تحولات الفكرة

 ابراهيم البليهي

عاش الإنسان خلال القرون واهمًا بأنه كائنٌ عقلاني محض وأنه مغاير لكل المخلوقات تمام المغايرة وأنه كائن فريد لا يمت بصلة لأي شيء في الوجود …..
فجاء داروين وأكد له أنه ليس كائنًا فريدًا وإنما هو أساسًا جسد من لحم وعظام ودم كما هو شأن كل الأحياء ….
ثم جاء شوبنهاور وأكد بأن الإنسان محكومٌ بنوازع وعواطف وحاجات ونقائص وأن العقل ليس أكثر من خادم للعواطف …..
 وجاء نتشه ليقول بأن الإنسان مدفوعٌ بطاقة تلقائية قاهرة لطلب القوة: القوة العمياء التي لا تؤمن بحقيقة ولا تعترف بأخلاق وأن هذا الاندفاع الأعمى لطلب المزيد والمزيد والمزيد من القوة هو اندفاعٌ طائشٌ أعمى لا يعرف الشبع ولا يمكن أن يصل إلى الارتواء فالسعي إلى مزيد من القوة هو سعيٌ دائم ومحموم وليس له من نهاية …..
وجاء فرويد فأكد بأن العقل والوعي ليس سوى قمة جبل الجليد فالإنسان يحركه اللاوعي وتتحكم به النوازع ومحاولة سد الفجوات وترميم الجروح ومحاولة تقليل النقائص …..
 وجاء ابراهام ماسلو ليقول بأن الإنسان محكومٌ بسُلَّم الحاجات فصار علماء الإدارة وعلماء الاجتماع ومختلف العلوم الإنسانية يعولون في تقييمهم لأعمال الإنسان وقدراته ومهاراته انطلاقا من سُلَّم ماسلو ….
وجاء هوارد قاردنر ليقول بأن العقل مكوَّن من عدد من الأُطُر (نظرية الذكاءات المتعددة …..
وجاء دانيال جولمان ليؤكد الأهمية المحورية للذكاء العاطفي …..
والخلاصة من كل ذلك هي تأكيد هشاشة الإنسان وأن الأصل فيه أنه كائن عاطفي فالعواطف أقوى من العقل لذلك فإن الأولوية للعواطف ولا يكون الفرد عقلانيا إلا بمقدار إدراكه لهذه الحقيقة ومحاولته الدائمة للارتقاء بقدرات العقل للتحكم قدر الإمكان بالنوازع والعواطف ……..

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ابراهيم البليهي

لأهمية الحس الفكاهي فإنه لم يكن غريبا أن يشترك ثلاثة من أشهر العقول في أمريكا في دراسته. أما الثلاثة فهم الفيلسوف الشهير دانيال دينيت وماثيو هيرلي ورينالد آدمز وقد صدر العمل في كتاب يحمل عنوان (في جوف النكتة) وبعنوان فرعي يقول(الفكاهة تعكس هندسة العقل) وقد صدر الكتاب عن أشهر مؤسسة علمية في أمريكا والكتاب…

عبدالرزاق عبدالرحمن

مسنة نال منها الكبر…مسكينة علمتها الزمان العبر..

بشوق وألم حملت سماعة الهاتف ترد:بني أأنت بخير؟ فداك روحي ياعمري

-أمي …اشتقت إليك…اشتقت لبيتنا وبلدي …لخبز التنور والزيتون…

ألو أمي …أمي …

لم تستطع الرد….أحست بحرارة في عينيها…رفعت رأسها حتى لا ينزل دمعها،فقد وعدت ابنها في عيد ميلاده الأخير أن لا تبكي ،وتراءى أمام عينيها سحابة بيضاء أعادتها ست سنوات…

فراس حج محمد| فلسطين

في قراءتي لكتاب صبحي حديدي “مستقرّ محمود درويش- الملحمة الغنائية وإلحاح التاريخ” ثمة ما يشدّ القارئ إلى لغة الكتاب النقدية المنحازة بالكلية إلى منجز ومستقرّ الراحل، الموصف في تلك اللغة بأنه “الشاعر النبيّ” و”الفنان الكبير” “بحسه الإنساني الاشتمالي”، و”الشاعر المعلم الماهر الكبير” “بعد أن استكمل الكثير من أسباب شعرية كونية رفيعة”. و”المنتمي…

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…