محمد قاسم
أصبح متاحا لكل عارف ومهتم- وقد امتدت المعرفة أفقيا في المجتمعات،وعموديا أيضا في بعضها –المتقدمة-أصبح متاحا،أن يعرف كثيرا من عناصر تكوين المجتمعات الإنسانية ، وحركيتها وآلياتها..
أصبح متاحا لكل عارف ومهتم- وقد امتدت المعرفة أفقيا في المجتمعات،وعموديا أيضا في بعضها –المتقدمة-أصبح متاحا،أن يعرف كثيرا من عناصر تكوين المجتمعات الإنسانية ، وحركيتها وآلياتها..
فالمجتمع لفظة-مفهوم- تدل على مجموعة من الناس؛ يجمع بينهم السكنى في أرض محددة، والشعور بصلة عرقية أو دينية أو طائفية أو مذهبية-أو كلها معا في حالات خاصة-.بطريقة تتيح تفاعلا يتضمن الزواج والتكاثر، والتعاون والعمل..والتشارك في معظم عناصر –عوامل- الحياة التي تضمن الاستقرار، وممارسة مختلف الأعمال والمهن التي توفر مستوى معيشة طيبة.
ويدخل في نطاق هذه العوامل؛ الرغبة في العيش المشترك،والاستعداد للدفاع معا عن قيم المجتمع، ومعتقداته، ومعطيات وجوده المادية..إضافة الى الارتباط بماض مشترك ملهم ..الخ.
ولعل أهم عوامل بقاء المجتمع حيويا وفعالا في أنشطته المختلفة هو: الاستقرار.. ودون أن يكون حجة لسلب الحيوية الطبيعية في فاعلية المجتمع؛ وفي جميع أنشطته؛ بما فيها الأنشطة الثقافية والاقتصادية والسياسية..-كما في أنظمة القهر والاستبداد التي تتغنى دائما بالاستقرار والأمان في غياب فاعلية المجتمع المفترضة..
فإذا فقد المجتمع الاستقرار أصبح معرضا لأن تهزه أقل الريح قوة..!
وإذا سلب الحرية وحق التعبير والعمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي..الخ.
فإنه يتحول الى مجتمع راكد ..حائر..قلق…!
باختصار، يتحول الى مجتمع غير مستقر. ولذلك تداعياته السلبية كما نلاحظ في المجتمعات العالمثالثية عموما والعربية خصوصا..
ولهذا نرى أن ظاهرة الاهتمام بالترف والانخراط في أشكالها يصبح نظاما حياتيا بشكل عام، وتغذي ذلك الحكومات التي ترغب في تحييد شعوبها عن النشاط الفاعل؛ وعلى رأسها السياسة-كما في المجتمعات العالمثالثية – والعربية منها طبعا-.
وقد يعتبر اللون الواحد -بنوع من التجاوز- مجتمعا ، فنقول المجتمع المسلم، والمجتمع المسيحي، والمجتمع الشيعي، والمجتمع السني..والمجتمع العربي، والمجتمع الكوردي..الخ.”[i] “
لكن الدلالة الأصح- بتقديري- والواقعية هي، أن يكون الجامع للمجتمع هو:
جغرافية تحتضن التاريخ،بتلوين – أو تكوين- ساهمت في تشكّيله ظروف الحياة –بتعمد أو عفويا..كنتيجة لحروب أو جفاف أو أي حالة تدفع الى الهجرة؛ فتختلط الإثنيات العرقية، أو التشكيلات الدينية والطائفية والمذهبية..الخ. وتجمعهم رغبة العيش المشترك بتأثير الظروف المختلفة، منها الحاجة الى التعاون في إنتاج متطلبات العيش،ومنها التجمع لحماية بعضهم بعضا-مجتمعا ووطنا- من أخطار محتملة أو محدقة…فتبقى الاختلافات خصوصيات للمختلفين: دينا، أو طائفة، أو مذهبا، أو قومية…الخ.ويصبح الجامع قيم الوطنية والمواطنة..
ويصبح –بذلك- مفهوم المجتمع أشمل مما سبق .
وهذا هو ما يمثل واقع المجتمعات المعاصرة.فقلما تجد مجتمعا نقيا عرقيا أو دينيا…الخ.
وهنا تصبح جغرافية الأرض والتاريخ والمعطيات الراهنة عموما ،ذا تسمية جديدة هي: الوطن..
ويصبح الولاء للوطن هو محور التفاعل والثقافة التي تتكون في ظل الفاعلية المختلفة على أرض هذا الوطن، أو تحت سمائه.بعد أن أثبتت التجربة أن المحاور الأخرى كالدين والقومية لم تعد قادرة –في ظل الظروف الحادثة والمتغيرة- أن تكون هي البديل عن الوطن والوطنية..فلكل مرحلة محاور ومفاهيم يمكنها أن تنمو وتزدهر فيها ..
– الدولة الملكية التي زالت لصالح الجمهورية،وان بقيت اسما بلا فاعلية كما كانت قديما.
– الدولة الدينية التي لم تعد تستطيع الصمود أمام زحف مفهوم الوطنية والعلمانية السياسية.
إن مطالبة إسرائيل-مثلا- بأن تكون دولتها يهودية تلقى استهجانا من كل مستنير.
يتم تشكيل الدولة التي تتجاوز الخصوصيات-الإثنية والدينية والطائفية والمذهبية… الخ – دون الإضرار بها “[ii] “ليصبح الفرد مواطنا، ولا يُسأل عن خصوصياته، وإنما يُسأل عن مدى توافقه مع القوانين والقيم التي أفرزتها الدولة، أو ساهمت في صياغتها كنظام اجتماعي يسمى في أعلى حالاته-أو وظائفه-بـ “السياسة” وفي مناخ كاف وواضح من الحرية طبعا.
وفي ظل الوطن وقوانينه –وهي ناتج تفاعل اجتماعي بين جميع المكوّنات التي تعيش فيه،وفق آليات، أصبحت الديمقراطية والحرية أساسها، بطابع يغلب فيه الفردي المتفاعل مع الجمعي..دون اضمحلاله..وإنما بتكامل معه يجعل المجتمع بيئة خصبة لفعالية الأفراد، وتفجير الطاقات الإبداعية على كل صعيد.
هذا يحدث في المجتمعات المتقدمة-أوروبا،أمريكا،اليابان….. والتي أصبحت فعلا تعيش في ظلال دولة القانون. لكن ذلك غير متوفر في المجتمعات المتخلفة والتي تعيش ظاهريا باسم الدولة؛ ولكن حقيقتها أنها: شبه دولة “[iii] ” لا دولة حقيقية..
ففي هذه المجتمعات المتخلفة يصاغ القانون من قبل السلطات الحاكمة،وهي غالبا سلطات مغتصبة للحكم انقلابا عسكريا، ولا يصاغ القانون من ممثلي المجتمع-الشعب- بل لا يوجد –واقعيا- من يمكنهم تسميته بممثلي الشعب-نواب-بسبب الأسلوب غير الديمقراطي وغير الحر في دفعهم الى مؤسسات شكلية-مجلس الشعب..مجلس الشورى..الخ. وهي مؤسسات لا مضمون حقيقي لتمثيلها لمواقعها والغاية منها.
وينال المجتمع خلل يجعل المفاهيم والمبادئ والقيم هشة، ذات نبرة عالية شعاراتية؛ لكن بفعالية ضئيلة –أو معدومة..
وهنا لابد من الإشارة الى أن قوة المجتمعات- كمجتمع بشكل عام – كالمجتمعات الأوروبية..، باعثة على نوع من السلطة أو التسلط ..في مرحلة تاريخية عبرت عن نفسها بالحركة الاستعمارية..مما أنتج قيما محورها المادة والمال عموما ،ومن مفرزات ذلك؛ الميل الى الغنى.. والشهرة.. والرفاهية …بلا حدود.
ولا يتوفر لديها ضابط قيمي سوى مشاعر هشة –أحيانا- لا ترقى الى الأصل الإنساني المفترض للقيم الأساسية؛ وهي التي نادى بها الدين والأخلاق–والدين واحد عند الله-على الأقل،الأديان المعروفة بأنها سماوية. وإنما تختلف الشرائع..!
فالدين أصل، والشرائع فروع ..تتغير وفقا للأزمنة والأمكنة.. لتتلاءم معها في إدارة الحياة الروحية بأقصى ما يمكن مع الأصل –الدين.
الدين اعتقاد إيماني،يبدأ بالإيمان بوجود خالق واحد هو مصدر خلق الكون وإدارته بمنهجية لا نعرف منها إلا القدر الذي يخصنا كبشر محدودي القوة في فهم وتفسير الحياة بموجوداتها، ويأتي دور الأنبياء-الوحي- للربط بين القوة الإلهية غير المحدودة -أو العلم الإلهي غير المحدود…الخ. وبين القوة الإنسانية المحدودة والعلم الإنساني المحدود.
لكن هذه المحدودية في قوة الإنسان وعلمه و مختلف تجليات فعاليته…–كما يبدو- ليست مطلقة، بل فيها من بذور-أو إمكانية- الاتساع والنمو بقدر ما يكتسب الإنسان من الخبرة وعيا وسلوكا..
يمكن تشبيه ذلك بانكشاف أكثر لما يبحث عنه –أو فيه- الإنسان- كلما زاد اكتشافه لجديد من المبحوث عنه-أو فيه- فيصبح المكتشَف –دائما- رصيدا يساعد على كشف جديد وهكذا..!
ولعل أهم عوامل بقاء المجتمع حيويا وفعالا في أنشطته المختلفة هو: الاستقرار.. ودون أن يكون حجة لسلب الحيوية الطبيعية في فاعلية المجتمع؛ وفي جميع أنشطته؛ بما فيها الأنشطة الثقافية والاقتصادية والسياسية..-كما في أنظمة القهر والاستبداد التي تتغنى دائما بالاستقرار والأمان في غياب فاعلية المجتمع المفترضة..
فإذا فقد المجتمع الاستقرار أصبح معرضا لأن تهزه أقل الريح قوة..!
وإذا سلب الحرية وحق التعبير والعمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي..الخ.
فإنه يتحول الى مجتمع راكد ..حائر..قلق…!
باختصار، يتحول الى مجتمع غير مستقر. ولذلك تداعياته السلبية كما نلاحظ في المجتمعات العالمثالثية عموما والعربية خصوصا..
ولهذا نرى أن ظاهرة الاهتمام بالترف والانخراط في أشكالها يصبح نظاما حياتيا بشكل عام، وتغذي ذلك الحكومات التي ترغب في تحييد شعوبها عن النشاط الفاعل؛ وعلى رأسها السياسة-كما في المجتمعات العالمثالثية – والعربية منها طبعا-.
وقد يعتبر اللون الواحد -بنوع من التجاوز- مجتمعا ، فنقول المجتمع المسلم، والمجتمع المسيحي، والمجتمع الشيعي، والمجتمع السني..والمجتمع العربي، والمجتمع الكوردي..الخ.”[i] “
لكن الدلالة الأصح- بتقديري- والواقعية هي، أن يكون الجامع للمجتمع هو:
جغرافية تحتضن التاريخ،بتلوين – أو تكوين- ساهمت في تشكّيله ظروف الحياة –بتعمد أو عفويا..كنتيجة لحروب أو جفاف أو أي حالة تدفع الى الهجرة؛ فتختلط الإثنيات العرقية، أو التشكيلات الدينية والطائفية والمذهبية..الخ. وتجمعهم رغبة العيش المشترك بتأثير الظروف المختلفة، منها الحاجة الى التعاون في إنتاج متطلبات العيش،ومنها التجمع لحماية بعضهم بعضا-مجتمعا ووطنا- من أخطار محتملة أو محدقة…فتبقى الاختلافات خصوصيات للمختلفين: دينا، أو طائفة، أو مذهبا، أو قومية…الخ.ويصبح الجامع قيم الوطنية والمواطنة..
ويصبح –بذلك- مفهوم المجتمع أشمل مما سبق .
وهذا هو ما يمثل واقع المجتمعات المعاصرة.فقلما تجد مجتمعا نقيا عرقيا أو دينيا…الخ.
وهنا تصبح جغرافية الأرض والتاريخ والمعطيات الراهنة عموما ،ذا تسمية جديدة هي: الوطن..
ويصبح الولاء للوطن هو محور التفاعل والثقافة التي تتكون في ظل الفاعلية المختلفة على أرض هذا الوطن، أو تحت سمائه.بعد أن أثبتت التجربة أن المحاور الأخرى كالدين والقومية لم تعد قادرة –في ظل الظروف الحادثة والمتغيرة- أن تكون هي البديل عن الوطن والوطنية..فلكل مرحلة محاور ومفاهيم يمكنها أن تنمو وتزدهر فيها ..
– الدولة الملكية التي زالت لصالح الجمهورية،وان بقيت اسما بلا فاعلية كما كانت قديما.
– الدولة الدينية التي لم تعد تستطيع الصمود أمام زحف مفهوم الوطنية والعلمانية السياسية.
إن مطالبة إسرائيل-مثلا- بأن تكون دولتها يهودية تلقى استهجانا من كل مستنير.
يتم تشكيل الدولة التي تتجاوز الخصوصيات-الإثنية والدينية والطائفية والمذهبية… الخ – دون الإضرار بها “[ii] “ليصبح الفرد مواطنا، ولا يُسأل عن خصوصياته، وإنما يُسأل عن مدى توافقه مع القوانين والقيم التي أفرزتها الدولة، أو ساهمت في صياغتها كنظام اجتماعي يسمى في أعلى حالاته-أو وظائفه-بـ “السياسة” وفي مناخ كاف وواضح من الحرية طبعا.
وفي ظل الوطن وقوانينه –وهي ناتج تفاعل اجتماعي بين جميع المكوّنات التي تعيش فيه،وفق آليات، أصبحت الديمقراطية والحرية أساسها، بطابع يغلب فيه الفردي المتفاعل مع الجمعي..دون اضمحلاله..وإنما بتكامل معه يجعل المجتمع بيئة خصبة لفعالية الأفراد، وتفجير الطاقات الإبداعية على كل صعيد.
هذا يحدث في المجتمعات المتقدمة-أوروبا،أمريكا،اليابان….. والتي أصبحت فعلا تعيش في ظلال دولة القانون. لكن ذلك غير متوفر في المجتمعات المتخلفة والتي تعيش ظاهريا باسم الدولة؛ ولكن حقيقتها أنها: شبه دولة “[iii] ” لا دولة حقيقية..
ففي هذه المجتمعات المتخلفة يصاغ القانون من قبل السلطات الحاكمة،وهي غالبا سلطات مغتصبة للحكم انقلابا عسكريا، ولا يصاغ القانون من ممثلي المجتمع-الشعب- بل لا يوجد –واقعيا- من يمكنهم تسميته بممثلي الشعب-نواب-بسبب الأسلوب غير الديمقراطي وغير الحر في دفعهم الى مؤسسات شكلية-مجلس الشعب..مجلس الشورى..الخ. وهي مؤسسات لا مضمون حقيقي لتمثيلها لمواقعها والغاية منها.
وينال المجتمع خلل يجعل المفاهيم والمبادئ والقيم هشة، ذات نبرة عالية شعاراتية؛ لكن بفعالية ضئيلة –أو معدومة..
وهنا لابد من الإشارة الى أن قوة المجتمعات- كمجتمع بشكل عام – كالمجتمعات الأوروبية..، باعثة على نوع من السلطة أو التسلط ..في مرحلة تاريخية عبرت عن نفسها بالحركة الاستعمارية..مما أنتج قيما محورها المادة والمال عموما ،ومن مفرزات ذلك؛ الميل الى الغنى.. والشهرة.. والرفاهية …بلا حدود.
ولا يتوفر لديها ضابط قيمي سوى مشاعر هشة –أحيانا- لا ترقى الى الأصل الإنساني المفترض للقيم الأساسية؛ وهي التي نادى بها الدين والأخلاق–والدين واحد عند الله-على الأقل،الأديان المعروفة بأنها سماوية. وإنما تختلف الشرائع..!
فالدين أصل، والشرائع فروع ..تتغير وفقا للأزمنة والأمكنة.. لتتلاءم معها في إدارة الحياة الروحية بأقصى ما يمكن مع الأصل –الدين.
الدين اعتقاد إيماني،يبدأ بالإيمان بوجود خالق واحد هو مصدر خلق الكون وإدارته بمنهجية لا نعرف منها إلا القدر الذي يخصنا كبشر محدودي القوة في فهم وتفسير الحياة بموجوداتها، ويأتي دور الأنبياء-الوحي- للربط بين القوة الإلهية غير المحدودة -أو العلم الإلهي غير المحدود…الخ. وبين القوة الإنسانية المحدودة والعلم الإنساني المحدود.
لكن هذه المحدودية في قوة الإنسان وعلمه و مختلف تجليات فعاليته…–كما يبدو- ليست مطلقة، بل فيها من بذور-أو إمكانية- الاتساع والنمو بقدر ما يكتسب الإنسان من الخبرة وعيا وسلوكا..
يمكن تشبيه ذلك بانكشاف أكثر لما يبحث عنه –أو فيه- الإنسان- كلما زاد اكتشافه لجديد من المبحوث عنه-أو فيه- فيصبح المكتشَف –دائما- رصيدا يساعد على كشف جديد وهكذا..!
[i] – كلمة المجتمع مشتق من لفظ الجمع والجماعة..لكن باشتراط العوامل المعقدة التي ذكرناها فيختلف عن الجماعة والجمع أو ما شابه..
[ii] – أي دون محاولة إذابتها في الكل أو إبادة أصحابها –كما كانت متبعة في بعض الأيديولوجيات السياسية ولا زالت..وإنما إيجاد الطريقة التي يمكن بها أن نوفق بين الخصوصيات و عمومية الدولة –الفيديرالية مثلا..كما في أمريكا وعدد من دول أوروبا ..بل وفي الهند الدولة الأكبر سكانا وتتمتع بنظام ديمقراطي في الشرق.
[iii] – ارتأينا أن نسميها شبه دولة لأن شكلياتها تشابه شكل الدولة ظاهريا،من حكومة ودوائر ومؤسسات..الخ.لكنها تعمل بأقل طاقات الدولة لما فيها من الفساد ومصادرة الحريات ،وممارسة الأسلوب الاستبدادي في إدارة شؤون مواطنيها فضلا عن التفرد بالحكم.