(أحبُّكَ، يا أرنستو)

عبد الستار نورعلي

مقدّمة:
رُويَ أنَّ أحدَ رجالاتِ الدولةِ الكبارِ – منَ الراحلينَ – قالَ يوماً: 
“انتهى زمنُ الثورات وجيفارا لم يكنْ ذا صواب أبداً…!!!
وقالَ جيفارا:
“لا تحزني، يا أمي، إنْ مُتُّ في غضِّ الشبابِ غداً، سأحرِّضُ أهلَ القبورِ، وأجعلُها ثورةً تحتَ التراب.”
(أحبُّك يا أرنستو!)
شيخٌ مثلي يحلمُ بالثورةِ دائمةً
في كونٍ تاهَ
بين محيطاتِ الظلمةِ، بينَ الحربِ 
وضبابِ الرؤيةِ
ليسَ غريباً أنْ يعشقَ لوحةَ أرنستو تشي جيفارا  ،
كي تسريَ في أنهار القلبِ ووديان العين، 
تلك الأحلامُ الورديةُ في زمن الكلماتِ الكبرى 
وأساطيرِ اليوتوبيا البشرية. 
الذاكرةُ:
المرآةُ المصقولةُ، والملأى بالصورِ وبالألوانِ
تتقاطعُ في نزعاتِ الغيثِ 
يُـمطرُ بالزهرِ وبالشمعِ 
بحماماتِ فضاءِ الأصداء.
يا أرنستو ،
تلك القممُ الشاهقةُ 
بين سماواتِ جبالِ الأنديز
تعشقُ فيكَ سيجارةَ هافانا
ولباسَ الگوريلا 
والأقسام. 
يا ذا الأيامِ نداولُها بينَ بيوتِ القصبِ 
والغاباتِ المكتضَّةِ في أحضانِ الأمزون
وبينَ كهوفِ (تورا بورا)،
هذي أزقةُ سانتياغو الحافيةُ 
مازالتْ تعشقُ مملكةَ الحبّ السحريةِ 
في أشعار بابلو نيرودا
وقصائد عيون ألزا  
ومراجل سلفادور الليندي
ذاك الشيخ الصامدِ في قلعتهِ حتى الموت؛
من أجل عيونِ (سانتياگو)
العشقُ سؤالٌ مطروحٌ فوق بساط الكون
من ايام التفاحةِ والفردوس المفقودِ
 حيّرَ أصداءَ رسالاتٍ زحفتْ
ورسالاتٍ ذُبِـحَت
ورسالاتٍ تخبو
ورسالاتٍ تحبو 
كمْ مِـنْ معشوقٍ قتلَ العاشقَ في اللعبةِ  
كم منْ نبتٍ جفّ على دربِ الأشواق المُحرقةِ 
كم منْ قلمٍ قد ذابَ على رَجْعِ القلبِ 
كم منْ فقراء 
هامُوا في رائحةِ الخبزِ
فاحترقوا 
في تيزابِ أولي الأمر .
العشقُ ضياءٌ مرسومٌ في روح الأرض
حيّر أمراءَ الحرفِ وصنّاعَ الكلماتِ
والثوراتِ 
وأصحابَ دهاليز الموتْ 
يا أرنستو ،
لو عادتْ خيلُ الوديان تقاومُ عاصفةَ البحر الهائج 
لو أنَّ سنابلَ أرض الفقراء 
وبنادقَـهم
أحلامَ الليل وأنفاسَ الجدران الصدئةِ
تقفز من فوق الغاباتِ، والأنهارِ، والصحراء
لاعتدْنا للكافر بنصاعةِ عينيكَ سعيرا.
ليسَ بيدي، يا أرنستو، 
أو بيدِ الزمن الغافي
في تعليلاتِ الحرس الأقدمِ، والأجددِ
والقادم فوق حصانٍ مِنْ خشبٍ
أو تحليلاتٍ منْ خبراء الزمن الخائبِ
أن يُحصَرَ وجهُـك في شقّ الذاكرة،،
في أسوار الكتبِ 
في متحفِ تاريخٍ ذاب. 
العشقُ سؤالٌ 
صدّعَ رؤوسَ حكماءِ الأحلام
صدّعَني:
لِمَ هذا الإنسان يُـحِبّ ؟
لِمَ يحترقُ بنار الشوقِ ؟
لمَ يأسرُهُ وجهُ المعشوقِ ؟
لمَ كلُّ جراحات التوقِ ؟
مَـنْ ذا يحظى برنين القلبِ  ووخز الشوقِ؟
مَـنْ هذا الحائزُ جائزةَ الطوقِ ؟
منْ غيرُك أجدى، جيفارا ؟!
مازالَ الحلمَ الأبهى والأقدمَ
في طيفِ الليل وهمسِ الفجرِ
ونبضِ الحرفِ
حلمُ جبالِ سيرا مايسترو
وخارطةِ الألفِ ميل.
مَنْ يقدرُ أنْ يختطفَ 
مِنِ حَدَقاتِ الأيام ومِنْ قلبي
صورةَ أرنستو
                   تشي جيفارا ؟
عبد الستار نورعلي
الخميس 14- 10 – 2004

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…

ابراهيم البليهي

لأهمية الحس الفكاهي فإنه لم يكن غريبا أن يشترك ثلاثة من أشهر العقول في أمريكا في دراسته. أما الثلاثة فهم الفيلسوف الشهير دانيال دينيت وماثيو هيرلي ورينالد آدمز وقد صدر العمل في كتاب يحمل عنوان (في جوف النكتة) وبعنوان فرعي يقول(الفكاهة تعكس هندسة العقل) وقد صدر الكتاب عن أشهر مؤسسة علمية في أمريكا والكتاب…

عبدالرزاق عبدالرحمن

مسنة نال منها الكبر…مسكينة علمتها الزمان العبر..

بشوق وألم حملت سماعة الهاتف ترد:بني أأنت بخير؟ فداك روحي ياعمري

-أمي …اشتقت إليك…اشتقت لبيتنا وبلدي …لخبز التنور والزيتون…

ألو أمي …أمي …

لم تستطع الرد….أحست بحرارة في عينيها…رفعت رأسها حتى لا ينزل دمعها،فقد وعدت ابنها في عيد ميلاده الأخير أن لا تبكي ،وتراءى أمام عينيها سحابة بيضاء أعادتها ست سنوات…