الشخصية العامة عبد القادر سليمان

فـواز خليــــل

 عزف الرحيل لوحده ، لم ألتقِ الرجل ، كما لم يسبق لي أن حضرت له حفلاً ، و لا علم لي بأخباره الفنية ، و هل له أغانيه الخاصة به ، أي من ألحانه ؟ لكني سمعت من الناس بأنه عازف متمكن من ناصية البزق ، و يراقص الأوتار بين أنامله بخفة و مهاره ، و يطرب الحاضرين بنغمات ساحره على وقع إيقاعات نبضه و احساسه ، و كما يتنقل بين المقامات كخبير مخضرم متمرس ،، نعم كان هكذا فيما مضى و لكن بعد رحيله أصبح لا يمت إلى الفن بصله ، هكذا أرادو له أن يكون بينما هو على قيد الحياة كان مارداً عملاقاً ، فكان يمتشق بزقه كالبطل الهمام الذي يستل الصارم البتار ،
 و برحيله قدموه لنا على أنه قاطع طريق ، حسب طبيعة العزاء في حياته كان يداعب الاوتار بمهاره فائقة و بعد تسليمه الروح لبارئها أصبح فاقداً للأهمية لذا كان العزاء لوحة صامته عندما كان يشق طريقه الى الأمام يتباهى الغلمان أن يسيروا في ظله و عندما توفى لم يسير أحداً خلفه عندما كان يحيي الحفلات الكل يقول لمن بقربه من الحاضرين ترى إنه صديقي منذ أمد بعيد و بعد رحيله لا يعرفه البته أثناء إحيائه للحفلات لم تهدأ الفلاشات لالتقاط صور السيلفي معه عندما كان على قيد الحياة كان نجمه يتلألأ في سماء الفن ، و بعد موته اصبح رماداً لا يسطع منه أي قابوس.. 
 نعم هذه هي الحقيقة لو كان بالفعل كما ترونه ، كان عليكم تكريمه في رحيله بحضور لائق و جنازة مهيبة ، لكن نحن شعب نقدم الأضحيات المجانية اي نحن شعب قربان بلاش ، نعم هذه جبلتنا نحب الشخصية العامة اذا لم يكن فيه خسارة قرش نحب الشخصية العامة اذا لم يكن فيه هدر جزء من أوقاتنا نحب الشخصية العامة لكن من بعيد و نحن متمرسين خلف الكلمات نحب بعشق بالغ الشخصية العامة على الفيسبوك كونه ببلاش نصوغ من حبنا للشخصية العامة قلادة من سراب كل كلماتكم بحقه دجل و هراء ، و الدليل جنازة ابو دليل ، نعم مراسم بأربعة أشخاص و كأنه كان قاطع طريق الى الساكنين بعيداً عنا و القريبين من سرادق العزاء ، ما ضركم لو ودعتموه مثلما كان يسعدكم ما ضركم لو حضرتم حفلته الأخيرة مثلما أبهجكم في حفلته الأولى و ما بعدها ما ضركم لو حضرتم تكريما للفن و أهله لا من أجله أهكذا استرخصتموه أهكذا تفهمون الفن و الموسيقا و تقدرونهما ، يا نوابغنا على الأصعدة كافه ، الأدبية و الفكرية و الفنية ، لا تغرنكم الحفاوة التي تنعمون بها الآن طالما أنتم بانتظام النبض ، فاعلموا أن جنازتكم لن تكون بحال أفضل من مراسم وداع عبد القادر سليمان ، بل ستسقط عنكم حصانة التقدير ، لا يا أعزائي عتبي عليكم كبير و هذه ليست المرة الأولى بل تقاعستم في وداع سعيد كاباري و محمد علي شاكر من قبله ، الشعوب الواعية تقدر عظمائها ، إلا نحن فقلوبنا صلدة كالحجارة ، للتراحم لا تتوسد ، لا نرحم بعضنا و لا ندع المجال لأحد لذا نرى الله بنوائبه علينا حبله مسد ،،، ليرحمك الله و يغفر لك ، لكن الكوفندة الأخيرة لا تليق بأحـد..
 فـواز خليــــل/ 6/9/2023 واشنطن

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماهين شيخاني

كان طفلاً صغيراً يجلس في الصفوف الأولى، يراقب معلمه وهو يرسم الخرائط بخطوط من طباشير بيضاء.
كل خطٍ كان يشبه نَفَسَ حياة، وكل دائرة ترسم مدينةً تضيء في مخيلته ككوكب.
أحب مادة الجغرافيا كما يُحب العطشان قطرة الماء، وحفظ الجغرافيا والوطن العربي كما لو كان نشيداً يردده قلبه الصغير.
طاف بخياله في مدن بلده وقراه، حتى صار…

حيدر عمر

أغلب الحكايات الشعبية، في الآداب الشعبية للأمم والشعوب نجدها مصاغة على ألسنة الحيوان، ولها غايات تربوية توجيهية، ولعل حكايات “كليلة ودمنة” تشكِّل مثالاً بارزاَ لها، فنحن نجد فيها أسداً هو رمز أو صورة للسلطان الجائر، وثعلباً هو رمز للبطانة الفاسدة المحيطة بالسلطان الجائر، يدله على طريق السوء. ثم نجد أن كل حكاية في…

عِصْمَتْ شَاهِين الدُّوسكي

مَاذَا أَقُولُ

وَالصَّمْتُ قَوْلِيْ

لَسْتُ مِمَّنْ يُثَّرْثِرُ عَلَى الْمَنَبِرِ

أَنَا اَلَّذِي صَاغَ الْقَوْلُ لَهُ

وَتَرَاكَمَتِ الْكَلِمَاتُ فِي ثَغْرٍي

كُلُّ الْحُرُوفِ تُسَابِقُ بَعْضَهَا

لِتَخْرُجَ وَتُعْلِنَ عَنْ تَبْري

<p dir="RTL"...

صدرت حديثاً عن منشورات رامينا في لندن رواية الكاتب والفنان السوري إسماعيل الرفاعي بعنوان “نقوش على خشب الصليب” وهي عمل يضع القارئ منذ العتبة الأولى أمام مجاز كثيف ومركَّب، حيث يتحوّل الخشب إلى حامل للصلب، والنقش إلى كتابة فوق الألم، واللوحة إلى مرآة للروح.

الرواية تقدَّم على هيئة “فهرس نقوش”، في إشارات تشي بأن الفصول التي…