وجوه الأنثى وأحوالها «في مركز الفنون الحديثة – الحسكة»

حسين عيسو

لن أطيل في الحديث حول المعرض الذي أقيم أمس في مركز الفنون الحديثة بعنوان “وجهي الآخر” والذي يشد الزائر منذ لحظة دخوله , الى روعة الفن , والإبداع في شرح أحوال الأنثى ووجوهها , بكل تعقيداتها الفيزيو سايكولوجية , والتي تشعر الرجل بكل عنجهيته وادعائه بالخبرة فيها , أنه مازال طفلا كبير السن , حديث العهد , بهذا الإبداع الإلهي المخلوق من إبط* أدم بما يحوي من ” روعة الجمال , وقوة الارادة , ونتانة الإبط ,  وهذا ما استطاعت الفنانة الشابة عزيزة أحمد أن تجسده في لوحاتها.
لن أقف طويلا أمام لوحات الصديق الفنان الرائع لقمان أحمد , “وهذا ليس انحيازا للأنثى” , وانما لأن خبرتي بالفن التجريدي ضئيلة جدا.
أما فنانة النحت القديرة جيان , والتي تفننت في تسخير المواد بشكل رائع يدور كله حول  إظهار حركات الأنثى , فحسب رأيي المتواضع ورغم إبداعها في ذلك , أعترف بأنني أحتاج الى من يشرح لي معنى كل من تلك الحركات الفنية المعبرة فيها .


الفنانة عزيزة أحمد أمام لوحة اللامبالاة

لذا أعود مرة أخرى الى القاعة التي أسميتها تجاوزا “أحوال الأنثى” والفنانة الشابة عزيزة التي أثبتت وببساطة فنها المرسوم على البلور , أن الأنثى لا يعرفها غير الأنثى , فلوحاتها ذكرتني بكل آلهات الأولمب , ففيها ” حيرا المتكبرة , ومينيرفا الحكيمة , وفينوس ذات الدل واللامبالاة  , وديانا التي تُرقص القلوب , وحتى الفاجرة هيلين , وربة الحقد ايريس , وعشتار التي غدرت بتموز الحبيب .
 لوحات عزيزة تجمع بين “المرأة الحرة التي , في زمان القهر والزيف , ونهب المال , ولبس الأقنعة , تأكل ثدييها , اذا جاعت , تموت واقفة !, وبين الفاجرة , تدعي الطهر المزيف , تتلون , تتمرغ , تتقلب في الحياة , تغدر عشاقها , ترميهم حيارى في الدروب , لا يرف لها جفن , أمنياتي , أنها تندم يوما , أنها يوما تتوب .
 كل تلك الآلهات اللواتي قرأنا عنهن بكل أحوالهن وصفاتهن اجتمعن أمس في لوحات عزيزة , التي أعادتني عقودا الى الوراء , الى الطفولة الأولى وحضن أمي التي كانت قدّيستي , ثم جاء الحب الأول في بداية سنيِّ المراهقة والتي يومها : “لم يزد حلمي عن كوخ صغير فيه أنت وأنا
ونعمره بأيدينا بعيدا نلهو فيه وحدنا” .
ثم دارت الأيام , وحولني الزمان , غجريا , ضيع العمر ترحالا وغربة , في زوايا مدن العهر , خيمت كثيرا , تارة , كنت أستجدي الغرام , من بغايا الأرصفة , وأخرى أبحث عن نور , يضيء لي دروبي , في ثنايا الأغلفة , ثم عدت بعد ولى الشباب , وآمنت مع نفسي بغرور , أني في الأنثى خبير , أعرفها , أفهمها , فوقعت من جديد , في غرام , خلته حلم حياتي , ونسيت ما مضى , منذ سنين غابرة , وهجرت ذكرياتي , لأعود من جديد , أتذكر , محنة تموز وغدر عشتار الحبيبة , وأقول :
ذروة المحنة عندي ,هي أني , كنت مثلك في حياتي , قارئا كل القصائد , سامعا كل الأغاني ,  أوهمتني أنها حلم حياتي , وبأن الحب يبقى للممات , لم أشكك أبدا , الا في يوم الخيانة ,
يوم أمس ……….
أخيرا وأمام لوحات هذه الفنانة الرائعة , تأكدت بأني لم أعرف شيئا عن الأنثى , وتعقيداتها الفيزيولوجية , والسايكولوجية , التي ادعيت يوما بسذاجة طفل , أنني عرفتها , ومع كل الحب والاجلال للأنثى التي هي الأم والأخت والحبيبة , فلا يعرفها سوى الأنثى .
*قالوا أن حواء خلقت من ضلع آدم , ولكني أقول أنها خلقت من يديه وعيونه وإبطه تجاوزا !!!  
الحسكة في 16 – 04 – 2010 
Hussein.isso@gmail.com

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صبري رسول

 

توطئة للفسحات:

يهندس خالد حسين أشكال الحب في قصيدة: واحدة، في مجموعته رشقة سماء تنادم قلب العابر الصادرة عن دار نوس هاوس بداية 2025. المجموعة عبارة عن أربع فسحات، وهي الفهرسة الهندسية الخاصّة التي تميّزت بها، أربعة أقسام، كلّ فسحة مؤلفة من أربع فسحات صغرى معنونة، وتحت كل عنوان تندرج عدة مقاطع شعرية مرقمة وفق…

أصدرت منشورات رامينا في لندن رواية “ليالي فرانشكتاين” للروائيّ والفنّان الكرديّ العراقيّ عمر سيّد بترجمة عربية أنجزها المترجم ياسين حسين.

يطلّ عمر سيّد “ليالي فرانكشتاين”، حاملاً معها شحنة سردية نادرة تمزج بين الميثولوجيا السياسية والواقع الجحيمي، بين الحكاية الشعبية والتقنيات المعاصرة، ليقدّم نصاً مكثّفاً عن الجرح الكردي، وعن الوطن بوصفه جثةً تنتظر التمثال المناسب كي تُدفن…

عبد الجابر حبيب

 

يا لغرابةِ الجهات،

في زمنٍ لا يعرفُ السكون،

وعلى حافةِ قدري

ما زالَ ظلّي يرقصُ على أطرافِ أصابعي،

والدروبُ تتشابكُ في ذاكرتي المثقوبة،

ولا أحدَ لمحَ نهايتَها تميلُ إلى قبري،

ولا حتى أنا.

 

على الحافة،

أُمسكُ بزهرٍ لا يذبل،

يتركُ عبيرَه عالقاً في مساماتِ أيّامي،

كأنّه يتسرّبُ من جلدي

ثم يذوبُ فيّ.

 

الجدرانُ تتهامسُ عنّي،

تعدُّ أنفاسي المتعثّرة،

وتتركُ خدوشاً على جلديَ المتهالك،

كأنّ الزمنَ

لا يريدُ أن…

إبراهيم محمود

 

 

1-في التقصّي وجهيّاً

 

هي ذي أمَّة الوجوه

غابة: كل وجه يتصيد سواه

 

هي ذي أمة الوجوه

سماء كل وجه يزاحم غيره

 

هي ذي أمَّة الوجوه

تاريخ مزكَّى بوجه

 

ليس الوجه التقليدي وجهاً

إنه الوجه المصادَر من نوعه

 

كم ردَّدنا: الإنسان هو وجهه

كم صُدِمنا بما رددناه

 

كم قلنا يا لهذا الوجه الحلو

كم أُذِقْنا مرارته

 

قل لي: بأي وجه أنت

أقل لك من أنت؟

 

ما نراه وجهاً

ترجمان استخفافنا بالمرئي

 

أن…