الشاعر السوري محمود عبدو يتحدث لـ (الزمان) عن صلة القرابة مع النص ..الشعر ينأي بنا في زوايا الحياة

حوار : بسام الطّعان

محمود عبدو شاعرٌ سوري شاب شبَّ في الجزيرة السورية ميّزه صمته الدائم واشتغاله علي النص والتجريب الدائمين، مبتعداً عن الأضواء والمقابلات، منهمكا في الكتابة والنقد عن الآخرين ناسياً نفسه، مارس الكتابة بشقيها الإبداعي”الشعري والقصصي ، مارس الصحافة اليومية من خلال جريدة بلدنا اليومية السورية والعديد من الصحف ،كُرِّم كشاعر وصحفي وكان آخرها مشاركته وتكريمه في حفل توقيع الموسوعة الكبري للشعراء العرب في المغرب .

– كيف يقدم محمود عبدو عبدو نفسه للقراء؟
كيف يمكن للشاعر أن يقدّم نفسه خارج خارطة اللغة والأحلام، فأيُّ مكانٍ تغيب عنه القصيدة مكانٌ مترهل عن الحياة عن أوكسيجينها كأي بشريٍّ لفظته الحياة علي عجلٍ، ولكن في هذه المرة أختار جهة” منقار الجهة”الشمال الشرقي السوري،مثيل منقار البطة” كنت متديركا خجولا /ابناً للمكان لبلدة ديركا حمكو/ واستجمع منها حديّتها وليونتها في آن، كلانا كان زاوية حادة الطباع، نقيس معاً أفول الربيع من حولنا رويداً رويداً، وكذا القامشلي أورثتني جلَّ لوني المميز، عند رقمٍ ويوم ما كتب أهلي اسماً أعلموني وعلّموني فيما بعد بأن الذي توشح بالاسم والتاريخ والميلاد هو أنت، فكنتُ!!.


– الشعراء كثيرون في الجزيرة السورية وأنت منهم ، كيف تنظر إلي نتاجات هؤلاء الشعراء؟
تكاثر الشعراء وقلَّ الشعر أشبه بمقولة اقتصادية-رغم فارق القيمة بين المادة والحرف- كثرة في الإنتاج وسوء في التوزيع هو حالنا الآن، كثرة في عدد الشعراء ولكن في العُدّة فثمة اختلافات ومستويات فارقة وواضحة، وثمة تجارب تُفصح عن مكنونها وقوتها حتي خارج الجزيرة وخارج سورية كذلك.


– هل من شاعر معاصر تنظر إلي تجربته الشعرية بإعجاب وتقدير؟
نصوص كثيرة تلفت حقا وتجارب عديدة تغريك بمناوشتها وقتيا، والتسلل لبذرها الأصل ودلالة حيويتها، والتسلل لعوالمها ما أمكن، لن نقف عند سليم بركات أو نزيه أبو عفش والمرور بأدونيس فعباس بيضون وسعادة ومنذر مصري وأحمد تيناوي ولقمان ديركي الكثير ممن تتلمذنا شعريا معهم وبهم، ناهيك عن جيل شاب تقصي الشعر بأدوات حيواته الحديثه فقارب بين اللغة والناس والفن، جيلٌ تجد في نصّه الأمل المرصع بالتميز، يحملون نصهم بسيزيفية مختلفة، يصعدون، ينزلون، يتزحلقون، يَسكرون، يفعلون بها كلما يمكن تخيله.


– لا يوجد أي تجديد في الشعر السوري المعاصر، هل توافق علي ذلك؟
بالطبع لا واختلف معك في النفي -أي تجديد في الشعر المعاصر- فالمشهد يشي بالكثير من الولادات والانبعاثات المميّزة، وليس أدلُّ علي ذلك في مقارنة النتاج الشعري السوري المعاصر مع بقية النتاج الشعري العربي والعالمي.


– في الماضي كان الشعر له دور كبير في الحياة، والآن هل له شيء من هذا الدور؟
ربما سأختلف معك في الكثير مما تقوله، فالشّعر في أي يوم لم يكن له ذلك الدور، فكان ينأي في زاوية الحياة ولا زال، معنيا بالنخبة وبهم، إلا فيما ندر، حين يُصاحب الشاعر سلطة ما، أو يُدعم بقرار سياسي-للشاعر وليس للشعر- وشتان ما بين دور الشاعر في الحياة ودور الشعر، ربما التباكي علي ماكان هي السمة الأبرز في الحياة والذكريات -لذا قد اتفق معك- في هذا فقط.


– كيف تفهم الحداثة الشعرية، وماذا قدمت للشعر؟ وأيهما الأغلب في شعرك، التفعيلة أم النثر؟ قصيدة النثر غير معترف بها عند الكثيرين نقادا وقراءً ، ما رأيك؟
لكلِّ زمنٍ حداثته، ولكن تجربة قراءتها وطاقتها التجريبية الخاصة- وإن تفاوتت – فأصلا لا يمكن للشعر من الاستمرارية في الحياة دون حداثة وتوائمها مع اليومي، لنجد تحول مواضيع الشعر عن القضايا الكبري لصالح الفردي الذاتي ضمن قوالب المكان والمناخ والزمن.


– ما هي المشارب الشعرية التي أغنت تجربتك الشعرية؟
جيلنا يقف كبيرق في ناصية ساحة رئيسية مشرعاً علي كافة الجهات والتيارات والكتابات، لذا نوّعت في قراءتي بين المترجم-الأدب العالمي في عمومه-وكتابات القرن العشرين والتي -بتصوري- تشكل ذخيرة وناتجا وجامعا لكلِّ ما سبقه، فأدب القرن العشرين كان له الأثر الأكبر في تجربتي الشعرية.


– لي ماذا يحتاج الشاعر حتي يكتب قصائد تشع جمالا ويصفق لها القارئ طويلا؟
يحتاج الشاعر إلي الصدق فيما يكتبه دوما، فالقارئ والمتلقي من الذكاء ليفك شيفرة النص ويحسّ بصدق العبارة وصدق الإلقاء، كما إن لبوح الأداء دور رئيسي في تكوين جسر بين النص وذائقة وإذن المتلقي.


– من أين تأتي القصيدة، من الموهبة أم من الاكتساب؟
صقل التجربة بالممارسة والمتابعة هو الهام، فالشاعر والأديب عموما بحاجة لورشة يقيمها لذاته، للغته، لخياله، لقراءاته، وللكثير مما يفيد موهبته الموجودة أصلا، لنجد سيلان اللغة والقصائد دون عمليات قيصرية، ودون قصديّة قد تقتل النص.


– برأيك ماذا يريد القارئ أو المتلقي من الشاعر؟
لدينا قرّاء من مستويات مغايرة لبعضها، وهو ليس بكائنٍ افتراضي، معالمه واضحة لنا، ثقافته، وهو يشكل مع النص-لحظة القراءة- التكامل المطلوب، وباعتبار الكتابة السلعة الأرخص والقارئ السلعة الأغلي لذا من حقّه علينا أن نعطه الأفضل ونتبادل الأدوار فكلانا لصيق النص- قريبه- وإن كانت هنالك قرابة دم مع نص الكاتب فهي زمرة دم القارئ حتماً.


– حدثنا عن الحركة النقدية في سوريا، كيف تراها، وهل في سورية نقاد هدفهم النقد الموضوعي؟
دوما نكرر مقولتنا بأن قلة النقد كان السبب في مغادرة القارئ الساحة لما رآه من منتج فني رديء وكتابات سطحية، والحركة النقدية في سورية فردية-للأسف- أي ليس هنالك مشروع نقدي مؤسساتي جمعي لما تطرحه المطابع علينا من كتابات، وبالمؤكد ثمة تجارب نقدية سورية هامة وتعمل علي غربلة ما تراه بالممكن، وفي المقابل نجد الشللية طافحة في النقد الثقافي-حكلي لحكلك- والإعلامي منه علي وجه الخصوص.


– لمن تقرأ من الشعراء العرب وتداوم صحبتهم، ولمَ؟
أقرأ لكل من تصل إليه يدي أو متصفحي الالكتروني، ربما كانت لسليم بركات سطوته واستحواذه علي الكثير من وقتي مترافقا بأدونيس والدرويش محمود ونزيه والماغوط والتجارب الهامة، كما لدي ميزة باقتفاء الكتابات المميزة ونتاجاتها”الورقية والإلكترونية” وحتي مصاحبتهم.


– لو طلبت منك أن توجه رسالة إلي الشعراء، ماذا تقول لهم فيها؟
الكتابة باعتبارها تحليقاً في المكان بحسب فرجيينا وولف ، وامتطاء لأحصنة المخيّلة جميعها ، وفي آن واحد إنّها وقف للزّمن السّائل بين يديّ الحواس ومكاثرة لمشاغبات الموهبة ، إنّها اشتعال أحزان الذّاكرة لتصير موقدة بشكل أبديّ ، نارها الحروف ولهبها الأسطر ودفؤها المعاني ولأنّ الأدب هو الأبقي بحسب عبدالرّحمن منيف وصفوة الأدب الشّعر وأقدمه وهو ديوان الشّعوب وخازنها لذا كان الشّعر وسيبقي …. فكل عام وأنتم شعراء، وكل عام والشعر بخير.

http://www.azzaman.com/azzaman/ftp/today/p11.pdf

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم محمود

أول القول ومضة

بدءاً من هذا اليوم، من هذه اللحظة، بتاريخ ” 23 تشرين الثاني 2024 ” سيكون هناك تاريخ آخر بحدثه، والحدث هو ما يضفي على زمانه ومكانه طابعاً، اعتباراً، ولوناً من التحويل في المبنى والمعنى القيَميين والجماليين، العلميين والمعرفيين، حدث هو عبارة عن حركة تغيير في اتجاه التفكير، في رؤية المعيش اليوم والمنظور…

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…