي سبيل تقريع أولئك المداهنين المتزلفين الانتهازيين، واليوم لا تخطئهم العين الناظرة، في سوق السياسة فهم يتلونون بألف لون ولون، يقول: (كن مداهنا متلونا متشقلبا كالحرباء) ويقول في هذا السياق (كن كاذبا.. لا تقل الحقيقة..) تظل كتاباته تلاحق وتتهكم من الناس الذين يختمرون بالأقنعة، وعندما تضيق به الحيلة دون أفق يردف قائلا :(ما لنا إلا المهدي المنتظر..أو الأعور الدجال..)
داريوس رغم لغته الرشيقة فهو كثيرا ما يستخدم ألفاظا دارجة عامية، حيث تأخذ مكانها لتعطى معنى أفضل من الفصحى لقربها لذائقة العامة، وهو حقيقة يكتب للعامة، وهو كثيرا ما يتهكم من أولئك الناس الذين يتظاهرون أنهم كتاب وشعراء لا يشق لهم غبار، فيمشون كالطواويس مباهاة، وهم دون ذلك كثيرا..
داريوس رغم قسوته على الحمار، تراه أكثر الكائنات رأفة به، وأكثر استحسانا له، وأكثرهم إشادة بسجاياه، يقول: (فلو جبتم الأرض قاطبة، وعبرتم الآفاق طولا وعرضا، فلن تجدوا على سطح هذا الكوكب مخلوقا واحدا مؤدبا، وظريفا مسالما مثل الحمار..)
على العموم الكتاب ليس بالصغير للإحاطة الجامعة به، وأنا حقيقة رغم ارتياحي لمواضيع الكتاب، وطريقة تناول المؤلف لها، لم أقرأ كل الكتاب، وبالتالي سيفوتني الكثير في عرضي هذا..
أما النقطة الأخرى فأنا لست بالناقد الذي يقف على مواضيع الكتاب بالقدرة والتمكن، كما أفتقد الجلد والصبر عند تناولي للمواضيع الأدبية بالنقد، عسى أن يفطن إلى الكتاب ناقد ما فننتفع بما يفيدنا من جميل نقده، ويسد الثغر الذي تركته، لكن كل هذا لا يحول دون قراءة الكتاب ومواضيعه الشيقة..
وأقول بصراحة وبكل قناعة، أني أعجبت بمضمون الكتاب كبير الإعجاب، وهو ليس بالكتاب السهل كما يتصوره واحدنا، لأننا تعودنا على الأدب الجاد المحافظ في أصوله وأبهته، ولم نتعود كثيرا على الأدب الناقد الساخر بمثل هذه الحلّة، ككتابنا هذا..
فداريوس لا يأخذه الخجل إن تكلم بلسان (جارسم بك = البك الحمار) وكم هو جريء إذا ما بدأ بذم نفسه، ومذمـّته لنفسه هي مذمّة لإخوته من بني البشر، فهو يدعو إلى تقدير الناس في حياتهم وبالتالي تكريمهم في حياتهم، لا تكريمهم بنفاق بعد مماتهم، فما حاجة الإنسان على التقدير والتكريم وهو (بين الأموات).. يتوقف المؤلف عند كثير من المثالب الاجتماعية، لكن كيف.؟ فهو أولا..يشارك الحمير في نقابتهم، فينهق بأعلى صوته مناديا بهذا الشعار الشهير :(يا حمير العالم اتحدوا..) فهو يشارك الحمير معاناتهم، ويخاطب بألسنتهم، ويتقدم برسائل أو دعاوى باسمهم وفق الأصول المتبعة في دنيا عالم البشر، كقوله (تحية حميرية طيبة.. نحن معشر الحمير شعارنا أكل الشعير) لكنه يستدرك أن معاناة الحمير ليس الشعير وحده، فتراه ينهق عاليا بمأثوره (ليس بالشعير وحده يحيا الحيوان) وهنا يغمز إلى الحرية ..
صديقي داريوس متأثر جدا بالبيئة الفقيرة المحيطة به، وهو نفسه ذاق الفقر في بدايات حياته، ولاحظ الفارق الطبقي الموجود، حالة غلـّفتْ نفسه بالتشاؤم، بعد رحلة مضنية من العذاب، هكذا صرنا اليوم نقرأ له، فمشاهدته للمستقبل قاتمة ..وهذه بعض عباراته (نظرات تعيسة من الغد البائس) هذه قراءته للمستقبل في وجوه الفقراء، ويقول في هذا الإطار نفسه، مذكرا الفارق الطبقي بين الناس، فالغني غير آبه بما يحصل للفقير المعدم، يقول (من يسكن الأبراج، لا يفكر بالقابعين في الجحور) وفي سبيل تقريع أولئك المداهنين المتزلفين الانتهازيين، واليوم لا تخطئهم العين الناظرة، في سوق السياسة فهم يتلونون بألف لون ولون، يقول: (كن مداهنا متلونا متشقلبا كالحرباء) ويقول في هذا السياق (كن كاذبا.. لا تقل الحقيقة..) تظل كتاباته تلاحق وتتهكم من الناس الذين يختمرون بالأقنعة، وعندما تضيق به الحيلة دون أفق يردف قائلا :(ما لنا إلا المهدي المنتظر..أو الأعور الدجال..)
داريوس رغم لغته الرشيقة فهو كثيرا ما يستخدم ألفاظا دارجة عامية، حيث تأخذ مكانها لتعطى معنى أفضل من الفصحى لقربها لذائقة العامة، وهو حقيقة يكتب للعامة، وهو كثيرا ما يتهكم من أولئك الناس الذين يتظاهرون أنهم كتاب وشعراء لا يشق لهم غبار، فيمشون كالطواويس مباهاة، وهم دون ذلك كثيرا..
داريوس رغم قسوته على الحمار، تراه أكثر الكائنات رأفة به، وأكثر استحسانا له، وأكثرهم إشادة بسجاياه، يقول: (فلو جبتم الأرض قاطبة، وعبرتم الآفاق طولا وعرضا، فلن تجدوا على سطح هذا الكوكب مخلوقا واحدا مؤدبا، وظريفا مسالما مثل الحمار..)
على العموم الكتاب ليس بالصغير للإحاطة الجامعة به، وأنا حقيقة رغم ارتياحي لمواضيع الكتاب، وطريقة تناول المؤلف لها، لم أقرأ كل الكتاب، وبالتالي سيفوتني الكثير في عرضي هذا..
أما النقطة الأخرى فأنا لست بالناقد الذي يقف على مواضيع الكتاب بالقدرة والتمكن، كما أفتقد الجلد والصبر عند تناولي للمواضيع الأدبية بالنقد، عسى أن يفطن إلى الكتاب ناقد ما فننتفع بما يفيدنا من جميل نقده، ويسد الثغر الذي تركته، لكن كل هذا لا يحول دون قراءة الكتاب ومواضيعه الشيقة..
ولا يسعني في الختام إلا أن أقدم التحية للصديق داريوس داري على جهده وصبره حتى أبصر كتابه هذا النور..