كلمة وجدانية .. ورثاء مختلف ..!

دهام حسن

أنا من الذين أحبوا إسماعيل عمر، بل سحرتني شخصيته، فأعجبت بها أيما إعجاب، يميل ويتثنى في مشيته بانسياب قوامه الجميل، يمشي بخفة غزال، عذب المحيـّا، لهجته، خفة حديثه، يبتسم بسحر وجاذبية، متواضع، مبتسم، خجول.. له علاقات حميمة مع أصدقاء عديدين، لا يقطع صلته معهم، فيباغتهم بزياراته المفاجئة لهم..

ربما هذه المزايا مجتمعة في شخصه اللطيف، أطمعتني فيه، من جانب بأن أشاغب قليلا بقلمي، وكتاباتي، وأحيانا في حديث محمـّل بشيء من عتاب رقيق، لكن دوما كان يبقى العتاب بنكهة محبّ صـديق صادق، فقد ظلّ محطّ تقديري وحبي واحترامي الكبير له
 ففي لقاء خاطف معه ومعي صديقان كان يعلم ما يدور بخلدنا وما يراودنا من هواجس، وكان يشاطرنا الرأي بل أفصح عن ذلك أمامنا في حديث مقتضب،  ربما كنت أطمع من شخصه الطيب شيئا فوق طاقته، أو أني لم أقدر مثله تشابك الظروف.. وكنت لما أراه في شارع أو مجلس أتفاداه قليلا خجلا، فيبادرني هو بالسلام، وكان بمقدوره أن يرد عليّ الصاع صاعين، وهذه المزية من أخلاق السياسيين الكبار الذين نفتقدهم اليوم للأسف، أجل كان مختلفا يحمل سمات قائد نظيف السريرة خال الطوية من أي حقد أو ضغينة، يحترمك مهما اختلفت معه، يترفع من أن يلصق تهمة بهذا أو ذاك كما حال بعضهم ولو ذاق على يديه المرارة (وليس كبير القوم من يحمل الحقدا) كما يقول الشاعر ..

(طوبى لأنقياء القلوب..) من أمثالك يا أبا شيار..
اليوم قد أفل نجم لامع، نجم إسماعيل عمر أجل غاب ورحل عنـّا إسماعيل .. رحل عن رفاق دربه وحزبه وفي قلوبهم غصّة، فما هو المتوقع بعد هذا الرحيل وهذا الغياب الدائم.. على الصعيد الحزبي والسياسي والمحاور.. لن أقول شيئا منذ الآن وإن كنت أتكهن في المستقبل بأشياء ربما لا تسرّ الصديق.. فحجم مخاوفي بحجم تفاؤلي، ويبقى الأمل والرجاء معقودا على رفاقه المخلصين…

سنفتقدك أبا شيار دوما لاسيما في الملمات السياسية (وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر)  فالوداع مـرٌّ ولفداحة القدر وداع لا لقاء بعده..

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم محمود

 

 

1-في التقصّي وجهيّاً

 

هي ذي أمَّة الوجوه

غابة: كل وجه يتصيد سواه

 

هي ذي أمة الوجوه

سماء كل وجه يزاحم غيره

 

هي ذي أمَّة الوجوه

تاريخ مزكَّى بوجه

 

ليس الوجه التقليدي وجهاً

إنه الوجه المصادَر من نوعه

 

كم ردَّدنا: الإنسان هو وجهه

كم صُدِمنا بما رددناه

 

كم قلنا يا لهذا الوجه الحلو

كم أُذِقْنا مرارته

 

قل لي: بأي وجه أنت

أقل لك من أنت؟

 

ما نراه وجهاً

ترجمان استخفافنا بالمرئي

 

أن…

كاوا عبد الرحمن درويش

 

شهرٌ كاملٌ مرَّ اليوم على اجرائي عملية استئصال المرارة، شهرٌ مرَّ على مفارقة جسدي لقطعةٍ صغيرةٍ في حجمها، جبارةٍ عظيمةٍ في عملها.

عشت قبل توديعها صراعاً مريراً مع الألم الذي اعتدت على زياراته الثقيلة كضيفٍ غير مرغوبٍ فيه، لا يطرق أبواب مضيفه إلا بعد انتصاف الليل على مدار سنواتٍ عديدةٍ بلا رحمة ولاهوادة.

كنت…

أصدر الكاتب والشاعر والمترجم الكردي السوري عبدالرحمن عفيف مجموعة قصصية جديدة بعنوان “جمال العالم الموجود”، عن دار نشر “سامح” في السويد 2025، بتصميم غلاف من إبداع الفنان الكردي لقمان أحمد. المجموعة، التي تضم أكثر من ٣٠ قصة قصيرة، تأخذ القارئ في رحلة عبر تفاصيل الحياة اليومية في بلدة عامودا السورية ومحيطها، حيث تلتقي الشخصيات العادية…

عبدالوهاب پيراني

 

(عتيقة انت

كأنك رصيف في مدينة مهجورة

تركه المطر ليجف وحده

وترك لك خطوات الراحلين مثل آثار نوم

حين كتبتك

نزف القلم عطرا

وغصت الورقة بأسمائك القديمة

كان الزمان واقفا

يراجع ذاكرته

 

اعترف

لم اعد احتاجك

لكنني اشتاقك كما يشتاق الباب صوت الطرق

وكما تشتاق المرايا

ملامح من رحلوا

تظنينني نسيت

لكنني ما زلت اخبئك

في درج السرير

بين تذكرة قديمة)

 

في عالم تغلفه أنسجة الغربة والشتات، يخاطبنا لوركا پيراني بنص…