مزكين نازلي خليل: أتمنى أن يتم البحث عن الفن الحقيقي في الهامش

  فتح الله حسيني

يدرج اسم الفنانة المسرحية الكردية مزكين نازلي خليل، ضمن قائمة تلك الأسماء التي خصصت جل وقتها وسنوات عمرها من أجل المسرح، آخذة بالاعتبار أن المسرح هو الحياة، أو هو ضرورة الحياة القصوى، في زمن بات يكشف نواياه غير المحببة تجاه عالم مرئي شاسع يسعى للشهرة المبكرة ومن ثم الاختفاء المبكر، عنوة هذه المرة.
الفنانة مزكين نازلي خليل، من مواليد منطقة عفرين في سوريا العام 1968،
عملت في ألمانيا في فرقة “آسو” المسرحية، وقدمت مشاركات ومساهمات عديدة ضمن كرنفالات ومهرحانات مختلفة الى جانب المسرحيين المقيمين في ألمانيا، كاوا شيخي، نارين شيخي، آفينا ولات وهيفرون، كما وعملت سابقاً ضمن أطر التمثيل الارتجالي في فرقة “تري ويد ميديا (TWM) الى جانب المسرحي الأرميني جاسم وزير، ولكن تلك الفرقة باتت، لاحقاً في مهب النسيان والتهميش، لافتقارها الكلي الى الدعم المادي.
درست، الفنانة المسرحية مزكين نازلي في معهد اعداد المعلمين / قسم الموسيقى بمدينة حلب السورية، ثم عملت، بعد تخرجها مدرسة للموسيقى لمدة ثلاث سنوات، مختصة في تربية الأطفال موسيقياً، وبعد، خروجها الطوعي من سوريا، واختيار منفاه الأول خارج بلدها، عكفت بجل قواها الفنية على دراسة تاريخ الموسيقى في مدينة بون الألمانية، لتستطيع دراسة الماجستير في تاريخ الفن وتاريخ الموسيقى في العام 2003، ولكن لظروف خاصة لم تستطع اتمام دراستها، وهي حالياً تدرس تاريخ العلوم الآسيوية في جامعة بون، حيث تدرس باللغتين العربية والكردية، ضمن كلية العلوم الآسيوية.
في أول زيارة لها الى إقليم كردستان، تتحدث المسرحية مزكين نازلي: إن زيارتنا الى إقليم كردستان تأتي ضمن مجموعة مؤلفة من ستة عشر شخصاً مهتماً بعالم الفن، من فرع العلوم السياسية بجامعة بون، باشراف (فلوريان) الأستاذ في مادة السياسة وبدعم من جامعة بون، وقد خصص لنا ثلاثة متتالية لحضور محاضرات مفتوحة مع طلبة جامعة أربيل، ونقاشات مختلفة في كافة المجالات وخاصة في الدين والسياسة والديمقراطية، كما أتيحت لنا زيارة مدينة حلبجة الشهيدة، وأماكن ومكاتب إعلامية كثيرة، بالإضافة الى حضورنا حفل تخرج دفعة من قوات البيشمركة”.
وحول مشاريعها الفنية القادمة، أكدت المسرحية مزكين نازلي خليل، أنها  تجهد باهتمام لاصدار (CD) خاص بها من أغاني مختلفة لكل من الفنانين، الراحل آرام ديكران، سيبان خلات، دلوفان، الشهيد سرحد.
ولأن مزكين، فتحت عينيها وتربت في كنف أسرة كانت دارها أشبه بصالون أدبي صاخب وملتقى نخبوي في مدينة حلب السورية، فأن لدور والدتها السيدة نازلي خليل، أثره الأكبر في تكوين شخصيتها الفنية، تقول مزكين “صوت والدتي لم تكن تفارق أذهاني، كبرت على صوتها، عشت حزينة لدموع أمي التي لم تكن تتوقف، كان حزنها طاغياً على ملامح وتفاصيل وجهها وكلماتها، ليلاً، أبان الهدوء، نتيجة ظروف والدي الملاحق سياسياً، آنذاك، كما كان حزنها نابعاً من كونها كانت تحس بأنها لا تستطيع منح شعبها كل ما يستحقه أو يليق به، كانت لوالدتي طاقة جبارة في جمع كل أولئك المبدعين في دارنا، لتتحول دارنا الى صالون أدبي، يرتادها الشاعر الكردي الكبير جكرخوين، الشاعر حامد بدرخان، علي عبدالرحمن، ومن الاتحاد السوفياتي السابق كل من المؤرخين والمبدعين عسر بوييك، جليلي جليل، الفنان الراحل آرام ديكران، ثم الفنان والشاعر مصطفى كندش، الشاعر نزير بالو، المسرحي محمد حمو، الشاعر حسين حبش، الفنان محمود عزيز”.
دأبت الفنانة مزكين على عمل كاسيت غنائي مشترك في العام 1992 مع الفنان الكردي الشهير محمود عزيز، ولكن التجربة لم تنجح، لظروف تصفها مزكين بانها، أنذاك، لم تكن مقتنعة بأن يكون لها عمل غنائي خاص أو مشترك، لتردف “صبرت، ثم ندمت كثيراً على عدم إصداري لذلك الكاسيت مع الفنان محمود عزيز”.
وعن ظاهرة الفن الراهنة، وطغاء المزاجية على شاشات التلفزة، تقول الفنانة مزكين نازلي خليل “لا تعجبني هذه الظاهرة الشائعة، لأن الفن الحقيقي ظل في الظل ضائعاً، متوار بقوة وراء الكواليس، بات الفنان يحلم دون جدوى، وهذه بحد ذاته خسارة كبيرة للفن الكردي، أتمنى في كردستان أن يتم البحث عن الفن الحقيقي، في الهامش، لا في القمة، في ظل هذا الكم الهائل من الفضائيات التي تعج بالأصوات جلها غير قادرة على تقديم صورة حقيقية عن الفن الكردي”.
وتضيف “أحب العمل للأطفال، وأشعر أن وجودي بينهم وجود جميل جداً، لذلك أحسست أننا بحاجة الى تماس مباشر مع الطفل فنياً، فأسست مجموعة باسم (البيت الكردي) في ألمانيا مجموعة مكونة من عشرة أطفال، غنوا في حفلة عيد نوروز في ألمانيا وبلجيكا.

مزكين نازلي خليل، بالنهاية منتمية الى جيل تعثر كثيراً بالفن، من أجل قدسية الفن، ليكون المنفى قدراً ضرورياً، أي منفى كان، لتكون أيضاً كسائر بنات وأبناء جيلها المشتت ابداعياً، منتمية الى الابداع لا غير..

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ابراهيم البليهي

لأهمية الحس الفكاهي فإنه لم يكن غريبا أن يشترك ثلاثة من أشهر العقول في أمريكا في دراسته. أما الثلاثة فهم الفيلسوف الشهير دانيال دينيت وماثيو هيرلي ورينالد آدمز وقد صدر العمل في كتاب يحمل عنوان (في جوف النكتة) وبعنوان فرعي يقول(الفكاهة تعكس هندسة العقل) وقد صدر الكتاب عن أشهر مؤسسة علمية في أمريكا والكتاب…

عبدالرزاق عبدالرحمن

مسنة نال منها الكبر…مسكينة علمتها الزمان العبر..

بشوق وألم حملت سماعة الهاتف ترد:بني أأنت بخير؟ فداك روحي ياعمري

-أمي …اشتقت إليك…اشتقت لبيتنا وبلدي …لخبز التنور والزيتون…

ألو أمي …أمي …

لم تستطع الرد….أحست بحرارة في عينيها…رفعت رأسها حتى لا ينزل دمعها،فقد وعدت ابنها في عيد ميلاده الأخير أن لا تبكي ،وتراءى أمام عينيها سحابة بيضاء أعادتها ست سنوات…

فراس حج محمد| فلسطين

في قراءتي لكتاب صبحي حديدي “مستقرّ محمود درويش- الملحمة الغنائية وإلحاح التاريخ” ثمة ما يشدّ القارئ إلى لغة الكتاب النقدية المنحازة بالكلية إلى منجز ومستقرّ الراحل، الموصف في تلك اللغة بأنه “الشاعر النبيّ” و”الفنان الكبير” “بحسه الإنساني الاشتمالي”، و”الشاعر المعلم الماهر الكبير” “بعد أن استكمل الكثير من أسباب شعرية كونية رفيعة”. و”المنتمي…

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…