«ما ينفع الناس يمكث في الأرض»… يا عزيزي حيدر

هوشنك أوسي

أيَّاً يكن الأمر، أظنُّ أن تبادل الردود بيني وبين الأستاذ حيدر عمر، لم يكن هدراً للكلام والوقت، بل كان فيه قسط من المنفعة والتواصل والتعارف وتبادل الأفكار والآراء، على قاعدة الاختلاف، حيال بعض المفاهيم _ إن جاز التعبير _ منها ما هو متعلِّق بما هو ثقافي، نقدي، ومنها ما هو متعلِّق بما هو سياسي، نقدي. ولئن نصَّ أحمد حسيني، وموقفه، أخذَ ما أخذ، من تداول وردود متباينة، أعتقد أنَّ الحديث في الأمرِ، استوفى شروط الختام. ولست معنيَّاً بالاجابة على التساؤلات والاستفسارات التي أثارها الأخ حيدر في معرضِ ردِّه عليّ، والمعنون: “عزيز هوشنك… الى النصّ نعود”، حول نُسَخ قصيدة حسيني، قبل وبعد التعديل. وصاحب النصّ معني بالأمر، جملةً وتفصيلا. فقط، ليتّسع قلب وصدر الأخ حيدر لقول ما يلي:

أكرر، إنصاف النقد، هو ما طالبتُ به حيدراً، فسعى إلى ذلك، في مقاله الأخير، وبذل جهداً مشكوراً في البحث والتحرّي، والتنقيب في الفضاء الالكتروني، واستحصل على نتائج مهمّة، وتساؤلات جديرة بالإجابة من لدن المعنيين، في مقدِّمهم أحمد حسيني. ولَعمري أن مطالبتي، وإصراري على العودة للنصّ، هي التي جعلت حيدراً يعود إليه. ويعنون مقاله، بعوته المظفَّرةِ تلك. ليس هذا وحسب، بل عَصرَ مراسه في اللغة العربيَّة، للإشارة إلى الأخطاء النحويَّة والإملائيَّة، وحتّى المطبعيَّة منها، في مقالتي تلك، ولم يجيب؛ إيُّهما الصحيح (ليرى أم سيرى)، والاهمّ من إذا كان “لو” حرف أم اداة أم اسم شرط غير جازم، هو التأثير الذي يحدثه في الجملة، إذا اقترن جوابه باللام الرابطة لجواب الشرط غير الجازم؟!. وربما مقالي “رد على حيدر عمر … مع التحيّة”، قد استفزَّ فيه كل ذلك الاجتهاد، واستنفر فيه تلك الشحنة النقديَّة، فحقَّ عليه الشكر والثناء… نقطة انتهى.

المقال الأوّل، لحيدر عمر، كان بعنوان “القراءة المزاجيَّة.. هوشنك أوسي نموذجاً”. أمَّا أنا، فردّيت عليه بـ”رد على حيدر عمر… مع التحيَّة”. واترك للقارئ الصحيف، استشفاف الفارق بين العنوانين، لجهة معرفة منسوب الاحترام، والتشنجّ الموجود في مطالع الكلام، مروراً بمتنه، وصولاً لخواتمه، والحديث عن الخسران، وما إليه، في الردّ الأوّل لحيدر عمر على كاتب هذه السطور!. ويبدو لي، ألاَّ مناص من تكرار: أنصاف النقد، لم يكن حيدراً المعني والمقصود به. وكذا التلفيق أيضاً. فقط، إشارتي إلى ضرورة عدم استناد الناقد الحصيف على الشائعة والخبر، موجَّه له، ولغيره. وناهيكم عن أهميّة الاستيقاء من مصادر، ليس دأبها الخصومة والمناوءة والطعن، آناء كتابة مقالة، مطوية على انتقاد لموقف أو فكرة ما، صادر عن شخصٍ أو جهةٍ ما. وهو يعي مَن أعني. وأمّا عودته لصحيفة “آزاديا ولات” الصادرة بالكرديّة في كردستان الشماليَّة، ومقرّها آمد/دياربكر، فكان له بالغ الأهميّة لديّ، كمصدر موثوق، ومقرَّب من “روج تي في” واحمد حسيني أيضاً. أمّا أنا، فعلاً، قرأت النصَّ في حينه. ولم أحفظه عن ظهر قلب. ولم احتفظ بنسخة منه. وعدتُ لقراءته مجدداً، في موقع “rojava.net”. وأخذت به، على ما هو عليه، وارداً فيه “pêl-ava” وليس “pêlav”. ومَن حذف؟!، ومَن عدَّل؟!، فهذه لست مشكلتي، ولستُ معنيَّاً به. والمعني بالإجابة، الشاعر نفسه. لأنّ حيدر عمر، أثار مسألة خطيرة، السكوتُ عنها، أخطر من وجودها!. أيضاً، نقطة انتهى. (والنقطى، بدلاً من النقطة، خطأ مطبعي، لا أكثر، حتّى ولو تكرر. لكون التاء المربوطة، والألف المقصورى، “الياء غير المنقوطة”، إلى جوار بعض، على الكيبورد).
عندما نقول أو نكتب: “كاتب من طينة فلان”، أو “من قماشة فلان”، والمقصد هنا، الإشارة والإشادة بالنوعيّة والوزن، وليس السخرية، أو الهزء، أو عدم الإعجاب…. هل توضَّحت الصورة والفكرة، يا أستاذي العزيز؟!.
عودتك للنصّ، تستحقّ الاحترام. واعتذارك، في ختام المقال، لم يعد له أيّ معنى، بعد كل تلك الرشقات تجاهي. أمّا أنا، فلم اقترف شيئاً، يستحقُّ الاعتذار بحقِّك. وكنتُ، ولمَّا أزل، أحاول أن يكون كلامي الموجّه لك، مجانباً الهدوء. أمَّا المتطفِّلين على النقد والثقافة والإعلام والكتابة، فلا أخفيك، إنني صارمٌ معهم. وقد يعتبر البعض حزمي وصرامتي معهم، تشنُّجاً، يطالهم أيضاً. وهذا شأن مَن ينحو به المزاج إلى هذا النحو. و”لا أعرف كيف أكون واضحاً، مع مَن لا يجيد الانتباه”، على حدِّ تعبير روسو.
ختام القول: ما ينفع الناس، “يمكث في الأرض…”، وهذه ليس من صنف “ولا تقربوا الصلاة وأنتم…”، عملاً بمبدأ؛ إن اللبيب من الإشارة _ المقتبس يفهمُ، ولا داعي للإتمام هنا. وليس المقصد الابتسار، ما عاذ الله. وأيضاً وأيضاً، العاقبة للمبدعين، وسوء الطالع والطلوع والطلائع، والميل والكيل والمنال والمآل، للمدَّعين. نقطة، انتهى.

كاتب كردي سوري
Shengo76@hotmail.com

تنويه: المقال مكتوب، قبل أن يصدر أحمد حسيني ملاحظاته المرفقة بقصيدته التي أعاد نشرها، بعدّة أيّام…. هوشنك.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…