هوشنك أوسي
_1_
الخيالُ في معترك.
أحدهم، ينضِّدُ أنثاه، ويكوي ذؤاباتِ الليلِ بميسمهِ.
الصَّلصالُ في حردٍ.
وما منْ وحشٍ يسقيه النَّار.
الخيالُ في معترك.
أحدهم، ينضِّدُ أنثاه، ويكوي ذؤاباتِ الليلِ بميسمهِ.
الصَّلصالُ في حردٍ.
وما منْ وحشٍ يسقيه النَّار.
_2_
جهاتٌ تنزوي، وعناقيدُ الأغاني تتدلَّى من أعناقِِ الوعول.
ثانيهم، يقلقلُ أحقادهُ، بنابِ الهرِّ النَّائم في أحشائي.
_3_
في ازدحامِ الأخيلة، ثمَّة فوضى ظلال، تُهندس آلامها.
يا لخُبْثِ البحرِ، إذ يُغالي في تقمُّصِ عينيها!.
ثالثنا، سحابةٌ تُهذِّبُ أحقادها، وتطلقُ في رحم النِّهايةِ، سبعَ أسراب من النَّوارس.
_4_
اللقلقُ مختلٍ بذاتهِ فوق برج كنيسةِ السِّريان في الدرباسيّة.
وبومٌ يعتلي شامخَ خرائبي.
كلاهما يتحاوران بالنَّظراتِ حول مقتلي.
يتساءلان عن قاتلي.
ورابعنا، صوت يطلقُ النَّفير، كلَّما مال بنا النُّعاس.
_5_
المدينةُ الخابيةُ، تحكمها الجرذان العمياء.
المدينةُ الجاريةُ، تحكمها أباطيلها.
وبينَ المدينتين، كونٌ من الآثامِ والفواحش.
ساقي الحانة، يملأُ دِنانهُ دمي.
وخامسنا، كلبٌ شريدٌ، يلعقُ النِّهاية.
_6_
جدرانٌ تترنَّح.
دخُّانُ الكلامِ الباذخِ، موشِكٌ على إعماءِ بصائرِ المكانِ النَّتن.
أنا وثلاثةُ خونة، وذئب.
وسادسنا، واحدة تتلوَّى من فرطِ أحزانها.
_7_
سابعنا البحر، ونحن ندوِّنُ فتوحَ ضرامنا.
يتّكئُ علينا الوجودُ الخَبِلُ.
ونحن متَّكئونَ على عصفِ الغوايةِ المالحةِ، ونكدِ الأزلِ، وسماجةِ أكاذيبهِ.
أناطَ بنا البقاءُ نَحرَهُ، وما من أحدٍ يخبرهُ: إنَّنا جيَفٌ، متروكةٌ لرحمةِ العُقبان.
_8_
ما يُفسدهُ الدَّهر، تُصلِحهُ الأنثى.
ما تُفسدهُ الأنثى، يُصلِحهُ الموت.
هكذا، وعلى عجل، ألقى علينا ذكرُ السُّنونو، عظته، قبل أن يغمدَ في قلبهِ، أغنيةً كرديَّة.
_9_
هناك، في أقاصي الذاكرة…
بماذا يدمدم، هذا الرَّاهبُ السِّرياني، منحنياً على رأس القتيل، قبل دفنه؟!.
بماذا يوصيهِ؟!.
هذا السُّؤال، طواه الغروب، مُذ كُنتُ طفلاً، آناءَ مرافقتي لجنازات مسيحييّ بلدتنا.
كانت مدافنهم، طليقة، دون جدران.
أمًّا الآن، سورٌ عالٍ، يخنقها.
سورٌ ينقصهُ، محرسُ المخابرات.
_10_
من بعيد، طلائعُ الأيائل، تحفرُ بقرونها كهوفاً في السَّراب.
أرتالٌ من فزَّاعاتِ الطِّيورِ، تحاصرُ الأيائلَ، من بعيد.
أسمالُ الآلهةِ، وخِرقُ حيضِ إناثِ الأرانب، تلفُّ هياكل الفزَّاعات.
من بعيد، أتراءى لزهرِ البابونج والخزامى، سحابةً خضراءَ، تحملُ جثمان شهيدٍ كرديّ.
_11_
هاتيك الصخورُ المتشقِّقةُ، قبالةَ البحر، كانت شعوباً، احترفت العشق.
وتلكَ الأجسادُ التي تنازلُ الجبالَ، يحترفها العشق.
أمَّا أنا، فنديمُ البداياتِ الخائنة.
ارتشفُ الشُّؤمَ مُنهاراً تحتَ وطء الخديعة.
فلا تكفِّي عن طعني، أيَّتها الأيَّامُ البائرة.
_12_
الغريبُ النَّائي، في قمَّةِ يأسهِ، يتفقَّدُ أحوالنا المنكوبة.
ترمقهُ الضَّواري بغيٍّ وشفقة وسأم.
ذلكَ النَّائي، كسَّرَ قيثارتهُ، فبددهُ البحر.
_13_
إنَّها السَّاعة.
فاقَ شكسبير من رقاده.
هرعَ صوبَ مسرحيَّة «يوليوس قيصر»، وغيَّرَ فيها،
جاعلاً بروتوس يطعن نفسهُ أيضاً.
إنَّها السَّاعة، ولم يأتِ المسيح، والأفاعي تسأل عن موسى.
إنَّها السَّاعة، ويهوذا يوشكُ أنْ يوصدَ بابَ الجحيم علينا.
_14_
الغريبُ يحرثُ الكارثة.
الغريبُ، تحرثهُ نجمةٌ صفراء، سقطت من نَهدِ أنثى الضَّباب.
ماتَ، بينما الغابةُ كانت تترقَّبهُ.
ماتَ، ولم يَشهد احتضارَ السَّماء.
في ازدحامِ الأخيلة، ثمَّة فوضى ظلال، تُهندس آلامها.
يا لخُبْثِ البحرِ، إذ يُغالي في تقمُّصِ عينيها!.
ثالثنا، سحابةٌ تُهذِّبُ أحقادها، وتطلقُ في رحم النِّهايةِ، سبعَ أسراب من النَّوارس.
_4_
اللقلقُ مختلٍ بذاتهِ فوق برج كنيسةِ السِّريان في الدرباسيّة.
وبومٌ يعتلي شامخَ خرائبي.
كلاهما يتحاوران بالنَّظراتِ حول مقتلي.
يتساءلان عن قاتلي.
ورابعنا، صوت يطلقُ النَّفير، كلَّما مال بنا النُّعاس.
_5_
المدينةُ الخابيةُ، تحكمها الجرذان العمياء.
المدينةُ الجاريةُ، تحكمها أباطيلها.
وبينَ المدينتين، كونٌ من الآثامِ والفواحش.
ساقي الحانة، يملأُ دِنانهُ دمي.
وخامسنا، كلبٌ شريدٌ، يلعقُ النِّهاية.
_6_
جدرانٌ تترنَّح.
دخُّانُ الكلامِ الباذخِ، موشِكٌ على إعماءِ بصائرِ المكانِ النَّتن.
أنا وثلاثةُ خونة، وذئب.
وسادسنا، واحدة تتلوَّى من فرطِ أحزانها.
_7_
سابعنا البحر، ونحن ندوِّنُ فتوحَ ضرامنا.
يتّكئُ علينا الوجودُ الخَبِلُ.
ونحن متَّكئونَ على عصفِ الغوايةِ المالحةِ، ونكدِ الأزلِ، وسماجةِ أكاذيبهِ.
أناطَ بنا البقاءُ نَحرَهُ، وما من أحدٍ يخبرهُ: إنَّنا جيَفٌ، متروكةٌ لرحمةِ العُقبان.
_8_
ما يُفسدهُ الدَّهر، تُصلِحهُ الأنثى.
ما تُفسدهُ الأنثى، يُصلِحهُ الموت.
هكذا، وعلى عجل، ألقى علينا ذكرُ السُّنونو، عظته، قبل أن يغمدَ في قلبهِ، أغنيةً كرديَّة.
_9_
هناك، في أقاصي الذاكرة…
بماذا يدمدم، هذا الرَّاهبُ السِّرياني، منحنياً على رأس القتيل، قبل دفنه؟!.
بماذا يوصيهِ؟!.
هذا السُّؤال، طواه الغروب، مُذ كُنتُ طفلاً، آناءَ مرافقتي لجنازات مسيحييّ بلدتنا.
كانت مدافنهم، طليقة، دون جدران.
أمًّا الآن، سورٌ عالٍ، يخنقها.
سورٌ ينقصهُ، محرسُ المخابرات.
_10_
من بعيد، طلائعُ الأيائل، تحفرُ بقرونها كهوفاً في السَّراب.
أرتالٌ من فزَّاعاتِ الطِّيورِ، تحاصرُ الأيائلَ، من بعيد.
أسمالُ الآلهةِ، وخِرقُ حيضِ إناثِ الأرانب، تلفُّ هياكل الفزَّاعات.
من بعيد، أتراءى لزهرِ البابونج والخزامى، سحابةً خضراءَ، تحملُ جثمان شهيدٍ كرديّ.
_11_
هاتيك الصخورُ المتشقِّقةُ، قبالةَ البحر، كانت شعوباً، احترفت العشق.
وتلكَ الأجسادُ التي تنازلُ الجبالَ، يحترفها العشق.
أمَّا أنا، فنديمُ البداياتِ الخائنة.
ارتشفُ الشُّؤمَ مُنهاراً تحتَ وطء الخديعة.
فلا تكفِّي عن طعني، أيَّتها الأيَّامُ البائرة.
_12_
الغريبُ النَّائي، في قمَّةِ يأسهِ، يتفقَّدُ أحوالنا المنكوبة.
ترمقهُ الضَّواري بغيٍّ وشفقة وسأم.
ذلكَ النَّائي، كسَّرَ قيثارتهُ، فبددهُ البحر.
_13_
إنَّها السَّاعة.
فاقَ شكسبير من رقاده.
هرعَ صوبَ مسرحيَّة «يوليوس قيصر»، وغيَّرَ فيها،
جاعلاً بروتوس يطعن نفسهُ أيضاً.
إنَّها السَّاعة، ولم يأتِ المسيح، والأفاعي تسأل عن موسى.
إنَّها السَّاعة، ويهوذا يوشكُ أنْ يوصدَ بابَ الجحيم علينا.
_14_
الغريبُ يحرثُ الكارثة.
الغريبُ، تحرثهُ نجمةٌ صفراء، سقطت من نَهدِ أنثى الضَّباب.
ماتَ، بينما الغابةُ كانت تترقَّبهُ.
ماتَ، ولم يَشهد احتضارَ السَّماء.
المستقبل – الاحد 16 أيار 2010 – العدد 3653 – نوافذ – صفحة 14