الملكة

ماذا أقول لأمي التي تبكي غيابي، بينما أنا على وسادتها
الطاهر بن جلون

إلى روح الكاتبة لورين توفيق عبد المجيد

إبراهيم يوسف

منذ بضعة أيام، فحسب،علمت أنّ الكاتبة الموهوبة الشابة لورين توفيق عبد المجيد( ابنة صديقي العزيز) قد تعرّضت لمرض عضال، وأن الخط البياني لحياتها- كما أكد ذلك الأطباء المشرفون على علاجها- قد بدأ ، للأسف، بالهبوط، وأن وضعها الصحي بات يزداد تدهوراً .
لقد وصلني هذا النبأ الموغل في الحزن عن طريق بعض أفراد أسرتي، ممن يعدون لورين منتمية إليهم، وأنهم منتمون لأسرتها،  وكانوا على معرفة بروح لورين، وإنسانيتها، وقبل كل ذلك بأهمية موهبتها، إمكاناتها الإبداعية، المتميزة، بعد أن تخيرت طريق الكتابة، وكيف لا وهي ابنة توفيق عبد المجيد- الكاتب الشهم المعروف- الذي عرفته من قبل في  محطات كثيرة، صديقاً مخلصاً حانياً، في محطات جد حساسة.
لقد اطلعت على بعض كتابات لورين، خلال الأشهر القريبة،وهي توقع مساهماتها،باسم تخيرته-الملكة-وهي كتابات مفعمة بالحياة، والأمل، وحب الآخرين،كما تعلمت كل ذلك في مدرسة أبويها المربيين المعروفين الذين تتلمذت على أيديهما منذ ما يقارب ثلاثة العقود أجيال من مدينة قامشلي
أينما حلوا.!
وحين رنّ في الصباح الباكر هاتفي المحمول، وأنا من بات رنين الهاتف يفزعه، لاسيما حين يكون شباطياً-وضغطت بسبابتي على زرّ تلقي المكالمات ،لأسمع صوت أحد  أولادي يعلمني بالخبر الأليم، بعد أن اتصل به أبو نيرودا، يعلمه بالفاجعة، وكان متابعاً لأمور هذه الكاتبة، فأجدني أسير حالة قصوى من الهيبة، والألم، متذكّرا طفولة هذه الشابة التي ما تزال في أول مدارج شبابها، وفي أول سنوات عقدها الثاني، تختصر كل وداعة الحياة، وطيبتها،وبراءتها، وحلمها، في شخصها، وهي تستقبل ضيوف أبيها على باب المنزل، أو ترد على هاتف البيت، لافظة عبارة: عمو….!،التي تتلون بجمال روحها،وشفافيتها……….!.
يقيناً، إن -قامشلي – أصبحت اليوم- ناقصة- ما دامت إحدى نرجساتها الحالمات قد غادرتها،ويقيناً أن غياب هذه الزهرة الجميلة، بهذا الشكل المبكر، كان له الأثر الكبير في نفوس كل من عرفوها-عن -قرب- وكل من قرؤوا لها بواكير كتاباتها، تحمل بشائر ولادة كاتبة، موهوبة ،كانت على قدر هائل من الإنسانية وحب الآخرين، وكأن العالم برمته –أسرتها الصغيرة-وهي بعض خصال تربيتها في مدرسة والدها الإنسان –أبي نيرودا-
لورين، غاليتي، لو تعلمين  كيف أكتب عنك – الآن- بعض ما يمكن أن أقوله، وأية آلام تعتصر روحي، وقلبي، لعرفت كم  لك من مكانة في قلب عمك، وأسرتك من أبنائي وبناتي، وهم يعدونك فرداً منا .
لورين غاليتي
خسرنا برحيلك المباغت، كاتبة، حقيقية، نحن أحوج لقلمها  وأقلام أمثالها ممن يكتبون بدم القلب، بعيداً عن التهريج الذي نلمسه عندبعضهم- بأسف- ولكن عزائي في أخواتك أن يكملن رسالتك، وهي أمانة في أعناقهن، أعناقنا، أجمعين…!
5شباط 2010

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أحمد آلوجي

من بين الشخصيات العامودية التي تركت بصمة عميقة في ذاكرتي، أولئك الذين منحوا فنهم جلَّ اهتمامهم وإبداعهم، لا سيّما في المناسبات القومية واحتفالات نوروز التي كانت دائمًا رمزًا للتجدد والحياة. ويبرز بينهم الراحل الفذ مصطفى خانو، الذي أغنى المسرح الكردي بعطائه وإحساسه الفني الرفيع، فاستطاع أن يجذب الجماهير بموهبته الصادقة وحبه الكبير…

آهين أوسو

لم يكن يوما عاديا ،نعم فترة من التوتروالقلق مررنا بها.

إنه آذار المشؤوم كعادته لايحمل سوى الألم .

استيقظت صبيحة ذاك اليوم على حركة غير طبيعية في أصابع يدي ،ماهذا يا إلهي ،أصابعي تتحرك كأنها مخلوقات حية تحاول الهروب من تحت اللحاف ،هممت بالجلوس في فراشي اتحسس يدي ،نعم إنها أصابعي التي تتحرك لاشيء…

(ولاتي مه – خاص):
على امتداد أكثر من خمسة عقود، يمضي الفنان والمناضل شفكر هوفاك في مسيرة حافلة تجمع بين الكلمة الثورية واللحن الصادق، ليغدو أحد أبرز الأصوات التي عبرت بصدق عن آلام الشعب الكردي وأحلامه بالحرية والكرامة.
منذ انخراطه المبكر في صفوف الحزب الديمقراطي الكردستاني في سبعينيات القرن الماضي، ظل شفكر وفيا لنهجه…

ماهين شيخاني

في فجرٍ بعيدٍ من فجر الأساطير، خرج رستم، بطل الممالك الفارسية، في رحلة صيدٍ طويلة. ضلّ طريقه بين الجبال حتى وجد نفسه في مدينة «سمنغان»، حيث استضافه الملك في قصره. هناك التقى بالأميرة تَهمينه، فتاةٌ تفيض حُسنًا وشجاعة، قالت له بصوتٍ يقطر صدقًا:

«يا رستم، جئتُ أطلب من البطل ولداً مثله، لا كنزاً…