غداً نلتقي

توفيق عبد المجيد
 
وتقرر الموعد بعد أخذ ورد
بعد تأجيل وتسويف
أخيراً
عند نجمة السماء 
أجل مازلنا في بداية الليل
نحاول معاً أن نسحبه من وكره
قبل أن يبسط النعاس جناحيه علينا

ونغيب في بطون النسيان
نحن أحياء نرزق
صغيرتي الخجولة
مازلنا ننظر إلى الحياة
لكن بعين مرتعشة مضطربة
من وراء سحابات الغيم
من وراء سفوح الجبال
من كوة القمم
من خلف الجودي الذي مال
وهو ينوء تحت أعباء التاريخ
وتوالي الأزمان
وقصة نوح والسفينة
والطوفان
ما زلنا
كشمس الصباح
و قد أطلت
وهي ترمق بعينيها
في
تقلبات المتاهات 
في سحابات السراب
في موجات الضباب
قبل أن ينقشع
وترحل أسرابه العجلى
استجابة لنداء الطبيعة
 
نحن بكل تأكيد ما زلنا أحياء نقاوم
ولم نفقد  بعد
قدرتنا على التمني
لأن الكائن يموت صغيرتي
عندما يخسر نعمة التنفس
لكنني أقول : يموت الكائن
عندما يخسر نعمة التمني
والموت قد يموت  
يا صدى ندائي
عندما لا يجد الأحياء
ولكننا مازلنا أحياء
كالنبات الذي لاذ بالصمت
وهو يتوجع تحت الأقدام
وثورة العاصفة
وهو يعاني ويتحمل  
لكنه
يواصل الانتصاب
ليتخلص من وجع الأقدام
ويواصل المشوار السلحفاتي ببطء أولاً
ثم بسرعة تتزايد بتوالي الأيام  
مع دورة الزمن
لأن اللغة صدئت وشاخت
وصارت عاجزة عن
إخفاء الحقيقة
فهل حقاً إن :
( أغبى الناس هم أقربهم إلى الوضوح )؟
وهل مازالت اللغة ( أداة لإخفاء الحقيقة ) ؟
 
لسنا ضعفاء أيها المنادى
النكرة المقصودة
لكننا نجهل قوتنا
فلنردم تلك الفجوة التي
تفصل الواقع عن الحلم
ونلملم أشياءنا
نداوي جراحاتنا
فقد هدأت الزوبعة
بعد أن دمرت ما دمرت
وخربت ما خربت
لكنها لم تهزم عزيمة الإنسان
وإرادة الحياة
ولنردد مع ناظم حكمت :  
إن أجمل الأنهار لم نرها بعد
وأجمل الكتب لم نقراها بعد
وأجمل أيام حياتنا لم تأت بعد

6/9/2010

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

دريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…