لن أطيل في الحديث حول المعرض الذي أقيم أمس في مركز الفنون الحديثة بعنوان “وجهي الآخر” والذي يشد الزائر منذ لحظة دخوله , الى روعة الفن , والإبداع في شرح أحوال الأنثى ووجوهها , بكل تعقيداتها الفيزيو سايكولوجية , والتي تشعر الرجل بكل عنجهيته وادعائه بالخبرة فيها , أنه مازال طفلا كبير السن , حديث العهد , بهذا الإبداع الإلهي المخلوق من إبط* أدم بما يحوي من ” روعة الجمال , وقوة الارادة , ونتانة الإبط , وهذا ما استطاعت الفنانة الشابة عزيزة أحمد أن تجسده في لوحاتها.
أما فنانة النحت القديرة جيان , والتي تفننت في تسخير المواد بشكل رائع يدور كله حول إظهار حركات الأنثى , فحسب رأيي المتواضع ورغم إبداعها في ذلك , أعترف بأنني أحتاج الى من يشرح لي معنى كل من تلك الحركات الفنية المعبرة فيها .
الفنانة عزيزة أحمد أمام لوحة اللامبالاة
لذا أعود مرة أخرى الى القاعة التي أسميتها تجاوزا “أحوال الأنثى” والفنانة الشابة عزيزة التي أثبتت وببساطة فنها المرسوم على البلور , أن الأنثى لا يعرفها غير الأنثى , فلوحاتها ذكرتني بكل آلهات الأولمب , ففيها ” حيرا المتكبرة , ومينيرفا الحكيمة , وفينوس ذات الدل واللامبالاة , وديانا التي تُرقص القلوب , وحتى الفاجرة هيلين , وربة الحقد ايريس , وعشتار التي غدرت بتموز الحبيب .
لوحات عزيزة تجمع بين “المرأة الحرة التي , في زمان القهر والزيف , ونهب المال , ولبس الأقنعة , تأكل ثدييها , اذا جاعت , تموت واقفة !, وبين الفاجرة , تدعي الطهر المزيف , تتلون , تتمرغ , تتقلب في الحياة , تغدر عشاقها , ترميهم حيارى في الدروب , لا يرف لها جفن , أمنياتي , أنها تندم يوما , أنها يوما تتوب .
كل تلك الآلهات اللواتي قرأنا عنهن بكل أحوالهن وصفاتهن اجتمعن أمس في لوحات عزيزة , التي أعادتني عقودا الى الوراء , الى الطفولة الأولى وحضن أمي التي كانت قدّيستي , ثم جاء الحب الأول في بداية سنيِّ المراهقة والتي يومها : “لم يزد حلمي عن كوخ صغير فيه أنت وأنا
ونعمره بأيدينا بعيدا نلهو فيه وحدنا” .
ثم دارت الأيام , وحولني الزمان , غجريا , ضيع العمر ترحالا وغربة , في زوايا مدن العهر , خيمت كثيرا , تارة , كنت أستجدي الغرام , من بغايا الأرصفة , وأخرى أبحث عن نور , يضيء لي دروبي , في ثنايا الأغلفة , ثم عدت بعد ولى الشباب , وآمنت مع نفسي بغرور , أني في الأنثى خبير , أعرفها , أفهمها , فوقعت من جديد , في غرام , خلته حلم حياتي , ونسيت ما مضى , منذ سنين غابرة , وهجرت ذكرياتي , لأعود من جديد , أتذكر , محنة تموز وغدر عشتار الحبيبة , وأقول :
ذروة المحنة عندي ,هي أني , كنت مثلك في حياتي , قارئا كل القصائد , سامعا كل الأغاني , أوهمتني أنها حلم حياتي , وبأن الحب يبقى للممات , لم أشكك أبدا , الا في يوم الخيانة ,
يوم أمس ……….
أخيرا وأمام لوحات هذه الفنانة الرائعة , تأكدت بأني لم أعرف شيئا عن الأنثى , وتعقيداتها الفيزيولوجية , والسايكولوجية , التي ادعيت يوما بسذاجة طفل , أنني عرفتها , ومع كل الحب والاجلال للأنثى التي هي الأم والأخت والحبيبة , فلا يعرفها سوى الأنثى .
*قالوا أن حواء خلقت من ضلع آدم , ولكني أقول أنها خلقت من يديه وعيونه وإبطه تجاوزا !!!
الحسكة في 16 – 04 – 2010
Hussein.isso@gmail.com