افتتحت الأمسية في تمام الساعة السابعة مساءً بكلمة مقدم الأمسية المحامي صالح خليل الذي قال :
أولهما الشاعر الكبير علي كنعان أحد الرواد المجددين في الشعرية العربية ، وممن كرسوا جل وقتهم للكلمة تدريساً وصحافة وإبداعاً ، وقف ولا يزال حتى الآن قامة شعرية ، وعنواناً مهماً في خريطة الشعر العربي الحديث . . . وشاعرنا الثاني هو المبدع حسان عزت الذي عمل كما شاعرنا علي كنعان مربياً وصحفياً ، وكان من الأسماء الإبداعية الجديدة في مرحلة القرن الماضي ، ولا يزال قابضاً على الجمر ، وحسان صاحب قصيدة ” لي صديق من كردستان ” التي غناها المطرب سميح شقير . . .
لقد أبدى كلا” من الشاعرين موقفه آنذاك ولا يزالان ، في وقت لم يجرؤ أحد على ذكر كلمة
كرد في كتاباته ، والشاعران من الأصدقاء الأعزاء للشعب الكردي فأهلا بهما في أمسيتنا
كذلك نرحب بالأديب والمؤرخ الدكتور احمد الخليل ، والشعراء السيدات والسادة : فدوى كيلاني
و جميل داري و إبراهيم اليوسف وحمزة جنكو الذي سيقدم قصائده باللغة الكردية
لن أطيل عليكم … وأترك الآن كلمة الجالية الكردية لرئيس الجالية الأستاذ خورشيد شوزي، ليتفضل .
رحب الأستاذ خورشيد شوزي بالسادة الحضور وتمنى لهم أمسية جميلة ومفيدة ثم ألقى الكلمة التالية
أيها الأخوات والأخوة الكرام مساؤكم سعيد . . .
لكل شعب ثروة أدبية خاصة به . . . والكرد أحد الشعوب التي ساهمت في التراث الأدبي الإنساني القديم والمعاصر . . . وقد اختلف الباحثون في تقديرهم للفترة الزمنية التي بدأ الأدب الكردي فيها بالنمو فمنهم من يقول أنها بدأت من كتاب زردشت (آفيستا) الكتاب المقدس والكلاسيكي للأدب الكردي ومنهم من اكتشف ألواح في كهوف كردستان تحمل قصائد إحداها للشاعر الكردي ” بورا بوز ” وذلك حوالي 330 – 320 ق.م .
بمجيء الإسلام أصبح الأدب العربي هو الأدب الرسمي للشعوب الإسلامية . . . وعندما عادت هذه الشعوب إلى الاهتمام بلغاتها القومية ، واستعمالها كلغة أ دب في عصر القوميات ، بقي للأدب العربي أثره الواضح على الكثير من الشعراء الكلاسيكيين الكرد . . . والكثير من هؤلاء الشعراء نظموا قصائدهم باللغات الأربع : الكردية والعربية والفارسية والتركية ، وهنا نذكر أسماء بعض الشعراء والأدباء الكلاسيكيين العظام وعلى رأسهم الشاعر الكبير أحمدي خاني وفقي طيران وملايي جزري . . إن المكتبة الكردية فقيرة بالتراث الأدبي المدون نتيجة الاضطهاد القومي المريع ، ومصادرة الكثير من أدبياته . . . ولم يحصل الشعب الكردي في عصرنا الحالي ، وبعد القضاء على إماراتهم في القرنين الماضيين على شيء من الحقوق ، ومن الاعتناء ببعث تراثه وتطويره ، وانطلاقا” من هذه الحقائق فإن الأدب الكردي المعاصر قد نما وترعرع وتوسع على أيدي أدباء وشعراء تجديديين عانوا الكثير من أمثال كوران و جكرخوين . . . ويعتبر هؤلاء من رواد المدرسة الواقعية في الأدب الكردي المعاصر ذكرت أن التراث الأدبي المدون للشعب الكردي قليل ولكنه غني ويمكن تحديد هذا التراث الأدبي بالفولكلور الكردي والأدب الشعبي والأدب الكلاسيكي . . . وهذه الآداب هي نتاج عصور تاريخية مختلفة . . . يقول غوركي (إن أساس الأدب يكمن في الفولكلور لأنه المادة الخام الكبرى والينبوع لجميع الشعراء والكتاب ، وإذا استوعبنا الماضي جيداً فسيكون إبداعنا الحالي رائعاً)
هذا القول ينطبق على الأدب الكردي لأن الفولكلور والأدب الشعبي قد حفظا الكثير من مظاهر الحياة الكردية ، وصور نضاله الدؤوب ، وملامح علاقاته الاجتماعية ، وبين سمات هذا الشعب ومزاياه في الصدق والرجولة ووقائع حياته المريرة . . . وبالتالي وضحت فلسفة هذا الشعب في الحياة . . .
لذلك فهو الأساس المتين للنهضة الأدبية الكردية المعاصرة . . . والأمل معقود على شعرائنا المعاصرين في تطوير هذا الأدب بما يتماشى مع أفكار وتطلعات وروح العصر المعاش .
وفي الختام أقدم كل الشكر باسم الجالية الكردية إلى جميع الأدباء والشعراء الذين ساهموا
في إحياء هذه الأمسية التي أعتقد أنها ستظهر لنا آفاقاً واسعةً من البراعة ، وتنويعاً لأشكال
وأساليب الأداء الفني الرفيع . . . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
بعد شكر السيد رئيس الجالية على كلمته من قبل مقدم الأمسية ، تم دعوة المؤرخ الدكتور احمد الخليل بالكلمات التالية :
دكتوراه في اللغة العربية . . مدرس في جامعة العين . . له العديد من المؤلفات ومنها مؤلفه الأخير الذي بين أيدينا وعنوانه سـياحة في ذاكرة جبل الكرد (كرداغ) ، نفتح له المجال فليتفضل .
بدأ الدكتور أحمد الخليل كلمته بتحية الجمهور ، ثم قال ” أصدقكم القول بأنني في البداية أشعر بأنني إلى حد ما متطفل على هذه الأمسية الشعرية ، لكن عزائي في هذا أنني بدأت حياتي وما زلت محباً للأدب وللشعر خاصة ، فجئت لأتذوق وأحلق مع زملائي الشعراء بما سأسمع منهم ، ومع هذا أستسمحكم بأن أستقطع من وقتكم الثمين بضع دقائق . . . أريد فقط أن أعرج على بعض المحطات التاريخية التي أعتقد أنها مهمة في حياة الشعوب عامة وفي حياة شعبين عزيزين كريمين هما الشعب العربي والشعب الكردي ” . . . اعتقاداً منه بأن العلاقة بين التاريخ والشعر ليست علاقة انفصام وإنما هي علاقة تكامل وأتمم قائلاً : ” من خلال مطالعاتي ولعلي هنا أفتح قوسين (أنا متخصص في الأدب والنقد الجمالي وهذا تخصصي الأكاديمي ، لكن لا أدري ما الذي جعلني وجرني لأن أدخل في حقل التاريخ ، وأكتب وأؤلف فيه أكثر مما أكتب في الأدب وخاصة في السنين الأخيرة) لمحت أن هناك علاقة بين التاريخ والأدب ، فالتاريخ يرصد الأحداث الجارية على الجغرافيا ، والأدب يرصد الأحداث الجارية في المشاعر والقلوب والخواطر ” . . . وانتقل الدكتور أحمد الخليل بعد هذه المقدمة القصيرة إلى إلقاء الضوء على العلاقات العربية الكردية في عمق التاريخ ، فهذه العلاقة ليست ابنة اليوم أو أمس ، وإنما هي تمتد إلى ما قبل الإسلام ، ويبدو أن التجارة كانت الجسر الذي تعرّف العرب من خلاله على الكرد ، ولا ننس في الوقت نفسه أن الكرد كانوا تابعين حينذاك للدولة الفارسية ، وكذلك كان قسم من العرب تابعين للدولة الفارسية ، وخاصة في المناطق الشرقية من شبه الجزيرة العربية ، ومنها إمارة الحِيرة في جنوب غربي العراق . . . ومما ذكره الدكتور احمد أنه خلال بحثه في الكتب التي تحكي عن الصحابة وجد صحابياً ليس مشهورا” كثيرا” لكنه صحابي ، وذكره وارد في الكتب التي تروي عن الصحابة باسم (جابان) باللغة العربية وباللغة الكردية ( Gaba)، فتساءل ؟ من أين جاء هذا الرجل ووصل إلى المدينة ؟ وأصبح من صحابة النبي (ص) ؟ ألا يعني هذا أنه كانت هناك علاقة من نوع ما بين هذين الشعبين قبل الإسلام ، أما في الإسلام فالأمر أشهر من يشير إليه . . . لكنه مع ذلك سوف يشير إلى بعض النقاط التي يراها مهمة من وجهة نظره . . . ومن الأدلة التي أوردها على وجود علاقات بين العرب والكرد أن العرب في الجاهلية كانوا يستوردون من المناطق الكردية رداء معيّناً أطلقوا عليه اسم (الكردي) ، وقد جاءت الإشارة إلى ذلك الرداء في حديث نبوي صحيح ، وجاء أن النبي محمداً عليه السلام لبس ذلك الرداء ذات مرة ، والمعروف أن الصناعات النسيجية ، ولا سيما صناعة البسط والسجاد والأردية وغيرها من الألبسة كانت مزدهرة في مجتمع الكرد ، وظلت كذلك فترة طويلة . . . والدليل الآخر على معرفة العرب للكرد تتعلق بالبحث في أصل الكرد ، فمن خلال بحثه عن ما قيل وما كتب عن الكرد وجد العجب مرتين . . . مرة أنه وجد تشويها” شبه متعمد لأصل هذا الشعب عمدت بعض الجهات غير العربية إلى ذكره في بعض كتب التاريخ والأدب ، ووصل أحياناً إلى بعض كتب التفسير ، لتشويه سمعة الكرد والطعن في أصلهم، ونسبتهم إلى الشياطين والجن والإماء والجواري . . وخلال متابعته هذا الأمر ليعرف من وراء هذا التشويه (فهناك شخص أنتج هذه المعلومة ، وهناك شخص روج لها) وجد أمرين ، أولهما أن ليس هناك مثقف عربي أو مؤرخ عربي روج لهذه الخزعبلات ، بل لاحظ أن العرب كان لهم خط معاكس . . . والأمر الثاني أن أكبر نسابين برزا في القرن الأول الهجري وهما مؤرّخان عربيان كبيران ، الأول هو ابن الكَلْبي من الفرع العربي القحطاني (عرب الجنوب) ، والثاني هو أبو اليقظان من الفرع العربي العدناني (عرب الشمال) قد نسبا الكرد إلى الأصل العربي ، إذ نسبهم ابن الكلبي إلى بني قحطان، ونسبهم أبو اليقظان إلى بني عدنان . . . وأضاف الدكتور أحمد الخليل بأنه لن يقف الآن عند الحكم على صحة نسبة الكرد إلى العرب ، أو عدم صحتها ، وإنما المهم أن نقرأ المعاني الكامنة وراء هذه المعلومة ، فهي تدل على أمور عديدة : منها أن العرب – وخاصة النسّابة منهم – ما كانوا يجهلون الكرد ، والأرجح أنهم كانوا يمتلكون بعض المعلومات عن مواطن سكنى الكرد ، ومنها أيضاً أنهم كانوا يمتلكون معلومات عن القيم السائدة في المجتمع الكردي ، ولعل التشابه في تلك القيم بين الشعبين هو الذي جعلهم ينسبون الكرد إلى العرب ولا ننس أيضاً أن العرب كانوا حينذاك سادة الشرق الأوسط ، في حين كانت بقية الشعوب تعد من صنف الموالي وكان الموالي يعتبرون – بحسب تصنيف ذلك العهد – في المرتبة الثانية بعد العرب ولا ريب في أن تصنيف الكرد ضمن العرب كان يعد نوعاً من التكريم للكرد بمعايير ذلك العصر وجاء نتيجة شعور العرب بأن الكرد قريبون منهم في مجال الحياة القبلية قيماً وسلوكاً . . . وأضاف الدكتور أحمد الخليل أن في التاريخ العربي الإسلامي كثيراً من الأدلة التي تؤكد الصلة الوثيقة بين العرب والكرد ، وبرزت تلك العلاقة في مجالات الثقافة ، كما أنها تجسّدت في مجالات السياسة وخاصة خلال الحروب الصليبية ، والدفاع المشترك عن منطقة غربي آسيا ، واعتذر الدكتور أحمد الخليل عن ذكر تفاصيل تلك العلاقات لضيق الوقت ، لكنه ركز على أهمية أن يقوم المثقفون العرب والكرد معاً بالبحث فيها ، ووضعها أمام الأجيال ، وأنهى حديثه بأن المثقفين هم الذين يزيلون الحواجز والبرازخ والحدود والسدود أمام الشعوب ، وهم الذين يبنون جسور المودّة والمحبة بين الشعوب، وعلى كاهلهم يقع عبء وضع المعلومات الصحيحة والمفيدة بين أيدي الأجيال . . . واختتم الدكتور أحمد الخليل كلمته بشكر الجمهور وشكر القائمين على إدارة الجالية الكردية لاهتمامهم بإحياء الأمسيات الطيبة التي تجمع بين المثقفين العرب والمثقفين الكرد ، لتوثيق الصلة العريقة بين الشعبين العزيزين وبمناسبة صدور كتابه (سياحة في ذاكرة جبل الكرد ” كرداغ “) حديثاً ، شكر الدكتور أحمد الخليل مؤسسة سما للثقافة الكردية ومديرها السيد عارف رمضان على الجهود الطيبة في نشر الثقافة ، باعتبار أن هذه المؤسسة تولت أمر طباعة الكتاب ونشره ، بالتعاون مع دار الزمان .
بعد شكر الدكتور احمد الخليل على مداخلته الأدبية التاريخية الطيبة ، تلا مقدم الأمسية الكلمات التالية لتقديم الشاعر الكبير علي كنعان :
تنحني دائرة الوهج على صدر الأفق . . . تلك أطياف المصابيح فلا تحلم بعيداً بالقمر
الثريا نهضت من خدرها و هدير العربات يوقظ الفجر وآمال الرجال تثقل الدرب بخيرات البيادر . . . علي كنعان مواليد ريف حمص عام 1936 . . . إجازة في الأدب
العربي 1965 دمشق . . . من رواد الحداثة الشعرية . . . يكتب الشعر منذ نصف قرن . . . له عشرة مجموعات شعرية منها : درب الواحة 1966 . . أنهار من زبد . . أعراس الهنود الحمر . . أطياف من لياليها . . برزخ للجنون وآخرها صدر قبل أيام . . . وله مسرحية شعرية بعنوان ” السيل ” 1970 عمل مدرسا” للأدب العربي في طوكيو . . . يقيم في الإمارات . . . وليتفضل شاعرنا الكبير.
بدأ الشاعر علي كنعان كلمته في الأمسية بالقول: لا أملك إلا أن أحيي هذه الجالية الكريمة ممثلة برئيسها ، ويسعدني أن أكون بينكم ، وأن أكون رقماً صغيراً في هذه الجالية . . . واسمحوا لي أن أشير إلى محطات عابرة جمعتني بكاتبين كبيرين و شاعرين كبيرين هما حامد بدر خان وسليم بركات . رحلتي مع حامد امتدت حوالي ثلاثين سنة ، ولي خمسة إخوة ، ومجموع ما ناموا في بيتي لا يعادل نومنا معا أنا وحامد رغم أن زوجتي السابقة دمشقية من بيت علوان ، ومن أسرة فيها شيء من التعصب ومن حسن المصادفات أن بيتي في الشعلان كان ضيقاً جداً ، ولكن فيه غرفة يمكن الصعود إليها بدرج خشبي من المطبخ ، وكنا نصعد لهذه الغرفة أنا وحامد ، ونسهر فيها حتى يحين موعد النوم ، فكان حامد ينام فيها ، وأنا أنزل لأنام مع زوجتي وطفلتاي . . .
رحلتي مع حامد لا تنسى . . . كنا نجلس قرب جامع الروضة في حديقة صغيرة فيها تمثال لأبي العلاء المعري من نحت النحات العبقري فتحي محمد من حلب (لا أدري ربما هو كردي أو من جذور كردية جيلنا نحن لم نكن نشعر بهذا التفريق ، وأذكر أنه من الأسماء النسائية الجميلة عندنا كان اسم “كردية” والتمثال يطل بعين مطفأة وعين مفتوحة على شارع أبو رمانة . . . كنت أستغرب وأسأل حامد
أين تلك العين ؟ وكنا نلتقي القول بأن العين المغلقة هي عين البصيرة التي تلتفت للداخل . . .
من الأشياء الجميلة أيضاً مع حامد والتي كانت تضحكنا كثيراً، أن حامد كان يحب الموسيقى الكلاسيكية ولأن زوجته بسيطة ، والحالة النفسية الضيقة التي تأتي عند الكتابة (عندما تأتي الانبثاقة المفاجئة للقصيدة . . الشرارة الأولى تشبه انهمار المطر بعد تراكم القطرات في السحاب) تجعل حامد يقطع الغرفة جيئة وذهاباً على أنغام الموسيقى ، فكانت زوجته تضرب كفاً بكف وتقول حرام حامد انجن . . ومن الأشياء التي لا أنساها ـ كنت أنا وحامد في قطار من فرنسا إلى إيطاليا وكان فيها مغنياً هندياً يغني بصوت جميل جداً ، فقلت له ماذا تغني قال أغني قصة (شيترا) بنت رئيس وزراء أو رئيس دولة وقصتها أنها كانت ومجموعة من الشيوعيين رفاقها يسافرون إلى مؤتمر في شمال الهند ، لكن البوليس أحس بهم وقرر اعتقالهم ، ولما أوقفوهم في القطار ذهبت العيون كلها باتجاه شيترا ظناً منهم بأنها وشت بهم ، وقبل أن يصل القطار إلى المحطة الأخيرة رمت بنفسها من القطار.
تابع الأستاذ علي كلامه بالقول : حامد منارة إنسانية كبيرة لا تنسى ، كان محكوماً بالإعدام ، ولما جاء إلى سوريا عمل في تعبيد الطرق ، وأنه تعرف عن طريق الشاعر علي الجندي . . ثم أردف قائلاً
لا يمكنني أن أنسى تلك المسحة الإنسانية الرائعة عند حامد ، وخاصة في الجمع بين فلسطين وكردستان كنا نطوف العالم من أمريكا إلى اليابان ، وكنا نتعرض لنقاشات طويلة ، وبعض المتعصبين كانوا يشبهون كردستان بفلسطين المحتلة أو بإسرائيل . . . كنت أقول لهم فلسطين حولتها الصهيونية إلى إسرائيل لكن كردستان موجودة كما هي موجودة الجزيرة العربية وربما قبل ذلك . . .
بعد هذه المقدمة الرائعة في العلاقات الإنسانية التي مر بها شاعرنا مع الشاعر حامد بدرخان ، وأتحفنا بسماعها ، تكلم عن اللعب على الكلمات في بعض قصائده ، وقرأ مقطعاً صغيراً من إحدى قصائده تقول : إننا كعرب لن نبلغ الإدراك إلا بفضل الأكراد
وقال . . بين الكلمتين الإدراك والأكراد لعب على الكلمات .
يبدو أن شاعرنا الكبير طاف به حنين الذكريات ، ونقلته إلى اليابان لتذكره بإحدى ليالي طوكيو مع بعض الأصدقاء والصديقات ، فقد كان ينظر إلى السماء، وبعد برهة من التأمل في النجوم قطعتها عليه إحدى الصديقات متسائلة ؟ فيم تتأمل وإلى ماذا تنظر ؟ فأجابها لأعرف تحت أية نجمة تكون دمشق واختار شاعرنا الأبيات التالية عن الغربة في اليابان:
تبدأ الغربة من سوسنة من أرجوان القلب . . . تنشق إلى نصفين
نصف يحضن الذكرى بإشفاق ويقول لك ألا تفقد الرؤيا
ونصف يترامى في شقوق الليل آلاف الشظايا
بعد ذكريات الغربة . . . الغربة مع المحيط . . . مع المفاهيم . . . مع التقاليد . . . مع الأهل . . . أقسى من غربة المكان ، وعندما تضاف غربة المكان تزداد الأمور مرارة وحدة .
في ختام أمسيته أبدى شاعرنا رغبته بقراءة مقاطع من قصيدة كتبها في دولة الإمارات منذ أكثر من عشر سنوات باسم ” الرمال ” وهي من ديوانه “برزخ للجنون” ، وقرأ المقاطع التالية :
شبح طار من بردى . . . هادفا في علبة سلسبيل
وقبرة هاجرت سربها . . . وتهاوت على بيدر من قشور الرمال
وقناصة السوق من كل فج . . . تلوح بالخاتم النووي
وتخفي ثعابينها في جحور من النخيل
فمن شبك الحلم في عروة الغيم
حتى بياض التلاشي . . . ولا من دليل . . . ولا زاد
لا شيء في الكون إلا فحيح الرمال . . . رمال . . . رمال
مدن تتباهى بأبراجها . . . جزر ضاق عن مائها جلدها فاحتمى بالورم
سفن مثقلات متخمة بزهو القراصنة المترفين…ولكنها من رمال…ربما من رمم
أتترك للبحر أحذية الملح والزلزلة . . . عرائس مجلوه بدم المرحلة
يدور بها زمن من رمال . . . رمال . . . رمال
أفق . . شجر . . بشر . . من رمال . . وبحر رمال
على شفرة القيد ألمح وجهي . . . كنداهة من رمال
وتفترس القلب في عريه موجة من رمال
حبنا يستعيد صبابات قيس وليلى . . . في خيمة من رمال
تنتهي ذكرياتي هنا كما ابتدأت . . .
نتفه من سراب الصحارى . . . وزوبعة من حنين الرمال
و الرمال انتظار لإشراقة امرأة من سلاف النخيل
أعانق في طيب آلائها سدرة المستحيل . . . والرمال
ابتهال يتامى إلى الله . . أن يخسف الأرض بالمرحلة . . . لنختم المهزلة
بعد شكر الشاعر علي كنعان من قبل مقدم الأمسية، قام بتقديم الشاعر حسان عزت بالكلمات التالية: السردين للحارس . . . والصابون لزوجة الجندي . . . ولك دبابتان وأربعة أيام إلى الجبهة
أربعة أيام . . لرسائل الجنود . . وهدايا الأمهات . . وقطار الأسلحة . . ولك خمس دقائق
الشاعر حسان عزت من مواليد دمشق العام 1949 م . . . يحمل الإجازة في اللغة العربية
عمل في سلك التدريس وجريدة تشرين السورية . . . عضو بهيئة الشعر . . . من أعماله :
شجرة الغيلان في البحث عن القمر 1980 و تجليات شاعر 1983 و زمهرير 1987
بدأ شاعرنا الكبير أمسيته بالقول : مساء الخير . . . بعد هذا الكلام العذب الذي سمعته ارتجف قلبي وأنا أصعد إلى المنبر ، ماذا سأقول ؟ . . أقول بأن من يسلك طريق الحب يصل إلى هنا ، وعن طريق الشعر أحببت هذا الشعب ، وأحسست بصلة قربى معهم . . . من حامد بدرخان . . إلى جكرخوين . . إلى سليم بركات . . إلى شيركوه بيكس الذي أقمت معه أمسية في دمشق . . وشيركوه رجع إلى سوريا وحصل على جائزة ، وأنا حصلت على الكرد .
تابع شاعرنا الكبير كلامه بالقول أنه لن يعود إلى القصص البعيدة التي يحملها فهي ذكريات ، والتي أولى بها أن تكون في الكتب ، وذكر بأنه كتبت عنه التقارير بأنه كردي ويجمع حوله الشعراء الأكراد والرسامين الأكراد ، ولكنه لم ولن يهاب أحداً لأن له صلة قربى مع هؤلاء الشباب ، وهم أقرب إليه من الشعراء العالميين في أمريكا اللاتينية أو الاتحاد السوفييتي أو اليابان . . . وأتمم قوله ـ أنا أحب بابلو نيرودا لكن سليم بركات أقرب إلي . . الحرب والعنفوان والأساطير ، والمكان يمتد ، ونحن نعيش في عش واحد اسمه هذه البلاد . . . بعد هذه الكلمات اللطيفة من الشاعر حسان عزت أبدى رغبته في قراءة الشعر ، وقال بأنه سيقرأ قصيدة جديدة لم يقرأها في أي مكان من قبل عنوانها “زهوة الماتادور” والقصيدة سترد فيها بعض الأسماء التي تقتضيها روح المكان وهو اسبانيا ، واليكم مقاطع من القصيدة :
ابكي يا اسبانيا وشام
بدموع الأنهار في حقول الزيتون والكبّاد
ودموع الأمهات في صباحات الردى . . .
أولي . . . أولي . . . أشعلها أيها الراقص العنيد
أشعليها يا كارمن على شرفات النجوم
أنا ثور الكوريدا . . . انظروا إلى عينيّ الكابيتين
إلى فمي يسيل الدم وخيوط الزّبد . . . إلى جسدي الواهن الجريح
حقّاً لم أعد استطيع المبارزة … وهل أستطيع …
حقاً أصبحتُ في الرمق الأخير
وأنا أتنازل عن حقي في الصراع إلى الأبد
أنا الذي أُسرتُ من غابتي . . . وحاصرتني الحرابُ والأغلال
أنا الذي كنت أمير قطيعي ونفسي . . . وكنت في البراري أرعى ..
أترى أيها الماتدور العظيم . . . ماذا فعلتُ لك
لتسلبني غابة النهارِ والشمس
لتحرمني أنثايَ .. صغاري وقطيعي ..
تريدُ تاجاً .. خذه واجعله تاجاً فوق تاج
مجداً .. خذ مجدك بموتي
أكمل شاعرنا الكبير قراءة الشعر بناء على طلب الحضور الكرام ، وهذ ه مقتطفات من قصيدة القطار التي ألقاها :
أروح وأجيء ولا أصل أبداً . . . أروح وأجيء على خطوط الزمان
أنا القطار الكبير المتعب . . . من أول العمر حتى الانفجار
من القيامة حتّاي . . . من السكة الأغلال . . . الأرض والسماء
من ا لمحطات الرمل . . . أفرغ الناس وأحملهم مراراً
أصفر أصفر ملء الكون . . . و و و و و و . . . ولا أحد يسمعني !
أمرّ على الشتاء . . . فيحمّلني العاصفة
أمرّ على الربيع . . . فيحمّلني الرائحة
أمرّ على الصيف . . . فتملؤني السلال
أمّر على الخريف . . . فأهيّئ المتاع
وأنزل عكّاز السنين . . . وكأنني لا محالة أصل . . . وكأنّ محطّتي القادمة
تغيّر لوني تغيّر . . . والصدأ أوجعني أوجعني
صوتي بدّدته الرياح . . . وعظامي تكسّرت
مفاصلي أكلها الصّرير . . . وما زلت أدور وأدور
أصفر ملء الكون . . . ولا أحد يسمعني
أروح وأجيء . . . أخط أفق النهايات . . . بحث عن محطّتي
ومحطّتي لا أجدها … تراها في الّلا مكان … تراها في الّلازمان … تراها….
من يدلّني… من يطلق عقال الأبد؟…من يوصلني مرّةً مرّةً …أنا القطار المتعب
بعد شكر الشاعر الكبير حسان عزت على ما قدم من درر الكلمات ، ألقى مقدم الأمسية الكلمات
التالية لدعوة الشاعرة فدوى كيلاني لتقديم مشاركتها في الأمسية :
الشارقة … سنوات طويلة مرت… لا شيء حدث … إلا أنك استبدلت شيخوختك بطفولتي فدوى أحد أبطال الشعرية الكردية ، وتكتب باللغة العربية ، وهي الآن في سلك التدريس ، وعضو رابطة أديبات الإمارات ، وعضو حركة شعراء العالم . . . نشرت لها عشرات القصائد في المجلات والصحف المحلية والعربية والأجنبية ، وكذلك في الصحافة الالكترونية . . . من أحد الأصوات الإبداعية التي تحفر مسارها بثقة كبيرة . . . لها ديوانين ومجموعات قصصية . . . الديوان الأول
” رجل لا يتبع صاحبه ” والديوان الآخر ” أسماء في حبرها الأخضر ” . . . فلتتفضل مشكورة . بدأت شاعرتنا مشاركتها بالقول : مساء الخير . . . أنا سأغامر لأن دوري كان بعد أستاذين كبيرين لذلك أعتبر قراءتي مغامرة . . . سأقرأ قصائد تحكي بعض من سيرتي :
الشارقة . . . سنوات طويلة مرت
لا شيء حدث . . . إلا أنك استبدلت شيخوختك بطفولتي
لم أكن قد نسيت الوصية . . . كل شيء كان في بالي آنئذ
وأنا أرتد من قوسك . . . بعيدة عن تراب شجرتك الأول
كنت أجري في مسيل الأسماء الغريبة . . . أطلقها علي رصاصات
لا تشبه حروف الحبر في دفتر عائلتك
أنا تحتَ صور تك الآن . . . وهي صلاةٌ على أية حال
أنظر إليك. . .في المكان الذي اختارته لك أمي منذ عشرين سنة أو نحيب مدوٍّ.
شارباك الواثقان . . . وعيناك العميقتان
ربطة العنق . . . وقار الأب الجبلي
هل تراني أعدو الآن إليك . . . أسند ظهري على أرض الغرفة
أستعيد أيام الوعول والحليب . . . مواصلة النظر إلى أعلى، حيث بابا سيد!.
آهٍ …. كان عليك أن تصغي إلينا هكذا
كنا نصطف رتلاًَ أمامك . . . نأخذ الحلوى و”الربتات”. . . وبعض الليرات
أمام أم جليلة . . . تنتظر أن تقودك إلى سفرة اليوم
ورياحين النافذة . . . وعصا جدتي . . . تهش بها على الأفق
يا سليمة من أين لنا أن نأتيك بالحكاية..؟
كوفية جدي الخضراء..؟
من أين لنا . . . أن نأتي بكرومنا . . . المرمية على كتف زاكروس
حين قسمها الرومي قسمين؟ . . . لا عنقود لك فيها
لا حفنة تين أو زبيب . . . لا سمّاق
ها أنا أنتظر أن تقودني إلي . . . نحفر تحت شجرة الرمان
قرب الجذر . . . لعلي أجد لعبة كنتُ قد خبأتها من أختي الكبرى
كان عليك أن تصغي إلينا هكذا
بعد شكر الشاعرة فدوى كيلاني التي أضافت إضاءة جميلة لامعة إلى الأمسية ، والشاعرة النسائية الوحيدة المشاركة ، مقدم الأمسية ألقى الكلمات التالية لدعوة الشاعر جميل داري لتقديم مشاركته : أنا احترقت فهيا مثلي احترقي حياتنا كلها حبر على ورق
الأستاذ الشاعر جميل داري من مواليد عامودا 1953 . . . يقرض الشعر منذ بداية الثمانينات ولا زال يبدع في هذا المجال . . . له ثلاث دواوين شعرية منها ” القرى لم تنتظر شهدائها ” و” ظلال الكلام ” يعمل مدرسا لمادة اللغة العربية في دولة الإمارات . . . نشرت له عشرات القصائد في المجلات
و الجرائد المحلية و العربية و النشرات الالكترونية . . . أدعكم مع شاعرنا المبدع ليقدم نفسه بنفسه بدأ الشاعر جميل داري بتحية الحضور ثم قال : حتى الآن الأمسية ناجحة ، ولا أعرف وضعها بعدي وقد حاولت الاعتذار لكن الزملاء المشرفين على الأمسية رفضوا . . .الحقيقة أيها الأعزاء فعلاً الأمسية جميلة وناجحة ، ونتمنى أن تظل هكذا حتى النهاية ، سأقرأ لكم القصيدة التالية لعلها تنال إعجابكم :
على شرفات القصائد …… أبني …… أدمر …… أرتشف المر …… والسلسبيلا
سوف أصرخ ملء قلبي…. حتى يجيء الذي لا يجيء…. فروحي مكتظة….غضبا وعويلا
سوف أبتلع الكلمات المريرة ….. أو ذنب الذئب ….. شلوا هزيلا
سوف أرتشف الجرح ….. أجعله قبلتي ….. بكرة وأصيلا
سوف أجعل فاتحة الشعر ….. خاتمة الشعر ….. صوتا أصيلا
سوف أكتب عنوان قبري ….. وأرفو رميمي ….. وأرسم ظلا ظليلا
لتنام القصيدة نوما ….. طويلا … طويلا
منذ دهر وثانيتين…. وأنا أسرق الوقت…. أحترف الموت…. أمتشق الشعر…. سيفا كليلا
منذ دهر وثانيتين ….. مات من مات ….. ما ترك الميتون
سوى أثر ميت ….. آه.. يا أيها الموت ….. شكرا جزيلا
منذ دهر وثانيتين ….. وأنا أشتهي خبز أمي ….. الذي احترقا
وأنا أحتسي موتي النزقا ….. لا أرى في سمائي الوطيئة ….. نجما ضئيلا
لا أرى غير حلم عقيم ….. تهرأ قالا وقيلا
منذ دهر وثانيتين ….. أتأمل موتاي ….. ينتظرون القيامة
يأتون من كل فج عميق ….. يلوكون صبرا ذليلا ….. يحلمون ..
يرون الكواعب ….. والكوثر العذب ….. والخمر ….. والزنجبيلا
منذ دهر وثانيتين ….. وأنا أتجرع ….. حلما ثقيلا
لن أهز جذوع الكلام ….. لن ألم شتيتي المخبأ ….. تحت الظلام
لن أعارك نومي البخيلا ….. لن أفتش عن حلم ….. ضاع مني سدى
كم أضعت – طوال المسير – سبيلا
منذ دهر وثانيتين ….. خرج الطفل من مهده ….. وترامى على لحده ….. متعبا وعليلا
فليغب مثلما غاب ….. ذئب المدى ….. جائعا وهزيلا
كم سعيت إلى قتل ألف قتيل ….. وفي آخر الأمر ….. وحدي كنت القتيلا
منذ دهر وثانيتين ….. كنت أمشي على الرمل ….. مرتطما بخطاي
أجعل الأفق قافيتي ….. والجهات هواي
كنت أمشي وحيدا ….. ولم أر قط ….. نخيلا
منذ دهر وثانيتين ….. سقطت نجمة في يدي ….. حيث خبأتها
تحت بحر من الزبد ….. واتخذت الظلام خليلا
سوف أختلس الكلمات من السنبله ….. وأخوض معي حربي المقبله
كيف أنسى المساء الذي ….. جاءني غازيا ودخيلا؟
سوف يهرب مني النداء ….. ويهرب مني الصدى
فلماذا أؤجل ميعاد موتي الذي ….. كان مثلي ضليلا ..؟
سوف أفتح نافذة ….. في جدار الغياب ….. أدون في سفره ….. سفرا ورحيلا
لم تعد لي دنيا ….. تخليت عنها وعني
علي إذا….. أن أودع ريش الحمام….. وأنسى الهديلا
بعد شكر الشاعر الظريف واللامع بأدائه وكلماته ، مقدم الأمسية ألقى الكلمات التالية لدعوة الأديب والشاعر إبراهيم اليوسف لتقديم مشاركته :
ليكن ايها الحارس . . . دع هذا الكتاب في محرسك.
فأنا استطيع أن أهرب بهذه الرأس اليابسة مئات الكتب .
الأستاذ إبراهيم اليوسف . . . الاسم اللامع في فضاء الأدب و الشعر . . . المتيم بهواء قامشلو الحبيبة كاتب وشاعر وصحفي . . . صدرت له عدة مجموعات شعرية . . . عمل في سلك التربية طويلاً
في بلده وفي الإمارات . . يعمل الآن محرراً صحفياً في جريدة الخليج الإماراتية . . فليتفضل مشكوراً بعد تحية الحضور . . . أبدى أديبنا الكبير فرحته بمشاركته هذه الأمسية الجميلة مع صديقيه العزيزين علي كنعان و حسان عزت بعد سنوات طويلة من الفراق ، خاصة وأن علي كنعان من الأصدقاء المقربين للشاعر حامد بدرخان الذي ذكره في بداية الأمسية . . . ثم ألقى القصيدة التالية :
هب في فمي
ودواتي بحار
أي أمدائي الآن لا يرتئي أزرقي
ليكافئ أمواج أصدائها
وتكف عن السهو في مربع البيلسان
كي تناشدني غير آبهة
بشرائع للوشم
لا تنتمي للخريطة
تغزلها فتنة الطرز
والهمهمات
تداني رؤى الأرجوان
لهب في فمي
خطاي رهان
أي بوح تؤاتي مفاتيحه لحظتي
أي أطيافي الآن
عاد إلي يناصفني الرائحة
أيها مدهش كالدريئة يرتقب
الخوف
ينخر أوقاته الدود ثم يحار
تغلق القهقهات تواريخه
ليعود إلي
يكلمني
ويكللني ألقاً
راسياً
بعد شكر الأديب الشاعر إبراهيم اليوسف اللامع بفنه وأدائه وكلماته، مقدم الأمسية ألقى الكلمات التالية لدعوة الشاعر الشاب الأستاذ حمزة جنكو لتقديم مشاركته :
شاعر كردي . . . يكتب الشعر باللغتين الكردية و العربية . . . يعمل مدرسا لمادة اللغة العربية
في دولة الإمارات . . . صدر له ديوان باللغة الكردية تحت اسم ”””” Pirav ”””” . . . سيلقي على مسامعكم باقة من قصائده الجميلة باللغة الكردية تحت العناوين التالية: القصيدة الأولى بعنوان ” كنت جاهلا ”
الثانية بعنوان ” هناك من يموت فيعلى مقداره ” . . . الثالثة بعنوان ” رؤياك ترد لي الروح ”
بعد تحية الحضور . . . اعتذر شاعرنا من الأخوة والأخوات الذين لا يجيدون اللغة الكردية لأن القصائد التي أعدها لهذه الأمسية هي باللغة الكردية ، وطلب منهم تذوق موسيقاها وألحانها الشجية وفيما يلي القصائد التي ألقاها في الأمسية :
Warê min Jê dera ava heyatê Warê min yê pir buha Gulşen û bax û gulîstan Xweş dikê jîn û cîhan Xeml û taca vê dinê tu Her dikî ronak û tav Xweş dikî qad û zeminê Şîndikê baxê cînan Ez bi te her ser bilindim şêr û gernas û egîd Geşdikê jîn û hebûnê Kaniya rûh û rewan Lê di îro de tu maya Bê kes û kûs û pepûk Parçe bûye j hev belabû Ket lep û pencên guran Tev diz û wêrankerin Wan her yekî parek di bir Ma me dil jar û şikestî Derd û kul ketne dilan Dil birîndar û perîşan Ma me bê cîh , jar û dîl Karê min bazdan û rev îro li ser lat û çiyan ez timî pêrût û xwasim nîne min pêlav û sol ez xwedî mal û zevî bûm lê niha bê ser miyan Mirov dimrê şêrîn dibê Nezanbûm |
بعد انتهاء المشاركين في الأمسية من تقديم اللوحات الأدبية والشعرية الجميلة ، أعلن الكاتب
سيامند ميرزو (نائب رئيس الجالية) بأنه سيقدم قصة قصيرة باللغة الكردية تحت عنوان
” ساعة
حياتي في ساعة ” ، وهذه ترجمة القصة باللغة العربية :
استفاق على مشهد لم يألفه من قبل ….. اعتقد أنه هالك لا محالة … أفقه التحف برؤوس تتراقص فرحا بعدما لفوا حوله حبل ثم رموه في غرفة صغيرة… ولم يقولوا له شيئا…
وقف.. تأمل في المكان … اختلطت الصور … تزاحمت في رأسه الرؤى … يا إلهي … ما الذي يحدث..؟ .. أمسيت خارج كل شيء… خاف أن لا تحين ساعته إلا بعد عذاب وآلام إلى الأبد ، سلم أمره الى رحمة الله…
بين حيطان ترتفع من الأرض إلى الأفق على علو أمتار…. داهمته صور مشوشة لما اختفى الباب على الحيطان…لم يعد يميز الاتجاهات الأربعة…. ولا عشرات بل مئات السطور المترتبة من الكتابات التي غرقت في الظلام على الجهات الاربعة من الحيطان …أحس بأنها تحولت إلى عدد كبير من الساعات وبأشكالها المختلفة تحولت عقاربها إلى عقارب وأسلاك شائكة تفصل حدود الدول التي تبدأ بحروف س – ا -ع – ة ( ساعة) ويخرقون أبسط حقوقه في العيش بحرية وكرامة , وصور مرعبة كأنما طليت بها الجدران… وأن حيوانات أخرى قد تطلع عليه بين لحظة وأخرى….حينما كان يوااصل النظر إلى أبعد نقطة ، ارتعشت أوصاله.. داهمه الخوف ……
رفع رأسه المتدلية كالمشنوق نحو السماء…. مع صدى توسلاته…. رأى نورا خافتا كأنه يأتي من بعيد….. ينحدر .باتجاه الحائط الشمالي … قال في نفسه: هل هذا هو المارد لبيك الذي أطلب منه ما يخصني…؟ هل يعني أن ذلك سيكشف لناظري أشياء أتمناها..؟؟ بدأ النور الخافت يلمع أكثر على الفانوس الذي وقع في متصف الحيطان الاربعة.. وجد عليه كتابة غريبة… فكر في تنظيفه وجد عليها كلمة ساعة .. حك أكثر.. خرج عليه المارد وقال لك ثلاث أمنيات… حتى لا تطمع في المزيد…. ولا تقل لي خلصني من أهوال البلدان التي تبدأ حروفها وحدودها بكلمة ساعة.. ولا تقل لي هات قصرا..يجب قبل أن تسأل عمن رماك بين الحيطان أن تسال عن الذي رماني في في هذا الفانوس الضيق ….
أخاف أن أموت من الخوف. متى تحين ساعتي . مع أني في الحياة كأني لم أكن في الدول الساعية إلى شد وثاقي…
بقاء ساعتك في ساعة الموت حتمي … ألا تعلم سر الحياة في الحكاية الشعبية الدارجة …
في محيطكم من لآهات الأولى إلى الساعات الأخيرة للحياة …
أراد رجل طاعن في السن وهو على فراش الموت أن يعلم ابنه حكمة وكيف يكون تسلسل الحياة وحتميتها على المخلوق العاقل : شاب كان في رحلة صيد ممتطياً حماره …. وعلى يساره كلبه
و في يمينه القرد يتابعون المسير… وفي اليوم الثاني وأثناء رحلة صيد له أيضاً داخل الغابة رأى جنية فاقدة الوعي مكبلة في جذع شجرة…أشفق عليها.. فك قيدها … بمجرد أن عاد إلى وعيها…. اقترح عليها الصياد بحملها الى البيت …. وأن تكون زوجة له.. قالت له: دعني أغادر بسلام ….. و لكن اطلب أمنية لقاء صنيع معروفك ….
أريد أن أعرف مسيرة حياتي ….. قالت: الأعمار بيد الله… لكن أمر مسيرة حياتك
يجب أن تتعلم كيف تحب نفسك…. حتى تكون سيدا في العلم والعمل واللعب واللهو والشرب
وتسيطر عليها….حينها ستعيش حياة مدتها ثلاثون سنة …. معك حمارك وكلبك والقرد
الحمار: دون تذمر وسيحمل عنك الأثقال وخدمة الآخرين ……. بالصبر المعتاد ……..
كلبك: سيحرس أموالك المنقولة وغير المنقولة بأمانته المعهودة ……….
القرد: يتأرجح بمقدمته ومؤخرته ويعمل على إضحاك الآخرين مقابل أيوائك لها ..
ترجت الحيوانات الثلاثة وأرادت فقط عشر سنين كي يتخلص الحمار من عنائه والكلب من ذله والقرد من السخرية….
طلب الشاب دون تردد بقية السنين التي لم ترغب فيها الحيوانات الثلاثة … قالت الجنية: لك ماتريد بعدما عاش الشاب ثلاثين سنة من زمنه ……. تزوج وأصبح عمره أربعين سنة عاش زمن عمر الحمار يكد و يعمل من طلوع الشمس إلى غروبها ويحمل الأثقال على ظهره … لما دخل عمر الخمسين بدأ بعيش زمن عمر الكلب يحرس المنزل والأولاد و …..
لما تقدم به العمر صعب عليه الاعتناء بنفسه… تحول جسمه إلى هيئة قرد ينتقل من بيت
لبيت ومن مكان الى آخر هربا من سخرية وضحك الآخرين عليه… يتمنى الموت ولا يرى
هذه ألف الحياة ألى يائه .
قبل أن يغادر المارد دون على الحيطان الأربعة على حدة الحروف التالية : س … أ…. ع….. ة
(ساعة) قال الشاب للمارد: سؤال محيرني…. أريد الجواب قبل فراقك
ما المغزى من الساعة….؟
أجاب المارد: يعني ساعة من حياتك بقيت منها ساعة وهي حياتك وأنت كردي في أربع دول
س…..وريا……. ا……. يران……. ع….. راق…..ت…. ركيا
في ختام الأمسية الرائعة (حسب أقوال الحضور) تم توزيع شهادات
“شكر وتقدير” باسم الجالية الكردية على الأدباء والشعراء المشاركين في الأمسية ، ثم أخذت الصور التذكارية بهذه المناسبة .