« آدم» و«شاكيرا» في كتابين جديدين للباحث إبراهيم محمود، صادرين في واشنطن

عن شركة ” الخياط ” بواشنطن، صدر كتابان جديدان، للباحث إبراهيم محمود:
الأول عبارة عن ” سردية روائية ، تحت عنوان :
اعترافات آدم المطرود من الجنَّــــــة
ويقع في ” 194 ” حجم الوسط
ويتضمن الفهرست العناوين التالية:
بدايات، أي بدايات ؟
حين كنتُ مع ليليت
وحين كنت مع حــــــواء
أنا آدم وحواء والأولاد
ما كان ما يجب أن يكون ما سيكون
أنا الخارج  والمُخرَج بي 
سيرة ذاتية
نقرأ في بداية الكتاب، التالي :
أعرف مسبقاً أن هذه الاعترافات لا تقدّم شيئاً ذا قيمة بسبب ما آل إليه أمري، بالعكس، إنها قد تؤجّج الذاكرة، وقد أصبحت معزولاً عن الخلود الذي وعِدتُ به لبعض الوقت، كما أنها لا تشكل عزاء لي، لأنني بارحتُ مكاناً اعتقدتُه أبدياً، كان ذلك وهْماً وليس حقيقة، ولكن الذي عشته وتفاعلتُ معه، دون أن أتخيله، أبقاني في حالة مَن يجب عليه الاستمرار على ذات الإيقاع منعَّماً، منغمساً في الأطايب المتوافرة والمسموحة، ومتعة أن تكون في ضيافة خالقك، كون الذي قدّر لي وتحقق بداية، كان يمثل الحد الأقصى من الخيال. أن تعيش في وضعية الخالد، لهي التخوم القصوى للخيال، وبالتالي، فأنا المسمَّى آدم، لم أكن أتخيل حينها لأنني كنت في وضع من لا يعوزه الخيال كون الذي وفّر لي منحني ما ينشده كل من جاء بعدي.
لكن ذلك لا يعني أن الذي أعترف به لا يمثّل لي شيئاً، إنني أعترف وأكتب اعترافاتي بلغتي التي أريدها الآن، أكتب وأنا كلّي اعتراف بما لم أستطع البوح به، أكتب عما افتقدته، حيث أُعدِمت الخيالَ الذي وهبني ما افتقدته، وصيَّرني إنساناً.
أكتب عن هول المسافة الفاصلة بين كوني رهين خلود وُعِدت به، وطليق حياة تتشكل من خلالي أو باسمه في فردوسي الأرضي، إذا صحَّ ذلك، وكأنني أتحدى هنا نفسي، ومن واجبي أن أتحداها باسمها، ولأجلها، كما هو مقدَّر لي في الداخل.
وليس هناك ما هو أصعب من أن أكتب عن نفسي التي كانت في ضيافة الأبدي، وها هي مرسومة في وضعية الأمّارة بالسوء أكثر، ها هي نفسي التي تتقاسمني وهي في مراتبها، وهي أحياناً تحول بيني وما أريد معرفته، أو أركّز عليه، وحتى بالنسبة لخالقي أردّد بيني وبين نفسي عن حكمة هذا الخلْق وهذا الطرد والمكابدة؟
لقد تردَّدتُ كثيراً في تسجيل اعترافاتي في عمر مشروخ، ليس لأن جبناً تملَّكني..لا ..لا، حيث يجب علي أن أشير إلى وقائع قد تثير غضب الأقوى مني، أو تقلل من عطفه علي، وخاصة حين أفكّر في طريقة تكويني، وهي الطريقة التي أثارتني أكثر من كل الطرق التي ضغطت على تفكيري ومشاعري، باعتبارها طريقة نادرة، استثنائية، لعلها لم تتكرر مع أي كان سواي، وهذا منحني المزيد من الإصرار والعزم على التركيز ولملمة شتات أفكاري ذات الصلة بهذه الوقائع مجتمعة.
أسجّل اعترافاتي بالرغم من أنني أعتبرها بوحاً في بعض الحالات، ونفياً للكثير مما يشاع عنّي ومكانتي، وصِلتي بخالق ونسَب البشر إلي. يا لي من شقي، إذ ينسبون أنفسهم إلى من يريد القليل القليل من الاطمئنان، وأنا أتساءل عن نسبي الصامت !
الثاني ، كتاب بحثي، فني، معنون بـ:
ردفا شاكيرا : دراسة في الجسد اللعوب 
ويقع في “260 ” صفحة، من حجم الوسط كذلك.
أما عن الفهرست، فيتضمن العناوين التالية:
استهلال
في متوالية ” سين جيم ” الطويلة 
في رحاب الاسم إذاً
رقائق الجسد، دقائق المعنى
شعبية مؤخرة شاكيرا
شاكيرا ومؤخرتها في معبَرالرهان الثقافي الحداثي مجدداً
كتابات ومداخل
سيرة ذاتية للمؤلف
ونقرأ- أيضاً- في بداية الكتاب، التالي:
في متوالية ” سين: جيم ” الطويلة:
ماالذي يدفع بالناس لأن ينبذوا المرأة ويحبّذوها، أن يرغبوا فيها ويرغبوا عنها، أن يجعلوها لهم مقاماً، ويصيّروها حطاماً، أن يمتلئوا فيها، ولا ينفكّوا يتعوذلوا منها، والشيطان المتلبّس لها، أن يودِعوها أغانيهم وهم يتلوعون ويتلّوون ويكابدون ويشكون ويبكون ويترجّون ويستميتون في طلب وصالها، ويشتهونها” التهاماً ” استجابة لا تخفى لهوس الرغبة فيها، أن يغيّبوها داخلهم، ويتركوها وراءها أثراً بعد عين …الخ ؟
أليس هو الجميل في المرأة، وأعني بذلك أكثر مما تكونه جسماً ” حيث يكون القوام ” الجسد الذي ينطوي على الكثير مما يصيب الكلام سكْراً، ويتملك المتخيَّل هوى يصبح نفَسَه ومتنفسه، كما هو الجامع في بنية الرجل بين دنيويه وأخرويّه من خلال الحضور المستمر للمرأة؟
أليس هو الممتع الذي يمنح القول صفاء الرؤية، والتحليق في فضاء المعنى، وليس من ممتع إلا ويستدعي الجسد الأنثوي. فما بال الناس يشهِرون رغباتهم عبرها، ويشهّرون فيها ؟
تصورت لو تم شطب هذه الرغبة في المرأة، في جسدها، في حياة الرجل، في هذا الذي يدّعي العفة، ويقبل عليها، وأنا أرى كما يرى السليم بصراً، كيف أن الأنثى التي تمنح الكلمات ذاتها خاصية الاستيلاد والتصريف، وحتى على مستوى النحو والقواعد، أو اللغة عموماً” في كان وأخواتها ” وليس ” أخوته “، تعبيراً عن الفعل الأنثوي في الكون، في الحياة، فيما وراء المرئي وانتهاء بأثريات الجنة في مرجعيتها الجسدية الأنثوية. فالرجل غياب والمرأة حضور. دون ذلك لا يمكنني البتة أن أتصور أن خالق الكون نفسه حين اعتمد طريقته في خلق الكون وأوجد الحياة، وبدأ بخلق الإنسان، كان النظر في المرأة وكيف ستشغل تفكير الرجل محورياً. ذلك ما تقوله كلماته، النصوص الدينية المنسوبة إليها، وإذ أنقّب فيها، إذ أتحرى تلك الإمضاءات التي ترتد إلى جسد المرأة، تمثّل أمامي وقد تجلّت فيض متع لا تبلى، وللمؤخرة ما يُبقي ويشقي معاً !
لا أعني، وما كنت أعني يوماً، كما لم أعني في كل ما كتبت عن هذه المرأة الحضور، وكيف يثبّب الرجل وجودها فيها، متجاوزاً وضعية الغياب، ما كنت أعني، ولن أعني يوماً أن المؤخرة هي ما يستثير في المتخيل الفحولي للرجل ما يصيّره هو نفسه كائن المؤخرة .
أن أتحدث عن المؤخرة، ومؤخرة المرأة تحديداً، فإنما أعني ما يصل الأعلى بالأسفل، ما يقيم حواراً شبِقاً، لبقاً، نزقاً، شيّقاً بين الإلهي ونقضيه، بين السماوي والأرضي، بين المحلّق والمعلَّق فيها، ما يقيم لقاء مستمراً بين الإيروس والثاناتوس، وليس ما يزكّي في الرجل المأخوذ بالمرأة ثقباً متعوياً، ويختزله هو في قضيبيته، ليحقق له بتعلقه الثقبي ” الفتح المبين “.
لقد كانت مسيرتي الكتابية ومن خلال الجسد الأنثوي المغاير كثيراً، لكل ما يحيله في ذائقة الرجل ” المدجَّج بذكورته إلى سقط المتاع، ما يبقيني المضطرد تمتعاً بجماله وروعته، وبين الحالتين، ثمة تصعيد بالأثر إلى مأثرة، ما يجعل المحبرة تتكلم، والقلم يفيض نبضات ( ذلك أن أن الجميل يجتلب مبالشرة شعوراً بتفتح الحياة، وهو بهذا قابل لأن يتحد بالإثارات وبخيال يلعب، أما الشعور بالرائع، فهو لذة لا تنبثق إلا بطريق غير مباشر، لأنها تنتج عن الشعور بتوقف القوى الحيوية إبان لحظة قصيرة، يتلوها مباشرة انطلاق لهذه القوة أقوى وأكبر، ولهذا فإنه بوصفه انفعالاً لا يبدو أنه لعب، بل أمر جاد يشغل الخيال )، بتعبير كانط وتوصيفه .
يستحيل علي هنا أن أقرأ كانط بعيداً عن ظلال الجسد الأنثوي وهي ” تتفاقم ” لعائب أو لواعب بتأثير من ملَكة اللعوب في هذا الجسد، ليكون استخارتَه معنى واستمارته مبنى !
أقول ذلك وأنا أستدعي ” لذة نص ” بارت، ” شذرات عشقـ:ـه “، أستدعي ” صيدلية أفلاطون ” جاك دريدا، وقبلهما ما كان المتصوفة يستخرجونه من هذا الجسد الأنثوي وفيضياته من مقامات عشقهم الخاص، وذوقهم الخاص، وطريقهم الخاص، وموتهم الخاص، لأضع هنا أكثر من نقطة على أكثر من حرف في ضوء مرئيات هذا الجسد، كيف أنه يعلّم ويفهّم . أليس هذا الذي أبحث به، أو أفصحت عنه بمدارك الجسد اللعوب. جسد جنيات البحر وهن ينبّهن إلى الأعماق ؟

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ابراهيم البليهي

لأهمية الحس الفكاهي فإنه لم يكن غريبا أن يشترك ثلاثة من أشهر العقول في أمريكا في دراسته. أما الثلاثة فهم الفيلسوف الشهير دانيال دينيت وماثيو هيرلي ورينالد آدمز وقد صدر العمل في كتاب يحمل عنوان (في جوف النكتة) وبعنوان فرعي يقول(الفكاهة تعكس هندسة العقل) وقد صدر الكتاب عن أشهر مؤسسة علمية في أمريكا والكتاب…

عبدالرزاق عبدالرحمن

مسنة نال منها الكبر…مسكينة علمتها الزمان العبر..

بشوق وألم حملت سماعة الهاتف ترد:بني أأنت بخير؟ فداك روحي ياعمري

-أمي …اشتقت إليك…اشتقت لبيتنا وبلدي …لخبز التنور والزيتون…

ألو أمي …أمي …

لم تستطع الرد….أحست بحرارة في عينيها…رفعت رأسها حتى لا ينزل دمعها،فقد وعدت ابنها في عيد ميلاده الأخير أن لا تبكي ،وتراءى أمام عينيها سحابة بيضاء أعادتها ست سنوات…

فراس حج محمد| فلسطين

في قراءتي لكتاب صبحي حديدي “مستقرّ محمود درويش- الملحمة الغنائية وإلحاح التاريخ” ثمة ما يشدّ القارئ إلى لغة الكتاب النقدية المنحازة بالكلية إلى منجز ومستقرّ الراحل، الموصف في تلك اللغة بأنه “الشاعر النبيّ” و”الفنان الكبير” “بحسه الإنساني الاشتمالي”، و”الشاعر المعلم الماهر الكبير” “بعد أن استكمل الكثير من أسباب شعرية كونية رفيعة”. و”المنتمي…

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…