معجزة

 بقلم: نور شوقي

حين التجأ الاثنان إلى مملكة فارونا، كان القدر لايزال يجرش وحدتهما،
وحسرتهما، وعلى حين غرة غرزت فارونا سهامها في قلبيهما حينها كان الزمن
في ريعان شبابه، لكنه بدأ يتظاهر بإتكائه على عكازة الشيخوخة، تعاطفاً
منه، ومسايرةً لدوره الدرامي الأسود في محطات الحياة.
تعارف الاثنان من خلال شرفة صغيرة تطل على خريف أيامهما المصفرة فأضيئ
نور النهار في دجى كينونتهما، ومن خلال سلك الهاتف فاض نبع الإكسير في
صفحات صحراء سنينهما.
اتجه الاثنان إلى ربيعهما الوليد، و دون النظر إلى مرآة عجزها، كان اللقاء
الأول. بدأت قهقهة  الاثنان مجدولة في بعضها إلى أقصى حدود الذروة.  حيث
تم المخاض،و تمم الاثنان بعضهما بعضاً في فضاء الذات، إلى أن بدأ الناتج
يحبو ليلتحم مع خيوط شمس الغد.
كان قوياً كتلك الجبال الشامخة، لكن ساقه بترت وإحدى عينيه فقئت.
هي كانت جميلة الجميلات، ولازالت، ولكنها مقعدة على كرسي من شظفِ الحرمان.
رغم ذلك أكمل الاثنان دورة الحياة، كمصارعين من القرون الوسطى، وبإرادة
قوية حرة، استطاع الاثنان ملئ عشهما بصناديد، كنسوا بذلك أشلاء الوحدة
والعزلة ورائهما حيث الماضي البعيد الذي تناسياه ولو لحين.

عدالة

سأله القاضي بتسلط: ما أسمك؟.
قال: إنسان.
رد القاضي: أنت متهم بالخيانة العظمى؟.
قال: لكني لم أسيء يوماً إلى إنسانيتي أو إلى مبادئي.
القاضي: لكنهم أكدوا بأنك كنت تتغزل بجوانب ممنوعة من صرح الحرية، وإنك
تشمئز من لون سمار الخبز.
المتهم: “صمت” ها ها ها ها ها !!!!!!….
القاضي: هيا رد ما لك تضحك، ولن يفيدك هذا الضحك.
قال وهو يقهقه: قد يكون ذلك صحيحاً ” وأكمل بقايا ضحكته”.
هاج القاضي وقال: طالما انك تعترف بذنبك، لماذا تضحك أيها المعتوه.
قال المتهم: انظر ياسيدي فوق رأسك، وكأن طرف ميزان العدالة مثقلٌ بثقلٍ
معين، ويتصبب عرقاً من شدة الخجل. انظر ياسيدي بنفس نظرتي، ونفس شعوري
وأحاسيسي ،سترى كيف سيغمى عليك من الضحك؟… ها ها ها ها !!!!…

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

سيماڤ خالد محمد

مررتُ ذات مرةٍ بسؤالٍ على إحدى صفحات التواصل الإجتماعي، بدا بسيطاً في صياغته لكنه كان عميقاً في معناه، سؤالاً لا يُطرح ليُجاب عنه سريعاً بل ليبقى معلّقاً في الداخل: لماذا نولد بوجوهٍ، ولماذا نولد بقلوب؟

لم أبحث عن إجابة جاهزة تركت السؤال يقودني بهدوء إلى الذاكرة، إلى الإحساس الأول…

خالد بهلوي

بحضور جمهور غفير من الأخوات والإخوة الكتّاب والشعراء والسياسيين والمثقفين المهتمين بالأدب والشعر، أقام الاتحاد العام للكتّاب والصحفيين الكُرد في سوريا واتحاد كردستان سوريا، بتاريخ 20 كانون الأول 2025، في مدينة إيسين الألمانية، ندوةً بمناسبة الذكرى الخمسين لرحيل الأديب الشاعر سيدايي ملا أحمد نامي.

أدار الجلسة الأخ علوان شفان، ثم ألقى كلمة الاتحاد الأخ/ …

فراس حج محمد| فلسطين

لست أدري كم سيلزمني لأعبر شطّها الممتدّ إيغالاً إلى الصحراءْ
من سيمسك بي لأرى طريقي؟
من سيسقيني قطرة ماء في حرّ ذاك الصيف؟
من سيوصلني إلى شجرة الحور والطلع والنخلة السامقةْ؟
من سيطعمني رطباً على سغب طويلْ؟
من سيقرأ في ذاك الخراب ملامحي؟
من سيمحو آخر حرف من حروفي الأربعةْ؟
أو سيمحو أوّل حرفها لتصير مثل الزوبعة؟
من سيفتح آخر…

حاوره: طه خلو

 

يدخل آلان كيكاني الرواية من منطقة التماس الحاد بين المعرفة والألم، حيث تتحوّل التجربة الإنسانية، كما عاينها طبيباً وكاتباً، إلى سؤال مفتوح على النفس والمجتمع. من هذا الحدّ الفاصل بين ما يُختبر في الممارسة الطبية وما يترسّب في الذاكرة، تتشكّل كتابته بوصفها مسار تأمل طويل في هشاشة الإنسان، وفي التصدّعات التي تتركها الصدمة،…